حجة.. دكتاتورية التمرد تقضي على منظمات المجتمع المدني معلنةً "لا صوت يعلوا فوق العصابة"

نهب ممتلكات مقرات حزبية وجمعيات خيرية تقدر قيمتها باكثر من 150 مليون ريال

2017-01-15 05:50:00 أخبار اليوم/ عبدالواسع راجح

جاء في تعريف منظمات المجتمع المدني بأنها " عبارة عن شبكة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة و الدولة و تعمل على تحقيق المصالح المادية و المعنوية لأفرادها و الدفاع عن هذه المصالح في اطار الالتزام بقيم و معايير الاحترام و التراضي و التسامح الفكري و السياسي ، و القبول بالتعددية و الاختلاف ، و الادارة السلمية للصراعات و الاختلافات." ..
و انطلاقا من هذا التعريف المجمع عليه من قبل الباحثين والسياسيين ، فقد ادركت عصابات التمرد في اليمن منذ اول وهلة للانقلاب المشؤم على تقويض المنظمات المجتمعية وفرض نظام شمولي همجي ، خلاصته (لا صوت يعلوا فوق صوت العصابة وسيدها) ، كونها اي الميليشيات تعرف جيدا بانها لا تستطيع العيش في الاجواء السلمية الديمقراطية والا لكانت انخرطت في العمل السياسي لا ان تمضي في العمل الميليشاوي الارهابي ..

"محافظة حجة " واحدة من المحافظات التي قوضت فيها منظمات المجتمع المدني وصودرت ممتلكاتها واختطف وعذب وشرد العاملين فيها منذ عامين مضت ، انعكس ذلك العمل الهمجي سلبا على الحياة العامة بالمحافظة التي في الاصل معاناتها كبيرة ..
(اخبار اليوم) سلط الضوء على جانب من الانتهاكات التي طالت المنظمات المجتمعية واثارها السلبية على المواطن وادارة شؤون حياته في مختلف الجوانب على مدى اكثر من عامين للانقلاب ..... الى التفاصيل /

فقدان حلقة الوصل
يستخدم المجتمع المدني عادة كمفهوم وصفي لتقييم التوازن بين سلطة الدولة من جهة، والهيئات والتجمعات الخاصة من جهة أخرى ، فالنظام الشمولي يقوم على إلغاء المجتمع المدني، وبالتالي فإن الغاء هذا الجزء من المجتمع يعني فقدان حلقة الوصل بين السلطات القائمة والمواطن ، وتصبح الحياة عبارة عن تسلط الطرف الاقوى وهي السلطة على الطرف الاخر "المواطن" ..
ذلك ما عمدت اليه الميليشيات منذ اول وهلة حتى لا تفسح المجال لاحد حتى مجرد الانتقاد لاي تصرفات او قرارات او اعمال ، تجنباً لاي نوع من انواع المحاسبة القانونية او الشعبية ..

العصر الذهبي للشمولية
ومع سيطرة المتمردين على مؤسسات الدولة(سلطة الامر الواقع) شهدت المحافظة والبلاد برمتها تطورا متسارعاً للاستبداد والنظام الشمولي ، الذي اثبت التاريخ فشله في دول عظمى ، حيث مورست اعمال القمع بكل اشكالها بقوة السلاح ، وصودرت حرية التعبير ، ولا يجوز لاحد افراد او احزاب انتقاد سلطتهم وسياساتهم الهمجية ..
وهذا الامر دفع ثمنه ابناء المحافظة باهظاً ، من قوتهم ومصادر رزقهم وامنهم واستقرارهم ، وصل حد خوف موظفي الدولة من المطالبة برواتبهم المتوقفة منذ اربعة اشهر ، ومن يتفوه بذلك يدرج ضمن قائمة الخونة والعملاء للعدوان -حد تعبيرهم- كما حدث مع موظفي هيئة المستشفى الجمهوري الذين منعوا من ممارسة عملهم لمطالبتهن بمستحقات مالية ، في اكتوبر الماضي ..

مصادرة ممتلكات 
سجلت تقارير حقوقية تعرض اكثر من عشرين مقراً لمنظمات مجتمع مدني ما بين مقرات حزبية وجمعيات ونقابات للاقتحام والنهب مع بداية الانقلاب من قبل الميليشيات ، والتي نهبت ما فيها من اثاث واجهزة ومعدات تقدر قيمتها باكثر من 150 مليون ريال ، لصالح عناصرهم التي مارست اعمال الفيد دون وازع من ضمير او اخلاق او قيم ، وذلك بحسب تقرير ائتلاف المنظمات الحقوقية بالمحافظة للعامين 2015- 2016م ..

مقرات تتحول لثكنات
لم تكتف الميليشيات باعمال النهب لممتلكات المنظمات والاحزاب والجمعيات ، بل حولت مقرات عدد من الجمعيات والمؤسسات الى اماكن تدريب وادارة لعناصرهم ، واعمالهم الميلاشاوية .
وبحسب شهود عيان بمركز المحافظة فقد تم تحويل مقر جمعية الاصلاح الاجتماعي الخيرية الى مركز تدريب وادارة خاصة بقيادات التمرد ، فيما يشير مواطنون بمدينة عبس الى تحويل مقر مؤسسة يماني الخيرية لمقر تجمعاتهم المسلحة ومخازن خاصة وانها تقع بالقرب من جبهتي حرض وميدي ..

خطف وملاحقات
وفي اطار سياساتها الهمجية عمدت الميليشيات الى اختطاف عشرات العاملين في الجمعيات الخيرية والقيادات الحزبية ، فيما المئات منهم مشردين نتيجة ملاحقتهم ، وتفيد المعلومات بان من تم خطفهم يتعرضون لاشنع الوان التعذيب الوحشي دون رحمة او انسانية .. 

تعطيل الهامش الدميقراطي
هذه الملاحقات والمصادرة للمنظمات المدنية عملت على تعطيل الهامش الديمقراطي الذي كانت تتمتع به ، واصبحت الحياة تدار بنظام شمولي دكتاتوري ، الغت بذلك العمل الديمقراطي برمته لتصبح الميليشيات هي الامر الناهي دون قانون او نظام سوى ما يفرضه المشرف الفلاني او العلاني ..

حيث عُطلت الاحزاب ودورها الحيوي وصودرت الجمعيات والنقابات العمالية والمهنية ، لتتجمد الحرية ويحكم الناس بالنار والحديد ومن يعترض مصيره الخطف والتنكيل ..

فقدان الاعمال الانسانية
ومع اغلاق المنظمات المجتمعية فقد المواطنون الاعمال الانسامية والخيرية التي كانت تقوم بها هذه المؤسسات ، والتي كان يستفيد منها مئات الالاف سنوياً من الفقراء والايتام والنازحين وذوي الاحتياجات الخاصة ، حتى من كانوا يتقاضون ميالغ الضمان الاجتماعي لم يعودوا يحصلون عليها بعد افراغ المامردين لخزينة الدولة العامة ، لتتسع بذلك رقعة المحتاجين والفقر ، وتزداد معاناة السكان اضعاف ..

اتجاه اجباري
قد يقول البعض بانه لاتزال هناك العديد من الجمعيات والاحزاب تمارس عملها بشكل طبيعي ، وهنل نؤكد بان الواقع يقول بان ما تبقى من مؤسسات محسوبة على ثنائي التمرد هي الاخرى لا تستطيع ممارسة اي اعمال انسانية او ثقافية تتعارض او تنتقد تصرفات وسياسات الميليشيات ، ومن يخرج عن توجهاتها ولو باشارة الى اي نوع من الاخطاء يكون مصيره التخوين الذي يعني ضمه الى قائمة المنتهكة حقوقهم وحرياتهم .
وينحصر دور هذه الجمعيات او الاحزاب في التاييد والحشد الجماهيري للمتمردين فقط وتنفيذ توجيهاتهم حرفياً ، ما يعني انها هي الاخرى في حكم المصادرة لصالح العصابة ..

الارهاب ... حضور علني
ووسط هذا الكم الهائل من الجرائم التي تمارسها ميليشيا التمرد يمكن القول بان (الارهاب بكل اشكاله يحضر وبقوة وعلانية) بين ابناء المحافظة الذين يدفعون ثمن هذه الجرائم من قوتهم وامنهم واستقرارهم ومصادر دخلهم ، الا ان تسائلات يتداولها الاهالي مفادها "لماذا لك يتم ادراج المتمردين في اليمن ضمة قائمة الجماعات الارهابية رغم كل هذه الممارسات المكشوفة والمؤكدة تورطهم في قضايا ارهابية؟؟!!" ..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد