كثرة الحفر وضيق الخط وانعدام إشارة المرور واختفاء أجهزة الرادار..

الخط البحري بعدن.. مصيدة للأرواح

2014-06-11 12:53:24 تقرير/ فهمان الطيار

عندما ترقص المشاق والأتعاب لتستعرض قواها على المواطن المسكين في ميدان الحياة ليكون المسؤول هو "الحَكم" الذي يعد ثلاثاً ويعلن انهزام المواطن دون استحياء أو خجل ..تكون حينها نظرة مأسورة وحيلة عاجزة منا .. وعندما نرى الحوادث متكررة والخسائر فادحة والمواطن في حالة بائسة لا نجد سوى القلم لنرصف من خلاله هذه المفردات وننقل به الوقائع المؤلمة هكذا أصبح الحال بنا.. ما بين تضارب الكلمات وتلقي الهزائم بلا مبررات ..

في الخط البحري أو "بخط الجسر" الذي يصل بين مديريتي المنصورة وخور مكسر في محافظة عدن, أصبح الخوف فيه" إزار" كل سائق والحوادث المرعبة أدمنت هذا الخط لكونه خطاً سريعاً و الحفر والشروخات البارزة عليه هجمت عليه بشكل عنيف ويعد من أهم الطرق الرئيسية في المحافظة إلا أنه يتسبب بوقوع 50% من حوادث المحافظة نظراً لعدم مواكبته للمواصفات الحديثة ووجود الحفر, بالإضافة إلى السرعة الفائقة ومخالفة السائقين للقواعد وإشارات المرور..

أكوام من السيارات تتحطم على هذا الطريق المروع الذي خلّف ورائه ضحايا كثر وأسر غادرت أرواحها من هذا المكان وبمعية المسؤولين والجهات المعنية دون تحرجك يذكر.

"أخبار اليوم" زارت هذا الطريق واستطلعت المسببات والأسباب وكشفت الحقيقة..


طريق الموت

انطلقنا بخطوات سريعة حائرة وأفكار متعددة تجوب مخيلتنا وكان الاتجاه مجهولاً والأسئلة متدفقة ؛ من نخاطب؟! ومن أين تكون البداية؟ و لمن نشتكي ؟.. الأطراف المسؤولة كثيرة والمناصب غير معدودة .. توقفت بوصلة الأفكار لتبدأ بإدارة المرور مع العقيد/محمد شاهر يفوز- مدير عام مرور محافظة "عدن"- حيث قال" إن الطريق البحري تعتبر العمود الفقري لحركة المرور في عدن وليست هي الطريق التي تحصل فيها الحوادث المروعة كما يقولون مقارنة بطرقات أخرى مثل طريق البريقة وشارع التسعين ولذلك تجد المواطنين الذين يرتادونها في هذه المحافظة يشكون منها ويقولون إنها طريق الموت فأنا أقول: لا إن هذا الطريق استطاعت أن تخدم المواطنين وتواكب حركة المرور بشكل كبير جداً كما أن ما يحدث فيها من حوادث مرورية ليست كما التي تحدث في أماكن أخرى كطريق البريقة التي تحتل المرتبة الأولى بالنسبة للحوادث المرورية وشارع التسعين الذي تحدث فيه أكبر الحوادث قد تصل إلى حالة الدهس..

لم يتوقف العقيد شاهر عن الحديث تابع حديثه بالقول" ولكن هذا الطريق البحري عندما يحصل فيها حادث تنغلق نتيجة لأن عمرها يعود إلى ستينيات القرن الماضي ولم تواكب حركة النمو فإذا كانت نسبة النمو فيها تساوي5% لكان من المفترض أن تتوسع في عام 1980ولكن وإلى الآن لم يحصل فيها أي توسع فأي وقوف لأي مركبة في الطريق يغلق الطريق فتنقطع نصف حركة المرور نتيجة لوقوف المركبة لأي سبب كان أثناء "العطل أو البنشر" أو غيرهما.

"ما فيش" أجهزة رادار

وعن مستقبل هذا الطريق يستدرك حديثه قائلاً" إن هناك خطة جديدة تقوم بها إدارة المرور وهي مشروع التوسعة للطريق البحري للتقليل من الحوادث المرورية ولكن هذا المشروع متعثر منذ سنوات ولم نرَ خطوة جدية من قبل الجهات الرسمية للإصغاء في إنجاز هذا المشروع ولكن بإذن الله سيتم استكمال المشروع واستخدامه نهاية هذا العام.

ويلحق بالقول: إن السبب الرئيسي في وقوع الحوادث هو كثرة الحفر وضيق الخط وانعدام إشارة المرور واختفاء أجهزة "الرادار" وعدم وجود أجهزة تواكب عصر التطور ولكن سيتم إنزال أجهزة رادار تراقب سرعة حركة الباصات وسيتم تركيب العلامات المرورية لتحديد السرعة وضبط المخالفين كما وجه شاهر نصيحة لكل سائق بتخفيف السرعة والتعاون مع رجل المرور الموجود بخدمتهم لتنظيم الحركة لان المشكلة مرتبطة بحياة الناس وعدم الانشغال بالهاتف أو الحديث الجانبي أو ترك حزم الأمان وعدم تقديم الأطفال إلى أمام المركبة.

وشكر شاهر "أخبار اليوم" على ما تقوم به من مبادرات جدية تقدمها بخدمة الوطن والمواطنين بهدف التماس القضايا الواقعية المحدقة وإبدائها إلى الرأي العام ووضع الحلول المناسبة لها.

نحتاج وقفة جادة

شهد هذا الطريق عدداً ليس بقليل من الحوادث المرورية المروعة التي حصدت أرواح بريئة من الذكور والإناث وكانت حادثة "الحافلة" التي تقل مجموعة من طلبة معهد مالي للغات حادثاً مروعاً يليه حوادث أخرى منها تصادم حافلتين أسفرت عن وفيات وجرحى حيث ان الحوادث المرورية في هذا الطريق تتابعت بشكل كبير فتجف دماء وتسيل دماء جديدة بغياب الحكومة, كما قلت متابعات السلطة لها تاركة موضوع الطريق البحري وكأنها قضية ليست في عدن .

الخط البحري بحاجة إلى تنظيم حركة سير السيارات وإصلاح ما تشقق منه وردم الحفر التي عادةً ما يحاول السائق تجنبها فيقع بكارثة أشد ولهذا لابد من وقفة جادة من أبناء المدينة الذين يعبرون هذا الجسر كل يوم..

يقول الدكتور وليد الحذيفي- كلية الطب- إن الطريق البحري في عدن يبدأ بجولة كالتكس وينتهي بجولة أخرى يتوسط الخط منعطفات خطيرة يشعر الراكب بخطورتها خصوصاً عندما يتجاوز السائق السرعة فوق 80 في هذا الطريق لم تجد اهتمام رجال المرور كما نراها في بعض الأحيان أمام الشركات والمؤسسات, حيث ان هناك تتساقط أمامها قبعات رجال المرور منتشرة بكثافة وأصبحوا يتصيدون الجولات والتقاطعات التي تخدم المصلحة الخاصة ويتركون واجبهم الوطني وتنظيم حركة السير وضبط المخالفين..

وأضاف الحذيفي" إن جولة كالتكس إحدى الجولات التي يبدأ منها الجسر أو ينتهي لم يتم ضبط حركة السير فيها. فهي تكتظ بزحمة خانقة ويتأخر فيها بعض المواطنين والمرتبطين بأعمال نتيجة الزحمة التي يشكلونها مالكو الباصات أثناء توقفهم للبحث عن ركاب, كما تجد مالكي الباصات يقومون بعمل شبيه بالاختطاف للمواطنين فلو توقفت في جولة أو مررت فيها تريد الذهاب إلى مكان ما فان عملية خطف قد يقوم بها صاحب حافلة لك يجبرك على الذهاب إلى مدينة لا تريد الذهاب إليها نتيجة لغياب دور الشرطة المرورية وتقصيرها في أداء وجبها الوطني وضبط حركة المرور.

خوف السائقين

نظراً لما يشهده الطريق من حوادث متكررة سببت بوفاة العديد من المواطنين تجد السائقين أكثر تخوفاً أثناء العبور في الطريق البحري يقول الأخ/شهاب إبراهيم وهو سائق بيجوت" لا يخلو يوم من وقوع الحوادث المرورية التي تخلف ورائها وفيات وإصابات متفاوتة ولكن تجد الأكثر منها روعة ما يتصدرها الطريق البحري في عدن نتيجة السرعة الفائقة من قبل السائقين وعدم الالتزام بقواعد وضوابط المرور".

وأضاف" إن كثرة الحوادث في هذا الخط يرجع إلى أسباب متعددة وهو السبب الذي جعل الجهات غير قادرة على ضبط المخالفات كون الأسباب متعددة لا تنحصر بسبب واحد كي تتمكن الجهات من القضاء عليه".

وهذا سائق أخر تتناثر الكلمات منه عادل العمودي- صاحب حافلة- ويتردد على هذا الطريق كل يوم يقول" إن تعدد الحوادث في هذه الطريق يرجع إلى سبب رئيسي وهو عدم وجود إرشادات المرور على هذا الخط, حيث ان معظم السائقين لا يعلمون بخطورته ولهذا فنحن كسائقين نناشد الجهات المعنية بوضع لوحات إرشادية ترشد السائقين".

وتابع" إن ضيق الطريق يتسبب كثيراً في وقوع الحوادث حيث لا يستطيع معظم السائقين التجاوز وخاصة أثناء السرعة الفائقة, فإن بعض السائقين لا يستطيعون التحكم بمركباتهم فيتسبب في وقوع الحادثة".

معاناة وقلق

ويقول صفوان البريهي- من طلاب معهد مالي للغات- إن عدداً من زملائه فارقوا الحياه أثناء تعرضهم لحادث مأساوي في الطريق البحري, كما يذكر الطالب أن الحادث ليس هو الأول من نوعه يودي بحياة مجموعة من طلاب المعهد, بل إن الطريق البحري قد أفنت عدداً من طلاب المعهد في حوادث سابقة.

ويتابع وهو يشكو لـ"أخبار اليوم" مأساة ومعاناة وقلق بعد فقدان أصدقائه وأحبابه الذين راحوا ضحية الطريق البحري وأضاف" إنني أزداد ندماً وتحسراً حينما أرى الحكومة والجهات المعنية لا يهمهم الأمر ولم يضعوا لهاذا الطريق حلاً ولا يقومون بتنظيم حركة السير فيه وكأن الأمر لا يهمهم" .

قلة المراقبة زادت من الحوادث

من جهة أخرى يبدي الصحفي سليم المعمري رأيه من خلال متابعته ورصده للأحداث التي حصلت يقول" إن الخط البحري كابوس للإنسان, منذ السنوات الثلاث الأخيرة تحول الخط البحري عدن من ممر للتنقل ما بين الشيخ عثمان وإلى مديريات المعلا وعدن إلى جسر يصطاد فيه البشر.

ويتابع المعمري" الخط البحري أصبح الآن حفريات مما تسبب بالكثير من الحوادث المرورية, فهذا الخط الرابط ما بين مديريات عدن كان ماقبل2011 من أفضل الطرقات من حيث قلة الحوادث بسبب وجود رادار المراقبة للسرعة القصوى وملاحقة من يتعدى السرعة المحدودة لكن الآن أصبح مهجوراً من حيث مراقبة السرعة مما زاد من سخونة الحوادث المرورية التي لا تمر يوم إلا والحوادث تضع لها بصمة على ذاك الخط البحري, فهل من رحمة للإنسان لمتابعة السائقين المتهورين للسرعة؟ وهل من حلول لقلة مواجهة المعاناة التي يعاني منها المواطن؟..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد