25 مليون يكافحون للتخلص من الفساد والصراعات وانعدام المساواة

الحرية والتنمية.. بارقة أمل أطفأتها مصالح الساسة

2014-02-05 12:02:22 تقرير خاص / وليد عبد الواسع

 
تكافح الجمهورية اليمنية منذ مطلع 2011م من أجل تخليص نفسها من دوامة الفساد والصراعات وسفك الدماء وانعدام المساواة، وبعد عقود من الديكتاتورية والفقر، مثل الربيع العربي بارقة أمل للشباب بأن اليمن يمكن أن تتحول إلى بلد ديمقراطي وتتغلب على مشاكلها الاقتصادية، ومع ذلك، وكما أظهرت الأعوام المنصرمة فإن طريق الحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية لم تكن معبدة كما كان يتصور البعض.



ما سبق حديث للباحث/ أيمن الإرياني الذي يقول: لقد صمم مؤتمر الحوار الوطني، الذي دشن في مارس 2013م بوصفه شرطاً من شروط مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ليكون وسيطاً جيداً ومتقدماً لاستيعاب وتمثيل كافة أطياف اليمنيين، ولمناقشة وحل كافة الإشكاليات والقضايا، ومع سنوح فرصة المشاركة في الحوار الوطني للفاعلين في مجال منظمات المجتمع المدني وبعثها للأمل في نفوسهم، فإن تمثيلهم، بالمقارنة إلى تمثيل الفاعلين الحزبيين، ظل أقل حصلت منظمات المجتمع المدني على 40 مقعداً من أصل 365 مقعداً في منتدى الحوار، في حين خصص 40 مقعداً آخر للنساء وللشباب المستقلين، وعلى الرغم من انقضاء الحوار والتفاوض، فإن المشهد لا يبدو مبشراً، فالشمال لا يزال غارقاً في غمار صراع مرير بين الحوثيين والسلفيين، وفصائل الحراك في جنوب البلاد لا تزال ساخطة وتطمح في الانفصال عن الشمال، ولغياب أي بادرة حل يكون فيها ما يرضي فصائل الحراك، فإن التوتر لا يزال مخيماً على المحافظات الجنوبية، بل إن وتيرته قد اشتدت في الأسابيع القليلة الماضية، والأهم من ذلك أن الشباب الذين كانوا السبب في إشعال فتيل "الربيع اليمني، قد همشوا بل استغلوا من أطراف سياسية ظلت ساعية إلى توسيع نفوذها السياسي وفرض أجنداتها عن طريقهم.
أرض خصبة لإحداث التطوير

غدت يمن ما بعد الربيع العربي أرضاً خصبة لنشاطات منظمات المجتمع المدني، ويظهر المسح الذي أجراه المركز اليمن لقياس الرأي بأن أغلبية تلك المنظمات، أي نسبة 54% منها، قد ظهرت بعد الربيع العربي، وإلى ذلك يظهر المسح ذاته أن الغالبية من هذه المنظمات تركز اهتمامها على الشباب وعلى حقوق الإنسان؛ أي ما نسبته 25% و23% بالترتيب، وفي المحصلة الأخيرة، فإن 33% من الناشطين الشباب قد أوضحوا أن منظمات المجتمع المدني هي الإطار الأفضل لنشاط الشباب.

وأظهرت منظمات المجتمع المدني درجة عالية من الكفاءة في نشر الوعي والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية مع تركيزها على الشباب، وشارك أغلبية الناشطين الشباب، أو 60%، من الفئات التي لديها معرفة عالية أو متوسطة بالديمقراطية، على الأقل في أنشطة منظمة واحدة تعمل في مجال الديمقراطية.

وعلاوة على ذلك، عندما سئلوا عن المؤسسات التي تحترم الديمقراطية، قال 14% فقط من الشباب إن الحكومة تحترم الديمقراطية، في مقابل 63% من الشباب الذين قالوا إن منظمات المجتمع المدني تحترم الديمقراطية، وبخصوص حقوق الإنسان، يعتقد الشباب أن منظمات المجتمع المدني هي ثاني أفضل طريقة لدعم حقوق الإنسان في اليمن بعد التعليم ونشر الوعي، وإضافة إلى ذلك، تعد منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان معروفة بشكل كبير، حيث يعتقد 83% من الشباب أنهم يعرفون منظمات مجتمع مدني ناشطة في مجال حقوق الإنسان.
تحديات ومعوقات

وأعد التقرير انحصار وتركز عمل المنظمات داخل المدن الرئيسية من أهم عيوب هذه المنظمات, وقال أنه من الواضح أن هناك ثقة كبيرة بمنظمات المجتمع المدني، كما أنها تعرف إلى حد كبير في أسواط الشباب الناشطين في المجتمع اليمني ومع ذلك، فإن منظمات المجتمع المدني تواجه مشاكل كبيرة، إلى جانب أن هناك نقصاً واضحاً في منظمات المجتمع المدني على المستوى المحلي، حيث تعمل أغلبها على المستوى الوطني (32%) أو على مستوى المحافظات (33%)، مقابل (19%) على المستوى المحلي. وبالرغم من كل ذلك، فإن هذا لا يعني أن منظمات المجتمع المدني لا ترغب في التوسع؛ حيث تظهر الدراسة أن 94% منها تهدف إلى توسيع جهودها في المستقبل القريب، غير أن هذا الأمر غير متاح لكل المنظمات؛ إذ أن 41% منها ترى أن الموارد المالية تمثل العائق الأساسي أمامها في اليمن.

ويعاب على منظمات المجتمع المدني في عدم تنوع انشطتها ونقص التواصل والتشبيك فيما بينها يقول التقرير: تحصل 33% من منظمات المجتمع المدني، فقط، على تمويل من مصادر دولية، مع انحصار جل ذلك التمويل الدولي في العاصمة صنعاء ويعمل زهاء 48% من منظمات المجتمع المدني في مجال تنمية الشباب وحقوق الإنسان، إلى جانب أن 3.6% منها تعمل في مجال التعليم، كما تعمل 2% منها في حقوق المهمشين، و2% في حقوق المعاقين، ويظهر جلياً من ذلك أن ثمة حاجة إلى تنويع أنشطة تلك المنظمات.

وتتمثل إحدى القضايا البارزة التي تحد من نشاط منظمات المجتمع المدني في نقص التواصل والتشييك بين منظمات المجتمع المدني، ومع أن 54% من منظمات المجتمع المدني التي شملتها الدراسة أعضاء في شبكة أو ائتلاف منظمة مجتمع مدني، إلا أنه عند سؤالها عن مصادر معلوماتها، ذكرت 21% فقط (من 251 منظمة مجتمع مدني شملتها الدراسة) إنها استخدمت منظمات مجتمع مدني أخرى كمصادر لمعلومات أنشطتها، وعلاوة على ذلك، بينما تستخدم قرابة 50% من منظمات المجتمع المدني (وهي أعضاء في شبكات) الشبكات لتبادل المعلومات والاستفادة من تجاربها، تتبادل 8.9% فقط من هذه المنظمات معلومات حول التقديم للحصول على تمويل دولي.

ويمكن أن يقد هذا إلى افتراض أن بعض منظمات المجتمع المدني يمكن أن تستفيد من عدم توازن توفر المعلومات للحصول على تمويل دولي لخاصتها ,أن تحظى بفرصة الحصول على التمويل دون غيرها، وينجم عن ممارسات الافتقار إلى تنويع التمويل أن يتجه الجميع إلى التركيز على مجالات محددة (وفقاً لسلوك القطيع في النظرية الاقتصادية الحديثة) بدليل أن هناك عدداً كبيراً من منظمات المجتمع المدني تعمل فقط في تنمية الشباب ومجالات حقوق الإنسان، وبناءً على ذلك، فإن على المنظمات الدولية المانحة أن تنوع مجالات تخصيص التمويل، كما أن عليها أن تجعل من مشاركة المعلومات والتشبيك بين منظمات المجتمع المدني أحد شروط تقديم التمويل.
توصيات

يوصي التقرير بتنويع نشاط منظمات المجتمع المدني جغرافياً. وقال أنه يجب أن يزداد عدد منظمات المجتمع المدني التي تعمل خارج المدن الرئيسية؛ أي في المجتمعات المحلية. وطالب المانحين الدوليين زيادة دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل خارج المدن؛ أي في المجتمعات المحلية. وتشجيع تنويع أنشطة منظمات المجتمع المدني خارج إطار تنمية الشباب وحقوق الإنسان.

وأكد أنه يجب على المانحين الدوليين أن ينوعوا تمويلهم تجاه قطاعات محددة مثل قطاعي التعليم والصحة. وتشجيع التشبيك وتبادل المعلومات بين منظمات المجتمع المدني.

وأنه ينبغي أن تهدف المشاريع إلى خلق شبكات تواصل بين منظمات المجتمع المدني. مع وجوب أن تضع المنظمات الدولية المانحة ضمن شروطها للتمويل الشراكة بين منظمات المجتمع المدني، وذلك من أجل تشجيع التشبيك وتبادل المعلومات.

كما ينبغي خلق هيكلية يكون من شأنها أن تساعد منظمات المجتمع المدني ذات الخبرة على أن تتشارك مع منظمات المجتمع المدني الصغيرة أو الموجودة في المجتمعات المحلية ـ أن تشارك معها المعلومات حول المشاريع، وتصميمها، وحول أهم السبل المفضية إلى الحصول على فرص التمويل.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد