حكومة تنتظر وقوع الكارثة.. ومواطن ينتظر ضمير نائم لمعالي المسؤول

عدن.. مباني أثرية تهدد بكارثة

2014-05-08 08:43:28 تقرير– فهمان الطيار

ظل الاحتلال البريطاني في عدن فترة طويلة من الزمن وتم تشييد عمارات سكنية على أكتاف أبناء عدن ليسكن الجنود المحتلون فيها وإذا نظرت إليها من حيث البناء المعماري والهندسي رائعة التصميم من ذاك الزمن..

 وعندما قامت الثورة ضد الاحتلال من جبال ردفان الشرارة الأولى للثورة حتى تم طرد المحتل نهائياً في 30 نوفمبر غادر المحتلون وقد وضعوا بصماتهم الإبداعية في هذه المدينة الجميلة وزخرفاتهم الرائعة للباسلة عدن لتجد ما تبقى يستفيد منها أصحاب الأرض فذهب الناس ليسكن في هذه المباني وتم تمليكهم إياها من قبل الدولة ومنها ما تحولت إلى ثكنات عسكرية وضلت هذه المباني صامدة شامخة طوال كل هذه الأعوام..

 لكن حالياً برزت الشيخوخة على ملامحها وتكاد تسقط على رؤوس قاطنيها فباتت خطراً يحدق بساكنيها..

البعض منها قد سقط وأخرى على وشك السقوط وللأسف الشديد مازالت الدولة تنظر لهذه الكارثة دون أي تدخل وكأن الأمر لا يعنيها..

كابوس يؤرق الساكنين

المباني السكنيّة المهددة في عدن أصبحت كابوساً يؤرق ساكنيها وخطراً يتجدّد كلّ يوم, باتت حياة المواطنين مهددة ويعيشون في أوساط هذه المنازل في تخوف وقلق وتجد الحديث اليوم على دولة تربع على عروشها, من لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية..

عدة اسئلة في هذا التقرير يجب أن تكون لها إجابة فعلية تخلوا من التبريرات.. على من تقع مسؤولية المباني المهترئة والتي هي آيلة للسقوط على رؤوس ساكنيها؟.. ومن يتحمل التعويض أثناء وقوع الكارثة؟.. وهل تعوض الأرواح؟..

كان لـ "أخبار اليوم" لفتة إنسانية حول هذا الموضوع وإبراز هذه المشكلة وطرحها أمام من يجاهلونها رغم أنها بائنة لكل الناظرين لكن من باب الواجب الصحفي رأينا عرضها حتى لا يكون لهم أي عذر في استمرار التجاهل..

إظهار ونقل هذه المعاناة وإن لم تكن خافية عن أعين الجهات المعنية في متابعة قضايا المواطنين ومساعدتهم في الخروج من زنزانة معانتهم اليومية.. ولكوننا نعرف أن الدور الأمثل يعود على المجلس المحلي كلاً في مديريته سواء في مخاطبة الجهات العليا من الدولة أو في وضع الحلول والمقترحات.. لذلك اتجهنا قاصدين المجلس المحلي لمديرية "صيرة " لعلنا نرجع بحصيلة تسر المواطنين وخبر يطمئنهم..

هذا غير معقول

 لـ "أخبار اليوم" جولات عديدة في هذا التقرير حيث اتجهنا بخطواتنا الأولى إلى المجلس المحلي لمديرية "صيرة" حيث التقينا هناك بأمير المديرية وهو رئيس المجلس المحلي شيخ با نافع وهكذا بدأ حديثه:

أنتم تعرفون أن ميزانية اليمن بشكل عام لا تسمح بهدم هذه المباني وإعادة بنائها وبنفس الوقت تسكين المواطنين أثناء الهدم والبناء .. لأن هذه المسألة التي تنظرون إليها ليست بسيطة بهذا المستوى, لكنها تحتاج جهود جبارة لفعل ذلك ووقت طويل بالإضافة إلى ميزانية غير عادية... وهذا ليس سهلاً في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد .. وكما تعرفون أن محافظة عدن بكاملها مباني منذ الاستعمار وإذا ركزت الحكومة على هذه المشكلة فهي تحتاج إلى إعادة بنايتها من جديد بكاملها.

وتابع شيخ " كيف تأتون إلى المجلس وتريدون منه أن يجعل المسؤولية على عاتقه هذا غير معقول فإذا كنا نتحدث عن حكومة لا تستطيع فكيف بمجلس محلي! .. بصريح العبارة وبكلمات واضحة غير مبهمة "ليس لنا أي علاقة بهذه المشكلة".. وفي مثل هذا الأمر يجب أن تخاطب المحافظة وليس المجلس المحلي.

سنخرجهم بالقوة إذا رفضوا

وعن حياة الناس والخطر المحدق عليهم وكيفية تجنيبهم منها قال رئيس المجلس المحلي" لدينا أوامر على إخلاء المنازل التي على وشك السقوط وإخراج ساكنيها بالقوة إذا رفضوا طبعاً بعد أن طاف أكفاء من المهندسين لمعرفة وضع هذه المنازل فخرج هؤلاء النخبة من المهندسين بوجود بعض المباني التي ستنهار بأقرب وقت ومن هذه المباني "سوق البلدية"..

 للعلم أن هذا السوق يتواجد فيه سكان في الدور الأعلى فنحن قد أنذرناهم بمغادرة هذا المبنى على الفور وقد أعطيناهم فرصة لكي يتمكنوا من ترتيب حالهم بالنسبة للسكن وتجميع أغراضهم وننتظر انتهاء الفترة التي حددناها لهم وسننفذ الأوامر بإخراجهم بالقوة إذا رفضوا وقد أعذر من أنذر.

وأضاف" يجب أن ننظر بالمعقول إذا تهدم منزل أحد هل يجب علينا أن نقوم بإعادة بنائه وتزيينه وتكييفه, هذا عجيب إذا كان الأمر كذلك فكل الناس يريدون إعادة مباني منازلهم على حساب الحكومة .. أما إذا كانت أثرية كما تقولون فلهذا حديث آخر .. الدولة أعطت تمليك لساكني هذه المباني القديمة وكلاً مسؤول عن المنزل الذي يسكن فيه سواء في ترميمه أو إعادة بنائه.

الساكنين ليس لهم أي قدرة

المواطن جلال فارع حداد وهو أحد ساكني هذه المنازل المهترئة يقول: كل يوم أرى مشاهد المباني وهي تتساقط رويداً رويداً، وبعض الأهالي لا يقدرون على توفير سكن جديد وهذه المباني لها مئات السنين، والسكان متخوفون من سقوطها عليهم بينما تجد الحكومة لا تحرك ساكناً، وإذا مررت بين الحارات تأخذك الدهشة والخوف من ما تشاهده على العمارات القديمة فقد أصبحت الجسور عريانة من مادة الإسمنت والترميم أيضاً لا يوجد، وبعض الدرج مهددة بالسقوط والساكنين ليس لهم أي قدرة على فعل شيء، فسوف نشهد كارثة إنسانية قريباً إن لم تتحرك الجهات المختصة.

وتابع" المواطن الذي يقطن وسط هذه المنازل من الطبقة الفقيرة وأخر من الطبقة المتوسطة لكن مهما يكن فهو لا يستطيع إيجاد حل لهذه المشكلة .. والمفترض أن تكون الجهات المعنية لها دوراً بارزاً لاتخاذ الحلول والإجراءات اللازمة حفاظاً على حياة الأخرين لكونهم بشر..

والحقيقة يجب على الحكومة توفير سكن لقاطني هذه المنازل المدمرة والتي طال بها الزمن إلى حين يتم اتخاذ الحلول في شأنها سواء في تدميرها وإعادة بنائها أو في ترميم البعض التي مازالت صامدة وليس الكل لأن أغلبها على وشك الانهيار في أقرب وقت.

وأضاف" يجب أن يعرف الجميع أن المواطن عاجز على فعل أي شيء تجاه مثل هكذا مشكلة فمن جانب أنه لا يستطيع أن يهجر منزله ليستأجر له شقة أو منزل أخر وذلك لأن حالته المادية لا تسمح له بذلك, من الجانب الأخر ليس في إمكانه هدم المنزل الذي يسكن فيه ويقوم في إعادة بنائه .. فهذا عجز كبير أمام المواطن المسكن ..

 ولا يمكن أن تقوم بمثل هذا الشيء سوى الدولة باعتبارها الأم الحنونة على مواطنيها ولا أعتقد أنه لا يوجد جهة في الدولة مسؤولة عن وضع الحلول لمثل هذه المشاكل الناتجة في أوساط المحافظة وفي أروقة مديرياتها.

هزة أرضية بسيطة كفيلة بإسقاطها

لجمع المعلومات من الجانب الهندسي ومعرفة أسباب سقوط هذه المنازل ومن أجل هذا حاولت "أخبار اليوم" التواصل مع م/ إياد أحمد المخلافي الحامل العديد من شهادات التقدير التي حاز الحصول عليها بسب إبداعاته وفي بداية حديثه قال:

عند الحديث عن مباني عدن بشكل عام والمباني القديمة (من أيام البريطانيين) بشكل خاص فالكل يعرف أنها على وشك الانهيار كالتي في شارع المعلا الرئيسي ومباني كريتر والتواهي وأيضاً القلوعة فهذه المباني انتهى عمرها الافتراضي حسب المصممين البريطانيين فالملاحظ أن هذه المباني بدأ يظهر عليها علامات الهبوط كالشروخ الخرسانية في واجهات المباني..

واستدرك قائلاً" السبب الرئيسي لذلك أن مكونات الخرسانة بدأت تفقد خصائصها الميكانيكية وحصل انفصال لمكونات الخرسانة المسلحة من حديد وخلطة اسمنتية ففي الأعمدة- الحامل الرئيسي للعناصر الإنشائية- يلاحظ شروخ وأيضاً ظهور الأسياخ الحديدية و الكانات الرابطة لها وهذا السبب الرئيسي لفشل المبنى وبالتالي سقوطه كما حصل في بعض مباني القلوعة كاسكن العزيبة وبعض المنشآت العسكرية كمعسكر بدر..

 فهزة أرضية ضعيفة لا تتعدى ثلاث درجات على مقياس رختر كفيلة بإسقاط كل ما تبقى من هذه المباني!!..

وتابع المخلافي" من الأسباب الأخرى لانهيار مباني عدن كالتي في التوهي وكريتر هو أن من يتملك هذه المباني قد أضاف بعض الوحدات السكنية كالغرف والأدوار على هذه المباني بالرغم من أن الذي صمم هذه المباني لم يحسب هذه الأحمال ضمن المبنى وهي تعتبر سبب رئيسي لانهيار المباني بسبب الحمل الثقيل الذي تضيفه إلى المبنى.

ويقول" إضافة لما ذكرنا فإن غياب السلطات الحكومية عن دورها المسئول تجاه هذه المباني وفساد السلطات المعنية بالأمر يشكلان السبب الأول عن ما يجري من تدهور لهذه المباني التاريخية.

حديث المواطنين

وقال مواطنون يقطنون هذه المنازل: إنهم متخوفون جداً على حياتهم وحياة أطفالهم من هذه البنايات وليس بمقدورهم فعل شيء تجاه هذه المشكلة المخيمة على رؤوسهم وأضافوا إذا قمنا مثلاً بإعادة هذه المباني لا نستطيع, وذلك لأن بعض المنازل يمتلكها أكثر من شخص بعضهم حالته المادية لا بأس بها والبعض الأخر الحالة المادية متردية للغاية لذلك سوف تحل الخلافات والنزاعات بين الساكنين..

 مناشدين في حديثهم كل الجهات المعنية بسرعة النظر في حالهم لأنهم مكتوفي الأيادي ووضع أسرع الحلول.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد