إب.. محافظة أثقل كاهلها الفساد

2014-01-21 12:35:58 تقرير خاص/ محمود الحمزي


كثيرة هي المسيرات والوقفات الاحتجاجية وتنظيم الجمعات المتتالية بمحافظة إب والمطالبة بإقالة السلطة المحلية بمحافظة إب, فمنذ أكثر من 6 أشهر وشباب الثورة ومعهم الآلاف من المواطنين يطالبون بإحلال التغيير وإيقاف العبث الجاري داخل المكاتب التنفيذية بمحافظة إب وسط صمت مخزٍ للسلطة المحلية والمخولة بوضع حد للفساد المالي والإداري والمستشري كسرطان خبيث لا يرحم هذه المحافظة التي قدمت لأجل الثورة والتغيير الكثير والكثير..

 الفساد وتردي الخدمات العامة وانهيار الصحة وإيقاف التنمية وتعثر المئات من المشاريع وفشل الكثير منها، كل ذلك وأكثر نتيجة فساد المجلس المحلي بالمحافظة وقيادتها التي قدمت الولاءات الضيقة على المصلحة العامة.


المشاريع المتعثرة في المحافظة
يتندر أبناء المحافظة من فساد السلطة المحلية وعدم الاهتمام بالمشاريع الخدمية والعامة وإهمالها حتى تعثرت الكثير منها. يتندرون بوصف إب عاصمة المشاريع المتعثرة, فقد بلغ إجمالي المشاريع المركزية والمتعثرة على مستوى المحافظة بحسب وثيقة صادرة لجنة إعداد خارطة الخدمات التنموية وحصلنا عليها ( 38) مشروعاً متعثراً, منها 7 مشاريع فقط في الأشغال العامة والطرق بتكلفة 9,512,483,214 و10 مشاريع متعثرة أيضا في الأشغال العامة والطرق الداخلية بتكلفة تصل إلى 16,900,690.346 وفي الزراعة والري 16 مشروعاً بتكلفة 318,768,253 وفي التعليم الفني والتدريب المهني 5 مشاريع بتكلفة 1,107,837,143 في ريف إب ويريم والرضمة والشعر وفرع العدين .

أما المشاريع المتعثرة على مستوى مديريات المحافظة؛ ففي الأشغال العامة بحسب الوثيقة التي حصلنا عليها تعثر 8 مشاريع في مديريات المحافظة بتكلفة 325,423,232 في مديرات حبيش والقفر والحزم والظهار وأيضاً مركز المحافظة ، وفي مجال التربية والتعليم بلغ عدد المشاريع المتعثرة 90 مشروع وبتكلفة 2,667,207,656 في مديرية يريم وريف اب وحبيش وذي السفال والسبرة والشعر وبعدان والظهار والعدين والمخادر والقفر والمشنة والنادرة وجبلة ، وفي قطاع الصحة والسكان تعثر 5 مشاريع بتكلفة 95,301,000 ريال في مديرية الفرع والرضمة ومذيخرة ، وفي قطاع الزراعة والري تعثر 7 مشاريع بتكلفة 240,176,215 ريال في مديرية المخادر والسبرة والشعر والظهار، وهنالك الكثير والكثير من المشاريع في الخطة الاستثنائية أيضا متعثرة ولم ترَ النور وما خفي كان أعظم.


شوارع محفرة وطرق للموت والإعدام
من يزور مدينة إب ويجد شوارعها يستغرب أن مثل هذه الشوارع تمثل عاصمة المحافظة ويقول إذا كان حال شوارع المدينة, فكيف الحال سيكون في المدن الثانوية للمحافظة ومديرياتها وقراها المتناثرة في بطون الأودية وجبالها ، شوارع المدينة خير شاهد أمام المواطن البسيط على فساد قيادة المحافظة وكثير ما تجد حديث الناس في الشارع عن الحفر التي تصل لعشرات الآلاف داخل المحافظة، خصوصا وأن أبناء المحافظة عاينوا وعايشوا في 2007 م كيف اقتلعت السيول والأمطار الشوارع داخل المدينة وفي منطقة مشوره وقحزة بعد أيام قليلة جدا من افتتاحها أثناء الاحتفالات بالعيد السابع عشر للوحدة ، ومع كل تلك الفضيحة لم تقال أو تحاكم الأيادي المتسببة بالفساد وإهدار المال العام بل تم اعتماد خطة جديدة وبمبلغ مائة مليار ريال إضافية للمبالغ السابقة ، ولقد رفعت لجنة من مجلس النواب عقب تلك الفضيحة رفعت تقرير خلص إلى أن ما أنفق على مشاريع العيد الـ (17) للوحدة بلغ خمسة مليارات ريال وحينها كان معتمداً للمشاريع من قبل الحكومة 84 مليار ريال وتم إهدار 79 مليار ريال من أموال الشعب.

صندوق النظافة" الصندوق الأسود"
لا أحد من أبناء المحافظة يختلف على تسمية صندوق النظافة بالصندوق الأسود نتيجة العوائد التي يستفيد منها الصندوق والمسؤولون الكبار فيه ، بينما عمال النظافة عانوا فساد إداراتهم المتعاقبة الكثير والكثير وهم من يقوم بمهمة النظافة داخل المدينة ، ووحدة المواطن من "يتكعف" رسوم متعددة باسم هذا الصندوق, فلا تخلو أي فاتورة من رسوم تسمى " رسوم النظافة", فتجدها في الكهرباء والماء والهاتف وعلى أصحاب البقالات والمكاتب والقطاع العام والخاص ولا أحد يتخلى عن دفعها ، ولا يوجد داخل هذا الصندوق أي شفافية ووضوح في عملية إنفاق الموارد المالية العائدة إليه ، ولقد تسبب هذا الصندوق بتفجير أزمة كبيرة بين وزير المالية والسلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالأمين العام أمين الورافي بعد قرار حكومي ألزم بتوريد المبالغ المالية القادمة للصندوق إلى المالية ورفضت السلطة ذلك خصوصا بعد اعتماد الحكومة قرار سابق بتوظيف وتثبيت عمال النظافة وهو الأمر الذي عرقلته السلطة المحلية مراراً وتكراراً وكادت تلك الأزمة بين الوزير والأمين العام أن تنعكس على المحافظة لولا مراجعة السلطة المحلية لموقفها من إقالة المدير السابق ، وفي الآونة الأخيرة صندوق النظافة تجده مشغولاً بالتهاني واللوحات الدعائية للسلطة المحلية والتي ليست من مهامه ولا يجوز إنفاق أموال الصندوق فيها ، وتجد الصندوق يقوم بحملات نظافة في أماكن كجامعة إب مثلاً, فحينما كان مدير الصندوق يحتفل باختتام حملته كانت أغلب أماكن الجامعة غير نظيفة وفيها مستنقعات مائية يتكاثر فيها البعوض وغيرها ، وكثير من المهام والأعمال التي يقوم بها الصندوق وليست من مهامه ، ومن يدخل الشوارع الفرعية يجد القمامة تتكدس وتنبعث منها الروائح بشكل غير مسبوق ويكتفون بنظافة الشارع العام ، ويقوم الصندوق بجباية الأموال أثناء تأجير أرصفة الشوارع ويعتبرها موسماً للهبر والفساد.

فشل ذريع للسلطة المحلية بالمحافظة
من ينظر لأداء السلطة المحلية خلال السنوات الماضية يجد الفشل والانحدار غير مسبوق في كافة المهام والمهام المنوط بها تحقيقها, فمنذ مشاريع العيد السابع عشر للوحدة ومن ثم الخطة الاستثنائية للمحافظة والتي أتت بعد مشاريع العيد السابع عشر للوحدة وعجز السلطة المحلية عن تحقيق أي تنمية للمحافظة وفشلها الذريع في استثمار إب كمحافظة سياحية تستطيع أن تنهض بالمحافظة اقتصادياً وكذلك التدهور المريع للعملية التعليمية بالمحافظة يجعل المواطن البسيط يستطيع أن يحكم على السلطة المحلية بالفشل الذريع ولعل نشرنا لتقارير سابقة في أعداد ماضية في الصحيفة بالأرقام وأسماء المشاريع المتعثر خير دليل على أن هذه السلطة أفسد سلطة مرت على محافظة إب منذ عقود من الزمن ، ولعل من أبرز الأسباب التي أوصلت الفساد في المحافظة حد لا يطاق, هو غياب التخطيط الدقيق والسليم وفق خطة عمل واضحة محددة زمان ومكانا، وكذا تنفيذ قيادة المحافظة لمهام وأعمال خارج مهامهم واختصاصاتهم وعدم تحييد الوظيفة العامة وانحصار عمل السلطة المحلية في الغالب على العمل الحزبي والسياسي وتقديم المصالح والولاء الحزبي على مصالح المواطنين والوطن.

التخلي عن المسؤولية
تجلت ظاهرة التخلي عن المسؤولية لقيادة محافظة إب بالعديد من المواطن والأماكن, حيث ضعف الاهتمام بشئون الناس ومشاكلهم, فمثلاً تجد شوارع عاصمة المحافظة بها عشرات الآلاف من الحفر والخراب الذي جعلها طرق شبه ترابية والسلطة المحلية لا أثر لها بمعالجة قضية كهذه يتعامل معها المواطن والموظف والصغير والكبير بشكل يومي ، وتجد المواطنين لقمة سائغة وفريسة سهلة أمام النافذين وناهبي الأراضي ومهرجان القتل المستمر منذ توليها السلطة خير شاهد والمحاكم بها آلاف القضايا التي تشكلت في غياب دور السلطة المحلية في حل قضايا الناس وبسط نفوذ الدولة وتنفيذ القانون على الجميع ، ومن يمعن النظر داخل مدينة إب مركز المحافظة يجد الفوضى في أعلى درجاتها فلا تنظيم للأسواق ولا أثر للمرور ولا زيارات مفاجئة للقطاع الصحي خصوصاً مستشفى الثورة وناصر والأمومة وكذلك مستشفيات القطاع الخاص, حيث المسالخ البشرية واستحلاب أموال الناس في ظل ضمائر غائبة.. هذه الفوضى التي تتوزع في جميع مناحي الحياة تشعرك والمواطن العادي بأنك أمام محافظة بلا قيادة وبلا إدارات تنفيذية أو أي وجود للدولة.

تأجير الطرقات والأرصفة
إب لا يمكن أن تشابهها أي محافظة, حيث يتم تأجير أرصفة الشوارع وأغلب الطرقات وتزاد هذه الظاهرة بصورة فجة وغير مسبوقة أثناء المواسم والأعياد المختلفة كونها تعد مورداً هاماً للفاسدين وناهبي المال العام ولا يمكن أن تجد في القانون شيئاً يجعل السلطة تفرض رسوماً على الأرصفة والطرقات ، ويتسبب تأجير الأرصفة بجعل الطرق الرئيسة بيئة مناسبة للزحام والحوادث وأيضاً أكل أموال البسطاء أصحاب العربيات بدلاً من إيجاد أماكن عامة ومخصصة لمثل هذه التجارة كما في بقية المحافظات، ففي وسط المدينة (المركزي) بمختلف التفرعات لكل شوارع المدينة تجد تأجير الرصيف ظاهرة حتى اللحظة ويمكن لقيادة المحافظة أن تخرج لزيارتها في أي وقت وستجد العجب العجاب وكيف هي استغلال حاجة الناس.

العبث والفساد في مكاتب المحافظة
المكاتب التنفيذية بالمحافظة لا تؤدي دورها كما يجب بل إن تلك المكاتب تحولت إلى وكر من أوكار الفساد والجباية والعبث بالمال العام, فمكتب التربية والصحة والعديد من المكاتب تعاني من غياب متكرر لمدراء تلك الإدارات بحجة سفريات وأعمال جانبية وتؤثر على مسار تلك المكاتب، بل تجد المركزية الشديدة مع غيابهم فلا هم تواجدوا بالمكاتب حتى يمرروا معاملات الناس ولا قاموا بإنابة آخرين كي يقضون حاجات الناس, فأغلب المعاملات لا تبت حتى ينتظر المتابع لسيادة المدير حتى يعود من سفرياته المتعددة وحينما يحضر لا يزيد وقت حضوره عن ساعة وأحياناً أقل من ذلك..

 وهكذا مكاتب إب وسيلة لتطفيش وتضنيك الناس وكل ذلك لغياب دور السلطة المحلية في الرقابة والمتابعة وضياع الضمير الذي بيع بثمن بخس في هذه المحافظة المنكوبة بمسؤوليها.

ويغيب التقييم الدوري والمفاجئ لهذه المكاتب من قبل السلطات القائمة على إدارة المحافظة, فلم نسمع عن تقيم واسع ومكافأة أو معاقبة أحد، بل لم نسمع عن إحالة أي فاسدين إلى نيابة الأموال العامة بالمحافظة، وكأن المحافظة بلا فساد ولا فاسدين وطاهرة مطهرة من العابثين بالمال العام.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد