تقرير أممي يتغاضى عن الحجم الحقيقي لانتهاكات الحوثي ضد الأطفال

الأطفال المهجّرون من دمّاج يواجهون تأثيرات نفسية في ظل غياب الرعاية

2014-01-27 12:36:11 كتب: محمد الأحمدي


يعاني آلاف الأطفال المهجرين قسرياً من منطقة دماج بمحافظة صعدة شمال اليمن ظروفاً نفسية شديدة الصعوبة تحت تأثير الحرب والحصار الذي شنته مليشيات الحوثي على المنطقة على مدى ثلاثة أشهر، وازدادت ظروفهم سوءاً في ظل التشرد وغياب أي رعاية صحية من طرف السلطات اليمنية أو جهات أخرى.

وكشفت عائلات أطفال مهجرين قسراً من دماج عن استمرار معاناة أطفالها الذين وقعوا تحت تأثير تجارب صادمة عاشوها مجتمعة جراء القصف والحصار وسوء التغذية والفقر الشديد، ومشاهدة أعمال العنف المختلفة، وفقدان بعض أقربائهم، أو افتراقهم عن أهلهم، وانتهت بالإجبار على النزوح.

ولم تحظ جريمة التهجير القسري لآلاف السكان في دماج والطلاب السلفيين الدارسين بدار الحديث بأدنى اهتمام من طرف السلطات اليمنية أو الهيئات الأممية الإغاثية أو المنظمات الحقوقية العاملة في اليمن.


وكان تقرير صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة (S/2013/383)، نشر أخيراً، تحدث عن مقتل طفلين فقط على أيدي مليشيات الحوثي خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة، مقابل ٨٩ حالة بين قتيل ومصاب على يد القوات المسلحة اليمنية بالإضافة إلى مقتل 13 طفلاً وإصابة 16 آخرين على أيدي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وجماعة أنصار الشريعة، ومقتل طفل واحد وإصابة 6 آخرين على أيدي مجموعة الحراك الجنوبي المسلحة، حسب التقرير.

غير أن ناشطين يمنيين استغربوا ضآلة الأرقام التي أوردها التقرير الأممي بالنسبة للضحايا الأطفال على أيدي مليشيات الحوثي، في الوقت الذي وثقت منظمات حقوق الإنسان اليمنية، من بينها منظمة "وثاق" للتوجه المدني, مقتل ما لا يقل عن 49 طفلاً وإصابة 136 آخرين على أيدي مسلحي الحوثي في صعدة خلال الفترة 2004 - 2011، بالإضافة إلى 9 أطفال وإصابة 23 آخرين خلال أحداث الهجوم الأخير لمليشيات الحوثي على منطقة دماج، وهناك على الأقل 3 أطفال قتلى و7 جرحى بترت أطرافهم في محافظة حجة غربي اليمن نتيجة الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي خلال هجماتها المتقطعة على المحافظة.

وعزا ناشطون يمنيون ركاكة المعلومات حول انتهاكات جماعة الحوثي إلى وقوع بعض الهيئات والمنظمات الدولية والحقوقية في اليمن تحت تأثير حملات التضليل التي تمارسها جماعة الحوثي من خلال بعض أنصارها العاملين في هذه الهيئات والمنظمات، في حين يعترف التقرير المشار إليه والصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة منتصف العام الماضي حول الأطفال والنزاع المسلح في اليمن بأن الأمم المتحدة "لا تزال تواجه وشركاؤها تحديات في رصد الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثيين المسلحة بوجه عام".

وجاء في التقرير بأن أعمال الرصد والإبلاغ واجهت في عام ٢٠١١ مصاعب ﻻ تعود إلى استمرار الاضطرابات الأهلية واحتدام النزاع المسلح فحسب، بل أيضاً إلى غياب آلية للرصد والإبلاغ منشأة ﺑصفة رسمية".

وأضاف "ﺗﻀﺎﻓﺮﺕ ﻋﺪﺓ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻟﺘﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﻋﻠـﻰ جمع المعلومات ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻧـﺎﺕ، ﻭﻣﻨﻬﺎ الحالة ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ الدولي، ﻭﺿﻴﻖ الهامش المتاح ﻟﻮﺻﻮﻝ المساعدات ﺍﻹﻧـﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻧﻘﺴﺎﻡ ﻣﻨﻈﻤـﺎﺕ المجتمع المدني، ﺍﻷﻣـﺮ ﺍﻟـﺬﻱ ﻛـﺎﻥ ﻟـﻪ تأثير سلبي ﻋﻠـﻰ ﻋﻤـﻞ ﺷـﺮﻛﺎﺀ ﺍﻷﻣـﻢ المتحدة المنفذين".

ﻭﻋـﻼﻭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺫﻟـﻚ، "ﻛـﺎﻥ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺼﻌﺐ ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡ ﺑﺮﺻـﺪ ﺍﻻﻧﺘـﻬﺎﻛﺎﺕ الجسيمة لحقوق الطفل والإبلاغ عنها في المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون في محافظة صعدة، بسبب التضييق على العمل الإنساني، وكذلك بسبب النظرة الاجتماعية المتساهلة، حيث ينظر الأهالي إلى ارتباط الأطفال بجماعة الحوثي باعتباره واجباً ملقى عليهم ليدافعوا عن حوزة أرضهم ويدفعوا العدو عن أنفسهم وذويهم، ولا يرون في ذلك انتهاكا لحقوق الأطفال".

التقرير يعد أول تقرير يتناول بالتحديد حالة الأطفال والنزاع المسلح في اليمن، ويشمل الفترة من يوليو 2011 إلى مارس 2013، وتضمن معلومات تفصيلية عن الأحداث التي تندرج ضمن الأصناف الستة للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها في اليمن على الأطفال كل من القوات والجماعات المسلحة..

 وأصناف الانتهاكات هذه هي تجنيد الأطفال واستخدامهم، والقتل والتشويه، والاغتصاب وغيره من أعمال العنف الجنسي الجسيمة، والاختطافات ومهاجمة المدارس، والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

ويقول التقرير- الذي قُدم إلى الفريق العامل التابع لمجلس الأمن المعني بالأطفال والنزاع المسلح- إن حقوق الطفل في اليمن لا تزال عرضة للانتهاكات الجسيمة، في ظل العديد من التحديات التي لا تزال تواجه البلد، حيث لم تُترجم العملية السياسية بعد إلى استقرار مستتب ومكاسب أمنية في جميع المناطق.

يشار إلى أن التقرير حدد أطراف النزاع المسئولة عن الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال، بـ: القوات المسلحة اليمنية، المليشيات القبلية الموالية للحكومة، جماعة الحوثيين المسلحة، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وجماعة أنصار الشريعة.

ووفقاً لآخر تقرير طبي أصدره مستشفى دماج الريفي مطلع يناير الجاري، بلغ عدد القتلى في صفوف الأطفال دون سن 17 سنة في منطقة دماج برصاص مليشيات الحوثي 29 طفلاً، بينما وصل عدد الجرحى في نفس السن إلى 71، ورصد التقرير 41 حالة إجهاض بسبب القصف والحصار، بالإضافة إلى 8 حالات وفاة لأجنة خلال ولادة متعسرة و292 حالة إسهال حاد تحول إلى جفاف بسبب نقص أو انعدام الدواء.

وكانت منظمة سياج لحماية الطفولة في اليمن أكدت- في بيان لها أواخر أكتوبر الماضي 2013- بأن مركز الرصد التابع للمنظمة وثق مقتل وإصابة أكثر من 20 طفلاً وطفلة من أصل 120 شخصاً سقطوا برصاص مليشيات الحوثي خلال هجومها على منطقة دماج.

وأدانت المنظمة "العجز الحكومي الكامل تجاه مجازر الإبادة الجماعية التي ترتكب في منطقة دماج بمحافظة صعدة نتيجة الحرب الدائرة بين جماعة الحوثي وأهالي المنطقة"، وتحدثت عن تدمير مدرستين ومصحة وشبكة المياه ومنع طواقم الإسعاف والإغاثة الإنسانية من الوصول إلى الضحايا، معتبرة ما يحدث بأنه "إبادة جماعية".

وكانت منظمات محدودة دانت عمليات التهجير القسري لمواطني دماج والطلاب الدارسين في دار الحديث، من بينها منظمتا هود ومنظمة صحفيات بلا قيود، اعتبرتا أن ما حدث من اتفاق يقضي بتهجير السلفيين من دار الحديث في محافظة صعدة مخالفا لكل القوانين والأعراف الدولية التي تجرم تهجير السكان قسرا لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية.

وأدانت المنظمتان بشدة هذه الخطوة وحذرتا في بيانين منفصلين من خطورة ذلك على النسيج الاجتماعي الوطني.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد