كتب بقلم / الشهيد هشام البكيري بتاريخ 05 سبتمبر, 2019م ولأهميته تعيد "أخبار اليوم" نشره
مجازر مروعة ارتكبتها الإمارات بقصف طيرانها لقوات الجيش الوطني في عدن وأبين خلال الأيام الماضية، وصمت سعودي مطبق حتى اللحظة عن الحديث عما جرى في ذلك القصف من جرائم وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية، ووضع آخر مسمار في نعش التحالف الداعم للشرعية كما يزعمون.!
أكد هذا القصف الإماراتي والصمت السعودي إزائه على حقيقة حرب الاستنزاف اللذان يخوضانه ضد السلطة الشرعية على مختلف الأصعدة من أجل تمزيق الجمهورية اليمنية وتفكيك كيان دولتها.
فعلى الصعيد العسكري فإن أحداث عدن ليست أولى جرائم قصف طيران الإمارات التي استهدفت الجيش الوطني اليمني فقد نفذت عشرات الضربات التي صنفت تحت ضربات خاطئة، من معسكر العبر في حضرموت إلى مأرب والجوف ونهم وتعز أودت بحياة عشرات الجنود، ومئات المدنيين، وأوقفت تقدم الجيش الوطني ضد الميليشيات الانقلابية الحوثية.
وفي نفس الصعيد أشعلت السعودية محارق لليمنيين على حدودها الشمالية بدعوى تطهير مخابئ ميليشيات الانقلاب الحوثية ومعقلها صعده، فمنذ ثلاثة أعوام استنزفت تلك الجبهات خيرة شباب اليمن الذين ضمتهم السعودية في ألوية عسكرية خارج إطار الشرعية، وأمرت على قيادتهم مقاولون وتجار حروب من قيادات سلفية وضباط يمنيين يشرف عليهم ضباط سعوديين، آخر هذه المحارق هي محرقة لواء الفتح الذي يتداول ناشطون وصحفيون أخبار محاصرته من قبل الميليشيات الانقلابية الحوثية في كتاف نتيجة غباء وربما خيانة قائده الشيخ السلفي رداد الهاشمي، والذي لا يملك أي مؤهل وخبرة عسكرية.
يتداول الناشطون والصحفيون معلومات عن سقوط أكثر من 1500 جندي من أبطال لواء الفتح بين شهيد وجريح وأسير ومفقود، ولم تؤكد حتى اللحظة هذه المعلومات أي جهة رسمية من الحكومة الشرعية في فنادق "الرياض والقاهرة".
حدثت هذه المحرقة لأبطال الجيش الوطني في كتاف بالتزامن مع قصف طيران الإمارات الغادر لأبطال الجيش الوطني في العاصمة المؤقتة عدن وحافظة أبين الأربعاء الماضي أثناء تقدم الجيش لتطهير عدن من ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المتمردة، وقد أودى ذلك القصف السافر كما وصفته الحكومة إلى سقوط 300 جندي ومدني بين شهيد وجريح.
تؤكد هذه الأحداث تحول حليفي دعم الشرعية اليمنية، وإسقاط الانقلاب الميليشياوي الحوثي إلى حليفي تقويض السلطة الشرعية برئاسة هادي، واستنزاف مخزونها من القوى البشرية المقاتلة في جبهات الحد الشمالي للمملكة، وتقليم أظافر سلطتها بقصف قواتها في جبهات مقاومة الميليشيات الانقلابية شمالا وجنوبا، ولا مبرر يفسر ما تقومان به الإمارات والسعودية غير إضعاف الشرعية وتقليص نفوذها، وتمكين الميليشيات الانقلابية في الجنوب والشمال، في مسار مخططهما التخلص منها.
وعلى الصعيد الاقتصادي منعت الإمارات والسعودية السلطة الشرعية من إدارة الموارد الاقتصادية الرئيسية " حقول النفط والغاز والموانئ البحرية والبرية التجارية " التي تمكنها من أداء واجباتها تجاه المواطن اليمني المنهك والمطحون تحت رحاء الحرب، لتحصن جبهتها الداخلية، تعزيز قدراتها على بناء قواتها الذاتية التي تحفظ تماسكها وسيادتها بعيدا عن الوصاية والتدخلات والائملائات.
فمنذ خمس سنوات والإمارات تعمل على تقويض الشرعية وتفكيك كيان الدولة وتمزيقها عبر إنشاء كيانات سياسية ذات نزعات متمردة على المظلة الجامعة لليمنيين وهي الجمهورية اليمنية، ككيان المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أسندته بإنشاء قوات عسكرية وأمنية خارج إطار المؤسسات الدستورية للجمهورية اليمنية " وزارتي الدفاع والداخلية".
أنشأت الإمارات قوات الأحزمة الأمنية والنخبة في جميع المحافظات المحررة الجنوبية وقامت بتمويلها وتسليحها بعتاد ثقيل، وذلك على مرأى ومسمع المملكة العربية السعودية قائدة التحالف وسلطة إدارته لتحقيق الأهداف المعلنة من تشكيله وإطلاق عملياتها في اليمن.
في 8 أغسطس المنصرم بدأت الإمارات بتنفيذ المراحل الأخيرة لمخططها الذي يستهدف وجود السلطة الشرعية وتمزيق الجمهورية اليمنية، فقد دعمت ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على مؤسسات الدولة في عدن وتمرده عن الشرعية في مساعيه لاستعادة دولة الجنوب التي يتغنى بها المجلس وتباركه الإمارات بكل ثقلها.
وأمام ما تقوم به الإمارات من عبث وخراب وتمزيق لليمن واستباحة دماء أبنائه، يبقى الموقف السعودي في حالة صمت يصل حد التماهي مع ما تمارسه الإمارات، وأحيانا يبدو موقفها تبادل أدوار في أكثر من حدث على الأرض اليمنية مع تغيير في تكتيكاتها لتنفيذ الأجندة المشتركة بينهما.
فهل بقي شك عن حقيقة مخطط تمزيق الجمهورية اليمنية وتفكيك كيان الدولة وضرب ركائزها السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، على ضوء معطيات الواقع المتجلي أمام العالم من دعم تمرد وانقلاب الانتقالي الجنوبي ومساندة طيران الإمارات له، وكذلك التنسيق الكبير لها مع الميليشيات الانقلابية الحوثية في الشمال والذي وصل إلى مستوى الدعم، كما أكدته تقارير فريق الخبراء التابع للجنة عقوبات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالشأن اليمني.