تفتقر لمنظومة الدفاع المدني وقواعد السلامة في ظل انفلات رسمي يدخلها في دائرة التيه..

تعز تحترق!!

2014-06-05 16:11:50 تقرير/ عبد العليم الحاج

أعادت حادثة احتراق مركز التحرير التجاري بسوق المركزي وسط مدينة تعز إلى الأذهان حوادث كبيرة مماثلة شهدتها المدينة في أوقات متفرقة مرت مرور الكرام ولم تقم الجهات المعنية وعلى رأسها قيادة السلطة المحلية بدورها في حماية أرواح الناس وممتلكاتهم وتوفير قواعد السلامة في المراكز التجارية والأسواق الشعبية ولعل حال مصلحة الدفاع المدني والإطفاء بالمحافظة وافتقاره للإمكانيات المطلوبة بما فيها سيارات الإطفاء التي ليس له منها سوى سيارتين قد أكلهما الدهر وشرب, إلا خير دليل على أن قيادة السلطة المحلية والجهات التابعة لها لا يهمها من الأمر شيئا وكأنه لا يعنيها مصلحة المواطن وأمنه واستقراره.

في التقرير التالي نرصد جانباً من هذه الحوادث في ظل إهمال واضح من قبل السلطة المحلية من تطوير منظومة الدفاع المدني والإطفاء وعشوائية الأسواق الشعبية والمراكز التجارية.. إلى التفاصيل:



سوق الضبوعة الشعبي

قبل خمس سنوات نقلت السلطة المحلية أصحاب البسطات في شارع المغتربين والتحرير الأسفل إلى الشارع الخلفي الموازي لمجاري السيول وبطريقة عشوائية نصبوا خيمهم المبنية من الصفيح والطرابيل في سوق أطلقوا عليه سوق" ذوي الدخل المحدود" دون وجود أي من معايير السلامة وكانت حينها قد قطعت وعودها لهم بإيصال التيار الكهربائي لهم فكيف هو حالهم اليوم؟.. يقول معاذ سعيد سيف- صاحب بسطة-" ليس لدينا أي معايير السلامة ولا حتى أسطوانة إطفاء واحدة نحن متوكلون على الله سبحانه وتعالى", مشيراً إلى أنهم أوصلوا الكهرباء من منازل المواطنين بشكل عشوائي بعد طلب مؤسسة الكهرباء منهم مبلغ 600ألف ريال مقابل ثمن العداد الكهربائي, إضافة إلى ضمانة تجارية ويفكر معاذ بشراء أسطوانة إطفاء خاصة بعد ما حدث في المركز التجاري من حريق هائل وصفه بالنكبة الكبيرة, محملاً في ذات الوقت السلطة المحلية وعلى رأسها محافظ المحافظة مسؤولية إصلاح السوق وهو من أغدق علينا الوعود بإصلاح الهناجر وإيصال الكهرباء وتنظيم السوق ولم يفِ بهذه الوعود.

أما صادق مهيوب فيقول" عندما طلبنا من السلطة المحلية القيام ببناء صنادق من الصفيح على سطح السائلة, ردوا علينا ابقوا على جانبها وسنقوم بوضع حلول لكم ومنذ ذلك الحين لا حس ولا خبر لهم". ويؤكد أنه اشترى مؤخراً اسطوانة إطفاء صغيرة في حال اندلع حريق في البسطة- لا سمح الله- لكنها لا تفي بالغرض- على حد قوله, مشيراً إلى أن أصحاب المحلات والبسطات يحاولون الاشتراك في ثلاث أسطوانات كبيرة.

حسن أحمد قاسم- صاحب محل شعبي في السوق- برر عدم امتلاكه لأسطوانة إطفاء بقوله: الدولة لم توفر لنا ونحن غير قادرين على شرائها. وأضاف: المحافظ شوقي هو السبب في مطاردتنا من الشوارع ورمى بنا في هذا المكان بلا كهرباء ولا حراسة وعليه تحمل مسؤولياته, منوهاً إلى أن الكهرباء تم ربطها للسوق بشكل عشوائي من المنازل المجاورة وبرسوم خيالية تصل إلى ستة آلاف ريال على كل بسطة.

فاجعة مركز التحرير

يقع هذا المركز في سوق تعز المركزي وسط المدينة- شارع جمال- و يتكون من ستة طوابق بما فيهم الطابق الأرضي الذي تم تخصيصه كسوق شعبي دون أي ضوابط لمعايير وقواعد السلامة, حيث يحتوي على 44 محلاً تجارياً و54بسطة.

 يقول فاهم سعيد محمد سيف- صاحب محل ملابس-" لا يوجد في هذا المركز وتحديداً السوق الشعبي الذي يقع في الطابق الأرضي أي قواعد للسلامة سوى أسطوانتين فقط منذ سنتين لم يتم تعبئتهما, فيما المولد الكهربائي متوقف منذ سنة وكان مالك السوق يفصل علينا الكهرباء في تأخرنا عن تسديد الكهرباء, فاضطررنا إلى شراء مولدات كهربائية".

وأشار إلى أن سبب اشتعال المركز بهذه الطريقة ناتج على وجود كميات كبيرة من البنزين كانت مخزنة في المركز خاصة بالمولدات الكهربائية, محملاً في ذات الوقت مالكي المركز المسؤولية الكاملة نتيجة ما أسماه الإهمال وكنا قد رفضنا دفع إيجار ثلاثة أشهر بسبب عدم وفائه بوعده بشراء مولد كهربائي رغم أننا كنا قد دفعنا له ثلاثة أشهر مقدماً لهذا الغرض. وبنفسية سيئة تحدث إلينا عمرو ناجي محمد- صاحب بسطتين ومحل تجاري التهمهم الحريق-" المسؤولية تقع على صاحب المركز لأنه لا يوجد نظام داخل المركز العشوائية هي سيدة الموقف".

ويضيف: تصور!! سوق كبير بهذا الحجم لا تتوفر فيه طفاية حريق سوى واحدة كانت فاضية. وفيما أكد أن خسارته تتجاوز العشرة ملايين تمنَّى على الجهات المعنية أن تقوم بتعويضه وزملائه الآخرين وطالب بمحاسبة ملاك المركز نتيجة إهمالهم وتسببهم بهذه الكارثة الفادحة. ورجح أن يكون الحريق قد حدث بفعل فاعل والكهرباء كانت مقطوعة ولا يوجد أحد في المركز, حيث كان الجميع يؤدون صلاة الجمعة، مناشداً في ذات الوقت محافظ المحافظة والغرفة التجارية بمساعدتهم ومد يد العون لهم بعدما أصبحوا فقراء بين عشية وضحاها- على حد تعبيره .

"ضاعت تحويشة عمري"

لم يتمالك نفسه جراء الفاجعة والحسرة والألم على ضياع تحويشة عمره فسقطت دموعه وتحشرج صوته وهو ما دفعني لإيقاف التسجيل أكثر من مرة؛ يقول عبد الكريم احمد محمد- صاحب محل للأحذية يقع في الطابق الثاني لمركز التحرير-" كما تشاهد راح ضماري بغمضة عين كنت في القرية وتم إبلاغي أن البضاعة قد ذابت كلها نتيجة الحرارة المنبعثة من الطابق الأرضي".

ويشير إلى أن خسارته تقارب سبعة ملايين معظمها لا تزال ديوناً عليه لتجار الجملة ويرى أن قواعد السلامة في المركز منعدمة تماماً إلا من بعض الأسطوانات الصغيرة الخاصة بالإطفاء وهي لا تفي بالغرض.

وناشد الجهات المختصة في المحافظة بسرعة تقديم المساعدة لهم.

 وأضاف: سمعنا أن شوقي هائل سيقوم بتعويضنا ونحن نأمل ذلك لأن حالنا لا يُسر صديقاً ولا عدواً وأنا تعبان جداً وعندي عمال وأسرة لا أجد ما أقدمه لهم. 

سلطة غائبة

تعد محافظة تعز من أقل المحافظات اليمنية اهتماماً بقواعد السلامة, حيث لا تعير السلطة المحلية أي اهتمام يذكر لهذه القواعد في الأسواق الشعبية والمراكز التجارية.

حوادث كثيرة شهدتها مدينة تعز فيما السلطة المحلية والجهات المعنية تغطُ في نوم عميق وكأن حياة الناس وممتلكاتهم لا تعنيها من قريب أو بعيد..

مليارات الريالات تصرفها على شراء السيارات الفارهة للوكلاء والمستشارين والسفريات والاحتفالات بينما لم تكلف نفسها تزويد مصلحة الدفاع المدني بسيارات الإطفاء وتنتشلها من الوضع المأساوي الذي تعيشه..

سيارتان فقط أكلهما الدهر وشرب؛ هما رأس مال الدفاع المدني في محافظة يزيد تعداد سكانها عن أربعة ملايين نسمة.. ولعل حادثة الحريق التي اشتعلت في المركز التجاري مؤخراً قد كشفت سوءة السلطة المحلية في الإهمال وعدم تطبيقها معايير السلامة ولم يتمكن دفاعها المدني من إخماد الحريق إلا بعد ست ساعات بعد استعانتها بمطار تعز ومجموعة هائل سعيد ولو لا تجاوب المواطنين وأصحاب وايتات الماء لكان الحريق قد أتى على المركز بكامله والمحلات المجاورة له.

إعادة تأهيل

العميد مطهر الشعيبي- مدير عام أمن محافظة تعز- كان قد وضع النقاط على الحروف في اجتماع مشترك لقيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية عقب الحادثة, حيث أكد الشعيبي أن الحادثة كشفت محدودية وخبرة الدفاع المدني في التعامل مع الحرائق الأمر الذي يوجب إعادة تأهيلهم ومدهم بعناصر مدربة وقادرة على التعامل مع الطوارئ, بالإضافة إلى رفد الدفاع المدني بالمعدات والتجهيزات اللازمة, لكن هل تفي السلطة المحلية بوعودها بتخصيص مبلغ 500مليون ريال لشراء سيارات إطفاء حديثة ستسلم خلال الثلاثة الأشهر القادمة؟.

لا حياة لمن تنادي

ليلة الثلاثاء الماضي كان حي الروضة بمدينة تعز على موعد مع فيلم رعب شهده سكان الحي لمدة نصف ساعة في حالة ذهول وخوف فيما فر الكثير من منازلهم وأغلقت المحلات التجارية أبوابها.. ماس كهربائي تسبب بانفجارات قوية وحمم من كرات النار أشبه بفوهة بركان..

يقول عبد الناصر صادق ردمان- عاقل حارة وهو يستعرض لي مقطع فيديو للحادثة-" في تمام الثامنة مساءً حدث تماس كهربائي في واجهة احد المحلات التجارية تطور إلى اشتعال كل الشبكة الكهربائية للمنطقة بشكل مخيف ومفزع".

ويضيف: لم يكن أمامنا سوى استخدام الوسائل التقليدية في إطفاء الحريق بعدما تأكد لنا أن مؤسسة الكهرباء لم تتجاوب معنا ولم يتم فصل التيار الكهربائي رغم تواصلنا معها حتى الدفاع المدني هو الأخر لم يرد على اتصالاتنا ولو لا لطف الله وتعاون المواطنين لحدث ما لا يحمد عقباه.

أسرٌ تحترق

خلال الأيام المنصرمة شهدت محافظة تعز حوادث حرائق مهولة ذهب ضحيتها أسر بكامل أفرادها؛ أبرزها حادثة انفجار دبة بنزين في وسط أسرة كانت تشاهد التلفزيون في منطقة الحرية بشرعب السلام وراح ضحية الحادث ثلاثة عشر فرداً فيما تشوه خمسة آخرين.

وفيما لم يمضِ على هذه الحادثة سوى شهرين فقط حتى تكرر المشهد في نفس المديرية, أما في قرية" أيفوع أعلى" تغلق امرأة أبواب منزلها على صغارها الأربعة لتعود بعد سويعات وهم جثث متفحمة.. نفس المشهد تكرر بمدينة تعز وتحديداً في حي حوض الأشرف مات ستة أبناء وبقي الأبوان يلتحفان الفاجعة ويعضان أصابع الندم والحسرة.

يقول الدكتور/ سامي الشرعبي من قسم الحروق في مستشفى الثورة" كل الحالات التي تصل القسم نتيجة اشتعال الغاز أو البنزين ومعظم الحالات تكون من أسرة واحدة وقليلون من يبقون على قيد الحياة". 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد