حيث تطور واستقرار البلد مقرون بدعم الحركة الشبابية

شباب الثورة.. رهان التغيير المُغيَب!!

2014-02-08 11:37:37 تقرير خاص/ وليد عبد الواسع


على نفس وتيرة الأحداث التي شهدتها دول عربية أخرى لما بات يعرف بدول الربيع العربي من انتفاضات ومظاهرات شعبية دعت للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية وإجراء إصلاحات سياسية حركت هذه الاحتجاجات وبشكل أساسي شباب يمنيون عانوا من الإقصاء والتهميش السياسي والاقتصادي، حتى أصبح مصطلح "شباب" ـ خلال الثورة الشبابية الشعبية السلمية ـ يعني أكثر من مجرد مجموعة من الشباب في أعمار متقاربة ليتضمن في إطاره أشخاص أكبر سناً يشاركونهم طريق تفكيرهم ومطالبهم الثورية

فاعتبروها فرصة لتأكيد قدرتهم على تحقيق الديمقراطية والتغيير..

وبدخول أحزاب سياسية مناهضة لنظام صالح في عملية تفاوض مع حزب المؤتمر الحاكم حينها بدأت الحركة الشبابية تواجه صعوبات في القدرة على إسماع صورتها للآخرين في المشهد السياسي.. وما أعقب 2011م من تغييرات سياسية لم تؤثر بشكل إيجابي على الحياة اليومية للشباب اليمني، لا سيما فيما يخص توفير الخدمات الأساسية


خلال مظاهرات الثورة الشبابية السلمية 2011 في اليمن, كان ينظر بشكل واسع إلى الشباب المستقل على أنهم الأمل الوحيد للتغير السياسي في البلد بينما كان ينظر إلى الأحزاب السياسية على أنها قامت باختطاف الثورة الشبابية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة ـ وفقاً لتوصيف باحثتان أوروبيتن، هما: لوديا فونك الحاصلة على البكالوريوس في دراسات العلوم السياسية والدراسات الإسلامية والتاريخ الحديث وتورد الباحثتان مفارقة مضمونها أنه رغم انتماء بعض أعضاء الحركة الشبابية إلى أحزاب سياسية، إلا أنها تسعى لمنافسة ما وصف بـ(القوى السياسية التقليدية) التي تتجلى وفقاً للباحثتين في الأحزاب السياسية المختلفة، بما فيها المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح.

وبالنظر إلى أهمية ما حققته حركة الشباب المستقل، خلال مظاهرات 2011م وإمكانية أن يكون أفرادها فاعلين حقيقيين للتغيير السياسي تعتبر "فونك وترانزفلد" بأن دعم الحركة الشبابية وناشطيها من الأمور المهمة لتطوير مستقبل البلد

وتطالبان في تقرير بحثي مشترك لهما يعدم الاكتفاء بتناول احتياجات الشباب من أجل المساهمة في الاستقرار السياسي للبلد مستقبلاً فحسب، بل دعم الحركة الشبابية في ذاتها من أجل تعزيز إمكانياتها لتصبح من عوامل التغيير السياسي الحقيقي.
حجر الأساس

بحسب دراسة صادرة عن مركز قياس الرأي لم تؤثر التغييرات السياسية التي وقعت عقب 2011 بشكل إيجابي على الحياة اليومية للشباب , لا سيما فيما يخص توفير الكهرباء والوظائف والخدمات الأساسية والبنية التحتية والوضع الإنساني.. ونظرا لأن الناشطين الشباب يعتقدون أن من الضروري أن تتمحور أولويات الحكومة اليمنية حول الاقتصاد والخدمات العامة 25.5 % والأمن 19.7 فإن عدم توفر الخدمات في الوقت الراهن يقود إلى انعدام الثقة بالحكومة , وبدلا عن الخوض في النقاش النظري حول مفهوم الديمقراطية يميل الشباب إلى عدم الإيمان بمؤسسات الحكومة حيث يرون أنها لا تحترم الديمقراطية إلى حد كبير . وعلاوة على ذلك يعتقد أكثر من 80% من الناشطين أن مؤسسات الدولة لا سيما الأجهزة الأمنية هي المنتهك الأساسي لحقوق الإنسان في البلد.

وتقول الدراسة على ذلك فإنه لا ينبغي على المانحين الدوليين ومنظمات المجتمع المدني أن يركزوا جهودهم على تحسين تقديم الخدمات الحكومية فحسب , بل يتحتم عليهم أن يركزوا أكثر على المبادرات التي تسعى لإيجاد شفافية أكبر لمؤسسات الدولة وإيجاد قنوات وصل بين المؤسسات والشباب من أجل تعزيز شرعية المؤسسات. غير أن الأهم من كل ذلك هو أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار نظرة الناشطين الشاب تجاه هذه المؤسسات عند تنفيذ المشاريع.
الوعي المجتمعي أولا

مع انعدام ثقة الناشطين الشباب في المؤسسات الحكومية يقول التقرير: أغلبية الناشطين لا بد أن تتركز أنشطتهم على المجتمع ولأنهم ينظرون إلى أنفسهم كحلقة وصل بين الدولة والمجتمع بشكل عام .. ينشط أغلبية الناشطين الشباب 29.6 بالمائة في مجال المناصرة ونشر الوعي بينما ينشط 14 بالمائة منهم في المجال السياسي. ويقول 10 بالمائة من الناشطين إن عدم توفر الوعي السياسي في المجتمع ـ الذي يأتي في المرتبة الثانية ضمن سلم احتياجاتهم \ت يقف حجرة عثرة أمام تحقيق أهدافهم وبناء على ذلك فان الشباب لا يستهدفون المؤسسات الحكومية فحسب بل المجتمعات المحلية التي تعد المستهدف الأساسي لأنشطة الشباب .. ومع تركيزهم على نشر الوعي يسعى الناشطون الشباب لتسهيل إجراء نقاشات أوسع وتشجيع المشاركة السياسية في المجتمع.

 أما بخصوص حقوق الإنسان فيقول 89.7 بالمائة من الناشطين الشباب أن حقوق الإنسان أولوية أساسية للشباب حيث احتلت حرية التعبير 28.3 بالمائة والحق في الحياة الكريمة 23.2 بالمائة والحق في الالتحاق بالتعليم 18.1 بالمائة وفي هذا الشأن يعتقد أغلبية الناشطين الشاب أن التعليم ونشر الوعي وسط المجتمع هو أفضل طريقة لدعم حقوق الإنسان في البلد.

وفيما يقول 37.5 بالمائة من الناشطين أنهم يناضلون من أجل استكمال الأجندة الثورية ( إسقاط نظام صالح وإقالة الموالين له من مؤسسات الدولة وبناء دولة مدنية حديثة ) يسلك الشباب في أنشطتهم العامة نهجا تصاعديا ( من الأدنى إلى الأعلى) وذلك من أجل خلق بيئة اجتماعية أكثر وعيا بالحقوق وأكثر تقبلا للتغيير السياسي. ولأنه يتم في الغالب تجاهل المجتمعات المحلية من مشاريع التنمية فإن الناشطين الشباب بناء على ذلك يستحقون الدعم لأن لديهم الرغبة في التأثير سريعا على مجتمعاتهم كما أن لديهم القدرة أيضاً على الوصول إلى القاعدة الشعبية.
عوائق

إضافة إلى انعدام الوعي الداعم بين شرائح المجتمع يقول الناشطون الشباب إن ما يعوزهم هو الموارد المالية 54.3 بالمائة, بالإضافة إلى المعلومات ووسائل الإعلام 8.2 بالمائة والتدريب 6.4 بالمائة وخلال احتجاجات 2011 تمثل العائق الأساسي بالنسبة لـ " حركة الشباب المستقل " في انعدام التنظيم والتنسيق ومن هنا تبرز أهمية دعم مساعي الشباب من اجل تنظيم أنفسهم.

ولأن أغلب الناشطين الشباب يقولون إنهم بحاجة إلى موارد مالية على وجه الخصوص من أجل تحقيق أهدافهم فإن على المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني أن يزودوا الشباب بالمعارف وان يمكنوهم من توظيف ما يتمتعون به من وسائل غير مالية لتحقيق أهدافهم ولا بد أن يكون الناشطون الشباب مدركين لأهمية الحوافر غير المالية في تنشيط المجتمعات المحلية والمشاركة السياسية .

وكنتيجة لذلك من اجل تعزيز قدرة الناشطين الشباب لحشد التأييد فإن من المهم للمانحين الدوليين ومنظمات المجتمع المدني دعم مبادرات القواعد الشبابية بدلا من أتباع نهج تنازلي من القيادات إلى القواعد من الأعلى إلى الأدنى.

ومع ذلك فإن من الأهمية بمكان, الإشارة إلى أن الشباب المستقلين لا يشكلون كتلة ثابتة بل يتضمنون شبابا لا ينتمون إلى أحزاب سياسية وآخرين منتمين إلى أحزاب سياسية مختلقة وينشط 77.4 بالمائة من الشباب سياسيا في مجالاتهم الخاصة منذ ما قبل اندلاع الثورة الشبابية مع وجود تقارير أخرى تبشر بأن جزءاً كبيراً من الشباب ربما كانوا ينشطون إطار أحزاب سياسية بطريقة أو بأخرى في الفترة التي قادت إلى احتجاجات عام 2011 وبناء على ذلك فليس من المستغرب أن يعتقد 21.6 بالمائة أن الأحزاب السياسة تعد الإطار الأفضل لنشاطهم مع اتفاق 69 بالمائة على النشاط الحزبي للناشطين الشباب على مستوى أكثر عمومية.

وإلى الوقت الراهن يفضل أغلب الناشطين 33.3 بالمائة منظمات المجتمع المدني كإطار لنشاطهم ولهذا السبب فإنه ينبغي أن تهدف المساعدات أيضاً إلى تمكين الشباب من المشاركة في منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إضافة إلى إنشاء منظمات مجتمع مدني شابة وأحزاب سياسية من قبل الناشطين من الشباب المستقل.
فرص تطوير

يقول 6.9 بالمائة و 60 بالمائة من الناشطين الشباب أنهم سبق لهم أن شاركوا في نشاط مثل دورة تدريبية أو مؤتمر تم تنظيمه من قبل منظمة مجتمع مدني تعمل في مجال الديمقراطية أو حقوق الإنسان ويعتبر هؤلاء الناشطون الذين سبق لهم أن شاركوا في بعض أنشطة منظمات المجتمع المدني أنفسهم أكثر وعيا بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وعلى الرغم من أن حوالي 40 بالمائة من الناشطين لم يحضروا أيا من هذين النوعين من الأنشطة ( دورات تدريبية أو مؤتمرات) إلا أن هنالك فرصة للتطوير في هذا الصدد.

وبالمثل يعتقد ناشطون شباب أن هناك فرصة لتطوير أداء منظمات المجتمع المدني , حيث أن غالبية الناشطين المبحوثين يصنفون فاعلية منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال الديمقراطية 44.6 ومنظمات المجتمع المدني العالمية في حقوق الإنسان 55.3 على أنها فاعلة جدا أو فاعلة إلى حد ما ويعتقد 2.9 بالمائة و 4.3 بالمائة أنها فاعلة جداً.
ضمانات

ولان التدريب يحتل المرتبة الرابعة ضمن احتياجات الشاب فان توفير التدريب يمثل مدخلاً جيداً لتعزيز جهود الحركة الرامية إلى إحداث تأثير في التحول الديمقراطي ويقول 27.5 بالمائة من الناشطين أن لديهم معرفة كبيرة في مجال الديمقراطية على سبيل المثال ويشكل ذلك فرصة لهم لتطوير معارفهم ومهاراتهم وتمكينهم من مضاعفة أعداد الناشطين من إقرانهم من أفراد المجتمع الآخرين.

ونظرا لرغبة الناشطين الشباب في العمل في إطار منظمات المجتمع المدني فانه لا بد أن يركز التدريب بشكل خاص على تزويد بمعلومات عن كيفية تنظيم أنفسهم وعن إنشاء وإدارة منظمات المجتمع المدني ولهذا السبب فانه ينبغي ان يتم توفير التدريب في مجال التنظيم ودورة المشاريع وإدارتها ومهارات أخرى مثل المحاسبة وبالمثل ينبغي أن يركز التدريب على بناء مهارات المناصرة للشباب وتزويدهم بالخبرة من اجل نشر الوعي بشكل فعال في مجتمعاتهم حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وقد يكون من الأجدى ان تتضمن البرامج التدريبية إقامة دورات في مجال الإعلام.

 ونظرا لان أغلبية الناشطين الشباب اكثر من 50 بالمائة يستخدمون الانترنت كوسيلة أساسية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان فان الانترنت يعد من الوسائل الفعالة بالنسبة للناشطين الشباب . إن تنظيم ندوات عبر الانترنت يمكن أن يكون بسيطا وفعالا أيضاً لتدريب عدد كبير من الناشطين الشباب وبطريقة مشابهة يمكن أن يكون الانترنت طريقة فعالة لجمع الشباب من كل بقاع الأرض لمناقشة قضايا الديمقراطية وتقديم المناصرة السياسة للشباب في اليمن وبالإضافة إلى الانترنت يعد التلفاز أيضاً وسيلة فعالة للوصل إلى الشباب حيث يقول 43.9 من الناشطين الشباب إن التلفاز هو المصدر الرئيسي للأخبار.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد