بعد أن استغلت قوى تقليدية مطالبهم لتحقيق أجندات خاصة

شباب الثورة.. أمل التغيير المختطف

2014-02-03 08:28:29 تقرير خاص/ وليد عبد الواسع


ظلت النظرة التي ارتسمت نحو الشباب والمستقل تحديداً على أنهم الأمل الوحيد للتغيير الحقيقي ومن يمثل صوت التطوير في البلد باعتبارهم القوة والمحرك الأساسي لإحداث هذا التغيير.. لكن المؤسف أن شباب اليمن الثائر الذي عانى قبل ثورة فبراير 2011م من الإقصاء بدا اليوم أكثر وجعاً من ذي قبل, حيث تراجع تأثير حركتهم كثيراً, ولم يلقوا من الاهتمام قدراً ولو ضئيلاً, مما جعلهم مجهولين مقصيين ونشاطهم بعيداً عن الأضواء.. ليس ذلك فقط بل تم تجاهلهم مطالب الشباب, بينما سيطرت قوى تقليدية اختطفت الثورة الشبابية لتحقيق مكاسب خاصة..


مثلت الحركة الشبابية المحرك الأساسي لاحتجاجات 2011 في اليمن, فقد نظم أفراد من الناشطين المستقلين عن طريق أندية الإنترنت المفتوحة, كالفيسبوك, أول مظاهرات ضد النظام في صنعاء, وبذلك ساهموا في إشعال فتيل الاحتجاجات وجعلها مستمرة.. غير أن الأهم من نشاطهم- في حد ذاته- هو ما كانوا يدعون إليه, وهو إقامة دولة مدنية.

 "والمعلوم أن حركة الشباب كانت في محل نظر الرأي المحلي العام, كما في نظر الإعلام العالمي, هي القوى المستقلة الوحيدة في الميدان التي تسعى لتغيير سياسي حقيقي.. وفي حين كان ينظر إلى الشباب على أنهم من يمثل صوت التطوير في البلد, ظلت النظرة ترسم أحزاب المعارضة الحاضرة في الساحات بالارتباط بالنظام القديم.. إنه ذلك الخطاب ذاته الذي حوّل الشباب إلى محرك فاعل للاحتجاجات.. وعلى الرغم من أن المبالغة قد جرت في تقدير قدرة وتأثير هذه الحركة على مستوى الخطاب, فإن الناشطين من الشباب الثائر قد ظلوا موجودين ودائبين في نشاطهم".: قالت مرايكا ترانزفلد, وهي باحثة ورئيسة إدارة البحوث في المركز اليمني لقياس الرأي

وأشارت إلى أنه عقب توقيع المبادرة الخليجية- التي قادت إلى التوصل إلى تسوية بين النخبة السياسية- تراجع تأثير الحركة الشبابية كثيراً في العملية السياسية, حيث انحصر تأثيرها على مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني.. وبينما شارك عدد من الشباب في مؤتمر الحوار الوطني وأضافت" حافظ آخرون على نشاطهم من خلال إنشاء أحزاب سياسية جديدة مثل حزب الوطن أو حزب العدالة والبناء, نشط آخرون في إطار منظمات المجتمع المدني, وعاد البعض مرة أخرى ببساطة إلى ممارسة حياتهم اليومية.. ومن دواعي الأسف أنه بعد انتهاء المظاهرات, وتوقيع المبادرة الخليجية, لم يلق الشباب من الإعلام إلا قليلاً من الاهتمام, مما يجعلهم مجهولين, وجعل نشاطهم بعيداً عن الأضواء".
الحركة الشبابية وناشطوها

في حديثها عن الحركة الشبابية وناشطوها تقول مرايكا: أصبحت احتجاجات 2011 تعرف في اليمن بـ "الثورة الشبابية" نتيجة للدور الذي لعبه الشباب في المظاهرات.. ومع ذلك, فخلال العام 2011م طرأت على مصطلح "شباب" في السياق اليمني تغييرات جوهرية, فعوضاً عن إشارة المصطلح إلى فئة عمرية محددة, أصبح يحيل على نسق من التفكير العقلي المحدد, لقد غدا علامة على طيف واسع من الأشخاص الذين طالبوا بإسقاط فوري لنظام صالح وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية, بل لعل الأهم من ذلك هو دعواتهم إلى إقامة دولة مدنية يحكمها مدنيون بدلاً من النخبة العسكرية القبلية الحالية.

وأنه على خلاف ما كانت عليه الحال في الثورة المصرية في 2011 حيث كانت الفوارق بين العمال والأطباء, والمسيحيين والإخوان المسلمين وغير ذلك, واضحة وبينة المعالم ـ كان يشار في اليمن إلى أي شخص في ساحات التظاهر على أنه من الشباب- ولم يكن من المستغرب الإشارة إلى سائق التاكسي البالغ من العمر 40 عاماً على أنه شاب, مثلما يشار إلى طالب في العشرين من عمره, ولا يخرج من هذا التعميم إلا بعض الفئات كرجال القبائل والجنود وأعضاء الأحزاب السياسية.
سمات الناشطين الشباب


ويتضح هذا المعنى بشكل أوسع في دراسة مسحية نفذها المركز اليمني لقياس الرأي العام على عينة من الناشطين الشباب, لقد كان واضحاً أن صفة شاب لا تنطبق على معظم الناشطين الذين شملتهم الدراسة.. وبالنظر إلى تعريف الأمم المتحدة لسن الشباب, حيث حددت سن الشباب بين (15 ـ24) عاماً, فإن أغلبية الناشطين هم بالفعل أكبر سناً من العمر الاعتيادي للشباب.

وحقيقة أن 86% من المبحوثين (الذين أجريت معهم المقابلات) كانوا من فئة الذكر تشير إلى أن الحركة يهيمن عليها الرجال.. ويبدو الناشطون الشباب أيضاً أكثر تأهيلاً, حيث أن 46% منهم حاصلون على شهادات جامعية, وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العام في البلد.

وعلاوة على ذلك, فإن غالبية الناشطين من الذين أجريت معهم المقابلات موظفون, وقد تبين أن ثلثهم موظفون بدوام كامل, ويعمل 25% منهم بدوام جزئي, بينما ثلثهم ليس لديهم وظائف ويبحثون عن أعمال.. ويعد هذا العدد بالضبط أقل من المتوسط العام في البلد, والذي يقدر بين 30% أو 50%.
الناشطون الشباب والأحزاب السياسية

 
ليس الناشطون في الائتلاف الثوري جدداً على النشاط السياسي, حيث تحدث 77% من المبحوثين عن نشاطهم حتى قبل مظاهرات 2011م. والملاحظ أن غالبيتهم نشطوا في إطار الأحزاب السياسية.

وبالتأكيد, فإن مثل هذه النتيجة لا بد أن تثير نوعاً من الدهشة, لا سيما إن نحن عرفنا الموقف السلبي العام الذي تتخذه الحركات الشبابية تجاه القوى التقليدية التي تسيطر- إلى الآن- على الأحزاب السياسية الحالية, وإلى الآن, يدعي زهاء ثلث الناشطين المبحوثين بأنهم ينتمون إلى حزب ما, ويقول 70% منهم أنهم أعضاء في حزب الإصلاح الإسلامي.

ويؤيد- بشدة قرابة ثلث الناشطين- مشاركة الشباب في الأحزاب السياسية الموجودة. ويأتي ذلك من حقيقة أن للأحزاب السياسية- بخلاف منظمات المجتمع المدني- نفوذاً واسعاً في العملية السياسية.. ومع ذلك, وعند سؤالهم عن أفضل الأطر لأنشطة الشباب, فإن المبحوثين قد أشاروا إلى منظمات المجتمع المدني.. وبالمقارنة إلى مؤسسات الدولة المختلفة والأحزاب السياسية, يعتقد الناشطون الشباب أيضاً أن منظمات المجتمع المدني تحترم المبادئ الديمقراطية أكثر.

ويرى الناشطون الشباب أن مستقبلهم يمكن أن يتحقق في إطار منظمات المجتمع المدني, وإلى حد أقل, في إطار الأحزاب السياسية.

ومن الملاحظ أيضاً أن الناشطين الشباب يتفاعلون بشكل أكبر مع منظمات المجتمع المدني من خلال حضور ورشات تدريب ومؤتمرات.

وفي الحقيقة, ينظر الناشطون المستقلون إلى التدريب الذي توفره منظمات المجتمع المدني جزء متصل بحياتهم المهنية, فهم يعمدون إلى ذكر ورشات العمل التي حضروها ضمن سيرهم الذاتية. ومن الملاحظ أن نفس الناشطين يحضرون ورشات عمل تنظم من قبل منظمات مختلفة. وينظر الناشطون إلى هذه الورش كفرص لتحسين حياتهم المهنية. وفي هذا الصدد, ينظر إلى النشاط السياسي على أنه مهنة, حيث من المعتاد أن يقدم الناشطون الشباب بطاقات تعرفهم بكل بساطة بأنهم ناشطون.
الناشطون الشباب إلى أين؟

على الرغم أن لهؤلاء الناشطين مستوى عالٍ من الحماس والطموح فيما يخص نشاطهم السياسي, فإنهم يفتقرون- بشكل عام- إلى موجهات تحدد مسار أنشطتهم, إذ الملاحظ أن لديهم بعض القصور وأن أهدافهم فضفاضة (عادة ما يذكرون من ضمن أهدافهم على سبيل المثال استكمال أهداف ثورة الشباب وبناء دولة مدنية وتطهير مؤسسات الدولة من النخب التقليدية). وبناء على ما سبق, فإن العقبة الكبيرة التي يواجهها الناشطون تتمثل في حاجتهم إلى موجهات وأهداف محددة بشكل واضح.

ومن بين العوائق الأخرى افتقار الشباب إلى التنظيم, فعلى المستوى العام, يحتاج الشباب إلى الخبرة لتنظيم المجموعات بشكل مؤسسي, وإيجاد آليات صنع قرار وتوزيع المسؤوليات بين الأعضاء.. وإلى جانب نقص الخبرة, فإن هذا يمكن أن يعزى أيضاً إلى النزعة الفردية التي تسود مثل هذه الأنشطة, وقد يكون ناتجاً عن الثقة التي اكتسبها الشباب منذ مظاهرات 2011م والاعتقاد بأنهم يمكن أن يحققوا المستحيل.. ومما يجعل التنظيم صعباً, بصورة خاصة, انتماء الناشطين لمشارب وتيارات سياسية مختلفة داخل كل مجموعة.

والمحزن- علاوة على ذلك- أن ثمة شعور سائد بين كل مجموعة من تلك المجموعات بأنها في حالة تنافس مع نظيراتها حول مختلف الفرص المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني ومنظمات المانحين الدوليين.
توصيات

وتخلص دراسة صادرة عن المركز في سلسلة أوراق السياسات وذلك ضمن مشروع منتدى المجتمع المدني إلى عدد من التوصيات أهمها: تعزيز قدرات الناشطين لتنظيم أنفسهم.. وذلك من خلال تدريب القيادات الشبابية في المهارات التنظيمية وتعليمهم أشكالاً مختلفة من التنظيم, وفيما يخص التدريب المقدم للناشطين الشباب, ينبغي التأكيد على الأشكال التنظيمية التي تتطلب موارد مالية ضئيلة, وتدريب الشباب على حشد الشباب الآخرين بناء على القيم والأهداف المشتركة, وليس على أساس الحوافز المالية.

وتعزيز قدرات الناشطين لتشكيل شبكات, إذ ينبغي أن يكون للمشاريع التي تركز على تمكين الناشطين الشباب هدفاً لإنشاء شبكة للمنظمات والناشطين الذين يشتركون في طريقة تفكيرهم.

وأوصت الدراسة بأن تتضمن دعوات تقديم مقترحات لمشاريع تخص تمكين الناشطين الشباب ـ الاشتراط بتعاون عدد من المنظمات الشبابية مع بعضها البعض. وسيحد من التنافس كما سيعزز من التعاون بين الناشطين والمنظمات.

وتشترط أن تنصب المساعدات على واحد من هدفين مكملين لبعضهما البعض, وهما: أولاً: تمكين الشباب من المشاركة في منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الموجدة, وثانياً: إقامة الناشطين الشباب المستقلين لمنظمات مجتمع مدني شبابية وأحزاب سياسية جديدة.

وأن يركز المانحون الدوليون ومنظمات المجتمع المدني على تمكين الشباب من المشاركة بشكل أكثر فاعلية في الأحزاب السياسية الحالية, ويمكن أن يتحقق هذا من خلال تسهيل عقد مؤتمرات حزبية يحضرها الشباب والقيادات الحزبية.

وتطالب أن تعقد اجتماعات تضم كلاً من الشباب الناشطين في الأحزاب السياسية, والأحزاب السياسية الشبابية في المنطقة, وفي دول أخرى, وذلك من أجل تبادل الخبرات والممارسات المثلى لإشراك الشباب في الأحزاب السياسية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد