في قراءة قدَّمها بـ"منارات" وحدد فيها أبرز التحديات أمام النظام والوحدة والديمقراطية والاستقرار.. د/ العودي يؤكد تنامي المناطقية وتفاقم الفساد ويقترح إصلاح المسار الوطني والسياسي والاقتصادي

2009-02-14 04:07:24


تغطية / إياد البحيري

أكد الدكتور/ حمود صالح العودي أن تنامي النزعات الرجعية والمناطقية الطائفية والقبلية من أهم التحديات التي تواجه الساحة اليمنية بالإضافة إلى تراجع قيم ومثل الثورة والجمهورية وروح الثقافة الوطنية القومية والإنسانية.

وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء في الندوة التي نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" إن تغليب المصالح الشخصية على الحقوق والمصالح الاجتماعية والوطنية العامة تحديات توجه ضد الثورة والجمهورية محذراً من تنامي التحديات التي تحيط بالوحدة والديمقراطية والتي من أهمها ضعف القناعة بتعزيز دولة المؤسسات ومبدأ التداول السلمي للسلطة وتراجع مبدأ الشراكة السياسية في السلطة ومصداقية الممارسة الديمقراطية فضلاً عن تفاقم الفساد المالي والإداري وتغييب مبدأ الثواب والعقاب.

وتحدث العودي في الندوة التي خصصت لقراءة المشهد الانتخابي اليمني عن التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار والتنمية، مؤكداً أن تغييب فاعلية القانون والنظام كمرجعية عليا للسلطة وإدارة شؤون المجتمع بالإضافة إلى تحديات أخرى أخطر وأكبر تقف أمام الأمن والاستقرار والاقتصاد والسياسة نعرضها كلها في القراءة التي قدمها العودي في الندوة وسنعرضها كاملة هنا لأهميتها.

أولاً: استخلاص عبر الماضي (اليمن بين ما كان وما هو كائن)

1. كان اليمن منسياً بفعل ظلم واستبداد الإمامة وعزلتها من جهة وهيمنة الاستعمار من جهة أخرى، فصار معروفاً وحراً بالثورة والجمهورية ومبادئهما وثوابتهما الوطنية والقومية والإنسانية.

2. كان اليمن صغيراً بالتجزئة، فصار كبيراً بالوحدة والديمقراطية التي ارتكزت على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات والشراكة السياسية في السلطة والتداول السلمي لها وبمقتضى الدستور والقانون.

3. كان اليمن شديد التخلف بتخلف الإمامة واستغلال الاستعمار، فصار ناهضاً بإنجازات الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.

ثانياً: مواجهة تحديات الحاضر.

1. التحديات الموجهة ضد الثورة والجمهورية:

أ. تنامي النزعات الرجعية والمناطقية والطائفية والقبلية.

ب. تراجع مُثل وقيم الثورة والجمهورية وروح الثقافة الوطنية والقومية، والإنسانية.

ج. تغليب المصالح الشخصية على الحقوق والمصالح الاجتماعية والوطنية العامة.

2. التحديات المحيطة بالوحدة والديمقراطية:

أ. ضعف القناعة بتعزيز دولة مؤسسات المجتمع المدني ومبدأ التداول السلمي للسلطة.

ب. تراجع مبدأ الشراكة السياسية في السلطة ومصداقية الممارسة الديمقراطية.

ج. تفاقم الفساد المالي والإداري من جهة وتغييب مبدأ الثواب والعقاب من جهة ثانية.

3. تحديات الأمن والاستقرار والتنمية:

أ. تغييب فاعلية القانون والنظام كمرجعية عليا للسلطة وإدارة شئون المجتمع.

ب. تعطيل دور القطاعين العام والتعاوني وهبوط سقف العدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية واختلال توزيع الموارد وتقديم الخدمات وتحقيق الأمان الاجتماعي.

ثالثاً: الآفاق المستقبلية (المواجهة والانطلاق نحو ما ينبغي أن يكون)

1. إصلاح المسار الوطني العام انطلاقاً من:

أ. استنهاض الوعي والمسئولية العامة نحو ثوابت الهوية الوطنية والتاريخية من خلال:

- تعزيز حب الوطن وروح الانتماء إليه.

- تفعيل جوانب التاريخ والتراث الوطني الإيجابي.

- تعزيز الهوية الثقافية والحضارية إنطلاقاً مما هو وطني مروراً بما هو قومي وإسلامي وصولاً إلى ما هو إنساني.

ب. حماية الثوابت الوطنية المتمثلة بالثورة والوحدة والديمقراطية والتقدم من خلال:

- حسم المواقف المتعلقة بالنزعات المناطقية والطائفية والقبلية والرجعية بقوة الحجة الوطنية والدستورية والوسائل المشروعة.

ج. تجسيد دولة النظام والقانون من خلال:

- الاحترام التام لمبادئ الثورة والجمهورية وقواعد الممارسة الديمقراطية من جهة، واستئصال شأفة الفساد بإقامة مبدأ الثواب والعقاب من جهة ثانية، وضمان حق كل مواطن في العيش الكريم بالعمل والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي طبقاً للدستور من جهة ثالثة.

د. ضمان تكافؤ الفرص لكل المواطنين في الحقوق والواجبات طبقاً للدستور والقانون.

2. إصلاح المسار السياسي على أساس:

أ. نظام رئاسي منتخب يضطلع بالمهام السيادية العليا للدولة والوطن: (التخطيط الاستراتيجي العام للتنمية، الأمن القومي والدفاع الوطني، رقابة تطبيق الدستور، إعلان وإدارة حالات الطوارئ، حل البرلمان في الظروف غير العادية).

ب. نظام وزاري برلماني ديمقراطي منتخب: ( رئيس وزراء منتخب من البرلمان، وحكومة ممنوحة الثقة منه تضطلع بكامل إدارة شئون الدولة والمجتمع سياسياً واقتصادياً).

ج. مجالس إقليمية وإدارية تنموية منتخبة وفاعلة (محافظة أو أكثر) تجسد اللامركزية الإدارية والاقتصادية في تخطيط وإدارة شئون الدولة والمجتمع في نطاق الإقليم المعين، وبالتنسيق مع مجلس الوزراء والمجالس الإقليمية الأخرى.

د. مجالس محلية إدارية وتعاونية تنموية أكثر فاعلية في المحافظات والمديريات، تركز على الشأن المحلي إقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، والعمل بإدارة وآلية تعاونية تامة بدعم وإشراف الحكومة والمجالس الإقليمية، والبرلمان، ودونما انتقاص من صلاحياتها ومسئولياتها المنصوص عليها في قانون السلطة المحلية.

3. إصلاح المسار الاقتصادي على أساس:

أ. قطاع سيادي وطني

يختص بملكية الموارد الطبيعية مما على سطح الأرض من الأراضي البيضاء (الزراعية، أو الصخرية، أو الرملية) وما في باطنها من الموارد المختلفة من جهة، وما على سطح وباطن مياه البحر الإقليمية والامتداد والفضاء الجوي براً وبحراً من جهة أخرى، استناداً إلى مبدأ حق السيادة الوطنية وحماية المصالح العامة.

ب. قطاع اقتصادي عام بشراكة خاصة

القطاع الاقتصادي العام يتولى تشييد البنية الأساسية التحتية للتنمية وتشييد وإدارة مشاريع المرتفعات الإستراتيجية العليا للاقتصاد الوطني الإنتاجية منها والخدمية الأساسية (الزراعة، الطاقة، التعدين، التصنيع الثقيل والمتوسط والحساس) من جهة، و تأمين الحقوق والخدمات المجتمعية الأساسية في (التعليم والصحة والعمل والضمان الاجتماعي الشامل) من جهة ثانية، وبالشراكة الجزئية مع القطاع الخاص في الإدارة ورأس المال.

ج. قطاع رأسمالي وطني خاص بشراكة عامة

يختص بتملك وإدارة وتشغيل كامل اقتصاد السوق الرأسمالي الوطني المربح (صناعة، تجارة، زراعة، خدمات مختلفة) وبالشراكة الجزئية والداعمة من قبل الدولة والقطاع العام.

د. قطاع أهلي بقيادة ورأسمال تعاوني مشترك

يختص بتجميع القدرات الاجتماعية والمدخرات الاقتصادية الفردية غير الرأسمالية في القطاعات الاجتماعية المختلفة (مزارعين، صيادين، حرفيين، مدرسين، موظفين، جنود، مجتمعات محلية،. . . الخ) في أوعية اقتصادية مؤسسية تعاونية تركز على خدمات التنمية الاقتصادية الاجتماعية المحلية والقطاعية المجتمعية المختلفة بالدرجة الأولى، وبالشراكة الجزئية والدعم المباشر من قبل الدولة والقطاعين العام والخاص.

ه العمل على بلورة هذه الاتجاهات من خلال: الإعداد والتحضير للمؤتمر الاقتصادي الثالث والذي يحضر له المركز بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة.

رابعاً: بلورة المسار المستقبلي لدور اليمن في التعامل مع الآخر.

1. التسليم بيقين وضرورة أن العالم الكبير والمجهول في الماضي قد أصبح اليوم قرية معلومة وصغيرة، والأجدر بالحياة والتقدم هو من يقوى على فهم وصناعة دوره في نطاق هذه القرية ككل، لا من يتوهم القدرة على البقاء بمعزل عنها أو في قوقعة مغلقة فيها.

2. اليمن بحكم موقعها وتاريخها ومواردها وانتمائها العربي والإسلامي والإنساني تملك الإمكانيات الكافية بل والمميزة التي تمكنها من القيام بدور فاعل على الصعيد العربي والإسلامي والإقليمي والدولي، قومياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً إذا ما أحسنت فهم هذا الدور والقيام به كضرورة وليس مجرد خيار يمكن القيام به أو تركه، لأن من لا يحسن اختيار موقعه في عالم اليوم يجبر على الوقوف حيث يريد له الآخرون حتماً.

3. إن كل ما سبقت الإشارة إليه من مسارات الإصلاح الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي لا بد وأن يتم وبالضرورة في ضوء فهم وإدراك كل المتغيرات الجارية عربياً وإسلامياً ودولياً لا بمعزل عن كل ذلك، بالنظر إلى حتمية التأثير والتأثر بكل ذلك سلباً وإيجاباً.

خامساً: مزايا الاستجابة ومخاطر الإحجام والتردد

1. إن الاستجابة لمسار الإصلاح الوطني العام من شأنه تعزيز وحماية المكاسب الوطنية الكبرى في مسيرة الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية وتطويرها في المقابل إن الإحجام والتردد الذي من شأنه عن يقين تهديد كل هذه المكاسب بالانهيار الفوري أو التآكل التدريجي، وضياع المصلحة الوطنية المشتركة للحاكم والمحكوم معاً، وحتى لا نندم وقت لا ينفع الندم.

2. إن الاستجابة للإصلاح السياسي من شأنه حماية الوحدة الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار وإرساء دولة النظام والقانون وتحقيق الشراكة الحقيقية في السلطة وتأمين تداولها السلمي الحق، في مقابل الإحجام أو التردد الذي من شأنه الحيلولة دون كل ذلك والاقتراب أكثر فأكثر نحو هاوية الفوضى والتمزق المدمر للجميع وللسلطة قبل المجتمع، والعاقل من اتعض بغيره.

3. إن الاستجابة للعمل على مسار الإصلاح الاقتصادي المشار إليه من شأنه إطلاق الصفارة الحقيقة لقاطرة النهوض والتقدم الحقيقي في الاتجاه الصحيح، وبأقل كلفة وأقصى عائد ممكن وأكبر درجة ممكنة من التوازن والعدالة الاجتماعية والضمان الاجتماعي، في مقابل الإحجام أو التردد الذي من شأنه تكريس حالة الفساد المالي والإداري وتعطيل حركة التنمية وتشويهها والمزيد من تدهور الأمن السياسي والاجتماعي والمعيشي للمجتمع وعلى رؤوس الجميع والحاكمين أكثر من المحكومين.

4. إن الاستجابة والفهم لدور اليمن المستقبلي وطنياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً في ظل متغيرات الزمان والمكان من شأنه أن يجعل من اليمن أكبر حجماً وأكثر فاعلية على كل الأصعدة وانتفاعاً من الغير ونفعاً لهم، في مقابل الإحجام والتلكؤ الذي من شأنه العودة باليمن إلى دائرة النسيان حجماً وفاعلية ونفعا للغير وانتفاعا بهم، ومن لا يحسن اختيار مكانه ودوره في عالم اليوم اقتيد رغم أنفه إلى حيث يريد له الآخرون أو يتعفن في مكانه، والمرء حيث يضع نفسه.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد