حكومة باسندوة تعرقل التحقيق في ملابسات توقيع الاتفاقية..

حراك جماهيري لإسقاط اتفاقية الغاز المسال

2013-09-20 18:04:46 تقرير/ عبدالحافظ الصمدي


إعادة النظر في اتفاقيات بيع الغاز المسال, ومحاسبة المتسببين في خسائر اليمن جراء تلك الاتفاقيات, كان ولايزال مطلباً شعبياً كان لزاماً على حكومة الوفاق التوجه لتحقيقه، كونها وجدت نتاج ثورة شبابية شعبية تطالب بحقوق وطنية, وفي مرحلة تفرض عليها ذلك..

•   78 مليار دولار خسائر:
ما يزيد عن 78 مليار دولار خسائر اليمن نتيجة تلك الصفقة, كتقديرات أولية مقارنة بالسعر العالمي للغاز والذي يتجاوز 14دولاراً للمليون وحدة حرارية, في حين لا يتجاوز بيع الغاز اليمني الـ3 دولار.. هذا ما كشفت عنه الأوراق خلال ندوة علمية ومؤتمر إشهار حملة "موجة الضغط المجتمعي بشأن اتفاقيات بيع الغاز اليمني المسال" الذي نظمه المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) بالتعاون مع منظمة "أوتاد" لمكافحة الفساد ومجلس عام تنسيق منظمات المجتمع المدني والتحالف "اليمني" للشفافية في الصناعات الاستخراجية والتحالف اليمني للرقابة والشفافية ومكافحة الفساد بصنعاء تحت شعار" حماية الموارد الاقتصادية وتحديات التنمية المستدامة".
وأكد بيان الحملة على ضرورة الأخذ بزمام المبادرة والإعلان المدوي بأنه قد آن الأوان للانعتاق من قيود الصمت والمهادنة للفساد والمفسدين التي كبلت إراداتنا ومواقفنا لعقود خلت, مؤكدين المضي للانطلاق باتجاه إعلان حرب شعواء تجتث الفساد من جذوره وتكبح جماح الفاسدين وتعيدهم كما تعاد الفئران إلى جحورها قبل فوات الأوان وغرق سفينة الوطن بما فيها ومن عليها.
•   حكومة هزيلة:
إن المتتبع لخطوات الحكومة يستشف الضعف والفتور في الإجراءات المتبعة رسمياً من قبل الحكومة في تعاملها مع القضية تجاه الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاقيات وبأقل مما كان يأمل به الشباب والمجتمع المدني الذين كانوا يتطلعون إلى موقف أكثر جدية ووطنية لا يقل عن موقف الحكومة المصرية تجاه قضية تصدير الغاز المسال إلى إسرائيل, بالرغم أن حجم وكم الغبن الواقع على اليمن أضعاف ما هو على مصر..
ومن الملاحظ أن حكومة الوفاق تطرق على استحياء موضوع أسعار البيع العالمية, وتخجل كثيراً في ذكر أحقية اليمن في فوارق أسعار البيع للسنوات الماضية والكفيلة بالاستغناء عن الطاولات المستديرة والمستطيلة، وتتحاشى الحكومة جذرياً المطالب المنادية بالتحقيق في ملابسات التوقيع على الاتفاقية بما فيها موقف الشركات الأجنبية المشترية للغاز المسال من ذلك.. كما يلاحظ تهربها كلياً من إعادة النظر في الكميات المسموح بتصديرها مقارنة بالاحتياطي الإجمالي والاحتياج المحلي الملبي لمتطلبات التنمية طويلة المدى.
واستهجن المشاركون في الندوة العلمية الضعف والفتور في موقف الحكومات اليمنية المتعاقبة, بما فيها حكومة الوفاق, في التعامل بجدية ووطنية مع الاتفاقيات الخاصة ببيع الغاز اليمني المسال.
وخلال تدشين الحملة شدد الأمين العام لمنظمة أوتاد لمكافحة الفساد, طاهر محمد عمر الهاتف, على الضرورة الملحة في إيجاد حراك جماهيري ومجتمعي واسع تجاه اتفاقية بيع الغاز الطبيعي تضمن تحقيق الضغط لإلزام الشركات الأجنبية المشترية للغاز اليمني المسال بسداد فوارق الأسعار للفترة الماضية كاملة مع فوائدها, ووضع سقف أعلى لحجم الصادرات من الغاز المسال إلى الحجم الإجمالي للاحتياطي وبما يوفر احتياجات الاستهلاك المحلي من الغاز المسال بعد إحلاله محل المشتقات النفطية الأخرى كوقود, وكذا إلزام الحكومة والبرلمان اليمني بفتح التحقيق وبشفافية حول الملابسات التي رافقت التوقيع على الاتفاقية ومحاكمة المتورطين فيها بالفساد, سواء محليين أو أجانب, واللجوء للقضاء الدولي إن لزم الأمر.
•   اللجوء للمحاكم الدولية:
وطالب الهاتف في ورقته بتعديل كافة البنود التي تشكل إجحافا بحق اليمن في اتفاقيات بيع الغاز, مع كافة الأطراف, وفي مقدمتها أسعار البيع, وبما لا يقل عن الأسعار العالمية في كافة الظروف أو إلغاء الاتفاقيات نهائياً, واللجوء للمحاكم الدولية وإلزام الحكومة اليمنية بوضع آليات وقواعد رئيسية تضمن حسن الاستغلال للغاز الطبيعي المسال في الإنتاج والاستهلاك والتصدير وتفعيل الدور الرقابي الرسمي والشعبي على الشركات الأجنبية في كافة عملياتها التشغيلية والمالية والفنية والبيئية وفي توظيف القوى العاملة.
•   نافذة أمل لكسر الجليد:
وفي توجه إيجابي كان من طرف فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الذي شكل فريقاً للنزول إلى وزارة النفط والمعادن والتحقيق في الصفقات والعقود المبرمة بشأن النفط والغاز, وإعدادهم تقرير دقيق طالبوا فيه النائب العام بفتح التحقيق في الملابسات القانونية والاستشارية المتعلقة بتوقيع اتفاقيات الثروات النفطية والغازية, وكان أن تجاوب النائب العام بالتوجيه بالتحقيق مع المختصين بوزارة النفط والمعادن, وهو ما يمثل نافذة أمل لكسر الجليد.
 ورغم ما أعلنته وسائل الإعلام الرسمية سابقاً عن موافقة فرنسا على رفع السعر إلى 7 دولار عن كل مليون وحدة حرارية, إلا أن ذلك لا يزال يمثل غبناً كبيراً على اليمن, كون السعر العالمي في متوسطة بالمرحلة الحالية يصل إلى الضعف, وتصريحات الحكومة بمفاوضاتها للبيع بسعر 14 دولاراً من بداية العام 2014, وهو ما يثير تحفظ الكثيرين تخوفاً من تكرار ما سبق وتثبيت السعر الجديد لباقي فترة الاتفاقيات (16عاما), في حين أن الطلب العالمي على الغاز الارتفاع التصاعدي في الأسعار العالمية للغاز المسال مستقبلاً.

•   الاتفاقية مع توتال بهدف إثبات الملكية:
اتفاقية بيع الغاز التي أقرتها الحكومة في 1996م, رغم كونها مجحفة بحق اليمن, إلا أنها قسمت إلى مرحلتين, تمثلت المرحلة الأولى في التسويق خلال 3 سنوات, والثانية مرحلة البيع كان على اليمن أن تنهي العقد في 2000, على اعتبار أن الاتفاقية التي وقعت في 96 تعطي الشركة حق التسويق لـ3 سنوات فقط وليس لـ9سنوات، وبالتالي فإن تمديد الاتفاقية مخالفة لبنود الاتفاقية، مع الإشارة إلى القضية التي اندلعت بين الحكومة اليمنية وشركة هنت حول ملكية الغاز دفع بالحكومة إلى عقد اتفاقية مع شركة توتال بهدف إثبات ملكية الحكومة للغاز فقط دون أن تراعي الحكومة الشروط..
بخلاف ما يروج له أنه الأفضل والأكفأ من نوعه عالمياً, فمشروع الشركة اليمنية للغاز المسال أثبت فشله الذريع في مرحلتي التشييد والإنتاج, خاصة أن الشركة حققت نقصاً في معدلات الإنتاج مقارنة بالتقديرات المستهدفة في أول عامين تشغيليين (2010-2011) بلغت نسبة النقص 74%،18% على التوالي ولأسباب قصور من قبل الشركة في تجهيز الخط الثاني للإنتاج.
إن حجم الضرر على اليمن في مشروع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي, والاتفاقية الموقعة على بيعه, كان أكبر صفقة فساد في تاريخ اليمن حتى الآن, وأكثرها نهباً لثروات الشعب اليمني        وأشملها غموضاً، كما لم تراع اتفاقيات بيع الغاز اليمني المسال متطلبات التنمية والاستهلاك المحلي من الغاز المسال مطلقاً والذي سيشكل حلاً لجزء كبير من إشكالية دعم المشتقات النفطية
وحرمت اتفاقيات بيع الغاز اليمني المسال الشعب اليمني من موارد مالية عملاقة كافية لسد العجز في ميزان المدفوعات الحكومية لعقدين من الزمان وكذلك في تحقيق نهضة تنموية اقتصادية وخدمية عملاقة.
•   فضيحة فساد وقحة:
شهر أغسطس من العام 2005م كان الموعد الذي وقَّعت فيه الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال على عقود بيع طويلة الأجل هي الأكثر غموضاً في صفقات الثروات المعدنية والنفطية في تاريخ اليمن حتى الآن-تمتد لعشرين سنة قادمة- مع ثلاثة من كبريات الشركات العالمية لتصديره إلى السوقين الكورية والأمريكية.. وتبلغ كميات البيع المتفق عليها والمعلن عنها كالتالي:
 (1)- المؤسسة الكورية للغاز (كوغاز) = 2.0 مليون طن سنوياً, بسعر 3.17 دولار/ مليون وحدة حرارية.
 (2)- شركة GDF سويز لتجارة الغاز الطبيعي = 2.5 مليون طن سنوياً, بسعر 2.5 دولار/ مليون وحدة حرارية.
 (3)- شركة توتال اليمنية للغاز=2.0 مليون طن سنوياً, بسعر2.5 دولار/مليون              وحدة حرارية.
وقامت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال باستئجار أربع ناقلات عملاقة لمدة عشرين عاماً تقوم بنقل الغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وفقاً لعقود البيع الموقّعة مع شركة توتال للغاز والطاقة المحدودة بصفقة يشملها الغموض والتكتم- وفقاً لتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وفي أوقح فضيحة فساد موثقة مادياً يكشف السطر الأول من الصفحة الثانية من قرار مجلس الوزراء رقم 257 لعام 2005م المتعلق ببيع الغاز الطبيعي اليمني لشركة توتال الفرنسية وسويس وكوجاز الكورية، كما هو واضح, أن الأسعار التي حصلت عليها اليمن من السوق الكورية قديمة وما كان ينبغي الموافقة عليها بأي حال من الأحوال, حيث أخذت عام 2002م وليس في 2005م عند توقيع الاتفاقية, أو في 2009م عند بدء التصدير, حيث تضاعفت أسعار الغاز المسال ثلاثة أضعاف ووصلت إلى 14 و17 دولاراً عن كل مليون وحدة حرارية.
وأقرت الحكومة اليمنية حرفياً في منطوق القرار, كدليل إضافي على فساد القائمين على الصفقة وضرورة محاكمتهم، بسابق معرفتها بأسعار بيع الغاز القطري والعماني, كما في السطر الثالث, وكان وقتها يتراوح بين 11 و14 دولاراً, في حين وافقت هي على بيع الغاز اليمني بأقل من السعرين القطري والعماني ثلاثة أضعاف..
وبخلاف ما كان شائعاً لسنوات لدى النخب الاقتصادية والبرلمانية والرأي العام اليمني تكشف الوثيقة أن أدنى سعر بيع مقدم من الشركة الكورية يبدأ بـ2.8 دولار عن كل مليون وحدة حرارية, وليس 3.16 دولار.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد