حق لجان النزول يدفعه الفقراء ومرتبات الضمان يستلمها الأغنياء والوجهاء, و50% من حالة الضمان الاجتماعي تذهب للمشايخ والوجهاء..

ريمة.. الفقراء يعانون

2014-06-20 14:48:33 تقرير/ ماجد البكالي

المحافظة الجبلية "ريمة" تتميز بشحة الموارد ويعيش فيها المواطن تفاصيل حياة صعبة كصعوبة تضاريسها, غالبية سكانها يعتمدون بشكل كبير على النشاط الزراعي وهو محدود العوائد حيث تفوق جهود ما يبذله المواطن المردودات الزراعية التي لا تكاد تغطي نفقة شهر إلى شهرين في العام لدى أعداد كبيرة من الأسر, وفور اعتماد ريمة محافظة كان لها حظ لا بأس به من حالات الضمان الاجتماعي لأسر تعيش تحت خط الفقر، غير أن التوزيع لحالات الضمان الاجتماعي اتخذ منحى آخر وتم اعتماد الحالات لغير مُستحقيها, وبقي الفقراء بفقرهم لم يستفيدوا شيئاً من قرار اعتماد ريمة محافظة جديدة ولم يستفيدوا من الدولة.

 كانت أسر فقيرة من محافظة ريمة منتظرة نزول لجان تسجيلهم في الضمان الاجتماعي سنة بعد أخرى فيعطون اللجان رسوما غير مشروعة, ليفاجأوا أن لا وجود لهم في سجلات الضمان وأن مرتبات الضمان موزعة على أفراد أسر وأقارب أعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية, والمشايخ, والأمناء, والوجهاء, أو موظفين ومدراء في المحافظة والمديريات, ولا وجود للمستحقين الفعليين.. التقرير التالي يسلط الضوء على بعض من تفاصيل هذا الواقع فإلى الحصيلة..


غابة "ريمة"

هو أنسب عنوان وجدناه الأكثر تعبيراً وصدقاً عن واقع الضمان الاجتماعي في محافظة ريمة وهي الخدمة الوحيدة التي كان يعول عليها الفقراء في المحافظة, حيث اعتمدت الدولة ممثلة في صندوق الضمان الاجتماعي أعداداً لا بأس بها كحالات تستحق الضمان الاجتماعي, ولكن الخطأ حدث عندما أوكل أمر حالات الضمان لمشايخ أو أعضاء مجلس محلي في المديريات والمحافظة, فبادر هؤلاء لاعتماد أنفسهم وأفراد أسرهم, وأقاربهم وعدد من الأمناء والوجهاء كل في محيطه, فتجد في الواقع أن قرابة 50% من حالات الضمان موزعة على (مشايخ, أمناء, أعضاء مجلس نواب, أعضاء مجلس محلي, وجهاء, و...) من ليسو مستهدفين ولا تنطبق عليهم شروط حالة الضمان الاجتماعي, فيما أقل من 50% من الحالات المعتمدة موزعة على باقي أبناء المحافظة وبالتدارج تلحظ بجلاء أنك كلما اقتربت من شريحة المواطنين الأكثر فقراً تجد أنهم لا حالات ضمان اجتماعي لهم.. مهمشون منسيون بل إن الغالبية منهم لا يعرف متى تم تسجيل حالات الضمان ولا متى جاءت لجان بحث وتقصي من الحالات ولا يعلم إلا عندما يسمع أن فلان يتقاضى راتب ضمان بشكل فصلي أو غيره.. وتجد في المحافظة أكثر من 150000مواطن يعيشون تحت خط الفقر حسب تقارير وإحصائيات محلية ودولية.

حيث بلغت الحالات المعتمدة مالياً للمحافظة 35459 حالة ضمان اجتماعي تتقاضى في العام الواحد قرابة ملياري ريال ما يوزع منها للفقراء الفعليين والمستحقين لمرتبات الضمان مبلغ مالي لا يتجاوز600مليون في العام فيما أكثر من مليار ريال يذهب لغير مستحقين لمرتبات الضمان كما أسلفنا (أمناء, أعضاء مجالس محلية, أعضاء مجلس نواب. وجهاء) وحاشية وأقارب هؤلاء علاوة على الموظفين في وظائف حكومية في المحافظة, بل إن الغريب في الأمر أن مئات الملايين يستلمها المعتمدون النافذون وأسرهم وهم في محافظات أخرى فيما الفقراء الفعليون الماكثون في المحافظة من العجزة, والمعاقين, ومن لا يملكون مساحات من الأرض تكفيهم.. يعيشون تحت خط الفقر ويفتقرون لأدنى متطلبات العيش ويصارعون الفقر والجوع. لم تصلهم حالات الضمان الاجتماعي ولم توزع عليهم ولم يكن لهم حظ منها مع أنهم الأحق والأجدر بها.

شواهد الفساد

ومن الشواهد التي تؤكد صحة توزيع غالبية حالات الضمان الاجتماعي في محافظة ريمة على غير مُستحقيها هي: أن أعدادا بالألاف ممن يتقاضون مرتبات ضمان وأسرهم من أعضاء مجلس نواب أو محلي, أو مشايخ, وليسوا مُقيمين ولا أُسرهم في المحافظة ويتقاضون تلك المرتبات وهم في المُدن الرئيسة في العاصمة صنعاء أو الحديدة, أو تعز, أو غيرها.. جشع وأخذ لأموال مخصصة للفقراء المُقيمين بالمحافظة المفتقرين لأي مصدر للدخل المحتاجين للقمة العيش, المصارعين للفقر والجوع والأمراض, تستلمها أسر النواب والمشايخ والتجار والذين لم يعانوا ولم يتعبوا في ريمة وإنما ولدوا فيها وغادروها وفاز المسئول منهم على أكتاف وحساب الفقراء والمعوزين ثم ينهبهم هذا المسئول ما هو حق لهم من أجل البقاء والحياة غير مقتنعين بما ينهبونه من أموال المشاريع والمرتبات والنفقات التشغيلية.

 حيث أن ناهبي حالات الضمان بالمحافظة هم أنفسهم مقاولو المشاريع بلا معدات ولا إمكانيات يصرفون مخصص المشروع والمشروع لم ينفذ.

أسباب ضياع الضمان

وعن أبرز الأسباب التي شكلت واقعا في محافظة ريمة سمته الرئيسية: استحواذ من لا حق لهم في مرتبات الضمان على أكثر من 50% من تلك المرتبات.. هي أسباب عدة أبرزها تكليف أعضاء المجالس المحلية والمشايخ بتحديد المستحقين, ثم التشتت الجغرافي الذي تعانيه المحافظة وتوزع القرى والمنازل والأحياء على قِمم جبال شاهقة, أو في منحدرات ومنعطفات موزعة على امتداد السلاسل الجبلية ,وغالبيتها لم تصل إليها الطُرقات حتى الآن وذلك من الأسباب التي دفعت بالمختصين في إدارة الضمان الاجتماعي بالمحافظة, إلى التعامل مع المشايخ وأعضاء المجالس المحلية وإيكالهم مهمة الرفع اليهم بمن يستحق راتب الضمان الاجتماعي من المواطنين, فساعد ذلك العجز والخمول لدى إدارة صندوق الضمان بالمحافظة مع رغبات وأماني المشايخ والأمناء, مع أن عدداً كبيراً من المواطنين يؤكدون أن ما هو حاصل في التلاعب بحالات الضمان الاجتماعي في المحافظة.

اتفاقات سرية مسبقة..

إن إدارة الصندوق بمحافظة ريمة تتعامل باتفاقات مسبقة وسرية مع عدد من المشايخ وأعضاء المجالس المحلية بنظام المقاولة والتي مفادها: "نحن سنوكل الأمر لك في الحقيقة وأنت سجل أكبر كم ممن تريدهم من أسرتك وأقاربك مقابل أن يكون بيننا وبين مصالح متبادلة ـ نفعناك انفعنا ـ أما بأن يكون لنا مرتب أول عام من الاعتماد’ أو صيغ عدة يتحدث عنها الناس, ومن حيث الشكليات أمام الناس سنكلف من الصندوق لجنة بحث تنزل للمناطق وتسجل أعداد كبيرة وكل من يسجل من المواطنين يدفع 2000ريال, وفي النهاية الغاية هي أن نعتمد حالات محددة من غير أسرة وأقارب هذا الشيخ أو الأمين أو عضو المجلس المحلي أو ذاك كي نبعد عنا شبهة السمسرة بحالات الضمان, وتُهم الإتجار بها معكم".

كما أن ثمة سببا يضاف للأسباب التي ضاعت خلفها رواتب الفقراء من الضمان الاجتماعي هو: الثقافة العمياء لدى سكان عاصمة المحافظة والتي مارسوها في كل شيء في الوظائف وفي حالات الضمان, وضروري يكون جميعهم مسجلين بالضمان, وضروري يكونوا موظفين, وثقافة استنفذت مئات الوظائف بدون وجه حق وكذا مئات من حالات الضمان وربما آلاف.

2000ريال تسجيل وهمي

في الواقع إن تم النزول إلى قُرى وعُزل المحافظة تجد أن الجميع دفعوا من 2000ريال لمسجلي الضمان والباحثين عن الـ2000ريال بل إن البعض دفع أكثر من هذا المبلغ, ولسنوات ينتظر الفقراء الفعليين والمستحقين لمرتبات الضمان, ولم يصلهم شيء وعندما يخسر عدد منهم ويشد الرحال لعاصمة المحافظة ويسأل مدير صندوق الضمان عن حالته واعتمادها يجد فتاوى جاهزة: فيرد على البعض أنتم معتمدون إداريا لكن التعزيز المالي لم يصل منذ 4سنوات والبعض يشكو من هذا الرد ويزداد شكهم بعدم مصداقية الإدارة عندما يجدون أشخاص آخرين وسجلوا بعده بسنوات أضحوا يستلموا مرتبات ضمان لكنهم ليسوا فقراء؟ فيما البعض يجيب عليهم بأن اسمه غير مسجل فيردون نحن سجلنا ودفعنا حق اللجنة وكل الناس في القرية يعرفون ذلك ويشهدون به فيرد عليهم: ودفعتم ليش؟ صدقتموهم ودفعتم فلوس لا نملك لكم شيء, ولا يوجد لدينا جديد ولا مجال لاستيعابكم؟؟

واقع يكشف حجم المخالفات

الواقع والوضع سالف الذِكر يكشف عن مخالفات ونقائض غريبة تمارس في غابة ريمة استغلالاً لضعف العامة ومحدودية وعيهم بمصالحهم ومستحقاتهم, كما أنه يعبر عن جشع ولا إنسانية لدى من أعطاهم المواطن ثقته في المحافظة (أعضاء مجالس محلية, وأعضاء مجلس النواب, ومدراء, ومشايخ,..) أعطاهم المواطن ثقته ليخدموه فيستغلون تلك الثقة ويسخرونها لتحقيق مصالحهم الشخصية فقط وبعض أقاربهم غير مبالين بالعامة ولا ملتفتين إلى المواطن.

مناشدااااات

وإزاء واقع مؤلم كهذا الذي يعانيه الفقراء في محافظة ريمة فإنه يتطلب وقفة جادة وحازمة من محافظ المحافظة خالية من الحسابات والفوائد ومن فلان أو علان ,أو إجراء من الإدارة العامة لصندوق الضمان الاجتماعي لإعادة النظر في معايير التوزيع للحالات المعتمدة والبالغة أكثر من 35000حالة لتحديد من لا يستحقون تلك الحالات ممن أوردنا في التقرير وعددهم بالآريمةلاف وتوزيعها على الفقراء الفعليين والمستحقين والمقيمين بالمحافظة, دون أي مصادرة أو إلغاء لأي حالة من العدد الحالي المعتمد للمحافظة كون الفقراء الفعليين أكثر من ذلك العدد. ولكن تحكم النافذين ومن أسلفنا ذكرهم في ظل سوء إدارة من يمثل الصندوق بالمحافظة كل ذلك أسهم في مخالفات مهولة, وحرمان للفقراء والمستحقين الفعليين, وهذا إجراء وما يتبعه من تفاصيل عملية بادرة يتمناها ويرجوها كل الفقراء في مديريات وقُرى المحافظة الذين لا يجدون من يوصل صوتهم للمعنيين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد