البحث عن العدالة في اليمن

2014-01-09 16:48:30 د. حسن علي مجلي*


يتكبد المواطن اليمني خلال حكمه مشقة التقاضي وأغواره في جهاد مرير عبر المراحل القضائية المختلفة، وبعد أن يظفر بعد طول عناء ومعاناة بحكم يدحض الباطل ويعيد الحق المغتصب، حيث يعلو صوت القاضي عند النطق بالحكم: بسم الله وباسم الشعب. حكمت المحكمة بـ(...)، ثم يقرأ منطوق الحكم ويتم تذييله بالصيغة التنفيذية التالية:

"بقوة الشرع والقانون فإن السلطة القضائية تقرر فرض تنفيذ هذا السند التنفيذي جبراً، وعلى السلطة العامة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة المسلحة متى طلب قاضي التنفيذ منها ذلك".

حينها يظن المحكوم له فرحاً أن الظلم الواقع عليه قد زال بحصوله على حكم قضائي واجب النفاذ، وأنه بموجبه وبناءً على هذه الصيغة التنفيذية، ستؤول إليه حقوقه المسلوبة منه بدون أي عناء، كما يحدث في كافة البلدان التي تتفيأ ظلال سيادة القانون، وتنعم بالديمقراطية.

ولكن المواطن المحكوم له يفاجأ بما ليس في الحسبان وخارج عن الاعتبار، وهو وجود عقبة كؤود هي أن الجهات الحكومية ومؤسسات الدولة المحكوم عليها، تحول دون تنفيذ الحكم أو تعمل على تعطيل هذا التنفيذ. وهكذا يبدأ المواطن مرحلة جديدة من الكفاح في مواجهة هذا الإهدار الماحق لأحكام القضاء.

ليس فقط جرحى الثورة من يعاني من الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، بل إن المحكوم لهم ضد الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة، في اليمن، منذ قيام الحكم العسكري القبلي فيها، يصيبهم الإعياء واليأس في رحلتهم الشاقة لمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحهم، وتتكدس أوامر وقرارات القضاء ورسائل وزير العدل ورؤساء المحاكم الموجهة إلى رئيس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي، تطلب منهم أن يأمروا جهات الحكومة والقطاع العام والمختلط بتنفيذ الأحكام القضائية، ولكنها بعد أن تلاحظ عدم استجابة هؤلاء للقرارات والأوامر والطلبات القضائية، تمعن في تحدي أحكام القضاء بالامتناع عن تنفيذها أو رفض التنفيذ صراحة، بعضها يتبع أسلوب المماطلة، والبعض الآخر يلجأ إلى إبداء مبررات أو أعذار واهية تبرقع وجهها بـ"كيس المصلحة العامة"، أو تلبس رداء القانون، وهو منها براء.

إن الموظف، مهما كان منصبه، الذي يرفض الانصياع للقانون، ويمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضده، هو الذي وصفه أحد المصلحين الكبار قائلاً عنه إنه:

"يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحاكم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب والمعتدي، فيضع كعب رجله في أفواه ملايين من الناس لسدها عن النطق بالحق، والتداعي لمطالبته". [الكوالبي].

* أستاذ العلوم القانونية - جامعة صنعاء

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد