تقرير برلماني: فوائد الدين الداخلي تستحوذ على أكثر من 90 بالمائة من الضرائب المحصلة

2014-02-23 10:22:25 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي


إن استمرار تحقيق الموازنة العامة للدولة على مدى عقدين, أصبح يمثل أحد سماتها الأساسية, ويرجع إلى جملة من الاختلالات الأساسية المزمنة التي تعاني منها الموازنة العامة للدولة, وناتجة عن جملة من العوامل, أبرزها الإخفاق في تنمية الموارد الذاتية بشكل عام والإيرادات الضريبية والجمركية خاصة, وفق أحدث تقرير برلماني ينفرد" الملحق الاقتصادي" بنشره حول الرقابة السنوية ومراجعة الحسابات الختامية للموازنات العامة.

وأضاف التقرير بأن العوامل الأخرى التي تساهم في استمرار عجز الموازنات العامة للدولة على مدى عقدين من الزمن, انخفاض القدرة الاستيعابية للمنح والقروض الخارجية المتاحة, والارتفاع المستمر في الإنفاق الجاري خاصة نفقات الدعم الحكومي للمشتقات النفطية والمرتبات والأجور وأعباء الدين الداخلي الذي تجاوز الحدود الآمنة ويتوقع خبراء اقتصاد أن يصل هذا العام إلى 160 بالمائة.

ضعف المالية

وذكر التقرير أن الجهاز الفني للرقابة السنوي, أكد على اتسام المالية العامة بالضعف في مجال الاستقرار والاستدامة المالية وضعف الدور التنموي للموازنة , باعتمادها في جانبها الإيرادي على مصادر غير مستقرة وغير آمنة, ولا تحقق الاستقرار والاستدامة خاصة مع تراجع إنتاج النفط.

وكذلك ضعف فاعلية الإجراءات التي أُتخذت خلال الفترة السابقة للحد من التهرب الضريبي والتهريب الجمركي, الأمر الذي انعكس سلباً في عدم توسيع قاعدة الإيرادات الضريبية ومحدودية أهميتها النسبية في هيكل الموارد العامة للدولة, وارتفاع الرصيد القائم للدين العام الداخلي وتزايد الأعباء السنوية المترتبة عليه.

وأكد تقرير بيان الرقابة السنوي عن مراجعة الحسابات الختامية للموازنات العامة للدولة للسنة المالية 2012م, أنه من أكبر الأخطاء اختزال أسباب استمرار عجز الموازنة العامة للدولة على مدى عقدين من الزمن, في الجانب الأمني فقط, ويترتب عليه إغفال الأسباب الحقيقية لاستمرار العجز, كما يتخذ مبرراً لاستمرار الاختلالات الهيكلية وتراكمها وبقاءها دون معالجة وعلى نحو لا يحتمله واقع الحال ومتطلبات المستقبل المنشود.

وحسب التقرير مثل ما هو مطلوب من الجميع التظافر لمعالجة المشكلة الأمنية؛ فإنه يتوجب على كافة المعنيين كلُ في اختصاصه الدفع نحو إيجاد الحلول الحقيقية والسريعة والعلمية وغير النمطية للمشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تعاني منها اليمن.

وأرجع التقرير النتائج الإيجابية التي طرأت خلال العام 2012م, بأنها ليست نتاج معالجة أو اتباع سياسة ناجحة, وأبزر تلك الإيجابيات استقرار سعر الصرف وتحقيق نمو اقتصادي بلغ حوالي 2 بالمائة مقابل نمو سلبي شهده العام 2011م وتحسن واضح في ميزان المدفوعات صاحبه زيادة في رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي, وهذه التحسينات ـ كما قال التقرير ـ تقتضي الموضوعية أن توضح العوامل الاستثنائية التي ساهمت في حدوثها.

عوامل استثنائية

وهنا يجب الوقوف على الفقرة التالية" الموضوعية تقتضي إيضاح العوامل الاستثنائية التي ساهمت في حدوث تلك المؤشرات الإيجابية" والتي لا تمثل سوى أقل من 10 بالمائة من المجالات ذات الصلة, وحسب التقرير التحسن الذي طرأ على ميزان المدفوعات وزيادة حصيلة الاحتياطات النقدية, ليس ناجماً عن اتباع سياسة ناجحة, بل مرده بصورة أساسية إلى ارتفاع تحويلات المغتربين في الخارج كنوع من التعاطف مع السكان في الداخل, وحالتهم الصعبة.

والجانب الآخر الذي ساهم في ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في تدفق القروض الخارجية في اطار الدعم الإقليمي والدولي لليمن, وصاحبه تدفق استثمارات اجنبيه, وللإنصاف ساهم البنك المركزي من خلال اتباع إجراءات فاعلة في اتجاه تحقيق استقرار نسبي في أسعار الصرف, وأرجع التقرير تحقيق فائض قدره 572 مليون دولار مقابل عجز قدره 378.6 مليون دولار, إلى ارتفاع قيمة الواردات من مختلف السلع, قابله انخفاض في كميات الصادرات والناتج عن انخفاض إنتاج النفط والغاز, وهذا يبرهن على وجود كثير من الاختلالات التي تعاني قطاعات الاقتصاد اليمني واعتمادها بشكل رئيسي على الاستيراد في توفير احتياجاتها واعتماد التصدير بصورة أساسية على النفط والغاز وعلى نحو يهدد الاقتصاد والاستدامة المالية.

تأهيل المعالجات

واعتبر التقرير العوامل الاستثنائية التي أفرزت بضعة مؤشرات إيجابية عاملاً سيئاً وليس إيجابياً ويترتب عليها مخاطر.

وحد تأكيد التقرير فإن ارتفاع أسعار النفط عالمياً وتدفق المنح والقروض والمساعدات وغير ذلك من العوامل المندرج ضمن الاستثنائية, هذه العوامل لا تقتصر مخاطرها في التغطية على الاختلالات القائمة والحد من تأثيراتها السلبية, وإنما الأخطر وهو الأهم وفق التقرير هو أن العوامل الاستثنائية هذه أدت وقد تؤدي إلى التأخير والتأجيل في معالجة تلك الاختلالات وتفاقمها, بل إنها في ظل استمراها تجعل الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية وخطط التنمية كلها مرهوناً بعوامل خارجية يصعب السيطرة عليها، في مقدمتها أسعار النفط العالمية والقدرات المتوفرة لزيادة كميات الإنتاج منه وهو ما يستوجب العمل على تعبئة الموارد الذاتية ورفع كفاءة استخداماتها.

تخطي الحدود الآمنة

وفيما يتعلق بالعجز المستمر بنتائج تنفيذ الموازنة العامة للدولة, وتخطيه رغم العوامل الاستثنائية المتاحة ـ للمعدلات الآمنة المسموح بها والبالغ 3 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي للعام 2012م, ويذكر التقرير أن العجز يمثل محصلة لجملة من الاختلالات التي تعاني منها الميزانية العامة للدولة وعلى عدم قدرتها في تحقيق الاستقرار المالي, ومن حيث الأسباب ـ حد تأكيد التقرير ـ فإن عجز الموازنة يعود إلى تنامي الإنفاق وهو أمر يمكن قبوله بل هو مرغوب خاصة في ظروف الانكماش والرغبة في رفع معدلات النمو الاقتصادي إلا انه يفقد أهدافه بتحيزه للإنفاق الجاري على حساب الإنفاق الرأسمالي والذي تراجع من المستوى الرئيس الذي يتراوح ما بين 20 إلى 35 بالمائة وقد يرتفع إلى 40 بالمائة, تراجع إلى 10.7 بالمائة ويوازي 301 مليار ريال فقط خلال العام 2012 من إجمالي الإنفاق العام.

وادى هذا الاختلال جراء التراجع في الإنفاق الرأسمالي وفي المقابل ارتفاع النفقات الجارية إلى تواضع الأثر التنموي للسياسات المالية وصاحب ذلك تراجع في الأولويات الاجتماعية للسياسات المالية, فرغم زيادة المخصصات المالية لقطاعي التعليم والصحة إلا أنها تراجعت كنسبة مئوية في هيكل الإنفاق لعام 2012م بالمقارنة مع العام السابق.

والإخفاق في تنمية الموارد الضريبية تحديداً، يأتي في مقدمة أسباب استمرار عجز الموازنات العامة, وأرجع التقرير الإخفاق في تنمية الموارد الضريبية وغير الضريبية إلى وجود اختلالات قانونية وإدارية وفنية تعاني منها المصالح الإيرادية وعلى الجانب الآخر الإخفاق في تنمية الموارد في عدد من القطاعات الواعدة وتحديداً قطاع الاتصالات والثروات المعدنية والنفطية.

تأثيرات العجز

ولفت التقرير إلى أنه ينجم عن استمرار عجز الموازنات العامة للدولة ونتائج تنفيذها التي لا تتم وفق أساليب علمية مالية تأثيرات سلبية في مقدمتها ارتفاع حاد في قيمة رصيد صافي الدين العام الداخلي, وتجازوه الحدود الآمنة بكثير, وهو ما يستدعي التنبه للسيطرة على معدلات نموه خارج الحدود الآمنة وإدراك تكاليف تحويله المرتفعة, حتى أن فوائده في العام 2012 فاقت الزيادة التي حدثت في حصيلة الإيرادات الضريبية للمصلحة, علاوة على أن فوائد هذا الدين تستحوذ على أكثر من 90 بالمائة من حصيلة الضرائب المحصَّلة.

وأرجع التقرير تواضع الأرباح المحققة في وحدات القطاع الاقتصادي وعلى نحو لا يتناسب وحجم الاستثمارات فيها أو ما تملكه من إمكانيات وقدرات مادية ونوعية وطبيعة الأنشطة التي تمارس؛ أرجعها إلى جملة من الاختلالات الإدارية والتحويلات الفنية, وزاد تفاقمها السنوات الماضية, مؤدية إلى تدنى الأداء في عدد من الوحدات الاقتصادية ومختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية إلى حد يهدد باستمراريتها.

وحيال العمل الرقابي وأجهزته ومتطلباته, أشار التقرير بما يوحي أن الأجهزة الرقابية لا تتمتع باستقلالية يفرضها طبيعة ونوعية عملها الحساس, ولا تملك الإمكانيات التي تمكنها من العمل الرقابي المحكوم بمعايير مهنية ويخضع في تنفيذ مهامه الرقابية لمنهجية معتمدة تضمن جودة الأداء وتكرسَّ معايير الاستقلالية والنزاهة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد