التعليم في الحديدة..فصول مزدحمة ومدارس بلا كادر

2013-09-14 17:05:25 كتب/ فتحي الطعام


تعد محافظة الحديدة من أكثر المحافظة من حيث عدد السكان واتساعها الجغرافي .. حيث يتجاوز عدد سكانها ما يزيد على 3 ملايين نسمة وتحادد جغرافيا ( تعز – اب – المحويت – ريمة – صنعاء – حجة – ذمار ) وكل ذلك يحتم على الدولة القيام بتوفير الخدمات التنموية وفي مقدمتها خدمة التعليم .. إلا أن الدولة ـ وبسبب العاملين السابقين ـ تبدو غير قادرة توفير المدارس الكافية لاستيعاب كل الذين يفترض بهم أن يكونوا في العملية التعليمية.. فالمباني غير كافية والكادر ما يزال هو الآخر لا يغطي المدارس الموجودة حاليا.. ناهيك من أن العديد من المناطق ما تزال خدمة التعليم منعدمة فيها.
وبحسب إحصائية رسمية فإن نسبة 35من كل مائة طفل هم خارج أسوار المدرسة وخارج العملية التعليمية والتربوية بسبب قلة الإمكانات المادية الأمر الذي يحتم على الدولة إيجاد استراتيجية وطنية لاستيعاب كل تلك الأعداد التي هي خارج التعليم.
كابوس الآباء
 كابوس بداية العام الدراسي بدأ, هكذا يقول الآباء فهم يستنفذون من أجل حاجة أبناءهم في المدارس ويعملون على الاستدانة إن جاء التسجيل في ظروف مالية مأساوية فكثير من الآباء يعانون جراء الالتزامات المالية التي ترافق عملية التسجيل.
قاسم أحمد أب لـ 5 أطفال يقول (إنه قام بتسجيل أبنائه في إحدى المدارس القريبة من منزله بالرسوم الدراسية إلا أن إدارة المدرسة أخبرته بضرورة أن يقوم بشراء الزي المدرسي كشرط لقبول أبنائه... لكن وبحسب ما يقول عجز عن شراء تلك الملابس بسبب أن كلفتها المالية تصل إلى خمسة عشر ألف ريال وهو مبلغ كبير بالنسبة لموظف بالكاد يستطيع الإيفاء بالالتزامات المالية اليومية.
وقال قاسم إن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل إن الدخول في العملية التعليمية يحتاج إلى التزامات أخرى مثل شراء الدفاتر والأقلام والشنط وهي تكاليف أخرى ترهق كاهله وكاهل كل الآباء البسطاء الذين ما عادوا قادرين على الإيفاء بكل هذه الالتزامات.
وأضاف لقد أصبحنا في خيارين أحلاهما مر إما أن نستدين تلك المبالغ المالية مع عدم قدرتنا على الإيفاء بالسداد في هذا الوضع المالي المتدهور الذي نبذل فيه كل جهدنا وأوقاتنا من أجل لقمة العيش وبالكاد تغطي ذلك وبهذا يتمكن أبناؤنا من الدراسة وتظل مطالبات الدائنين تلاحقنا وأما الخيار الثاني وهو توقف أبناءنا عن الدراسة لحين تحسن الوضع.
وتمنى قاسم أن تقوم الدولة بدعم التعليم عن طريق توفير تلك الملابس والمستلزمات الدراسية من دفاتر وغيرها بمبالغ مالية رمزية مدعومة من الدولة.
ازدحام
ومع ما تعيشه العملية التعليمية من تدهور في العديد من المجالات تبرز مشكلة الازدحام الشديد الذي يسود الفصول الدراسية في المدارس الحكومية بشكل كبير, فحسب الإحصائيات الرسمية الأولية فإن الفصول الدراسية تشهد في الغالب ازدحاما كبيرا يفقد الطلاب القدرة على التركيز والاستيعاب.
ويتعذر القائمون على العملية التعليمية بالحديدة بعدم وجود المدارس الكافية مقارنة بالأعداد الكبيرة للطلاب.
الأستاذ/ محمد عبده ـ أحد المسئولين في التربية والتعليم ـ قال إن الفصول الدراسية تشهد في الغالب ازدحاما كبيرا بسبب عدم وجود المدارس الكافية والكادر التعليمي الذي يمكن أن يغطي ذلك الازدحام.
وقال إنه ومع ذلك الازدحام الذي يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 100 طالب في الفصل في بعض المدارس عجز المكتب في بعض الأحيان من توفير المدرسين المتخصصين وأصبحنا نعاني إشكالية توفير المدرسين والكادر التعليمي, ناهيك أن الأمر يحتاج إلى إعادة بناء مدارس حسب دراسة مجتمعية لتغطية هذا الازدحام.
يأتي هذا في ظل الشكاوي العديدة والرسائل المتكررة التي يرسلها مدراء مدارس (بنين – بنات) يطالبون فيها بتوفير الكادر التعليمي نظراً لانعدامه بالرغم من وجود الحاجة الماسة.
مدير مدرسة أسماء للبنات بمنطقة الحسينية التابعة لمديرية بيت الفقيه والتي تقدمت بشكوى إلى محافظ محافظة الحديدة مفادها أن المرحلة الثانوية بالمدرسة تفتقد لوجود مدرسات في أغلب الأقسام وذلك بسبب عدم إيفائها بالمدرسات من قبل المركز التعليمي بالمديرية والذي قام بنقل 4 مدرسات من المدرسة في هذا العام إلى مدارس أخرى الأمر الذي أدى إلى حرمان المدرسة المكتظة بالطالبات من المدرسات، وبالرغم من التوجيهات الصريحة من قبل محافظ المحافظة ومدير مكتب التربية والتعليم بالمحافظة بإعادة من تم نقله من المدرسات وكذا رفد المدرسة بالكوادر التعليمية بما يعالج قضية عجز المدرسات إلا أن مدير المركز التعليمي بالمديرية ما يزال غير عابه بتلك التوجيهات، وهو ما يجعل العملية التعليمية بالمدرسة على المحك.
سهولة هدم وتعثر بناء:
نظراً للاحتياج المتزايد لإعادة تأهيل بعض المدارس التي أصبحت غير صالحة للدراسية في العديد من مديريات المحافظة وخاصة وسط المدينة شرعت الجهات المعنية بهدم بعض تلك المدارس حرصاً على المصلحة العامة إلا أن تلك الجهات ومعها الجهات المعنية بإعادة البناء غالباً ما تتعثر في إعادة بناء المدارس بأعذار عديدة.
مجمع النور بالحديدة ـ معهد النور سابقاً ـ يتبع مديرية الحوك ـ إحدى المناطق المكتظة بالسكان وقلة المدارس الحكومية ـ تم هدمه في العام 2003م بسبب ما قيل حينها المصلحة العامة والحاجة الملحة ولما فيه المصلحة العامة.. إلا أن ذلك المجمع والذي كان يدرس فيه ما يربو من 6آلاف طالب على 3 فترات (صباحي – مسائي – ليلي) ظل أكثر من عشر سنوات دون الالتفات إليه من قبل تلك الجهات سواء في قيادة السلطة المحلية أو من قبل مكتب التربية والتعليم وحتى من قبل الجهات المعنية ببنائه .
وعلى مقربة من مجمع النور تقع مدرسة السلام الابتدائية والتي تم هدمها من قبل التربية والتعليم على أن يتم إعادة بنائها من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية والذي شرع في الهدم إلا أن شخصيات تجارية عمدت على عرقلة بناء المدرسة مطالبة ببيع المدرسة والتي تقع بجوار أحد الأسواق ليتم تحويلها إلى سوق تجاري على أن تقوم تلك الشخصيات بإيجاد أرضية أخرى تقام عليها المدرسة الأمر الذي يرفضه الأهالي وشخصيات اجتماعية .
ومجلس آباء منطقة المعدل والذي تقع مدرسة السلام ضمن نطاقه الجغرافي حملوا السلطة المحلية في المحافظة والمسئولين في مكتب التربية والتعليم في المحافظة والمديرية مسئولية التفريط بموقع المدرسة لصالح شخصيات تجارية.


عزوف عن الدراسة
قال الدكتور/ علي بهلول ـ مدير عام مكتب التربية والتعليم بمحافظة الحديدة ـ بأن هناك كثافة كبيرة لأعداد الطلاب يقابله قلة في المدارس التعليمية في المديريات, وأضاف إن مدارس المحافظة تستقبل سنويا ما يربو على 450 الف طالب وطالبه بمختلف المستويات وفي جميع المديريات.. إلا أن هناك ما 35% من هذا العدد ممن هم في سن الدراسة خارج العملية التعليمية والتربوية بسبب الأوضاع المعيشية أو وجودهم في قرى ومناطق بعيدة عن المدارس التابعة للتربية والتعليم..
وقال مدير مكتب التربية والتعليم إن الازدحام الكبير الذي تشهده مدارس التربية والتعليم في مديريات مدينة المحافظة يعود لعدم وجود أماكن تبنى عليها مدارس تستوعب تلك الأعداد من الطلاب الذين باتوا يتزاحمون في فصول دراسية وبأعداد كبيرة..
وعن المشاريع والمباني التي يتم تنفيذها قال مدير التربية (نحن نعمل على رفع الاحتياج للجهات ذات العلاقة سواء كانت تلك الجهات السلطة المحلية في المحافظة أو الصندوق الاجتماعي للتنمية وغيرهم من الجهات ذات العلاقة المعنية ببناء تلك المشاريع وإنزال المناقصات للبناء..
وعن الكادر التعليمي قال بهلول (نحاول قدر الإمكان أن نقوم بتوفير الكادر التعليمي المتخصص إلا أن التزاحم وقلة التوظيف لبعض التخصص جعلت بعض المدارس تعاني من نقص في بعض التخصصات.
 انتعاش للمدارس الخاصة:
 كثير من الآباء باتوا يفضلون المدارس الأهلية بدلاً من الحكومية التي لم تعد محل ثقتهم بسبب ما يعانيه التعليم الحكومي من تدهور أثر على المستوى التعليمي للطلاب..
هذا الإقبال من قبل أولياء الأمور على المدارس الأهلية أوجد بيئة استثمارية ناجحة لدى بعض رؤوس الأموال الذين عملوا على الاستثمار في مجال التعليم الأهلي وباتوا – المستثمرون – يتنافسون كل عام دراسي جديد على إنشاء تلك المدارس والتي باتت تتزايد بشكل كبير لتزداد مع ذلك التكاليف الباهظة التي بتكبدها الآباء الحريصون على يحصل أبنائهم, على رفع مستواهم التعليمي وتحسن نتائجهم, إلا أن تلك المدارس الأهلية التي لجأ إليها العديد من باتت هي الأخرى دون المستوى المطلوب مقارنة بالمبالغ المالية الكبيرة التي تتسلمها حسب ما يقول البعض – فمبانيها لا تتوافق ومواصفات المدارس وفصولها هي الأخرى تمتلئ بالطلاب.. ناهيك عن افتقارها للمعامل والملاعب, الأمر الذي يجعل هؤلاء الآباء بين خيارين أحلاهما مر, فهم بين القبول بوضع التعليم الحكومي بما يعانيه أو تكبد الرسوم المالية الكبيرة للدارسة في المدارس الأهلية التي لا توفر الحد الأدنى من مواصفات التعليم الأهلي..
فبحسب إحصائيات رسمية بمكتب التربية والتعليم بالحديدة فإن عدد المدارس الأهلية التي تعمل في محافظة الحديدة وصل حتى بداية هذا العام الى (102) مدرسة أهلية, أغلب تلك المدارس تعمل في مدينة الحديدة عاصمة المحافظة, بل إن بعض مديريات مدينة الحديدة يفوق فيها عدد المدارس الأهلية عدد المدارس الحكومية, ومع ذلك الارتفاع في عدد المدارس يرتفع تكاليف رسوم الدراسة مع كل عام دراسي.. تختلف الرسوم الدراسية التي يفرضها أرباب تلك المدارس من مدرسة إلى أخرى.. لكن غالبية تلك المدارس لا تقل فيها الرسوم الدراسة عن 60 الف ريال بينما تصل الرسوم الدراسية الى 200 الف ريال كما هو في بعض المدارس والتي يقال إنها معنية بأبناء رجال الأعمال الذين استبدلوا تسفير أبنائهم للخارج للدراسة الأساسية بهذه المدرسة..
مكتب التربية والتعليم أقر أن موضوع الرسوم الدراسية التي تحددها تلك المدارس كبيرة في بعض الأحيان لكن – حسب رأي المسئولين في مكتب التربية – لا يوجد قانون يحدد الرسوم خاصة أن أغلب من يقومون بفتح المدارس الأهلية يفتتحونها بهدف الاستثمار التجاري, ولهذا من الصعب إلزامهم برسوم معينة، هذا ويظل التعليم الهاجس الكبير لجميع أبناء الوطن, نظراً لما يمثله من أهمية كبير تعود بالنفع على مختلف المجالات..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد