اليمن 2014م .. عام الإخفاق السياسي

2015-01-09 11:59:48 تقرير خاص

واليمنيون يستقبلون العام 2015م يتذكرون أحداثاً مؤلمة وتفاصيل أوجاع ومشاهد دماء لا يمكن أن تفارق ذاكرتهم عاشوها خلال عام مضى.. لكنهم رغم ذلك يتطلعون إلى عامهم الجديد وهم يتمنون أن يكون حافلاً بما يمنحهم ولو لحظة أمل بتحسن ظروف حياتهم اليومية, بعيداً عن ألوان الدم ورائحة البارود..


كان العام 2014م عاماً فارقاً في مسيرة اليمن السياسية منذ التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. فقد بدأ خليط من التشاؤم والتفاؤل بترحيل للسلفيين من دماج من قبل جماعة الحوثيين المسلحة.. واحتفال الرئيس هادي مع المكونات السياسية والوطنية بتوقيع وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل.. لم يطل الأمر بدً حتى استمر مسلسل استهداف إضعاف دور الأجهزة التنفيذية للحكومة بشقيها الأمني والتنموي وازداد يوماً بعد آخر صمت وتأخر الرئيس هادي في تنفيذ المصفوفة الأولية لمخرجات الحوار ومتجاهلاً لكل المخاطر والتهديدات الداخلية وتداعيتها على العملية السياسية والفترة الانتقالية وأثرها على الاقتصاد اليمني.

إنتاج الصراع

كانت شخصية هادي منذ تولية السلطة أواخر العام 2011م و انتخابه رئيساً من قبل الشعب في21فبراير2012 مثار جدل وعلى المحك بحكم استمراره وقربه من الرئيس صالح طيلة الفترة السابقة.. ومنذ اللحظات الأولى لتوليه السلطة بدا الرئيس هادي في شخصية(مُحَّكم)بين طرفين وليس رجل دولة هو رئيساً لها.. الرجل الذي ظهر(مُحَّكم)لم يفصل في قضايا محكميه بل عمل على استدرار وتوسيع المشكلات وتضييق خيارات الحل.. وعلى هذا الوتر لِعب هادي وكانت تحركاته و على ضوئها يبعث الرسائل للمجتمع الدولي.. استخدم صلاحياته التي منحتها له المبادرة الخليجية لخلق بيئة تنتج الصراع داخل حكومة الوفاق على حساب بناء الدولة..

في 2014م برزت شخصية هادي كرجل يُريد الاستمرار في السلطة وبناء سلطته الخاصة باجتزائها من إنهاك القوى التي أنتج الصراع فيما ببينها أو من هيبة الدولة وقوتها.. فسرعان ما بدأ يضلل الإقليم.. ووجد في مشروع إجهاض الربيع العربي فرصة ليكون وزير دفاعه الأسبق محمد ناصر احمد بارون الاتصال مع خلية الربيع العربي التي اتخذت من الإمارات مقراً لها. فاستمر في إقصاء وإضعاف قوى وأنصار الثورة القبلية والعسكرية والسياسية.

بدء وزير الدفاع بإضعافها عسكرياً و قبلياً بضربها بالحوثيين. وجد الحوثيون مبتغاهم في تحقيق أهدافهم واعتبروها فرصة للتحالف مع الدولة وان يُقدم الجانب الرسمي يده ليحققوا نفوذهم تحت غطاء وقوة الدولة.. فتحركوا سريعا من معاقلهم في صعدة نحو عمران تحت دعاوى كاذبة فخاضوا حرباً على أبناء الشيخ القبلي عبدالله الأحمر وفجروا منزله في الخمري بتعاون مع مشائخ لهم ارتباطاتهم بعلي عبدالله صالح.

شماعة الحوثي

لم يكن آل الأحمر سوى شماعة استخدمها الحوثيون للسيطرة على عمران.. فسرعان ما عززوا مطالبهم بإقالة محافظ عمران الشيخ محمد حسن دماج الذي تم إقالته وتعيين العميد محمد صالح شملان بديلاً له.. فابتكروا عقدة صراع جديدة تتمثل بإخراج اللواء 310من عمران وحشدوا مسلحيهم واتوا بدبابتهم من صعدة إلى مشارف عمران, فخاضوا حرباً مع الجيش اليمني استمرت أكثر من ستين يوماً وفي تجاهل متعمد لوزارة لدفاع لهذه الحرب بل أن وزير الدفاع محمد ناصر احمد الذي يٌحتم عليه واجبه العسكري أن يزور الجنود في المعركة تفاجئ الجنود واللواء310بقيادة القشيبي انه يزور مليشيات الحوثي في عمران وهمدان ويلتقي قائد مليشياته أبو علي الحاكم ليمد المجتمع الدولي بمعلومات مضلله محتواها أن الحرب التي تدور في عمران بين الحوثيين و الإصلاح .وهو ما عده مراقبون وخبراء عسكريون أن تلك الزيارة إعطاء الضوء الأخضر للحوثيين للتخلص من اللواء310وقائده العميد حميد القشيببي.

لم تمر سوى أيام قليلة تخلت الدولة عن نصرة جنودها وخانت وزارة الدفاع وأركان الجيش الشرف العسكري وشاركوا في تصفية العميد القشيبي ورفاقه انسحبت قوات الأمن الخاص والشرطة العسكرية القريبة وعلى بعدد 200متر من مقر القيادة العسكرية لللواء310حيث يوجد القشيبي وسلمت عتاده لمليشيات الحوثي ودارت حرب عنيفة لم تمكن فيها الحوثيون من دخول المعسكر إلا بعد نفاد ذخيرة الجنود.. وعلى أثرها استشهد الشهيد العميد حميد القشيبي ومرافقيه ولم يخن شرفه العسكري.

جانب من المؤامرة

سقطت عمران بيد الحوثيين بعد مقتل القشيبي .. وكان حدث مقتله نذير شؤم على اليمنيين وفاجعة كٌبرى كيف تتخلى الدولة عن أبناءها.. كشفت حادثة مقتل العميد القشيبي وتسليم عمران للحوثيين وزيارة الرئيس هادي لها وغيابه المتعمد مع وزير الدفاع في تشييع جثمان القشيبي جانباً من المؤامرة اكتمل الجانب الآخر منها بتسليم صنعاء وإعلان وزارة الدفاع الانضمام لثورة الحوثيين مساء ال21سبتمبر.

قبل سقوط عمران كانت رغبة صالح في الانتقام هي التي تدفعه للتحالف مع الحوثيين، لكن مع سقوط عمران، بدأ صالح يتلمس إمكانية العودة إلى السلطة، وهذا ما دفعه لفتح باب التحالف مع الحوثيين على مصراعيه، وبحسب مصادر تنظيمية مؤتمرية، فقد صدرت توجيهات من الزعيم الذي هو رئيس حزب المؤتمر والرجل الأقوى فيه، إلى جميع قيادات وقواعد المؤتمر في مختلف المديريات والمراكز، بمساندة الحوثيين، والمشاركة في كافة فعالياتهم واعتصاماتهم ومناشطهم، بالتزامن مع عملية تشويش كبيرة على القرار العسكري داخل الجيش، من خلال تصوير ما يحدث على أنه صراع بين أولاد الأحمر وعلي محسن وكذلك حزب الإصلاح وبين الحوثيين، وذلك على سبيل التخذيل، فضلا عن تواطؤ قيادات عسكرية محسوبة على الزعيم في القيام بدورها

آخر مشاهد الإسقاط

كان قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية هو الهدية المغلفة التي كان ينتظرها الحوثيون ومن وراءهم " الزعيم " بشغف بالغ.. وقد اتخذ الحوثيون من القرار، ذريعة لمحاصرة صنعاء هذه المرة، وبدأوا باستحداث اعتصامات داخل وبمحيط العاصمة صنعاء، وتدفق كوادر المؤتمر الشعبي العام بكثافة على تلك المخيمات، حتى ضاع الحوثيون في تلك الحشود المؤتمرية، وبقي الحوثي مجرد لافتة لتلك التحركات.

بعد متاهات اللجان المشكلة لمفاوضة زعيم الحوثيون تراجع الرئيس هادي عن قرار رفع الدعم، إلا أن الحوثيين ومن وراءهم الزعيم استمروا بالتصعيد، واندلعت المواجهات في الجزء الشمالي في العاصمة صنعاء، وتتابعت الأحداث بشكل دراماتيكي غير معقول، أسفر عنها ترك القوات العسكرية الموالية للواء علي محس الأحمر وحدها تواجه الحوثيين وامتناع القوات الأخرى مع توجيه وزير الدفاع لبعض النقاط العسكرية بالانسحاب كما وجه الكتيبتين اللتين تحميان التلفزيون بعدم مواجهة الحوثيين ، في الوقت الذي تحدثت مصادر مطلعة عن مشاركة فعلية لقوات عسكرية محسوبة على صالح في دعم الحوثيين، وانتهت تلك الأحداث الصاعقة بإسقاط صنعاء ووقوف الجيش في ثكناته واقتحام الحوثيين للقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع، وبتوقيع اتفاق السلم والشراكة في 21 سبتمبر الماضي، اليوم الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث.

فبدأت " الأنا " الحوثية بالبروز، من خلال الإنتفاشة الحوثية التي ظهرت بقوة عقب سقوط صنعاء، مرافقا لها مليشيات صالحية تقتحم وتنهب منازل ومؤسسات الخصوم بطريقة وقحة، وهو ما جعل المجتمع الدولي وخاصة دول الخليج وفي المقدمة السعودية تتجه بقوة ناحية معاقبة الزعيم وإرفاق قيادات حوثية بطريقة شكلية، الأمر الذي دفع صالح للتبرؤ من الحوثي أكثر من مرة، واتهام الرئيس هادي، بالتواطؤ مع الحوثيين لتصفية حزب الإصلاح وأولاد الأحمر وعلي محسن.

لم تتوقف تحركات الحوثيين عند حد إسقاط المنطقة العسكرية السادسة " الفرقة الأولى مدرع سابقاً" ، بل استمرت في عملية تطهير للمؤسسات العسكرية من خصوم صالح، أقصد من الموالين لعلي محسن والإصلاح، وامتد الأمر ليأخذ منحاً ثأرياً واضحاً لصالح " الزعيم"، حتى أن مقاتلي الحوثي التقطوا بأنفسهم صور " سيلفي" في مخادع خصوم صالح.. ثم تلي ذلك اجتياح وتمدد وتوسع في معظم محافظات شمالية، ابتداء من الحديدة ثم إب، وحجة، بينما توقفوا على أبواب تعز، في حين كانوا قد دخلوا بعض مديريات محافظة صنعاء قبل سقوط العاصمة والبعض الآخر دخلوها بعد ذلك.

صراع القوى الجديدة

مثل إسقاط صنعاء بيد الحوثيين- حليف إيران- صفعة قوية لم تتوقعها المملكة العربية السعودية وهو ما جعلها تبادر لتفهم الأمر من الرئيس الشكلي هادي.. فسرعان ما برر هادي أن الحوثيين لم يتمكنوا من ذلك إلا بمساعدة "الزعيم صالح".. الأمر الذي دفع السعودية إلى الاقتناع بأطروحات الرئيس هادي وبقية القوى، والتي دأبوا فيها على اتهام صالح بالوقوف وراء سقوط العاصمة، ومعظم الأحداث التي شهدتها اليمن خلال السنتين الماضيتين.

وجهت المملكة هجوم إعلامياً صاخب شنته قناة العربية ووصفته لأول مرة بـ"المخلوع".. فما كان منها إلا أن صعدت عبر قنواتها الخاصة لدى الدول العشر ومجلس الأمن، حتى صدرت العقوبات الأممية بحق صالح واثنين من قادة الحركة الحوثية يوم الجمعة الموافق 7 نوفمبر، وقد استبق صالح صدور القرار بيوم واحد، باختراع حكاية حول تقديم السفارة الأمريكية طلب بمغادرته البلاد، وهو ما نفته السفارة تماما، لكن صالح كان له هدف من وراء حشد أنصاره، عسى أن يؤدي ذلك إلى ثني المجتمع الدولي عن إصدار القرارات، لكنها صدرت، بل تلا ذلك إعلان الولايات المتحدة اتخاذ عقوبات منفردة ضد صالح وأيضا اثنين من قادة الحوثيين.. حاول صالح تخفيف صدمة وصفعة العقوبات بإقالة الرئيس هادي من منصبة في المؤتمر الشعبي العام وسحب بساط الحزب السياسي منه.. واتهامه مع وزير الدفاع بتسليم صنعاء للحوثيين.. ودعت قيادات مؤتمريه صالحية إلى محاسبتهم.

اقتحام جدار الثورة

اقتحمت جماعة الحوثيين المسلحة منطقة أرحب وفجرت سبعة منازل لمواطنين في منطقة أرحب كما فجرت دار لقران الكريم والذي يبلغ تكلفته أكثر من 200مليون.. واتجهت الجماعة إلى تفجير دور القران ومقرات حزب الإصلاح، إضافة إلى منازل معارضيها..

ويعزو البعض أن اقتحام جماعة الحوثيين المسلحة تم بالتنسيق مع الرئيس السابق صالح للانتقام من قبائل أرحب كونها القوة التي تصدت لقوة الحرس الجمهوري إبان ثورة ال11من فبراير2011م.. يمكن القول أن الترسانة العسكرية التي تجهز بها الحوثيون قد أفشلها مشائخ ووجهاء أرحب , خاصة بعد المعلومات التي حصلوا عليها من تصدر الحرس العائلي "الحرس الجمهوري" الذي مازال تحت طوع الرئيس السابق في مقدمة الزاحفين على أرحب بكل قواتهم العسكرية التي تدفقت من جبل الصمع , ذلك اللواء الذي يحمل حسابات خاصة ضد قبيلة أرحب.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد