لا طالت "بلح" الأمير سلطان ولا "عنب" باسندوة أو وعود المحافظ..

سكان تعز: أين "دبي" وأين تحلية المياه يا شوقي؟

2014-06-17 12:08:23 تقرير / عبد العليم الحاج

تبقى مشكلة المياه في تعز القضية الأولى التي تشغل بال أبناء المحافظة وتزاد معاناة المواطنين يوماً بعد آخر وخاصة في ظل الانقطاع المستمر لمياه المؤسسة المحلية وفتحه للأحياء مرة واحدة كل شهر أو شهرين- إن لم تكن أكثر من هذه المدة- حيث أصبحت أزمة المياه في تعز هاجساً يراود الكثيرين من أبناء المحافظة ويقض مضاجعهم, في ظل الأحاديث التي تدور حول احتمالية نضوب المياه في تعز وتعرضها للجفاف خلال الأعوام القادمة في ظل صمت مخزٍ للمحافظ الذي لا يتواجد أصلاً في المحافظة حتى يشعر بمعاناتها وكذلك السلطة المحلية..

 تعز التي صنفت الأولى على مستوى محافظات الجمهورية احتياجاً للماء, كانت قد أعطيت وعوداً متكررة من قبل الحكومات والسلطات المحلية المتعاقبة في تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر واستمر التغني بذلك المشروع لسنوات دون أن يلمس المواطن أي نوايا صادقة وجهود ملموسة للبدء بتنفيذ تلك الوعود ويمكن القول بأن الأمن المائي في المحافظة أصبح ينذر بالخطر إن لم يكن هناك خطوات جادة لتدارك هذا الأمر..

"أخبار اليوم" ونزولاً عند رغبة أبناء المحافظة الذين يستغيثون بمن ينقذهم ويوصل معاناتهم للجهات العليا في الدولة لعلها تفعل شيئاً بعد تقاعس قيادة المحافظة, رصدت في التقرير التالي جانباً من معاناة الأهالي وردة فعل الجهات المعنية.. فإلى النص:

تلاعب في التوزيع

حارة عمار بن ياسر كغيرها من المناطق التي يتم التعامل معها بنوع من التمييز في عدالة توزيع المياه ويشعر الأهالي أن هناك تلاعباً في التوزيع من قبل المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي ويحصل بعض أهالي المنطقة وتحديداً غير القادرين على شراء وايتات الماء على ما يجود به فاعل خير نهاية كل أسبوع, ووفقاً للمواطن أحمد حسن الجرافي "فإن مدة انقطاع الماء الطويلة يضطر الأطفال إلى جمع الماء من البئر الموجودة في الحارة والذي يتزاحمون عند حنفياته في انتظار جمع قطرات الماء منه".

وأضاف " شراء الماء يكلفه ميزانية من راتبه", ويصف الجرافي لحظة مجيء مشروع المياه باليوم التاريخي والفرحة العارمة عند الصغار قبل الكبار وحالة الاستنفار لدى النساء ومسابقة الزمن في استغلاله قبل انقطاعه..

أما عبد الجليل محمد علي فيؤكد أن الفاتورة الأخيرة التي تسلمها تفاجأ بأنها وصلت إلى ثلاثين ألف ريال ويقول "عندما ذهبت إلى مدير المؤسسة وقدمت إليه شكوى بخصوص التلاعب في فاتورة المياه إلا أن الرد كان بأنه مشغول وطلب مني الذهاب إلى مدير القاهرة ومنذ خمسة أشهر والمبلغ على حاله", مشيراً إلى أن شراء الماء يأخذ ربع راتبه وبالتالي هو غير متفائل بقرب تحلية المياه لأنه لا يرى خطوات جادة تقوم بها السلطة المحلية في هذا الجانب"- على حد تعبيره .

تعز منكوبة مائياً

 قضية المياه أصبحت قضية مؤرقة لكل مواطن ومن المشاكل التي لم تلقَ أي حلول منذ أكثر من عقد من الزمن ومشكلة المياه ليس عدم توفرها وإنما هناك من لا يريد أن يبحث عن حلول للمشكلة هذا ما يعتقده الصحفي سالم المجيدي ويضيف" هذه القضية لم تلقَ اهتماماَ واسعاَ في تعز رغم الكثافة السكانية وزيادة استفحال المشكلة رغم أن بعض الخبراء والمهندسين في مجال المياه يؤكدون على أن الكثير من المناطق ومنها منطقة" الحوجلة" تتوفر فيها المياه بشكل كبير.

المجيدي عزى الإشكالية في تلك المناطق إلى عدم وجود شبكة للمياه وتمكين الخبراء والمهندسين من استخراجها", لافتاً إلى أن المشكلة هي البحث دائماً عن الحلول الصعبة بينما الحلول السهلة تكون بين أيدينا, بالنسبة لتحلية المياه.

فاتورة التحلية مكلفة

 يقول سالم المجيدي" نحن مع تحلية المياه إلا أننا ننظر إليها دائما على أنها حل جذري والحل البديل ولا توجد بدائل أخرى والمفترض أن ينظر إليها كحل مكمل كما يجب دراسة هذا المشروع من جميع الزوايا من حيث التكلفة السعرية التي ستصل إلى المواطن وهل سيستطيع كل مواطن بسيط ومتوسط الدخل من دفع فاتورة المياه المكلفة. كما اعتبر استغلال الموارد بشكل أفضل تمكن من حل جميع المشاكل ومن ضمنها مشكلة المياه دون التهاون بها ويشير الصحفي المجيدي إلى أنه إذا توافرت النوايا الصادقة والحقيقية فبالاستطاعة حل المشكلة في غضون فترة وجيزة, أما إذا دخلت في هذه المسألة المماحكات الحزبية والسياسية, فبالتالي لن تحل هذه المشكلة حتى وإن توفرت الإمكانات, مردفا: نحن نعاني الأمرين بسبب غياب الماء لفترات طويلة مما يضطرنا إلى شرائه والمواطن لا أحد ينظر إلى معاناته على الإطلاق والكل يغني على وتر معاناة المواطن إلا أنهم آخر من يفكر بمعاناته. كما أنه يجب أن يكون هناك توعية بترشيد استخدام الماء وقوانين رادعة لاستنزافه".

 المشكلة في الكهرباء

محمد علي الجنيد- رئيس قسم الطوارئ بمؤسسة المياه- أرجع عملية التأخير في توزيع المياه عن منازل المواطنين إلى ما أسماه انقطاع التيار الكهربائي ويشير إلى أن الألية في توزيع المياه تعتمد على كمية المياه الواصلة من المصادر الرئيسية والتي تتفرع إلى عدة حقول منها حقل" الضباب والحيمة والعامرة والحوبان", إضافة إلى الآبار الموجودة في المدينة ويشير إلى أن هذه المياه في حالة تذبذب نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر من حين لآخر والتي لا تصل بالكميات المطلوبة بشكل دقيق مما يؤدي إلى عدم توزيع المياه بطريقة صحيحة واختلاف في جدول التوزيع, ونفى أن يكون هناك محسوبية عند توزيع الماء بمنطقة أو أخرى, مضيفاً: الماء شبه متوفر وأحسن مما كان عليه في السابق بمتابعة المشرفين والعاملين على حقول المياه والجهود المتواصلة من قبل إدارة المؤسسة والمشكلة الرئيسي تكمن في الانطفاءات المتكررة للكهرباء.

واقع مؤلم

واقع المياه مؤلم من حيث وضعه الطبيعي بحكم ديمغرافية المحافظة التي تعد الأولى على مستوى الجمهورية احتياجاً للمياه ما جعل المخزون المائي يكاد أن يكون شحيحاً مع توفر الخزانات الجوفية الصغيرة والغير متماثلة ما جعل الوضع يزداد سوءاً هذا ما يراه المهندس عبد الصمد محمد أحمد مدير عام فرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز.

 ويضيف المهندس عبد الصمد" لا يمكن اعتبار ذلك هو السبب الرئيسي فمهما كانت شحة هذه الموارد إلا أن الاستغلال السليم والمتوازن سيحد من هذه المشكلة والذي عده مسئولية جماعية يتحملها كل فرد في المحافظة, وأعتبر بأن نضوب المياه أمر وارد بسبب الاستغلال المفرط لها وتعويض ذلك لن يتم إلى بآلاف السنين وليس بيوم أو سنة وقال بأن الغرض من الاحتفال باليوم العالمي للمياه ناتج من واقع المعاناة وتوصيل رسالة بأن هذا اليوم ليس من أجل التصفيق وإنما نحن فيه نشتكي من خطورة ما نعيشه, موضحاً بأن دور الهيئة توعوي وإرشادي من خلال إعداد بحوث ودراسات توضح خطورة تفاقم مشكلة المياه ومحاولة إيقاف التدهور الكمي والنوعي للمياه قدر الاستطاعة".

 مسؤولية القضاء

يشير مدير عام الهيئة العامة للموارد المائية إلى أن هيئة الموارد المائية ووزارة المياه بشكل عام من أقل وأضعف الوزارات على مستوى الجمهورية من حيث الدعم المادي الذي يقدم لها, كما أوضح بأن المصانع لا تستهلك كميات كبيرة من المياه بقدر ما تستهلكه الزراعة وخصوصا زراعة القات التي تستهلك حوالي80%من المياه, مستطرداً حديثه: نحن جهة اشرافية على القانون والسلطة المحلية والجهات القضائية هي من يقع على عاتقها مسئولية التنفيذ كما أن تحركاتنا الميدانية كانت في معظم المديريات عندما كان الدعم الخارجي موجوداً الذي توقف منذ عام 2010م وأصبح مقتصراً على الدعم الحكومي الذي لا يذكر, مشيرا إلى أن عملية الحفر من قبل المواطنين مكلفة وغير مجدية ويمكن البحث عن مصادر أخرى, لافتا إلى أن نسبة ما تنتجه الحقول والآبار من الاحتياجات الحقيقية لمدينة تعز وصل إلى ثلاثة عشر ألف متر مكعب تقريبا بعد أن كان قبل أربعة أعوام تصل إلى سبعة عشر ألف مكعب.

 ويعتقد المهندس عبد الصمد محمد أن مشروع تحلية الماء هو الأمل ولكنه ليس الأول والأخير ولا يجب الاعتماد عليه فقط وقال بأنه يجب تنمية الموارد الأخرى بالتوازي مع عملية التحلية والذي ليس بيد الدولة فحسب وإنما بالتعاون مع جهات أجنبية مشاركة في هذا المشروع الكبير, ودعا كل فرد في المحافظة بأن يكون مديراً للموارد المائية كلٌ في مكانه وموقعه من أجل الترشيد والأمن المائي.

مشكلة مزمنة

مدير مؤسسة المياه بتعز المهندس محمد إبراهيم يقول: إن قضية المياه ليست وليدة اليوم وإنما مشكلة مزمنة بتعز بدأت في أواخر الثمانينات, كما وصف الجهود التي تبذلها المؤسسة لمواجهة هذه المشكلة جهودا إسعافية ولم يتم حتى الآن عمل حلول جذرية لها.

 وأشار إلى أن الأمل الوحيد في ذلك معلق على مشروع تحلية المياه بتعز الذي يمكن من خلاله الخروج من هذه الأزمة التي تعاني منها محافظة تعز.

 وأضاف في حديث سابق لـ"أخبار اليوم": نحن اليوم لا نغطي سوى20%من احتياجات السكان في المدينة وهذا نتيجة لشحة المصادر كون تعز مدينة فقيرة من الموارد المائية ولا يوجد توسع في شبكة المياه والاعتماد الكلي الآن على المياه الجوفية التي تستنزف بشكل جائر لاسيما مع انتشار زراعة القات والحفر العشوائي للآبار بدون ضوابط .

كما قال بأن المؤسسة تعتمد على ثلاثة حقول رئيسية في المحافظة إلا أن المواطنين بدأوا بالحفر العشوائي فيها بشكل أعمق وأكثر من آبار المؤسسة السطحية التي حفرتها وعزَّى ذلك إلى ضعف الدولة في تنفيذ قانون المياه الذي يجبر الناس بعدم الحفر إلا وفقا لما هو محدد من قبل الموارد المائية.

 ولفت إلى أن مجموعة من الشخصيات الاجتماعية والنافذة عزفت عن تسديد فواتير المياه ما جعل المؤسسة ترفع بأسمائهم إلى المحافظة وتنوي نشر أسمائهم في الإعلام غير أنها قامت بفصل الخدمة عنهم إلا أن المؤسسة تفاجأت باستخدامهم للماء بطريقة غير مشروعة ورأى بأن ذلك يتطلب تعاوناً من الجهات الأمنية والإعلامية والمواطن كذلك.

 وأكد أن مشكلة المياه وشحة مصادرها أبرز العوائق التي تواجه المؤسسة إلى جانب تقادم الأصول وعزوف البعض عن سداد فواتير المياه والذي رأى بأن ذلك سيخلق لدى المؤسسة عجزاً في السيولة التي لا تستطيع مواجهة متطلبات التشغيل.

 وتابع حديثه: على المؤسسة التزامات كثيرة نتيجة تراكمات منذ عدة سنوات تصل إلى 850مليون ريال إضافة إلى المديونية التي لم تحصل عليها من الجهات الحكومية والتي تصل إلى 650مليون ريال والمديونية لدى المواطنين تبلغ 800مليون ريال إلا أن الجميع في المؤسسة يعمل بروح الفريق الواحد ويؤدي دوره على أكمل وجه مع استشعار المسئولية بشكل كامل, معتبراً أن مشروع تحلية المياه يحظى باهتمام على مستوى السلطة المحلية والحكومة وسيتم تنفيذ المشروع خلال سنتين القادمتين.

 كما أضاف أن تكلفة الفاتورة بعد تحلية المياه لن تكون بالشكل الذي يثار الآن وإن كان هناك زيادة فستكون طفيفة, ودعا المواطنين في المحافظة إلى التعاون مع المؤسسة في ترشيد استهلاك المياه وصيانة التمديدات الخاصة في منازلهم والإبلاغ عن أي مخالفات حتى تتمكن المؤسسة من تأدية الدور المناط بها.

" يا تحلية عاد المراحل طوال"

منذ أن تناقلت وسائل إعلام محلية عن تخصيص حكومة الوفاق الوطني مبلغ 500مليون دولار لتحلية مياه البحر لمحافظتي تعز وإب في موازنة العام 2012م تضاف إلى منحة ولي العهد السعودي السابق الأمير سلطان بن عبد العزيز إلا أن عملية التحلية لم ترَ النور في الوقت الذي كان محافظ تعز قد قطع على نفسه العهد قبل عامين عقب تسلمه منصبه من أن التحلية سترى النور خلال عامين وهي المدة قد انقضت ولا تزال تعز تلتحف العطش وتفترش المعاناة وربما لن تطال بلح الأمير سلطان ولا عنب حكومة باسندوة أو وعود المحافظ شوقي..  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد