أستاذ المحاسبة المالية الدكتور محمد جبران:

التقسيم الراهن يشرعن للشمالي بظلم الشمالي

2014-02-16 08:19:31 حاوره/ نبيل الشرعبي


قال الخبير الاقتصادي وأستاذ المحاسبة المالية بجامعة صنعاء، الدكتور/ محمد علي جبران، قبل أن يتحدث من قام بتقسيم الأقاليم دون أي أسس أو معايير، إلى القول بأنه يجرى دراسة احتياجات كل إقليم، فإنه يتوجب عليهم الرد على سؤال: ما هي المعايير والأسس التي، اعتمدوها لتقسيم الأقاليم.

وأضاف الدكتور جبران ثم بعد ذلك نأتي إلى أمر هام وهو هل هؤلاء الذين قاموا بالتقسيم لديهم من المعرفة والخبرة ما يكفي، للقيام بمثل هذه العملية التي يترتب عليها نتائج لن تكون في صالح البلد، في ظل الوضع والتعاطي الراهن معها، دون معرفة أو خلفية عن التقسيم وكذلك مستوى قابلية البيئة للتقسيم وغير ذلك، وقضايا أخرى في إطار قضية الفيدرالية التي على أساسها تم تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم؛ تحدث عنها الدكتور جبران ضمن حديث خاص لـ"أخبار اليوم" الاقتصادي.

وذكر في حديثه أن عملية التقسيم الحالية لم ترتكز على أي أسس أو معايير علمية وواقعية، مع أنه يوجد أسس ومعايير عالمية معتمدة، للتقسيم الفيدرالي وفقاً لمحددات البيئة، والوضع العام للبلد والتركيبة المجتمعية، والعمل في الحسبان الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني والإنساني والاجتماعي والثقافي، والتوزيع السكاني وغير ذلك من المحددات.

ووفق الدكتور/ جبران: من تم إيكال المهمة هذه إليهم ليس لهم صلة ولا معرفة بأسس ومعايير واشتراطات الفيدرالية وأن المشكلة الأكبر هو تكليف أحمد عوض للقيام أو إدارة التقسيم الفيدرالي وهو ليس له معرفة بالفيدرالية ولا صلة بها، كما أنه لا يفقه شيئاً في هذا المجال، بل يقوم بتنفيذ كل ما يُطلب منه فقط، وهو لا يدرك التبعات, ناهيك عن عدم وجود أي صلة تربطه بهذه العملية لا من قريب ولا من بعيد.

ولإبراز حجم النتائج السلبية المترتبة على عملية التقسيم الحالية المنعدمة من أي أسس، والبعيدة عن الواقع وغير الملائمة له، قال الدكتور جبران: تخيل أنه عندما يتم تشكيل برلمان، ويسمى بمجلس الشيوخ، كيف سيكون تمثيل إقليم تهامة وإقليم الجند الذي يبلغ تعداد سكان كل منهم ستة ملايين نسمة أي بإجمالي اثني عشر مليون نسمة، وفي المقابل إقليم مأرب عدد سكانه مليون ونصف المليون نسمة، هنا كيف سيكون التمثيل وغير ذلك من الأقاليم.

وتساءل جبران كيف تم هذا التقسيم وعلى أي أساس، يكون تمثيل ستة ملايين نسمة بنفس تمثيل مليون ونصف المليون نسمة، وهل يعقل أن يكون نسبة تمثيل ما يقارب 67% من السكان، هي نفس نسبة تمثيل ما نسبته 33% من السكان، إذ أن إقليم الجند وتهامة وآزال، هذه الثلاثة الأقاليم التي كما أسلفنا الذكر عدد سكانها يقارب 67% من إجمالي سكان اليمن، سيكون نسبة تمثيلهم في البرلمان المركزي أو مجلس الشيوخ، هو نفس الثلاثة الأقاليم الأخرى والتي لا يتجاوز عدد سكانها مجتمعة 33% من السكان الإجمالي، هذا ظلم وغير منطقي.

وكرر جبران: هذا ظلم كبير ويتم عن جهل الذين قاموا بالتقسيم، وأشار إلى أنه ليس صحيحاً هذا الحاصل، خاصة وأنه تم التعامل مع الجنوب وفق معايير أخرى تبعاً للحالة التي أفرزتها السياسات الخاطئة، ولا بأس أن يتم ذلك مع الجنوب ولو من باب المجاملة، أما أن يصل الأمر إلى مستوى يشعن للشماليين بأن يمارس الظلم ضد الشمالي، فهذا خاطأ فادح وسيقود إلى زرع الأحقاد والكراهية، وإنتاج المشاكل جراء مرارة هذا الظلم.

وأضاف: أليس الظلم بعينه أن يكون إقليما الجند وتهامة والثالث إقليم آزال بعد أن تم ضم محافظة ذمار إليه، نصاب تمثيلهم في مجلس الشيوخ ستة أعضاء، لكل إقليم عضوان، وهؤلاء الأعضاء الستة يمثلون ما نسبة 67% من سكان اليمن، فيما الأقاليم الأخرى والذين لا يزيد عدد سكانهم عن 37%، يكون نصاب تمثيلهم بستة عشر عضواً.

وبحسب الدكتور جبران هذا يشكل خطورة كبيرة، كون الستة عشر عضواً، هم الذين سيتفردون بالقرار، لأنهم الأغلبية وفي المقابل لن يكون لممثلي أقاليم الجند وتهامة وآزال، أي تأثير، وبهذا يتحكم الستة عشر عضواً في فرض القرار الذي يريدون، وسيصير 67% من سكان اليمن مهمشين، ويسيطر عليهم الـ37%، مادام ممثليهم يشكلون الأغلبية.

وهذا اختلال كبير ولا يحتاج إلى تدقيق لمعرفته، فهو يبدو للعيان ظاهراً، مع أن المنبع والسائد في مثل هذه الحالات، هو أن يكون التمثيل متساوياً- أي عشرة بعشرة أو ما شابه- المهم المساواة في التمثيل والذي من شأنه إيجاد توازن في رسم السياسات واستصدار القرارات، وذلك لأن الأمر لن يعد كما هو كان، إذ كان لا يوجد سوى المجلس الاستشاري، وهو الذي يقرر، أما في تحت مظلة الأقاليم، فإن الأمر سيتغير جذرياً.

وللتوضيح أكثر قال جبران، في ظل الأقاليم يكون مجلس الشيوخ أو البرلمان المركزي هو المسؤول والتمثيل المتساوي الضامن الرئيس للتوازن، لأن الوضع سيحول كما هو حاصل في كثير من الدول الفيدرالية في العالم، ومنها على سبيل المثال: الولايات المتحدة الأميركية، حيث لا يستطيع الكونجرس أن يعمل شيئاً إلا بموافقة مجلس الشيوخ، وللتأكيد على أن مجلس الشيوخ هو المسيطر وصاحب القرار، نذكر موضوع إعلان الكونجرس الأميركي رغبته في إغلاق معتقل غوانتنامو، ولكن أمام رفض مجلس الشيوخ، لم يستطع أن يفعل شيئاً، وهكذا سيكون الحال في اليمن.

خمسة معايير

وشدد جبران على ضرورة أن ترتكز الفيدرالية على أسس ومعايير تضمن عدم تسيد بعض على بعض، وبدون ذلك فإن الفدرالية ستؤول إلى الفشل، وحيال الثروات وتركزها في أقاليم، وخلو الأخرى منها، قال: بالنسبة لهذا الموضوع يمكن الحل من خلال خمسة معاير وضعتها، وأتمنى من الرئيس عبد ربه تحقيقها، والخمسة المعايير هي: فرض هيبة الدولة، الاستعانة باستشاريين أكفاء، تشكيل وتعيين الحكومة من الخبرات والكفاءات الوطنية الشريفة والنزيهة، بغض النظر عن كون هذه الخبرات والكفاءات مستقلة أو متحزبة أو أياً كان المهم أن تكون نزيهة وشريفة ولا تستغل الوظيفة العامة لصالح الحزب أو المذهب أو القبيلة، إشراكها في إعداد التشريعات والقوانين واللوائح المنظمة والسليمة.

والإقليم الوحيد الذي سيحقق عدلاً في هذا المجال هو إقليم عدن، ليس لأنه يمتلك موارد بل العكس إقليم عدن ليس فيه موارد مقارنة بعدد من الأقاليم غيره، وإنما يرجع السبب إلى أنه يمتلك من الموظفين أكثر من أي إقليم وهنا يجب استغلال هذا الكم الهائل من الموظفين أكثر من اللازم، حتى أنه فاق المعايير العالمية في هذا المجال، حيث أنه في إقليم عدن مقابل كل موظف 45مواطناً، مع أفضل المعايير العالمية مقابل كل موظف مائة مواطن.

وكمثال واحد فقط ذكر الدكتور جبران أنه في محافظة أبين وحدها يبلغ عدد الموظفين أكثر من 17 ألف موظف، فيما عدد سكانها لا يزيد عن 40 ألف نسمة، وهذا أكبر من محافظة عدن الذين يزيد سكانها عن مليون وثمانمائة ألف نسمة.

وأضاف الدكتور جبران: أكرر التأكيد على أن التقسيم لم يرتكز على أية أسس أو معايير، وهنا لا بد من إعادة النظر في الموضوع، وأي تقسيم هذا الذي يساوي في تمثيل الأعضاء في مجلس الشيوخ بين إقليم الجند الذي يزيد عدد سكانه عن ثلث سكان اليمن، وبين إقليم مأرب الذي يُقدر عدد سكانه مليون ومائتي ألف نسمة.

ودعا جبران إلى تصحيح التقسيم الراهن وفقاً للأسس والمعايير السليمة السائدة عالمياً والتي تناسب البيئة اليمنية، ولفت إلى مسألة هامة وهي أن عدد الأقاليم التي كانت قبل ألف وأربعمائة سنة، كانت أربعة أقاليم هي: إقليم الجند وصنعاء والأشاعرة، وإقليم حضرموت، وهذه الأقاليم الأربعة هي التي ورد ذكرها سواءً في التاريخ أو السيرة.

وما الذي كان مطلوباً أفاد جبران، أنه كان على اللجنة المكلفة بالتقسيم الفيدرالي، قبل كل شيء أن تضع أسساً ومعايير تراعي فيها كل الاعتبارات، وألا تقم بأي خطوة قبل أن تضع ذلك، وأشار إلى أنه سمع مقابلة مع أحمد عوض قبل أيام، ذكر فيها أنه تم استدعاء كافة الخبراء واللجنة التي قامت بالتقسيم كلها خبراء، وهذا يكشف عن حقيقة مرة، حيث لا يوجد أي خبير فيها، بل كل الأعضاء هم من أعضاء مؤتمر الحوار.

واستفسر جبران: من الخبراء الذين يتحدث عنهم أحمد عوض، وأنا شخصياً بعثت له رسالتين مع أحمد بازرعة وكان رده أنه سيتصل بنا أثناء تشكيل اللجنة، وفي الليل صدر قرار رئاسي بتشكيل اللجنة مما يؤكد أن بن عوض لم يكن له أي دور في تشكل اللجنة وإنما يجرى استخدامه وما عليه إلا التنفيذ فقط.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد