"استقلال القضاء"..أمل ينتظره الجميع

2013-08-26 16:17:35 هموم الناس/ خاص


الدولة المدنية التي هي دولة النظام والقانون تمثل اليوم عنوان الحضارة الإنسانية الأبرز التي تقوم على أساس الشرعية
الدستورية ومبدأ سيادة القانون وعلى قواعد وضوابط دستورية تنظم مهام واختصاصات سلطات الدولة على أساس مبدأ الفصل
بين السلطات الذي يعطي السلطة القضائية قوة دستورية متوازنة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية تمكنها من منح الحماية القضائية للحقوق والحريات الإنسانية وإقامة التوازن الاجتماعي داخل المجتمع، ومما لا شك فيه أن تحقيق استقلالية القضاء والتغلب على ما يكتنفه من معوقات وإحباطات واقعية يتطلب إرادة سياسية تؤمن بأهمية دور القضاء كركيزة أساسية في كيان الدولة المدنية المنشودة ..
لذلك يعتبر استقلال القضاء قاعدة تنظم علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة ،ويقوم على أساس عدم التدخل من قبل باقي سلطات الدولة في أمور القضاء وذلك بإعطائه سلطة دستورية مستقلة عن باقي السلطات ..
وحول ذلك يتحدث عدد من أهل السلطة القضائية عن مفهوم استقلال القضاء وشروط تحقيقه من خلال مؤتمر الحوار
الوطني الشامل ..

أن يكون القاضي محايدا وأن لا يكون سياسيا ولا حزبيا وهذا لا يتحقق إلا إذا كان اختيار القاضي لا شأن للأحزاب فيه ولا شأن للسياسة فيه.. بهكذا كلمات بدأ القاضي عصام السماوي –رئيس المحكمة العليا، حديثه عن مفهوم استقلال القضاء ،وقال :يجب أن يكون اختيار القاضي المستقل من داخل السلطة القضائية وأن يكون مؤهلا منها لا من خارجها، وأن شروط تحقيقه من خلال مؤتمر الحوار أن لا يترك أمر السلطة القضائية بيد سلطة أخرى تتحكم به في تعيين أو ترشيح أو انتخاب وان يترك كل ذلك للسلطة القضائية في التعيين والترشيح والانتخاب والمحاسبات وغيرها ولأعضائه بأنفسهم من داخل السلطة القضائية لا من خارجها ..
بعيدا عن التغول ومن جانبه يرى القاضي عبد الكريم أحمد باعباد- وكيل وزارة العدل لقطاع التخطيط والتوثيق ، :أن انعقاد المؤتمر القضائي الثالث يأتي في ظل ظروف تشهدها اليمن بخاصة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وقال أتمنى لأعمال (المؤتمر القضائي ) أن يتكلل بالنجاح وان يحقق الأهداف التي يطمح إليها القضاة في تعزيز القضاء واستقلاله وهيبته وان يعزز روابط الأخوة والتعاون والتعارف بين القضاة والدفاع عن مصالحهم وان يخرج من الوضع السابق .
وأكد أن استقلالية القضاء يعني بأن يكون مستقلا وبمنأى عن تغول السلطتين التشريعية والتنفيذية ودون تدخل من أي احد وهذا
يتناغم وينسجم مع النص الدستوري في المادة 149 التي تنص على أن القضاء مستقل ماليا وإداريا..
وأضاف: أن من شروط تحقيق استقلال القضاء أن يتضمن الدستور نص استقلال القضاء الذي هو موجود أصلا في الدستور
القديم ويجب المحافظة عليه في الدستور القادم الذي سيتمخض عن مؤتمر الحوار.
تجاهل كامل
أما المحامي / نشوان حمود الباردة ،فيقول: إن استقلال القضاء هو انحصار الوظيفة القضائية بالقضاء وعدم تدخل السلطتين
التنفيذية والتشريعية كما نكون أمام استقلال القاضي بعدم التدخل بعمله من أية جهة كانت بغية توجيه عمل القاضي بطريقة معينة أو لتعرقل مسيرته أو للاعتراض على أحكامه ، بمعنى أن استقلال القاضي يجعله متمتعا بحرية إصدار الحكم بالمسائل المعروضة عليه بحيث يحكم استنادا إلى الوقائع بموجب القانون بعيدا عن التدخل والمضايقة أو التأثير من جانب الحكومة أو من يمثلها أو التدخل والتأثير الذي ينشأ بين القضاة أنفسهم بسبب اختلاف المنصب الإداري في ما بينهم أو مستويات محاكمهم ، فالقضاة جميعهم مستقلون لا يتبع أحدا منهم أحد آخر مهما علت درجته أو ارتفع مقامه فالاستقلال يكون بعدم تبعية القضاة لأي فرد سواء أكان قاضيا أم لا ، مما يوجب عدم تجاوز الرئاسة الإدارية حدود توزيع العمل لأن الرئاسة الإدارية بطبيعتها تفسد مضمون العمل مهما تقيد نطاقها القانوني ،وان التبعية الرئاسية تنطوي على معاني القهر والإخضاع وتحد من قدرة المرؤوسين على الاستقلال برأيهم والنأي عن التأثير بتعليمات الرؤساء ،وأن من ضمانات استقلال القضاء الاستقلال الإداري والمالي والوظيفي .
ومضى يقول : إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي شارف على الانتهاء دون ما يدل على أن السلطة القضائية كانت تمثل
موضوعا رئيسيا من مواضيع الحوار الوطني ولعل ذلك يعكس عدم الاهتمام الكامل بالقضاء في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي اكتفت بإشارة مقتضبة إلى إصلاح القضاء ,الأمر الذي فتح باب الاجتهاد السياسي في وضع رؤية للنظام القضائي القادم تقوم على معايير التقاسم السياسي وليس على المعايير الدستورية التي استقرت عليها الأنظمة القضائية في العالم ،ولقد ظل القضاء ومازال اقل السلطات الثلاث اهتماما وربما اقلها وضوحا لدى الخاصة والعامة فلماذا الجهل أو التجهيل بأهمية القضاء وخطورة دوره.
الارتقاء بالسلطة القضائية
ومن جهتها القاضية روى عبدالله مجاهد - قاضية في المحكمة التجارية الابتدائية بعدن،تقول : إن المؤتمر العام الثالث هدف
إلى مناقشة أوضاع السلطة القضائية ووضع التوصيات والحلول والمعالجات لها وتطبيق ذلك على أرض الواقع وكذلك إلى وضع كيان مهني يعمل على الارتقاء بالسلطة القضائية واستقلالها بأن يكون القاضي بعيدا عن كل المؤثرات التي من شأنها أن تؤثر على قضائه وبما يهدف إلى تحقيق الاستقلال الشخصي أو الموضوعي للقاضي .
وتابعت :للأسف الشديد تفاجئنا انه من خلال مؤتمر الحوار وعبرفريق بناء الدولة بوضعه توصية فيما يتعلق باستقلالية القضاء
بالقول انه يكون مجلس القضاء منتخب من قبل السلطة التشريعية وهم بهذا الوضع قد جعلوا من القضاء كالأرجوحة تارة بين
السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وإذا كنا قد خلصنا أنفسنا من هيمنة السلطة التنفيذية إلا أن مؤتمر الحوار فاجئنا بمسألة اجتذابنا إلى سيطرة السلطة التشريعية وهذا من شأنه المساس باستقلالية القضاء .
استقلال في العمل
ويرى القاضي/ أحمد محمد الشليف رئيس محكمة جبل رأس الابتدائية( شبوة ) :بأن استقلالية القضاء هو أن يكون
القاضي مخير في عمله دون مُسّير لأي حزب أو جهة أو وصاية وعندما يكون القاضي مستقل في عمله القضائي فهو يستطيع أن يحقق العدالة بكل حرية ونزاهة أما إن كان هناك تدخل في أعمال القضاء فهو بذلك لن يكون مستقل إنما يكون القاضي مسير ،وأن لشروط تحقيقه من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل هو بالتزام السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بالقوانين والدستور النافذ في أعمال القضاء ومخصصاته المالية وحقوقه وهيبته وحمايته دون استثناء حتى يستطيع القاضي أن يعمل بكامل صلاحياته وحرية ونزاهة كاملة ,أما إن وجدت تدخلات من السلطتين فستختل الشروط ..
وحدة الاستقلال
فيما يقول القاضي الدكتور/ عبدالملك الجنداري - عضو المحكمة العليا :أن استقلال القضاء ذو شقين وهو استقلال القضاء
كمؤسسة (سلطة ) والآخر استقلال القضاء كقضاة وهذا هو الشطر الأهم لان الشطر الأول (استقلال القضاء) كسلطة
المراد به استقلال القضاة وإذا لم يستقل القضاة فلا توجد فائدة أن لم يستقلوا ,واستقلال القضاء لن يكون إلا بوحدته ودون وحدة
للقضاء لن يكون لنا استقلال وكما أن هناك طرحاً من لجنة بناء الدولة بأن يكون هناك قضاء إداري وقضاء دستوري وقضاء عادي ،وهنا نقول لماذا القضاء العادي؟ هل يكون للمواطن قضاءه والموظفين والمسؤولين والموظفين وغيرهم قضاء آخر ، لذلك يجب أن يلجأ الجميع لقضاء واحد ،ويريدون أن يعملوا قضاء إدارياً وقضاء دستورياً ونحن لسنا قادرين أن نوفي بحقوق القضاء الموجود ونرجو أن يصل هذا المفهوم لأنه لا يمكن أن يتحقق الاستقلال في ظل وجود قضاء مقسم .
كما نص الدستور
روضة العريقي - قاضي بمحكمة غرب الأمانة تقول : مفهوم استقلالية القضاء نص عليه الدستور الموجود حاليا والذي
ينص على إستقلاله ماليا وقضائيا وإداريا ولكن ما نريده هو أن يُثبت هذا النص في الدستور القادم وبما يتوافق مع القوانين النافذة لاسيما قانون السلطة القضائية وأن يتمثل ذلك الاستقلال بعدم تدخل أي جهة سواء من ناحية السلطة التنفيذية أو التشريعية وان يكون للقضاء مجلس هو مجلس القضاء المعني بتسيير شئون القضاة وليس كما هو ثابت في القانون الساري والصلاحية المخولة لوزير العدل وذلك بنقله وفقا للحكم الدستوري الصادر من الدائرة الدستورية بنقل الصلاحية لمجلس القضاء الأعلى .
وسيلة تحقيق
القاضي / شائف الشيباني - مساعد رئيس هيئة التفتيش القضائي لشئون الأعضاء – رئيس دائرة التدريب والتأهيل بمكتب
النائب العام ،في أحد أوراق عمل المنتدى القضائي بعنوان استقلال السلطة القضائية ( ايجابيات الاستقلال وسلبيات التبعية
الإدارية والمالية للسلطة التنفيذية- دراسة مقارنة )يقول :الاستقلال يعني قدرة القضاء على اتخاذ القرار بنزاهة وهذا يعني
أن الاستقلال ليس هو الهدف في حد ذاته وأنما هو وسيلة من اجل تحقيق أهداف أخرى أولها ضمان حياد القاضي ونزاهته ويعرف المبدأ الثاني من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية حول استقلال القضاء نزاهة القضاء ( بان يتخذ القضاة القرارات في الدعاوي التي ينظرونها على أساس الواقع وبما يتفق مع القانون دون أية قيود أو تأثيرات أو إغراءات وضغوط أو تهديدات وتدخلات سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة من جانب أية جماعة أو لأي سبب ) ..
وأنه بناء على التعريف قد تأتي تدخلات في استقلال القضاء من مصادر مختلفة ولكن يمكن أن يكون الهيكل القضائي نفسه
وخصوصا عندما يكون مجلس القضاء مشكلا من أعضاء من خارج القضاة ،وذلك عن طريق وضع قيود تحد من سلطتها أو
التأثير عليها سواء باستخدام النفوذ أو الوساطة أو الرجاء أو الإغراء أو الضغط والتدخل بأية صورة كانت مباشرة أو غير مباشرة ويعد من أسوأ صور التدخل المؤثر في استقلال القضاء ونزاهته مصادرة حق السلطة القضائية بإدارة أمورها بنفسها أو بفرض الوصاية عليها ..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد