البلتاجي.. زعيم الثورة

2013-08-31 16:37:36 • تقرير خاص


"ابنتي استشهدت ولا عزاء إلا بعد تحرير الوطن".. هكذا قال الدكتور/ محمد البلتاجي بعد ساعات من استشهاد ابنته أسماء البلتاجي "أيقونة الثورة" في فض قوات الانقلاب اعتصام ميدان "رابعة العدوية" الأربعاء 14 أغسطس، وكأنه يريد أن يحقق حلمها بالحرية، وهو الحلم الذي لا يروق للسيسي و انقلابييه، فسعوا لإجهاضه واعتقال البلتاجي عصر امس الاول الخميس في قرية ترسا بالجيزة.
"عشتِ مرفوعة الرأس متمردة على الطغيان ورافضه لكل القيود وعاشقة للحرية بلا حدود وباحثة ـ في صمت ـ عن آفاق جديدة لإعادة بناء وبعث هذه الأمة من جديد لتتبوأ مكانتها الحضارية".. قال البلتاجي مخاطباً ابنته في رثائيته لها.
وأضاف: "آلمني شديد الألم ألا أكون في وداعك الأخير وألا أكحل عيني بنظرة وداع أخيرة وألا أضع قبلة أخيرة على جبينك وألا أشرف بإمامة الصلاة عليك.. والله يا حبيبتي ما منعني من ذلك خوف على أجل ولا خوف من سجن ظالم وإنما حرصا على استكمال الرسالة التي قدمت أنت روحك لأجلها وهي "استكمال مسيرة الثورة حتى تنتصر وتحقق أهدافها".

من أجل الوطن الكبير "مصر"، يتجاوز البلتاجي آلامه بفراق ابنته شهيدة "الأربعاء الأسود"، إذ يؤمن الأمين العام لحزب الحرية والبناء بضرورة إنهاء الحكم العسكري " الذي أذل المصريين 60 عاماً" – حسب قوله.
وظل البلتاجي - وهو رمز من رموز الإخوان المسلمين بمصر وعلم من أعلام السياسة والعمل المجتمعي بالعالم العربي- منذ بدء الانقلاب العسكري على الرئيس/ محمد مرسي وعزله واعتقاله هدفاً ثميناً لأذرع الانقلاب وقائده "السيسي"، ليس لجريمة ارتكبها أو كما يزعم الانقلابيون باتهامه بتعذيب عدد من المواطنين المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين في اعتصام بمنطقة رابعة العدوية، بل لأن الرجل يمتلك تاريخ نضالي كبير ومشهود له ويحظى بقبول لدى الشارع المصري، وارتبط اسمه بقضايا جماهيرية عديدة منها (عبارة السلام 1998، إنفلونزا الطيور، رغيف الخبز، قانون المرور، قانون الضرائب العقارية, وارتفاع الأسعار) كما ظل البلتاجي فارساً مغواراً على منصة رابعة العدوية يلهب حماس الجماهير من شرفاء مصر، وكانت كلماته بمثابة طلقات نارية في صدور الانقلابيين, وظل يؤرق مضاجعهم بثباته ورسائله التربوية والحماسية لثوار مصر، الأمر الذي زاد من حالة السعار والهستيريا لدى "السيسي" وانقلابييه وتلفيق التهم إليه لتعقبه.
وعرف البلتاجي بـ "فارس البرلمان" حيث افتتح معاركه تحت قبة مجلس الشعب مع بداية دورته البرلمانية بالدفاع عن حقوق الشعب المصري في 2005 بترشحه في دائرة قسم أول شبرا الخيمة على مقعد الفئات عن كتلة الإخوان المسلمين وفاز باكتساح من الجولة الأولى بفارق 15 ألف صوت عن أقرب منافسيه، وحينها حاول رئيس اللجنة العامة للانتخابات أن ينسحب قبل إعلان النتيجة وفوز البلتاجي بدعوي إصابته بأزمة قلبية وهو ما رفضته الجماهير الحاشدة التي جاءت لمتابعة النتيجة فتراجع القاضي عن موقفه وأعلن فوز الدكتور/ محمد البلتاجي, رغم الضغوط الأمنية الهائلة التي طالبت رئيس اللجنة بتزوير النتيجة لصالح مرشح الحزب الحاكم بمصر.
وبرز دور البلتاجي كعضو بلجنة التعليم بمجلس الشعب المصري في الدفاع عن العديد من قضايا التعليم والطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث خاض معارك برلمانية وسياسية ضد الانتهاكات الأمنية للحريات الطلابية والجامعية، ودافع عن الحقوق المادية للمعلمين وأساتذة الجامعات.
وشارك ـ إلى جانب عدد من الرموز الوطنية من مختلف التيارات السياسية ـ في تأسيس الحملة المصرية ضد التوريث في أكتوبر2009، كما شارك في نفس التوقيت" بتأسيس حركة "مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة".
ومثّل الإخوان المسلمين في تأسيس الجمعية الوطنية للتغير فبراير 2010، وكان له دور بارز في فعاليات الجمعية بمختلف محافظات مصر، كما شارك في تأسيس المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين (تأسس في يناير 2007 بجاكرتا) ومّثل مصر في عضوية مجلس إدارته.
في (2008) تم انتخابه كعضو لجنة المتابعة "اللجنة التنفيذية" بالمؤتمر القومي الإسلامي وهو المؤتمر الذي حافظ على مساحة عمل مشترك بين التيارين القومي والإسلامي على الساحة العربية خلال السنوات الأخيرة.
وارتبط اسم البلتاجي كثيراً بالدفاع عن القضية الفلسطينية، فشارك في تأسيس الحملة الشعبية المصرية لفك الحصار عن غزة ومثّـل مصر في عضوية اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، وكان له دور بارز في مواجهة المواقف الرسمية المصرية والعربية أثناء الحرب الأخيرة على غزة, كما كانت له مشاركات قوية برلمانية وسياسية ضد بناء الجدار الفولاذي بين مصر وغزة، وضد تصدير الغاز للصهاينة".
ولم يكتفِ البلتاجي بدوره في اللجنة الدولية لكسر حصار غزة, لكنه شارك ضمن نشطاء دوليين في سفينة مرمرة التركية وكان رئيس الوفود العربية المشاركة في أسطول الحرية الذي سعى عمليًا في كسر الحصار "بحرًا" عن قطاع غزة، لكن الصهاينة مارسوا قرصنة دولية عليه بهجوم عدواني "بحري وجوي" في (30 مايو/2010) أدى لاستشهاد تسعة من الناشطين، وجرح العشرات منهم, فضلاً عن اعتقال كافة المشاركين على ظهر الأسطول.
شارك في العديد من المؤتمرات والفعاليات الدولية داخل وخارج مصر منها مؤتمر الوحدة الإسلامية في لندن ومؤتمر القدس الدولي في إسطنبول ومؤتمري نصرة الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة في لبنان.
وأثرى البلتاجي الحياة السياسية والفكرية المصرية بأكثر من 40 مقالاً، نشرت في العديد من الصحف العربية والمصرية، وله كتاب بعنوان: (مصر 2005- 2010 ولماذا لم يتحقق الإصلاح المنشود).
ترشح لانتخابات مجلس الشعب مرة أخرى عام 2010 التي شهدت وقائع تزوير فاضح فانسحب من الجولة الثانية تنفيذاً لقرار جماعة الإخوان المسلمين بمقاطعة جولة الإعادة ثم ساهم في إنشاء البرلمان الشعبي الذي كان من مقدمات ثورة 25 يناير شارك في ثورة 25 يناير من بدايتها وتم اختياره بمجلس أمناء الثورة, شارك في تأسيس حزب الحرية والعدالة، وتم اختياره أميناً عاماً للحزب بالعاصمة المصرية القاهرة، كما ترشح في انتخابات مجلس الشعب المصري 2011 عقب ثورة 25 يناير على رأس قائمة حزب الحرية والعدالة بمحافظة القليوبية ودخل مجلس الشعب للمرة الثانية ولكن هذه المرة ممثلاً عن الحزب في أول مشاركة رسمية وأول برلمان بعد ثورة 25 يناير.

من هو البلتاجي
ولد الدكتور/ محمد محمد إبراهيم البلتاجي, عام 1963 في مدينة كفر الدوار ويقيم في شبرا الخيمة، متزوج وله خمسة أولاد (عمار، أنس، أسماء، خالد، و حسام الدين)..
تعّرف على دعوة الإخوان المسلمين في أول المرحلة الثانوية بالإسكندرية سنة 1977م من خلال عاطفة الثلاثاء والأساتذة: أ/ محمد عبد المنعم وأ/ جمعة أمين وأ/ محمد حسين عيسي، ومن خلال زيارات متكررة لعلماء الأزهر الكبار، الشيخ/ أحمد المحلاوي - في بيته، والشيخ/ محمود عيد في مسجده، بدأت معالم الفكرة الإسلامية والمشروع الإسلامي والدعوي تتعمق في نفسه.
رأس اللجنة الثقافية ثم مثّل اتحاد طلاب معهد الإسكندرية الديني الثانوي وأصدر أول مجلة دعوية أزهرية في هذا الوقت (1978 - النذير).
تفوّق دراسيًا بصفة منتظمة وكان الأول على محافظة الإسكندرية وأحد العشرة الأوائل على الجمهورية في الثانوية العامة الأزهرية (ترتيب السادس) 1980/1981.
شارك في أعمال (الجماعة الإسلامية بالمدارس الثانوية بمحافظة الإسكندرية) والتي كان لها نشاط عام دعوي وتربوي وسياسي كبير تمثل في إقامة مؤتمر من أكبر مؤتمرات الإسكندرية لتفنيد ومعارضة كامب ديفيد 1978.
شارك منذ هذا الوقت المبكر في أعمال البر والخير ببلدته - كفر الدوار - تأسيس مشروع فصول تقوية - خطابة الجمعة ودروس وندوات دينية.
حافظ على تفوقه الدراسي فكان أول دفعته بكلية طب الأزهر سنوات 82/83/84.. (امتياز).
رئيسًا لاتحاد كلية طب الأزهر ثم رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الأزهر (بفروعها على مستوى الجمهورية) 85 - 86 - 87.
 وكان تمثيله طلاب جامعة الأزهر نقلة وبداية عهد جديد في العمل الطلابي والإسلامي بجامعة الأزهر فكانت صحوة طلابية كبيرة على المستوى الدعوي والخدمي والمشاركة السياسية العامة: ندوات ثقافية ودينية كبرى حاضر بكثير منها العلامة يوسف القرضاوي.
شارك مع رموز العمل الطلابي بالجامعات المصرية في توحيد موقف طلاب حاشد تأييدًا لقضية الجندي المصري (سليمان خاطر) ومخاطبة الحكومة المصرية بالإفراج عنه وعدالة قضيته.
صدرت ضده قرارات تعسفية بفصله وعزله عن رئاسة اتحاد الطلاب من إدارة الجامعة ولكن الإدارة اضطرت للعدول عن قراراتها الظالمة أمام ضغوط طلابية حاشدة.
تعليمه وعمله
تخرج في كلية الطب جامعة الأزهر دفعة 1987/1988، وعمل طبيب امتياز بمستشفى الحسين الجامعي 1988 - 1989م ثم التحق بالجيش وأدى الخدمة العسكرية (ملازم) لمدة سنة واحدة لصدور قرار تعيينه معيدًا (نائب بمستشفى الحسين الجامعي)، فعمل طبيبا مقيما بقسم الأنف والأذن والحنجرة 1990م – 1993ن كما حصل على الماجستير في نفس العام.
صدر قرار تعيينه بوظيفة مدرس مساعد (بقسم الأنف والأذن والحنجرة كلية طب الأزهر) من رئيس الجامعة لأنه أول زملائه المتقدمين للوظيفة ولكن الجهات الأمنية أصدرت توصية بوقف قرار التعيين فتعطل تسلمه للوظيفة لمدة أربع سنوات, حيث أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بأحقيته في تسلم الوظيفة وعدم أحقية الجهات الأمنية.
عمل مدرسًا مساعدًا بالقسم من يناير 1998م وحصل على درجة الدكتوراة 2001 وتم تعيينه مدرسًا بالقسم عام 2001.
نشاطاته الخيرية
أقام بمدينة "شبرا الخيمة" وافتتح بها عياداته ومن خلال تميز مهني واضح صار له جمهور كبير وقاعدة عريضة تعرفت على تميزه العلمي والخلقي والدعوي والخدمي.
شارك في العديد من القوافل الطبية الخيرية من خلال لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء - خدم فقراء وأيتام المنطقة من خلال مشروعات الطفل اليتيم الكثيرة بشبرا الخيمة.
عمل مديرًا لأحد فروع الجمعية الطيبة الإسلامية ذات النشاط الطبي الخيري في أنحاء مصر.
له مشاركات علمية ونقابية وثقافية ودينية في العديد من الجمعيات والمؤتمرات والدورات التدريبية للأطباء.
شارك في سفينة الحرية لرفع الحصار عن غزة

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد