في صورة لتكريس الفساد والعبث بالمال العام وإهداره

بِكُلفة "150" مليون دولار، و الوثائق تقول إن الشركة لا تمتلك الخبرة وغير مجددة لرخصة مزاولة المهنة..

2014-05-14 11:21:18 اخبار اليوم/خاص

الكهرباء.. فساد بالجملة

في الوقت الذي لاتزال فيه العاصمة صنعاء، ومحافظات الجمهورية تغرق في ظلام دامس، نتيجة الاعتداءات والانقطاعات المتكررة على خطوط الكهرباء، متسببةً في خسائر كبيرة تقدر بملايين الدولارات, في الوقت نفسه لا تزال الكهرباء تغرق في فساد كبير ومستمر ومن داخلها، نتيجة مناقصات مخالفة للقانون في إنشاء محطات توليد الكهرباء، تتسبب في إهدار مئات الملايين من الدولارات من خزينة الدولة والمال العام..

هنا يبرز تساؤلٌ: أين دور الجهات الرقابية المختصة وعلى رأسها هيئة الرقابة على المناقصات واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات بالدولة والهيئة العليا لمكافحة الفساد وغيرها من الجهات المختصة والمسؤولة في الدولة في وضع حد لإيقاف استمرار المزيد من إهدار المال العام؟!.

فساد المناقصات

وآخر فضائح قطاع الكهرباء، واستمرار فساد مناقصات محطاته التوليدية، محاولة إرساء مناقصة لإنشاء محطة توليد كهربائية في محافظة عدن بقدرة (150ميجا)، بعد أن سبق وأن تم الغاؤها من قِبل لجنة مشكّلة من مختصين وفنيين ومهندسين في المؤسسة العامة للكهرباء، وذلك ما يستدعي التساؤل عن السر الكامن في إعادة مطالبة المؤسسة العامة للكهرباء لإرساء المناقصة بعد الغائها, رغم التوصية الصريحة من قِبل لجنة التحليل والتقييم بإعادة المناقصة لوجود مخالفات عدة في عرض الشركة الصينية المتقدمة للمناقصة، حيث أن الشركة ذاتها غير مؤهلة لإقامة المشروع، وليس لديها خبرة سابقة في مشاريع مُنجَزه، ولم يسبق لها وأن نفذت مشاريع في المجال ذاته سواءً في اليمن أو في أي منطقة في العالم، سوى إنجازها مشروعين فقط وبقدرة صغيرة عن حجم المحطة التي يُسعى إلى إرساء المناقصة عليها، وأحد المشاريع التي نفذتها مولد واحد في عُمان بقدرة(8،7 ميجا) بكلفة(4،4 مليون دولار)، وآخر في أوغندا؛ لكنه لم يدخل في الخدمة بعد بقدرة (61 ميجا) وبكلفة 37،4 مليون دولار.. وبذلك تكون الشركة قد خالفت أهم بند من شروط تأهيل المناقصة، الذي يؤكد أن يكون مقدم العطاء قد نفّذ على الأقل مشروعين بنفس الحجم 150 ميجا خلال فترة السنوات السابقة، وأن تكون المعدات قد عملت وأثبتت أنها ممتازة لفترة لا تقل عن خمس سنوات, وبالتالي تكون لجنة المناقصات قد ارتكبت مخالفة كبيرة في قبول ذلك عن شروط المناقصة التي أنزلتها اللجنة العليا للمناقصات في شروطها على كافة الشركات العالمية.

مخالفة جسيمة

كما أن الشركة الصينية (ZGPT) ذاتها غير مجددة لرخصة مزاولة المهنة، فضلاً عن أن كثيراً من أجهزتها ومعداتها التي قدمتها في عرضها غير معروفة المنشأ، ومجهولة الهوية.

السعي الحثيث لإرساء مناقصة محطتي (الحسوة وخور مكسر بعدن بقدرة 150ميجا) للشركة ذاتها بتكلفة( قرابة 150 مليون دولار)، ومثل هكذا مبلغ مُبالَغ فيه بشكل كبير جداً، إذا ما تمت المقارنة مع ما نفذته الشركة الصينية في مولد واحد بعُمان بقدرة(8،7 ميجا) بكلفة(4،4 مليون دولار)، سعر الميجا الواحد = أكثر من 505 الف دولار، وبالتالي من المفترض أن يكون عرض الشركة الصينية لمحطتي الحسوة وخور مكسر 150 ميجا بمبلغ 75,862 مليون دولار، وذلك يعتبر مخالفة جسيمة وإهدار للمال العام بفارق يصل إلى أكثر من 75مليوون دولار، زيادة بنسبة 200%.

كل ما سبق ذكره من مخالفات الشركة الصينية أكده الجهاز الفني في اللجنة العليا للمناقصات، مع تقرير لجنة التحليل المشكلة للغرض ذاته من قِبل مؤسسة الكهرباء برئاسة مدير عام التوليد.

معدات غير معروفة المنشأ


وحسب مذكرة رئيس الجهاز الفني باللجنة العليا للمناقصات الى مدير عام مؤسسة الكهرباء بتاريخ 23فبراير 2014م، (حصلت الصحيفة على نسخة منها) فقد أكد فيها على وجود العديد من الملاحظات الفنية في عرض الشركة الصينية(ZGPT) وذلك بعد دراسة وثائق المناقصة المتعلقة بالشركة، ومن تلك الملاحظات التي طالب رئيس الجهاز الفني بمخاطبة الشركة بتوفيرها، تجديد رخصة مزاولة المهنة وبقدرة" 8.7" ميجا وليس "2.4 "ميجا المقدمة في العرض، وأن عرض الشركة ذكر أن المولد سيكون من عدة شركات، فيما المطلوب أن يكون من شركة ABB وإلغاء الشركات الاخرى، فضلاً عن أن كثيراً من أجهزتها ومُعداتها في عرضها غير معروفة المنشأ(المصنع)، والمطلوب منها أن تكون تلك الاجهزة والمُعدات المستخدمة في المشروع من مصنعين معروفين عالمياً بجودة منتجاتهم. وذلك ما لم توفره الشركة الصينية في عرضها.

كما طالب رئيس الجهاز الفني المهندس/ إسماعيل الوزير في مذكرته استجابة الشركة الصينية لكافة النقاط التي قال: إنها لم تستجب لها في عرضها الفني، وأُشير إليها في التحليل".

مخالفة المواصفات والشروط

وقد أورد تقرير لجنة تحليل وتقييم المناقصة (حصلت الصحيفة على نسخة منه) العديد من المخالفات في وثائق الشركة المقدمة، والتي أكد أن العديد من العطاءات غير مستوفية للمواصفات والشروط الرئيسية في مناقصة محطتي خور مكسر والحسوة.

وأكدت لجنة التحليل في ختام نتائج التحليل والتقييم الفني وفي توصياتها بإعادة انزال المناقصة في أقرب وقت، ومراجعة وثيقة المناقصة من قبل المختصين وتحديد الاحتياج والمكونات الفعلية لمحطة الحسوة، مع مراجعة الكُلفة التقديرية مع تحديد المرجعية التي تم الاعتماد عليها عند تحديد الكلفة.

وشددت اللجنة على إعطاء فُرَص منافسة لعدد أكبر من الشركات، وأن تعمل المولدات بالوقود الثقيل والغاز.

إهدار المال العام

المخالفات التي تُرتَكب لإرساء مناقصة محطتي الحسوة وخور مكسر على الشركة الصينية، لم تقتصر على ما سبق ذكره، فهناك جملة من المخالفات بعضها يعتبر فضيحةً بحق الشركة الصينية غظت اللجنة الطرف عنها، وهي كفيلة بتقديم الساعين لإرساء هذه المناقصة الى المحاكمة؛ لما من شأن ذلك اهدار المال العام والعبث بملايين الدولارات وفي ظل الظروف الراهنة التي البلد فيها بحاجة إلى الدولار الواحد.

لقد تجاهلت عدة لجان تقرير وتوجيه لجنة التحليل المكلفة بقرار رسمي، والذي احتوى العديد من المخالفات لعرض الشركة، كما أكدها تقرير الجهاز الفني باللجنة، وكان المفترض بها البت في تطبيق القانون على المناقصة وإعادة طرحها حسب التوصيات.

وما يعتبر فضيحة هو تجاهل ما ذكره العرض الفني للشركة الصينية، أنه (ببنجلادش) وليس في اليمن، وليس لهذه المناقصة، فضلاً عن أخطاء كبيرة في العرض الفني، وهذه المخالفة بحد ذاتها كفيلة أن ترفض لجنة المناقصات الشركة الصينية من أساسها، لكنها لم تفعل وغضّت الطرف عن ذلك.

تغيير التكلفة التقديرية

كما تجاهلت اللجان ذاتها عدم مطابقة المواصفات والانظمة المقدمة من الشركة الصينية، حيث قدمت قواطع بنظام 11KV، وهذا النظام ليس مطلوبا في المناقصة، فيما المطلوب قواطع بنظام 33KV وذلك حسب شروط المناقصة، وذلك يدل ان الشركة لا تمتلك المقدرة الفنية حتى في تقديم المعدات، فكيف يتم الاعتماد عليها في التصنيع والمعدات وتنفيذ المحطات؟!.

وفي مخالفة صريحة للمادة رقم (218) من قانون المناقصات والمزايدات ولائحتها التنفيذية، قامت بها المؤسسة العامة للكهرباء من خلال مراسلة الشركة الصينية والدخول معها في التفاوض بطلب تغيير جوهري في الجودة الفنية والمواصفات وتغيير نظام التواصل المشار اليه آنفاً في الفقرة السابقة.

ومن بين هذه المخالفات قيام لجنة المناقصات بتغيير التكلفة التقديرية بعد فتح المظاريف مع استبعاد الضرائب والجمارك من الكلفة، وكذا ارتفاع العرض من التكلفة التقديرية بواقع 20% للمجموعة الاولى و11% عن المجموعة الثانية.

وحسب مصدر مطّلع ومختص في المناقصات" إن ذلك في حالة ثبت أن الجمارك والضرائب غير شاملة في الكلفة التقديرية، مالم فإن العرض يزيد عن التكلفة التقديرية بواقع 35% للمجموعة الاولى و25% للمجموعة الثانية، وفي هذه الحالة إذا نزلت المناقصة شاملة الضرائب والجمارك فستكون الكلفة التقديرية شاملة هذا البند، وبالتالي تُلغى المناقصة حسب القانون.

مشروع آيل للفشل

ومن بين تلك المخالفات تقديم الشركة في عرضها قدرة (محولات الرفع 10 ميجا) لكل مولد كحد أقصى، فيما وثيقة المناقصات تشترط أن يكون الحد الاقصى للقدرة في محولات الرفع 14 ميجا وات.

وفيما يتضح مسبقاً أن المشروع سيؤول إلى الفشل في حال أقرّت المناقصة على الشركة الصينية، حيث أنها اشترطت في عرضها عمل الصيانة للوحدات كل 6000 ساعة، وذلك دليل على أن المحطة لن تعمل إلا بنسبة 70% في العام الواحد وخلال فترة العمل الافتراضي لها.

والغريب في الأمر وما يؤكد أن وراء الاكمة ما وراءها، إنه على الرغم من كل تلك المخالفات والتجاوزات المذكورة الا أن هناك مساعي حثيثة لإرساء المناقصة على الشركة الصينية، من خلال مخاطبة وزير الكهرباء والطاقة، كما طولب منه مؤخراً الدخول في مفاوضات مع الشركة الصينية كون عرضها الوحيد، فضلاً عن مطالبة الوزير بمواضيع مخالفة للقانون وشروط المناقصة، سبق وطلبتها اللجنة الفنية باللجنة العليا نفسها بتاريخ 23 فبراير 2014، كما ذكر ذلك سابقاً، وعلى ضوئه ردت الشركة الصينية بتاريخ 27 فبراير 2014م الى اللجنة العليا، تأكد من ذلك عدم مقدرتها تقديم أي بند من البنود التي طلبها الجهاز الفني.

لجنة تحقيق

كل ما سبق ذكره من مخالفات وتجاوزات ترتكبها المؤسسة العامة للكهرباء وسعيها الحثيث إلى إرساء مناقصة محطتي الحسوة وخور مكسر بعدن، نطرحه بين يدي الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والهيئة العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لتشكيل لجنة تحقيق والاضطلاع بدورها، وتحمل مسؤوليتها في وضع حد لإيقاف المزيد من العبث والفساد وإهدار المال العام في قطاع الكهرباء، ومحاسبة المخالفين ومرتكبي التجاوزات والمخالفات القانونية، حفاظاً على المال العام، وتقديم الخدمة الممتازة التي ستخدم المواطن في مجال الكهرباء.

 والغريب في الأمر أن الكهرباء لم تتعظ من تجربتين سابقتين لشركة صينية أخرى وفي المحطة ذاتها (الحسوة بعدن)، كبّدت الدولة خسائر بملايين الدولارات، إثر فشل الشركة في تشغيل (توربين) لمحطة الحسوة بمبلغ 20 مليون دولارا، وتم تنفيذه خلال خمس سنوات مع أن العقد الموقع يقضي بأن يتم تنفيذه خلال سنة واحدة.. وفي فضيحة أخرى وللشركة الصينية ذاتها و المحطة نفسها (الحسوة) أُرسِيت مناقصة لتركيب غلاية وبمبلغ 20 مليون دولار كقرض من البنك الدولي، ولكن للأسف مرت ثلاث سنوات على العقد ولم يتم التنفيذ، حتى انتهى القرض المقدم من البنك الدولي، الأمر الذي حرم الكهرباء والوطن من مبالغ باهظة مقدمة دعماً ومساعدة من الجهات الدولية المانحة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد