لماذا لايتحدثون عن حقوق العمال..!

2013-11-24 18:52:51 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي


إن حق المواطن اليمني المغترب سواء في الجارة السعودية أو غيرها، يقضي بأن لا يكون ما يصدر للتعاطف مع قضيته، كتفضل خاص من الحكومة أو حتى من النقابات والكيانات التي تدعي تمثيل هذا المغترب أو ذاك العامل بل يجب أن يكون واجباً.
الحديث عن قضية المغتربين اليمنيين في السعودية ومثلها الأردن، أصبح كنشرة أخبار قنوات الإعلام الرسمي، التي لا تقدم شيء سوى أن تغدو ذبابة توزع الأنفلونزا، فيما هناك أناس في هذا الوطن لا يكفون عن صفعك بترديد: الفضائية قالت ونشرت وذكرت.
التوقيت غير مناسب
وزير الثقافة الأسبق/ خالد الرويشان، في مقال نشرته يومية الثورة الرسمية، كان أكثر عقلانية في تناوله قضية ترحيل العمالة اليمنية من الجارة السعودية، فقط اعتبر ذلك حقاً للجارة، إلا أن التوقيت لم يكن مناسباً، ناهيك عن كون الأمر ليس خاصاً باليمن بل بحوالي 12 مليون عامل من مختلف دول العالم.
الرويشان وإن لم يكن حالياً في موقع يجعل من كلامه مسؤولاً عنه، ويضطره إلى البحث عن مخارج لنفي ما أورده بصيغة أو بأخرى، لكن لا أحد ينكر أنه عضو مجلس الشورى، ورغم ذلك لا يهاب أن يجره حديثه أو كتاباته إلى تلقي توبيخ من أي كان، فهو يدرك تماماً أن التخفي وراء كرسي المنصب أرذل بكثير من القبول بالمتاجرة بمعاناة إنسان.
قضية المغتربين اليمنيين المرحلين من الجارة السعودية، خرجت عن إطارها حد تأكيد متابعين ويمنيين كثر، وبالنسبة لكثير غدت القضية مصدر تكسب وارتزاق، وآخرين استغلوها لإعادة ماء وجهوهم التي جفت، ومحاولة البروز من جديد، وغيرهم انتهزوها فرصة للمكايدة، وغيرها من أساليب الاستغلال المبطن والسيء.
حكومة الوفاق أخلت مسؤوليتها، بإعلان رئيس وزرائها با سندوة، خصم أجر يوم من مراتب كل موظف حكومي، لصالح المرحلين، والبرلمان الذي انتهت مدته قبل عامين أو أكثر، كان أكثر استخفافاً بهم بإعلانه التبرع بعشرة ملايين ريال وبعد أن وجد نفسه أمام استهجان وسخط شعبي كبير أعلن تشكيل لجنة لتقصي الأوضاع عند المنفذ البري بين اليمن والجارة السعودية.
اعتراف خطير
أما وزير المغتربين لم يجد سوى أن يدلي باعتراف خطير حسب اعتقاده، وهو قوله إنه يوجد مسؤولون كبار في حكومته أعاقت وزارته وجهوده في التوصل إلى حل للقضايا، ثم لم يلبث يقول أن مكاتب ووكالة سفر، تقف وراء هذه الكارثة بكونها كانت تبيع فيز عمل مزورة، وهناك أكثر من عشرين وكالة سفر.
كل الشكر لهذا الوزير لو كان تجاوز المعتاد في أحاديث أقرانه، المختزلة بالتصريحات الخطيرة المبطنة، فالوضع لا يحتمل التراشق بالتهم وتصفية الحسابات وإخلاء المسؤولية، بل يحتاج إلى شفافية مطلقة، وعلى هذا الوزير أن يعلن عن عقد مؤتمر طارئ وعلى حسابه الخاص وليس من التبرعات لصالح المطرودين من الجارة السعودية، وذكر المصادر والشخصيات والمسؤولين الذين أعاقوا جهود وزارته، وكذلك أسماء وكالات السفر فإذا فعل هذا الوزير ذلك، بالفعل سيعمًد مصداقية أقواله، أما إذا لم يفعل فإننا نؤكد أن الأمر لا يعد سوى ورقة توت سقطت قبل الخريف بزمن طويل ولم تغدو تمثل مصدر قلق أو فرج أو حتى سبق إعلامي، كما أن الإنسان اليمني، حتى وإن لازمه الصمت، لم يزل في عباءته العتيقة، تبهره إعلانات التسويق للكشف عن مفاجئـة.
تعوض كل يمني
ولتوفير عناء الرد على وزير المغتربين، بالقول نحن وزراء حكومة مهمتها الوفاق ولا أكثر، أو أن الإعلان عن الأسماء سيفتح النار عليه، نقول له دعك من هذا، لكن ما الذي يمنعك ولو كمواطن يمني وليس وزيراً ومسؤولاً عن هذا المغترب، أن تعلن صراحة أنك تقف إلى جوار أخيك المطرود من السعودية، في ممارسة كافة أساليب الضغط على سلطات الجارة، لتعويض كل يمني عن جهده ومنح كافة حقوقه المقرة في قوانين العمل.
ولتكن البداية من رفع دعوى قضائية، على السفير السعودي وكافة ملحقات البعثة الدبلوماسية في صنعاء، التي تولت فتح تأشيرات وتسهيل السفر إلى أراضي الجارة بموجب فيز عمل دون أن تعمد إلى التدقيق والتأكد من سلامة وصحة الفيز، ويكون منصوص الدعوى أن سفارة الجارة متواطئة في بيع فيز عمل مضروبة كما أتضح بعد صدور تعديل قرار الكفيل وتسوية الوضع، وبموجب الدعوى تكون ملزمة، بتعويض كل يمني منحة تأشيرة سفر للعمل في السعودية ، بموجب فيز عمل اتضح لاحقاً أنها مزورة أو فيها تلاعب.
نسيان الاشادة
وعلى مسافة قصيرة نطلب من سفير اليمن لدى الرياض أن يكف عن المناشدات وعدم نسيان الإشادة حسب ما يرد عنه بالقيادة السياسية، وأن يتحمل المسؤولية كسفير وليس كخاطب ود، فهو يمثل 25 مليون نسمة وليس هادي وباسندوة ووزير المغتربين، وعليه أن يتحدث بما يريده الـ 25مليوناً.
طوال الفترة التي كان ينزف فيها الوطن ثروته، من خلال قيام اليمنيين المنكوبين في الجارة السعودية الآن ببيع كل ما يملكوا مقابل فيز عمل وهمية، أين كان هذا السفير وطاقم سفارته، ليأتي اليوم ولم يتخلى بعد عن كيل المديح لحكومة حققت رقماً قياسياً في الفشل وباعتراف منها وإجماع من الكل.. إننا نكرر الشعب اليمني لا يريد أو يقبل أن تستجدوا تعاطف سلطات الجارة السعودية التي نسفت كل المبادئ والقيم، وساهمت في بيع الوهم هذا إذا لم تكن هي من خططت لذلك، الشعب يريد منكم أن تدركوا مسؤوليتكم وأن تكونوا رهن الاستدعاء للمثول أمام القضاء.
وبالإضافة إلى معلومات؛ كل مستجدٍ أو متوارٍ خلف سياج المسؤولية، كان يعيش من أوجاع ذلك المغترب، والذي كان في السابق مصدر تدفق لعيش رغيد، وأصبح اليوم يمثل بعودته إلى وطنه بالنسبة لهؤلاء المسؤولين كابوساً ولم يكتفوا بالمتاجرة به واستنزافه تحت مسميات رسوم تجديد وتأشيرة و.. إلخ.
نموذج واحد
نقول ألم تسمعوا كيف أصبح العالم يتعامل مع الإنسان؟ وكنموذج واحد.. في فرنسا تم الضغط منذ سنوات، على الحكومة وتشكيل رابطة أو اتحاد للعمالة الوافدة غير الشرعية، التي تدخل فرنسا بطريقة غير شرعية؛ هذه الرابطة أو الاتحاد توصلت إلى استصدار قرار، يلزم كل رب عمل أن يستوعب أي عامل وافد غير شرعي، بالتعامل معه وفقاً لقانون العمل، ومنحه كافة الحقوق والامتيازات المنصوص عليها قانوناً وعمدت إلى محامين للترافع عنهم، ومختصين لمتابعتهم والتأكد من التعامل الصحيح معهم.
إن المطلوب سواءً من رئيس الدولة أو الحكومة أو وزير المغتربين والعمل وسفير اليمن لدى الرياض واتحاد نقابات عمال اليمن والمنظمات والهيئات و.. إلخ، ليس التراشق والمكايدات والذهاب بعيداً من خلال بيانات وتصريحات تكشف عن تخاذل تام وعدم جدية في الوقوف مع هؤلاء اليمنيين القادمين أو المقيمين في الجارة السعودية.
فبعد قراءة ومعاينة ومتابعة دقيقة لكل ما يجري من ردود أفعال عظيمة، لم يخض أياً كان حتى ولو في مجرد الحديث عن الحقوق المتوجبة على الجارة السعودية تجاه اليمنيين العائدين منها، مما يكشف عن أبعاد ليست طيبة.
بيان اتحاد نقابات عمال اليمن ومداولات المؤتمر الصحفي المنعقد الأحد الماضي، لم يرد فيه شيء اسمه الحقوق، كذلك أسئلة الصحفيين المطروحة، كان الجميع مركزاً على توجيه التهم والتأكيد على ضرورة أن تقدم حكومة الوفاق استقالتها وغابت الحقوق، وهو الأهم والتي لم يقترب من دائرتها، لا اتحاد نقابات العمال، ولا الاقتصاديون ولا القانونيون ولا المعنينون، أما حكومة الوفاق فهذا مستحيل.
حياتهم افضل
لماذا لا يكف كثير من الاقتصاديين والقانونيين والمنظمات عن التحذير من كارثة اقتصادية وإنسانية، ولا يذهبون أو يركزون على الحقوق، مع العلم أن هؤلاء العائدين قبل أن يغادروا اليمن نحو الجارة السعودية، كانت حياتهم بل وكان الوطن أفضل، أليس من الصائب أن يعودوا وطنهم بدلاً من إراقة الكرامة في خدمة الجارة، فإن عودتهم يحتاجها الوطن للغاية، فبهم وبأوجاعهم سينتفض البلد ويثور الشعب ضد الفساد وناهبي الثروات، فإما أن ينفرد بالثروات شلة من الفاسدين، أو أن يمنع الشعب ذلك ويستفيد منه ويبني البلد.
حكومة باسندوة تكتفي بخصم قسط يوم من راتب كل موظف حكومي، ووزير المغتربين يلوح بتصريحات ثم يصمت، والبرلمان المنتهي الصلاحية يختصر مسؤوليته بالتبرع بعشرة ملايين، وسفير اليمن لدى الرياض لا يكف عن الاستجداء، ووزيرة حقوق الإنسان تترك وزارتها نحو منفذ الطوال، واتحاد نقابات عمال اليمن يطالب حكومة باسندوة بتقديم استقالتها السريعة.
والمنظمات الإنسانية كما يطلق عليها حددت مهمتها بالرصد وإصدار التقارير، والأمم المتحدة بالتحذير من كارثة إنسانية، والاقتصاديين بالتحذير أيضاً والقانونيين.. .إلخ.. كلُ يتحدث عن كارثة، فيما لم يتحدث أحد عن الحقوق كلاً من مجال تخصصه.
التصدق من جهد الغير
لماذا حكومة باسندوة بدلاً من التصدق من جهد الغير لا توقف سفريات وزراء وتمنع الصرفيات الشخصية ومخصصات وقود المسؤولين وقاتهم ومصروفاتهم وتعمد إلى التقشف، ولماذا لا يظهر وزير المغتربين ويعلن القائمة السوداء بأسماء الوكالات التي باعت الوهم والبرلمان يعقد جلسات طارئة والخروج برؤية لإعداد موازنة مشاريع وليس نفقات، وسفير اليمن لدى الرياض يعمد إلى التخاطب مع رجال المال والأعمال في الجارة السعودية من الأصول اليمنية، للإسهام في دعم هؤلاء المرحلين.
واتحاد نقابات العمال يشرع في التواصل مع نظيره السعودي والبحث والكشف عن كل الأطراف التي تاجرت بالعمالة اليمنية ومقاضاتها وكذلك تفعيل قانون العمل واستيعاب العمالة بموجبه ومنحها ما نص عليه، والاقتصاديون يعكفون على أعداد دراسات جدوى لمشاريع إنتاجية والقطاع الخاص يتولى تنفيذها والجهات الأمنية تتولى حفظ وتوفير الأمن والجهات المعنية بالاستثمار بتوفير الأجواء والمناخ الاستثماري الملائم والخالي من التشوهات.
والخدمة المدنية تشرع في إنهاء الازدواج الوظيفي، ومؤسستا الجيش والأمن إلغاء الأسماء الوهمية والمرافقين الذين تدفع لهم رواتب من خزينة الدولة، والمالية توقف مخصصات المشائخ والمجاملات والهبات الشخصية وصرف السيارات، ولجنة مكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة.. كلُ يقوم بدوره، وإلزام كل مسؤول لديه عهد بتسليمها فوراً وإلا يقدم للمحاكمة ووزارة العمل تبدأ بسن القوانين الخاصة بالعمل وتنفيذها وتقوم الضرائب بحملات على المتهربين ضريبياً ومنع التلاعب بالقيم الجمركية...ألخ.
حاجة ماسة
وللتأكيد هذا يستحال أن تشرع به تلك الجهات، كونها ومن يديرها هم من يعبثون بالوطن، والقيام بذلك يعني النزاهة والشفافية وعدم تكوين ثروات عن طريق ممارسة الفساد، ولكن هنا يأتي الدور على المواطنين بتشكيل لجان شعبية للكشف عن المفسدين بل الأصح إعادة ما نهبوا لصالح المواطن والوطن وتجريد كل مسؤول من السيارات والفلل والممتلكات المأخوذة من ثروات البلاد وإعادتها للمواطن.
ولهذا نحن بحاجة ماسة لعودة كل يمني مغترب ليسهم في القضاء على الفساد والمفسدين وإعادة الثروات المنهوبة وإيقاف فساد الحكومات المتوالية وتطبيق القانون والتوزيع العادل للثروات، فأي نظام أو فاسد يرتكن إلى القوة والسلاح أمام سيول الشعب الجائعة الساعية إلى حقها سيسقط وسينتهي كلياً، وهذا ما يحتاجه الوطن والمواطن اليمني بدلاً من إراقة كرامته مغترباً فيما شلة فاسدة تعبث بالوطن وتنهب ثرواته.
فلتكن هذه مقدمة لثورة الانتصار للحقوق والتطور والنماء الاقتصادي وتحقيق اقتصاد قوي ومتين يحقق حياة كريمة للمواطن ويضمن توزيع عادل للثروات وتقديم خدمات متكاملة وسليمة وذات جدوى، ومن أجل العيش في ظل رخاء ونهوض تنموي وتعليمي، وصحي، وثقافي، وعلمي , وإنساني، واجتماعي وسياحي.. إلخ.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد