أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور/حسين الصبري:

الحكومات المتعاقبة فشلت في اجتثاث الفساد

2013-12-15 20:21:42 حاوره/نبيل الشرعبي


الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في قراءته لمتغير مؤشرات اقتصادية عدة، الخبير الاقتصادي بكلية التجارة جامعة صنعاء الدكتور/حسين محمد الصبري، يقول: إن حركة المؤشرات السلبية للاقتصاد اليمني، تأتي انعكاساً لحقيقة اختلال الأداء الإداري الشامل، ضمن الإطار الكلي للسياسة الحكومية.

الدكتور/الصبري في حديثه الصحفي للملحق الاقتصادي ـ "أخبار اليوم" ومن رؤية تخصصية بصفته خبيراً اقتصادياً يعيش تفاصيل أدق المتغيرات والمؤشرات سلبية أو إيجابية وأبعاد الاقتصادية والنتائج المترتبة عن أي متغير، وفي رده على سؤال كيف يُقرأ مؤشر التغيير السلبي في الاحتياطي النقدي، خلال ثلاثة أشهر متوالية، حيث أفصح عن ذلك البنك المركزي في تقارير رسمية صادرة عنه.. قال الدكتور الصبري: إن تراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي اليمني يحتاج إلى سياسات نقدية مضبوطة بشكل سليم وجديد في المعالجات وعدم الإسراف بالمشتريات التي ليس لها أي جدوى كالسيارات للوزراء والمسؤولين وكذلك الإنفاق المبالغ فيه على سفريات هؤلاء وغيرها من الإنفاق الذي يستنزف موارد الدولة.

الفساد آفة

وحول الفساد بالتزامن مع صدور تقرير منظمة الشفافية الدولية والذي صنف اليمن ضمن أسوأ خمس دول على مستوى العالم في مؤشر استفحال الفساد والأولى عربياً، أفاد الدكتور الصبري أن الفساد آفة مستشرية في السياسات الحكومية المتعاقبة، وكلما استبشرنا وقلنا جاء نظام جديد وحكومة جديدة، نسمع التصريحات تتوالى من هذه الحكومات حول توجهها لمحاربة واقتلاع الفساد، لكن على أرض الواقع لا يحصل شيء ويستشري الفساد أكثر، وهذا كله يعود إلى عقم السياسات المتوالية، أو عدم نيتها في اقتلاع هذه الآفة من جذورها.

الطابور الخامس

وفيما يخص الصادرات النفطية وتراجع حصة البلد والحكومة من شهر إلى آخر؛ أشار الدكتور الصبري إلى أنه يقف وراء ذلك ما أسماه الطابور الخامس والخونة الذين يعبثون بالبلد ـ حد وصفه ـ وهم الذين يقومون بالتفجيرات لأنابيب ضخ النفط ومشتقاته من الحقول سواء إلى المصافي أو للتصدير، وإيقاف هؤلاء عن أفعالهم الإجرامية الرامية إلى تدمير البلد، هو مسؤولية الحكومة والتي يجب أن تكون صارمة مع هؤلاء وتفرض هيبتها، وإلا سيظلون يمارسون عملية التفجير.

ويستبشر الدكتور الصبري بالإعلان عن استكشافات نفطية جديدة وإرساء مناقصات استكشاف على حوالي ستة عشر شركة للتنقيب إذا ما جرى استغلالها بجدية، وحسب توصيفه فإن أي استكشافات جديدة سواءً في مجال النفط أو الغاز تعود "بشوية" فائدة البلد، وعائداتها تسهم "شوية" في رفد الموازنة العامة للدولة والاحتياطي للنقدي الأجنبي.

الحكومة تتحمل المسؤولية

ويجزم الدكتور الهبري بأن أزمة المشتقات النفطية تتولى مسؤولية معالجتها الحكومة وتكون جدية في المعالجات، وعلى سبيل المثال تلزم شركة النفط بتوفير الكمية الاستهلاكية للسوق، وتخاطب وزير المالية وتحمله مسؤولية سداد مديونية شركة النفط لدى الجهات الحكومية الممتنعة عن السداد، من خلال الخصم المباشر من موازناتها وتوريدها إلى حساب شركة النفط، أو تمتنع هذه الشركة عن تزويد هذه الجهات بالمشتقات النفطية لأنها لم تسدد ما عليها وهنا يتوجب على الشركة القيام بدورها في تزويد السوق بالكميات الكافية من المشتقات النفطية واللجوء إلى هذا الخيار ضماناً وحرصاً على أداء وظيفتها والتي يترتب على الإخلال بها الإضرار بالمصالح العامة وربما توقف كثير من الأنشطة التجارية وغير ذلك.

الدفاع والأمن القومي

وأفاد الدكتور الصبري أن جزءاً كبيراً من إيرادات شركة النفط تستأثر به أو يذهب لصالح القوات المسلحة والأمن، وجزء منه يذهب إلى الأمن القومي ـ حسب ما علمنا، وهاتان الجهتان لا تسلما المستحقات المتوجبة عليهما، وهذا يتطلب أن يكون هناك تنسيق بين وزارة المالية والشركة، أي أن المالية تقوم بتوريد مديونية هاتين الجهتين وغيرهما من الجهات الحكومية التي تسلم ما عليها من مديونية لشركة النفط من مخصصاتها في الموازنة العامة للدولة، وفي حال لم يُطبق هذا وظلت السياسة الراهنة جارية، فلا شك أن شركة النفط ستصل إلى مرحلة العجز عن توفير الاحتياجات من المشتقات النفطية، وكلما حصلت على دعم أو وصلت إليها مخصصاتها من الموازنة، تقوم بشراء المشتقات وتغذي بها هذه الجهات التي تُسلم ثمن المشتقات وهكذا.

غير منصف

وعن السياسة العامة للحكومة في معالجة هذه الإشكالية قال الدكتور الصبري: الحكومة وفي إطار سياستها ـ إن كانت حريصة على استقرار وتوفر المشتقات ـ عليها أن توجه وزارة المالية لتسليم مستحقات الشركة على الجهات الحكومية من مخصصاتها مباشرة، وإن كانت تعتقد أن تموين قوات الدفاع والأمن بكل احتياجاتها من المشتقات النفطية ضروري وأنه سيترتب على عدم تموينها بالمشتقات انعكاسات سلبية، فهنا على الحكومة أن تخاطب وزارة الدفاع وتلزمها بتسليم مديونتها لشركة النفط لضمان استمرار تمويلها بالمشتقات، أو أنها ستقوم بالخصم المباشر من مخصصاتها من الموازنة وتوريدها إلى شركة النفط، ففي بنود موازنة وزارة الدفاع المشتقات معها بند خاص بذلك، وفي الأصل أو الصحيح على هذه الوزارة وغيرها تسديد ما عليها لشركة النفط وإلا لشركة غير ملزمة بتموينها طالما هي لم تسدد، ومثلما شركة النفط لديها موازنة كذلك وزارة الدفاع أو أي جهة حكومية أخرى لديها موازنة، وتُصرف ضمن آلية محددة وفي قنوات محددة مسبقاً، أمَّا أنها تستلم موازنتها وتريد تموينها بالمشتقات ودون أن تدفع المستحق عليها، فهذا غير منصف وحتماً شركة النفط ستصاب بالإفلاس.

إدارية بحتة

ويعتبر الدكتور الصبري أن ما تم تداوله من أخبار في وسائل إعلام محلية حول اضطرار شركة النفط لرهن أصولها لدى بنوك عاملة في السوق اليمنية، أنه ليس المشكلة بحد ذاتها ولا يستحق الحديث عنه، لاعتبارات عدة هي: إذا كان الهدف من الرهن التوسع في النشاط أو مواجهة أي طارئ، فالأمر معمول به على نطاق واسع مماثل، ولكن الإشكالية الحقيقية هي المديونيات الكبيرة لدى الجهات الحكومية ومن ثم عدم تسديدها، وهذا هو ما يجب أن يكون محل التناول، وعلى سبيل المثال: تقوم الحكومة أولاً بمعرفة عدم سداد الجهات الحكومية مديونياتها لشركة النفط، وثانياً إذا كان هناك إشكالية تقوم بمعالجتها بجدية ومن ثم إلزام الجهات بالتسديد أو كما أشرنا سلفاً تخاطب وزارة المالية وتحملها مسؤولية سداد الجهات من مخصصاتها وتوريدها إلى حساب شركة النفط.

وخلص الدكتور الصبري إلى أن المسألة في شكلها ومضمونها الكلي، إدارية بحتة لا أقل ولا أكثر والحكومة تتحمل مسؤولية دراستها ومعالجتها بجدية مع ضمان عدم حدوث أي أثر سلبي على أي طرف كان ومن منطلق أنها المعنية والمسؤولة، لكن غياب المسألة والرؤية الإدارية للحكومة، أوصل الحال إلى هذا المستوى، ولذلك يتوجب على الحكومة الراهنة وكذلك التي ستأتي، أن تتعامل مع المسألة والرؤية الإدارية بجدية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد