نزيف الضرائب

2014-02-23 10:41:11 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي


إن تخطيط وتقييم الأداء الضريبي والحصيلة الضريبية في بلادنا لا يتم استناداً إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي ومكوناته لتحديد الوعاء الضريبي المتاح ومن ثم ربط الضريبة على أساسه، علاوة على عدم مراعاة التوجهات المعلنة والمتمثلة بتضييق الفجوة بين دخول شرائح المجتمع والذي ترتب عليه عدم تمكن واضعي السياسات المالية الاقتصادية من الموائمة بين منفعة الحصيلة الضريبية وعبء الأثر الاقتصادي لها وتحديد القطاع الأكثر تأثراً بهذا العبء بهدف وضع السياسات الملائمة للحد والتخفيف من الآثار الناجمة عنه.

إن تخطيط وتقييم الأداء الضريبي والحصيلة الضريبية في بلادنا لا يتم استناداً إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي ومكوناته لتحديد الوعاء الضريبي المتاح ومن ثم ربط الضريبة على أساسه، علاوة على عدم مراعاة التوجهات المعلنة والمتمثلة بتضييق الفجوة بين دخول شرائح المجتمع والذي ترتب عليه عدم تمكن واضعي السياسات المالية الاقتصادية من الموائمة بين منفعة الحصيلة الضريبية وعبء الأثر الاقتصادي لها وتحديد القطاع الأكثر تأثراً بهذا العبء بهدف وضع السياسات الملائمة للحد والتخفيف من الآثار الناجمة عنه.

وكشف تقرير برلماني حديث عن استمرار ظاهرة تدني وتواضع الإيرادات الضريبية البالغة حصيلتها المحققة خلال عام 2012 (546.5) مليار ريال بنسبة (21.9%) من إجمالي الموارد العامة والتي تساهم في تمويل الإنفاق العام للدولة بما نسبته (19.4%) فقط، كما تمثل تلك الحصيلة ما نسبته (7.75%) من الناتج المحلي الإجمالي، وتظل الحصيلة الضريبية المحققة متدنية بصورة ملحوظة سواء كأرقام مطلقة أو كنسبة في هيكل الموارد العامة أو كنسبة للناتج المحلي الإجمالي وذلك بالمقارنة مع الطاقة الضريبية الممكنة في الاقتصاد الوطني والتي تتجاوز (16%) من الناتج المحلي الإجمالي أو بالمقارنة بما هو قائم في بعض الدول الإقليمية (تونس، المغرب، لبنان، مصر، الأردن) ذات السمات الاقتصادية المتشابهة مع بلادنا، والتي تمثل الحصيلة الضريبية فيها بنسب تتراوح ما بين (57% ـ 88%) في هيكل مواردها العامة، كما أن العبء الضريبي في تلك البلدان يتراوح ما بين (14% ـــ 27%) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلدان.

لا يتم استناداً إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي

بما لا يتفق ومتطلبات القواعد الأساسية للضريبة، فإن تخطيط وتقييم الأداء الضريبي والحصيلة الضريبية في بلادنا لا يتم استناداً إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي ومكوناته لتحديد الوعاء الضريبي المتاح ومن ثم ربط الضريبة على أساسه، علاوة على عدم مراعاة التوجهات المعلنة والمتمثلة بتضييق الفجوة بين دخول شرائح المجتمع والذي ترتب عليه عدم تمكن واضعي السياسات المالية الاقتصادية من الموائمة بين منفعة الحصيلة الضريبية وعبء الأثر الاقتصادي لها وتحديد القطاع الأكثر تأثراً بهذا العبء بهدف وضع السياسات الملائمة للحد والتخفيف من الآثار الناجمة عنه حيث والملاحظ ما يلي: بما لا يتفق والتوجهات الاقتصادية ساهم الأداء الضريبي في زيادة الفجوة الاقتصادية بين شريحة الموظفين محدودي الدخل وشريحة التجار ورجال الأعمال، حيث بلغت حصيلة ضريبة المرتبات والأجور لعام 2012 (134.0) مليار ريال بما نسبته (54.6%) وحصيلة ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستوفاة من شركات ومؤسسات القطاع العام والمختلط والتعاوني والقطاع الخاص مبلغ (111.5) مليار ريال بما نسبته (45.4%) وهو ما يشير إلى استمرار تحمل الأفراد لمعظم العبء الضريبي مما يعد إخلالاً بقاعدة العدالة الضريبية.

عدد محدود

تركز معظم الحصيلة الضريبية في عدد محدود من المكلفين مقارنة بالمجتمع الضريبي، حيث وضريبة الأرباح التجارية المحصلة من شركات الأموال (قطاع خاص) قد تركزت في عدد (11) مكلفاً بمبلغ (19.1) مليار ريال بنسبة 68.8% من إجمالي الضريبة المحصلة من مكلفيّ هذا القطاع البالغ عددهم (918) مكلفاً وانحصرت ضريبة الأرباح التجارية المحصلة من شركات القطاع العام في عدد (7) شركات في مبلغ وقدره (58.3) مليار ريال مع أن عدد مكلفي هذا القطاع يتجاوز (90) مكلفاً.

كما أن حصيلة ضريبة المرتبات والأجور على العاملين في القطاع الخاص قد تركزت في عدد (15) مكلفاً بمبلغ (8) مليار ريال بما نسبته (41%) من إجمالي حصيلة ضريبة المرتبات والأجور الموردة من مكلفي هذا القطاع البالغ عددهم (140) ألف مكلف، وعلى مستوى وحدات القطاع العام فقد تركزت الحصيلة في المحصل من عدد (14) مكلفاً في مبلغ (11) مليار ريال وبما نسبته (51%) من إجمالي الحصيلة الموردة من مكلفي هذا القطاع البالغ عددها (90) مكلفاً.

ومن حيث مصادر ضريبة الدخل والأرباح لعام 2012م فقد بلغت الضريبة المحصلة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والمختلط والتعاوني خلال عام 2012م (173.5) مليار ريال بما نسبته (70.7%) من إجمالي حصيلة الضرائب المباشرة. مقابل (72) مليار ريال إجمالي المحصل من القطاع الخاص التجاري والصناعي، وهو ما يشير إلى اتساع حجم التهرب الضريبي في الأنشطة التجارية والصناعية للقطاع الخاص.

إن ما تقدم ذكره من مؤشرات بشأن تدني وتواضع حصيلة الإيرادات الضريبية والجمركية يرجع إلى جملة من الاختلالات وجوانب القصور في أداء الإدارة الضريبية والجمركية والمشار إليها تفصيلاً في تقرير الجهاز السنوي عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2012م المرفوع لمجلسكم الموقر والتقارير التفصيلية الملغة للوحدات المعنية، ولأهمية ذلك نستعرض وبإيجار أهم تلك الاختلالات وعلى النحو الآتي:

منظومة التشريعات

عدم استكمال منظومة التشريعات الضريبية والجمركية رغم أهميتها في تبسيط إجراءات المحاسبة والربط الضريبي وتحسين مستوى الامتثال الطوعي للمكلفين، ومن أهمها مشروع قانوني مكافحة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، مشروع قانون الإجراءات الضريبية، مشروع قانون الرسوم القنصلية، وكذا تعديل قانون ضريبة المركبات والآليات.

عدم جدية الحكومات المعاقبة في تحقيق الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والفنية لمواجهة أهم التحديات التي يعاني منها النظام الضريبي والجمركي.

عدم وجود رؤية متكاملة لدى الإدارة الضريبية بشأن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات وقانون ضريبة الدخل الجديد.

الأداء غير الكافي للنظام الضريبي، والذي يعود لضعف في بنيته وآليات تطبيقه وعدم توفر أسس العدالة الضريبية فيه، والناتج في جانب كبير منه عن ضعف وقصور في تطبيق التشريع الضريبي، وترجع أسباب ذلك بصورة عامة إلى عدم توفر الوعي الاجتماعي لدى المكلفين بالضريبة، وعدم فعالية الإدارة الضريبية في فرض الانضباط الضريبي، وضعف الصلاحيات المعطاة لجهاز الضرائب لضبط التهرب ومكافحته، إضافة إلى عدم توفر جهاز للاستعلام الضريبي يزود إدارة الضرائب بالمعلومات اللازمة عن أعمال ونشاطات المكلفين بالضريبة.

استمرار منح معظم مكلفي قطاع الخدمات النفطية إعفاءات من ضرائب الأرباح استناداً إلى اتفاقيات الشركات النفطية الأم وبصورة أدت وتؤدي إلى إهدار الموارد الضريبية المتأتية من أنشطة غير خاضعة لنطاق الإعفاءات الضريبية تلك من ذلك مقاولي الباطن المتعاملين مع بعض الشركات النفطية العاملة في قطاع النفط وعلى النحو المبين في تقرير الجهاز عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة.

غياب الدور الفني المتعلق بوضع وتطوير إجراءات التحاسب الضريبي لكافة قطاعات المكلفين وغياب برامج المراجعة الفنية في الدورة المستندية المتبعة في تنفيذ إجراءات التحاسب الضريبي.

تدني الإنجازات

التدني الكبير في مستوى الإنجازات الفنية لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين والمكاتب الضريبية بأمانة العاصمة والمحافظات، حيث بلغ عدد الملفات الضريبية الغير منجزة فيها (409.349) ملفاً بنسبة (94%) من المخطط إنجازه، بالإضافة إلى استمرار تراكم الملفات الضريبية الغير منجزة لدى مجموعات الإدارة الضريبية (لجان التسوية) ولجان الطعن الضريبية دون قيام مصلحة الضرائب باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه تلك اللجان، مما ترتب عليه حرمان الخزينة العامة من إيرادات ضريبية كبيرة مستحقة، من ذلك على سبيل المثال عدد (312) ملفاً غير منج من قبل لجان التسوية بالوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بمبلغ إجمالي وقدره (24.7) مليار ريال، وعدد (195) ملفاً لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين غير منجز من قبل لجان الطعن بمبلغ إجمالي وقدره (31.2) مليار ريال، ومبلغ (130.3) مليون دولار أميركي.

ظهور العديد من البيانات الجمركية لمكلفين تم توقيف أرقامهم الضريبية من قبل مصلحة الضرائب لعدم التزامهم ضريبياً خلال عام 2010م، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر (6.515) بياناً جمركياً بقيمة إجمالية بلغت (47.1) مليار ريال.

ظهور العديد من الأرصدة الضريبية المستحقة على عدد من المكلفين في 31/12/2012م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه بمبلغ وقدره _(24.9) مليار ريال ومبلغ (3.3) مليون دولار أميركي.

عدم وضع أي خطط أو برامج تستهدف رفع كفاءة الأداء المرتبط بضبط القيمة الجمركية للواردات، حيث لم يقف الجهاز على أي إجراءات بشأن معالجة الاختلالات الظاهرة في آلية رقابة القيمة الجمركية من خلال نظام التعاميم السعرية والتي سبق للجهاز تناولها في تقاريره للأعوام السابقة.. حيث تعد اختلالات ضبط القيمة الجمركية وما يترتب عليها من فاقد في الرسوم والعوائد الأخرى من أكثر الملاحظات المزمنة المرتبطة بالأداء الفني.

كما أن انخفاض القيم الجمركية لبعض الواردات والتي تمثل إحدى الإشكاليات المزمنة في الأداء الفني، وبالرغم من التأثير السلبي لذلك على الحصيلة من الرسوم الجمركية والعوائد الأخرى الناجمة عن ذلك، إلا أن الآثار الأخرى لا تقل ضرراً على الاقتصاد الوطني، ومن ذلك على سبيل المثال ما يلي: الأثر المترتب على عدم ملائمة قيم الواردات كمدخلات للتخطيط الاقتصادي واستخراج مؤشرات الأداء الاقتصادي الموجه للسياسة والخطط والبرامج الاقتصادية.

انخفاض قيم الواردات المتأتي نتيجة عدم التعامل مع أصول الوثائق المعتمدة والمكتملة والذي من شأنه عدم حماية المستهلك فيما يتعلق بالجودة والقيمة وبالتالي تعريض الاقتصاد الوطني للخسائر المترتبة على ذلك.

بلغت البيانات الجمركية التي لم يتم معالجتها للفترة 2001 ــ 2010م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه (156.068) بياناً بمبلغ إجمالي وقدره (314.8) مليار ريال الأمر الذي يساعد على التهرب الضريبي.

ضعف إجراءات التحقيق

ضعف وقصور في إجراءات التحقق من القيمة الجمركية والكميات والأوزان وخصوصاً في المنافذ البرية والتي أصبحت ملاذاً للتهريب الآمن.

استمرار عمليات تجيير بوالص الشحن والبضائع في المنافذ الجمركية وهو ما يؤثر سلباً على الإيرادات الضريبية ويسهل عمليات التجارة المشبوهة وغسيل الأموال، حيث بلغ إجمالي البيانات المجيرة على ذلك النحو وفقاً لما تم الوقوف عليه خلال الفترة 2010 ـ 2013م (916) بياناً بمبلغ وقدره _38.2) مليار ريال منها عدد (561) بياناً بمبلغ (24.8) مليار ريال تم تجييرها في إطار مكلفي القطاع الخاص، وعدد (355) بياناً بمبلغ (13.4) مليار ريال، تم تجييرها من مكلفي القطاع الخاص إلى قطاع عام، علماً بأن المجير بأسمائهم تلك البيانات قد يتمتعوا بإعفاءات ضريبية وجمركية، وهو ما يترتب عليه تهرب ضريبي وجمركي ويحرم الخزينة العامة من موارد ضريبية وجمركية كبيرة.

برغم صدور عدد من القوانين الاقتصادية خلال الربع الأخير من العام 2010م والتي تضمنت في جانب منها أحكاماً تحد من الإعفاءات الجمركية والضريبية، إلا أن ظاهرة الإعفاءات الجمركية للواردات المعفاة وتحت نظام السماح المؤقت، لا زالت مستمرة وتتصاعد قيمتها سنة إثر أخرى حيث بلغت قيمتها خلال عام 2012م _(547.5) مليار ريال وإجمالي قيمة الرسوم الجمركية الخاصة بها (30.6) مليار ريال والتي تمثل نسبة (35%) من إجمالي الرسوم الجمركية المستوفاة خلال ذات العام.

استمرار الاختلالات الجوهرية في إجراءات التصفية لبيانات الإدخال المؤقت ولما يخص مدخلات الشركات العاملة في مجال النفط والغاز في ظل غياب قاعدة البيانات السليمة والمتكاملة لبيانات الإدخال المؤقت.. علاوة على التداخل الظاهر في صلاحيات ومسؤوليات هيئة استكشاف وإنتاج النفط مع الصلاحيات القانونية لمصلحة الجمارك في إلزام مقاولي الباطن بتصفية بيانات الإدخال المؤقت عبر الشركات الأم، وعدم وضع إطار مكتوب فيما بين الهيئة والمصلحة لتنظيم تنفيذ التسهيلات القانونية للاستثمارات النفطية المنظمة بموجب اتفاقيات صادرة بقوانين تضمن الالتزام بالتصفية وفقاً للقانون.. ومجمل ذلك مثل إشكالية مزمنة في تنفيذ أعمال التصفية للبيانات الجمركية المعلقة وفي متابعة المتخلفين وتحصيل الغرامات المستحقة قانوناً، وهو ما ترتب عليه وفقاً للبيانات المتاحة عن الإدخال المؤقت للشركات النفطية للأعوام من 2004م حتى 2012م بقاء مبلغ (30) مليار ريال مقابل رسوم جمركية وعوائد أخرى معلقة دون تصفية أو سداد.

بيانات نفطية

استمرار المنافذ والدوائر الجمركية بالإفراج عن بعض السلع المستوردة بموجب تعهدات وضمانات مالية في ظل عدم كفاية وفاعلية الرقابة والمتابعة للتعهدات واستيفاء قيمة تلك الضمانات، حيث بلغ عدد البيانات الجمركية (المعلقة) على ذلك النحو كما في نهاية العام المالي 2012م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه (10.060) بياناً، بالإضافة إلى البيانات الجمركية المعلقة على شركة مصافي عدن مقابل مستورداتها من المشتقات النفطية والبالغ قيمة الرسوم الجمركية عليها كما في 31/12/2012م (274.7) مليار ريال.

فوارق كبيرة

وكشفت بيانات وزارة المالية عن الضرائب المحصلة من كبار المكلفين، قطاع شركات الاتصالات، عن فوارق كبيرة في الأرقام الموردة بين كل شركة وأخرى، من الشركات الحكومية والمختلطة والخاصة، وخصوصا شركات القطاع الخاص، وطبقا لوثائق حكومية، حسب ما نشرته صحيفة الأولى، فقد بلغ إجمالي ضرائب العام 2013، أكثر بقليل من 35 مليار ريال، منها ما يزيد عن 23 ملياراً من شركات الاتصالات التابعة للقطاع العام (المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وشركة "يمن موبايل" للهاتف النقال، والشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تليمن")، وما يزيد على 12 مليار ريال من شركات القطاع الخاص، 90% من إجمالي المبلغ موردة من شركة "إم تي إن"، و10% فقط من "سبأ فون".

وفي تفاصيل التقارير الحكومية، فإن اللافت للنظر هو حجم الفارق الكبير بين شركتي القطاع الخاص: "إم تي إن" و"سبأ فون"، وهو الفارق الذي يعزز لدى أوساط برلمانية وسياسية قناعات بأن "سبأ فون" المملوكة للشيخ حميد الأحمر، تحظى بإعفاءات كبيرة، و"غض نظر" من قبل الحكومة، ووزارة المالية تحديدا، بينما تبرر الحكومة والشركة هذا التواضع في عائدات الضرائب، بالقول إن الشركة تتعرض لـ"خسائر".

وبحسب كشف بالإيرادات الضريبية لقطاع الاتصالات، صادر عن الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين، في مصلحة الضرائب، وقدمته وزارة المالية إلى مجلس النواب، فقد وردت شركة "إم تي إن" ضرائب أرباح لعام 2013، مبلغ 10 مليارات و429 مليونا و629 ألفا و967 ريالا، كما وردت ضريبة مرتبات مبلغ 718 مليونا و989 ألفا و158 ريالا (أي بإجمالي ضريبة دخل ومرتبات: 11.148.619.125 ريالا)، وبالمقابل، بلغت إيرادات ضرائب الأرباح من شركة "سبأ فون"، لنفس العام، 316 مليونا و585 ألفا و618ريالا فقط لا غير، كما وردت ضريبة مرتبات مبلغ 349 مليونا و544 ألفا و127 ريالا (أي بإجمالي لضرائب الأرباح والمرتبات: 666.129.745 ريالا).

وفيما يقول كشف وحدة ضرائب كبار المكلفين، إن شركة "سبأ فون" قدمت إقرار أرباح لعامي 2011 و2012، بنتيجة نشاط "خسارة"، وخسارة مرحلة من أعوام سابقة؛ فقد ذكر أن إجمالي ما وردته "إم تي إن" من ضرائب أرباح ومرتبات للعام 2012، بلغ 9 مليارات و145 مليونا و176 ألفا و300 ريال، وفيما لا تزال شركة "واي" تتمتع بالإعفاء الاستثماري من ضريبة الأرباح حتى عام 2014، بحسب ما ينص عليه قانون الاستثمار، كونها شركة التحقت بالسوق حديثا، فإنها وردت ضريبة مرتبات لعام 2013، مبلغ 277 مليوناً و322 ألفا و501 ريال، بينما وردت ضريبة مرتبات للعام السابق له، 2012، مبلغ 196 مليونا و483 ألفا و934 ريالا، وفي ما يخص شركة "يمن موبايل"، فقد بلغ حجم ضرائبها للأرباح في 2013، 9 مليارات و220 مليونا و659 ألفا و649ريالا (لم يتضمن الكشف نفسه ضرائب المرتبات من الشركة). (التفاصيل مرفقة في صورة الكشف المرفق في الصحيفة).

تبريرات وزارة المالية

وانتقدت اللجنة البرلمانية الخاصة بدراسة الموازنة الحكومية لعام 2014، ما وصفته بمحدودية الإيرادات الضريبية من هذه الشركات، والتفاوت الكبير بينها لمصلحة شركة بعينها، وشددت اللجنة في تقريرها الذي قدمته إلى مجلس النواب، على "أهمية قيام الإدارة الضريبية بإجراء المحاسبة والربط الضريبي لمكلفي تلك القطاعات، وفقا لأحكام القوانين واللوائح النافذة، وبما يكفل فرض وتحصيل الإيرادات الضريبية المستحقة على مكلفي تلك القطاعات، مع عدم إغفال مسألة المتسببين في تدني تلك الحصيلة".

وإذ طلبت اللجنة بيانا عن ضرائب الدخل على شكات الاتصالات لعام 2012 أيضا، فقد ردت وزارة المالية ببيان تفصيلي، يظهر أولا حجم إيرادات كل من شركتي "إم تي إن" و"سبأفون"، حيث بلغت إيرادات الأولى 67 مليارا و786 مليونا و993 ألفا و522 ريالا، بينما حجم إيرادات "سبأفون" 52 مليارا و57 مليونا و426 ألف ريال، وأوردت الوزارة إيضاحات بشأن إجمالي إيرادات شركة "سبأفون" التي على أساسها يتم تقدير الضرائب المستحقة، قائلة إن إيرادات "سبأفون" لنفس العام تقل عن إيرادات شركة "إم تي إن" لسنة 2012، بمبلغ 15 ملياراً و729 مليونا و567 ألفا و522 ريالا. لكن الوزارة استدركت بأن إقرار "سبأفون" بهذه الإيرادات "لا يزال تحت الدراسة والمراجعة والتحليل للتحقق منه".

كما بررت الوزارة بأن "هناك ارتفاعاً في التكاليف يتمثل في زيادة مصاريف التمويل لدى سبأفون عن شركة إم تي إن"، وأوضحت المالية، أيضا، "أن شركة سبأفون قامت بترحيل خسائر من سنة 2010 و2011 إلى سنة 2012، كما ظهرت في إقرارها، إلا أن الإدارة الضريبة قد تخلصت من خسائر 2010، وتم تحويل نتيجة النشاط إلى الربح، وألغيت الخسارة البالغة حوالي 14 مليون دولار، وسيتم أخذ ذلك في الاعتبار لخصمها من الخسائر المرحلة للسنوات التالية عند استكمال عملية المراجعة" بحسب تعبيرها.

المالية بررت أيضا لـ"سبأفون" بالقول: "هناك ارتفاع في قيمة الأصول الثابتة التابعة لشركة سبأفون، وعند تطبيق أحكام المادة 16 من القانون رقم 17 لسنة 2010 الخاصة باحتساب الإهلاكات لأغراض ضريبية، أسفرت عن قسط إهلاك عالٍ عند تطبيق النسب القانونية"... وعضو في لجنة "الموازنة" البرلمانية، قال لـ"الأولى" إن التبريرات المقدمة للجنة بشأن الواقع المتدني لضرائب الشركة، ركيكة، فضلا عن أن المالية ومصلحة الضرائب ظهرا في موقع "المتستر"، وتزايدت الاتهامات خلال السنوات الماضية لـ"سبأفون" بالتهرب الضريبي، إلا أن الشركة تنفي ذلك باستمرار.

في منتصف العام الماضي، نشرت وسائل إعلام اتهامات لمصلحة الضرائب بالتواطؤ مع شركة "سبأفون"، ومنح الأخيرة إعفاءات، والتغطية على تهربها الضريبي، وعلى الفور أصدرت الشركة بيان نفي قالت فيه "إن ما نشرته وسائل الإعلان غير صحيح، وإن مصلحة الضرائب لا تخضع للإملاءات ولا للتوجيهات الخارجة عن إطار القوانين النافذة التي تعمل على تنفيذها"، معتبرة أن ما وصفتها بـ"جهات مغرضة" تسعى لـ"النيل من الشركة"، وشركة "سبأ فون" هي الشركة الأولى في اليمن في مجال الهاتف النقال، وتقول إعلانات الشركة، منذ أكثر من 3 أعوام، إنها الأكبر من حيث عدد المشتركين، وبرقم يتجاوز مليونين ونصف مليون مشترك.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد