حقوق الإنسان في زمن هادي.. استمرار الانتهاكات وإخفاق في مواجهة التحديات

2014-01-27 12:27:28 أخبار اليوم/ تحرير خاص


انتقد منظمة هيومن رايتس ووتش إخفاق الحكومة الانتقالية في التصدي لتحديات حقوق الانسان واتهمتها بالاستمرار في ممارسة الانتهاكات. وقالت في تقرير حديث لها أن الحومة الانتقالية الهشّة التي أعقبت حكم الرئيس/ علي عبد الله صالح في عام 2012 إبان احتجاجات شعبية، في التصدي لتحديات حقوق الإنسان العديدة, استمرت في عام 2013 الانتهاكات المرتبطة بالنزاع، والتمييز ضد المرأة بموجب القانون، والإعدام بأحكام قضائية لأحداث، وعدم المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة".

وتحدثت المنظمة الدولية في التقرير العالمي 2014، وهي الطبعة الرابعة والعشرون من هذا التقرير السنوي، الصادر هذا العام في 667 صفحة، تلخص "هيومن رايتس ووتش" قضايا حقوق الإنسان الأبرز في أكثر من 90 بلداً, وتدشنه اليوم الاثنين.- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- عن أزمة إنسانية متصاعدة يواجهها اليمن، مع افتقار نصف السكان تقريباً للغذاء الكافي، بحسب تقديرات وكالات الأمم المتحدة.

التقرير يشير إلى استمرار المصادمات بين قوات الأمن والفصائل المسلحة التي تطالب بقدر أكبر من الحكم الذاتي لجنوب اليمن، وبين الجماعات السلفية والقبائل المسلحة والحوثيين في الشمال.. استمرت الحكومتان اليمنية والأميركية في عمليات عسكرية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويقول: في 5 ديسمبر/ كانون الأول وقعت هجمات انتحارية أعلنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤوليتها عنها ثم أنكرتها، على مجمع وزارة الدفاع، ما أودى بحياة 52 شخصاً على الأقل وإصابة 161 آخرين.. من بين القتلى ما لا يقل عن سبعة أطباء وممرضين أجانب يعملون بالمستشفى العسكري داخل المجمع.

المحاسبة
في هذا الجانب يفيد التقرير أنه في عام 2012 منح البرلمان اليمني الرئيس صالح ومساعديه حصانة من الملاحقة القضائية، ولم يسن بعد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي آليات لكفالة المحاسبة على انتهاكات الماضي.

ورغم أنه في سبتمبر/أيلول 2012 قرر الرئيس هادي تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في الانتهاكات المزعوم وقوعها أثناء انتفاضة 2011 والتوصية بمحاسبة الجناة وإنصاف وتعويض الضحايا.. لكن وبعد أكثر من عام، ما زال لم يرشح أعضاء اللجنة.

ويصف التقرير القانون الذي عرضه هادي للعدالة الانتقالية على البرلمان في يناير/كانون الثاني بأنه معيب للغاية، ورغم ذلك لم يمر مشروع القانون بعد.. كما لا يمنح مشروع القانون للضحايا إنصافاً قضائياً، بل يشتمل على برنامج لتعويض الضحايا لا أكثر، يقتصر على أحداث 2011.

ويضيف" بدأت في سبتمبر/ أيلول 2012 محاكمة 78 مدعى عليهم – وليس بينهم المشتبهون الرئيسيون – بالاعتداء القاتل على الانتفاضة، وخلاله قتل مسلحون موالون للحكومة 45 متظاهراً وأصابوا 200 آخرين، يوم 18 مارس/آذار 2011".

ويؤكد أن المحاكمة شابتها تدخلات سياسية والإخفاق في متابعة خيوط الأدلة التي قد تكشف تورط مسؤولين حكوميين، وشابت المحاكمة أخطاء في الوقائع. في أبريل/نيسان 2013 أمر قاضي تحقيق النيابة بمعاودة التحقيق مع الرئيس السابق صالح و11 من كبار معاونيه على صلة بالواقعة.
هجمات الجماعات المسلحة

وفيما يخص هجمات الجماعات المسلحة رصدت هيومن رايتس ووتش عشرات التفجيرات القاتلة وغيرها من الهجمات على قوات الأمن اليمنية التي نفذتها القاعدة في شبه الجزيرة العربية.. وأفادت باحتجاز هذه الجماعة الإسلامية العديد من الأجانب لطلب الفدية، وأفرجت عن أغلبهم بعد أسابيع أو شهور، لكن استمرت في احتجاز الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي، الذي تم اختطافه في مارس/آذار 2012.

وفي هذا الصدد ذكرت ووتش أن الولايات المتحدة نفذت ما لا يقل عن 22 ضربة بطائرات بدون طيار، على من يُزعم أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وذلك حتى أواسط سبتمبر/أيلول، طبقاً لتقديرات "مؤسسة أميركا الجديدة" ومكتب التحقيقات الصحفية ومقره المملكة المتحدة.

وقالت: قتلت الغارات ما بين 72 و139 شخصاً، أغلبهم يُزعم أنهم مسلحون متشددون، لكن الافتقار للقدرة على الوصول إلى أغلب المناطق المستهدفة وعدم استعداد الولايات المتحدة لتوفير معلومات بشأن الهجمات، منعت إجراء تحقيقات كاملة، بما في ذلك تحقيقات في الخسائر اللاحقة بالمدنيين.

وبحسب التقرير توصل تحقيق أجرته "هيومن رايتس ووتش" في ست عمليات قتل مستهدف أمريكية في اليمن – عملية في 2009 والبقية في 2012 و2013 – إلى أن هجمتين كانتا ذات طابع غير قانوني وعشوائي لا يميز بين مدنيين ومقاتلين، مع إثارة العمليات الأربع الأخرى لتساؤلات جدية إزاء الالتزام بقوانين الحرب.
استخدام الألغام غير القانوني

وانتقد التقرير استخدام اليمن- الذي يعد طرفاً في معاهدة حظرها- للألغام والتساهل في التحقيق في القضايا المثبتة والمتورط فيها الحرس الجمهوري.. "في مايو/أيار 2013 وثقت" هيومن رايتس ووتش" استخدام الألغام المضادة للأفراد، بحسب المزاعم من قبل الحرس الجمهوري في بني جرموز، وهي منطقة تقع شمال شرقي العاصمة صنعاء، في عام 2011. أدت الألغام إلى وفاة واحدة على الأقل و14 إصابة لحقت بمدنيين، بينهم 9 أطفال". قال التقرير عن اليمن الدولة الطرف في معاهدة حظر الألغام، والذي جدد في اجتماع المعاهدة في جنيف في مايو/أيار التزامه بالمعاهدة ووعد بالتحقيق في هذه الادعاءات، وتعهد بالتصدي للمشكلة من خلال نزع الألغام ومساعدة الضحايا. وأشار إلى إنشاء وزارة الدفاع لجنة للتحقيق في مزاعم استخدام الألغام وتحديد منطقة زرعها، لكن حتى سبتمبر/أيلول كانت اللجنة لم ترسل بعد فريق تقييم إلى المنطقة.
الهجمات على العاملين بمجال الصحة

"هيومن رايتس ووتش" في حديثها عن الهجمات على العاملين في مجال الصحة.. أوضحت أن العاملين بمجال الصحة والمنشآت الصحية يكافحون لحماية أنفسهم من الجماعات المسلحة, أفادت "أطباء بلا حدود" بوقوع 18 هجوماً مختلفاً على العاملين بالمجموعة في عمران خلال العام الماضي، واشتملت الهجمات على إطلاق النار وتهديدات واعتداءات بدنية على العاملين بالمجال الصحي.
الأطفال والنزاع المسلح

وفقاً للتقرير العالمي 2014، الذي يلخص قضايا حقوق الإنسان الأبرز في أكثر من 90 بلداً فإنه خلال السنوات الأخيرة وثقت "هيومن رايتس ووتش" حالات لمشاركة أطفال في القتال مع قوات عسكرية حكومية كالحرس الجمهوري. ففي يونيو/حزيران 2012 أفادت يونيسف اليمن بعدة حالات لتجنيد أطفال في صفوف القوات المسلحة اليمنية وفي صفوف جماعة أنصار الشريعة المسلحة، وهي من الجماعات التابعة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وفي سبتمبر/أيلول أعلن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالأطفال أن الحكومة وافقت على خطة عمل لإنهاء تجنيد واستخدام الأطفال في القوات المسلحة الحكومية. وفي عدن، في الفترة من فبراير/شباط إلى يونيو/حزيران، منع الحراك الجنوبي – وهي مجموعة تضم حركات تسعى لاستقلال جنوب اليمن أو حكمه ذاتياً – نحو 50 ألف طفل من الذهاب للمدارس أيام الأربعاء والسبت حتى يشاركوا في حملة عصيان مدني. كما تعرض ما لا يقل عن 12 مدرسة في عدن لهجمات مسلحة أثناء الحملة من قوات الحراك، وتعرضت بعضها للاعتداء عدة مرات. في سبتمبر/أيلول تم استئناف حملة العصيان المدني، لكن اتفق منظموها على إعفاء المدارس، فسمحوا للطلاب بارتياد المدارس حتى في يوم الإضراب العام الأسبوعي.
عقوبة إعدام الأحداث

تنتقد المنظمة الدولية قانون 1994 القاضي بحظر عقوبة الإعدام على الأحداث (أي شخص تحت 18 سنة وقت وقوع الجريمة), وتقول: على مدار السنوات الخمس الأخيرة نفذ اليمن عدة عمليات إعدام لأفراد كانوا أطفالاً وقت وقوع الجرائم التي حوسبوا عليها. وأن هناك 22 حدثاً على الأقل يُحتمل أن يكونوا بين المدانين بجرائم قتل على ذمة الإعدام في سجن صنعاء المركزي، وفي سجون إب وتعز والحديدة وعدن.

وتؤكد أن انخفاض معدل تسجيل المواليد في اليمن يعني أن الأفراد المتهمين كثيراً ما لا تتوفر لهم شهادات ميلاد لتحديد أعمارهم, فضلاً عن ذلك لا يتبع كل القضاة القانون الذي يحظر إنزال أحكام الإعدام بالأحداث.

وتقول إنه في يونيو/حزيران 2013 أنشأت وزارة العدل اليمنية لجنة لخبراء الطب الشرعي لتقييم عمر الشبان المتهمين في جرائم كبرى، في الحالات التي بها شك في أعمارهم. وأن اللجنة تمثل محاولة للتصدي لمشكلة أحكام الإعدام للأحداث، لكنها تعتمد حصراً على الطب الشرعي، والذي يعاني من هامش خطأ كبير، طبقاً لدراسات نفذتها الحكومة الهولندية والكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال وصحة الطفل. وما زالت هناك حاجة إلى التقييمات الاجتماعية لكي تكمل الصورة التي ترسمها أدلة الطب الشرعي، وتشتمل على مراجعة أوراق مثل سجلات المدارس وإجراء مقابلات مع السكان.
حقوق النساء والفتيات

لا يختلف الحال أيضا بالنسبة للنساء في اليمن اللاتي يعانين وفقاً لتقرير ووتش من تمييز كبير في القانون والممارسة. لا يمكن للمرأة الزواج دون إذن ولي أمرها، وليس متاحاً لها نفس حقوق الطلاق أو الميراث أو حضانة الأطفال المتوفرة للرجل. كما أن عدم توفر الحماية القانونية للمرأة يعرضها للعنف الأسري والجنسي. وما زال زواج الأطفال ظاهرة منتشرة مع إبلاغ الأطباء والإعلام بوفيات لزوجات أطفال تصل أعمار بعضهن ثماني سنوات، إثر ليلة الزفاف أو أثناء الولادة. ليس في القانون اليمني سناً دنياً للزواج.
الاعتداءات على الصحفيين

الاعتداءات على الصحفيين مثلت في زمن هادي حالة صارخة ومتزايدة رغم مساحة الحرية التي حظي بها العاملين في حقل الصحافة. وذلك وفق لـ" هيومن رايتس" التي تفيد في تقريرها أنه منذ تولي الرئيس هادي منصبه، خففت السلطات من سيطرتها الرسمية على الإعلام، وإن احتفظت بالقيود القانونية المطبقة. لكن طرأت زيادة في الاعتداءات على الصحفيين والمدونين من قبل السلطات ومناصريها، ومن قبل الجماعات المسلحة ومنها جماعات موالية لصالح، والحوثيين، والمتشددين دينياً.

فخلال النصف الثاني من 2013 سجلت مؤسسة الحرية، وهي منظمة يمنية تراقب حرية الصحافة، 144 هجوماً على 205 أشخاص يعملون بالإعلام، ومنها اعتداءات لفظية ومضايقات ومصادرات وملاحقات قضائية مسيسة وعمليات إخفاء قسري وأعمال قتل.

وتضيف" بشكل عام لم تقم الحكومة بإدانة هذه الاعتداءات أو هي حققت فيها، ولم تحاسب الجناة أو اتخذت إجراءات لحماية الصحفيين".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد