خبراء اقتصاد يحذرون من أثارها السلبية على سعر العملة المحلية ما لم تتخذ إجراءات اقتصادية وقائية

الأموال المطبوعة في روسيا: هل تحل أزمة السيولة.. أم علاج مؤقت؟!

2017-01-18 06:38:23 تقرير خاص/ أدهم فهد

على مدى أربعة أشهر ظل موظفو الدولة يعانون ويلات تأخير صرف مرتباتهم، بسبب أزمة السيولة التي ألقت بظلالها على كاهل اليمنيين عامة والموظفين الحكوميين بشكل خاص..
وكان لاتخاذ الحكومة الشرعية قرارها بنقل البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن أن ضاعف من حجم الإشكالية..
لكن وصول 200 مليار دولار مطلع الأسبوع الفائت إلى المصرف المركزي بعدن، كجزءٌ من الأموال المطبوعة في روسيا، رأى فيها الكثير حلاً لأزمة السيولة النقدية بشكل مؤقت وجزئي..
وهو ما استبشر فيه كثير من موظفي القطاع الحكومي خيراً بحل أزمة مرتباتهم. غير أن التساؤل الذي يبديه مراقبون: هل ستحل تلك الأموال أزمة السيولة، أم أن هناك آثار ستتركها؟!
صرف المرتبات
تسببت سياسة التجريف التي اتخذتها مليشيا الانقلابيين المسيطرين على صنعاء والبنك المركزي في نشوب أزمة خانقة في السيولة المالية ألقت بظلالها على مرتبات موظفي الدولة.
وفي سبتمبر أيلول من العام 2016 أعلنت الحكومة الشرعية نقلها للبنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن.
إلا أن الأزمة لم تحل وظلت على ما هي عليه، فقد استغرقت مدة وصول الأموال المطبوعة في الخارج أكثر من ثلاثة أشهر.
وعانى الآلاف من موظفي الدولة من تعليق صرف مرتباتهم لفترات تجاوزت الثلاثة أشهر، ما حتم على الحكومة الشرعية التسريع بعملية طبع العملة المحلية في الخارج.
وقد وصلت مطلع الأسبوع الفائت جزءٌ من هذه الأموال للبنك المركزي بعدن، والتي ستعمل بدورها على حل أزمة السيولة النقدية بشكل مؤقت وجزئ، حد تأكيدات حكومة الدكتور بن دغر.
بدأت إدارة البنك المركزي بعدن بمباشرة صرف مرتبات موظفي قطاع الدولة عقب وصول الأموال المطبوعة في الخارج.
وفي سياق ذلك قال مدير فرع البنك المركزي بعدن/ خليل الشيباني أن فرع مركزي عدن أكمل صرف الجزء الأكبر من مرتبات موظفي قطاع الدولة حتى شهر ديسمبر.
وأوضح، في حديثه لـ"أخبار اليوم"، أن تعليق عملية صرف المرتبات لبعض القطاعات كان بفعل تأخر التصاريح الصادرة من مكتب المالية.
مشيراً إلى أن هناك عدة تصاريح ما تزال موجودة لدى المالية، وسيتم صرف هذه المرتبات فور وصول التصاريح.
وأكد بأن وصول الأموال المطبوعة في الخارج لن يحل أزمة السيولة النقدية بشكل كامل ونهائي، واصفا هذه الخطوة بأنها ليست بسحرية.
مدير فرع البنك المركزي بعدن لفت، في ختام تصريحه، إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات والخطط التي من شأنها حل أزمة السيولة النقدية.
آثار الأموال المطبوعة
يرى كثير من الخبراء الاقتصاديين بأن وصول الأموال التي طبعتها الحكومة الشرعية في الخارج ستكون لها أثارٌ سلبية على سعر العملة المحلية في حال لم تتخذ إجراءات اقتصادية وقائية.
وتعليقا على ما سبق يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي- الدكتور/ يوسف سعيد:" لا نعلم على وجه التأكيد عن حجم الأموال التي وصلت فعلاً إلى البنك المركزي عدن من المبلغ الإجمالي البالغ 400 مليار أي مايعادل" 1.334" مليار دولار، والتي جرى التعاقد على طباعتها في روسيا، ولا نعلم إن كانت هناك ترتيبات مع الدول المانحة بشأن طباعة هذا الحجم من العملة الوطنية".
ويؤكد الدكتور/ يوسف، في حديثه لـ"أخبار اليوم"، أن ما يفترض هو أن هذه الأموال التي تهدف إلى التخفيف من أزمة السيولة تتم من مصادر تضخمية "طباعة أوراق نقدية " دون غطاء نقدي من العملة الحرة والذهب.
ويعلل بقوله:" لأن احتياطيات البنك المركزي اليمني تدهورت إلى أدنى مستوى لها وليس هناك بيانات رسمية صادرة عن المركزي تبين كم تبقى من هذه الاحتياطيات سواء تصريحات قديمة تفيد أنها لا تتجاوز 700مليون دولار وقد تكون أقل من ذلك بدليل أنها لم تعد تفي بحاجة استيراد المواد الأساسية بما في ذلك استيراد مشتقات النفط الذي كانت تقوم شركة النفط باستيراد".
وذكر أن توفير العملة الصعبة لاستيراد هذه المواد أصبح القطاع الخاص ينهض بها. ويضيف:" من الواضح أن التجار يشترون الدولار من السوق الموازي من خلال الصرافين وهو الأمر الذي رفع الطلب على الدولار إلى مستويات عالية وأسهم في ارتفاع المستوى العام للأسعار وبشكل مستمر وتدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية". 
وأما عن الآثار التي تترتب على طباعة النقود، فقال الأكاديمي يوسف سعيد:" اعتمادا على مصدر تضخمي في ضوء سلوك البنك المركزي فمن الصعب احتسابها الآن تحديدا لأن الآثار ستأتي لاحقا".
ويشير إلى جملة من الأسباب في هذا الصدد، أولها أن هذه الأموال لن تنفق على الأجور دفعة واحدة ولكن ستنزل بشكل تدريجي ولذلك لن تظهر أثارها على الأسعار بشكل مباشر. 
ويرى الخبير الاقتصادي أنه في الوقت الراهن وفي ضوء أزمة السيولة الخانقة سيكون الأثر إيجابياً، فهو سيؤدي إلى رفع مستوى الطلب الكلي وخاصة في جانبه الاستهلاكي، لأن إنفاق المستهلكين عنصر هام في الطلب الكلي الفعال، وبالتالي في تحريك النشاط الاقتصادي. 
ويعتقد الدكتور سعيد أن آثار الإنفاق الجاري من خلال طباعة النقود على ارتفاع المستوى العام للأسعار وازدياد تدهور قيمة الريال ستظهر لاحقا على المدى المتوسط.
ويتابع حديثه:" خاصة إذا لم يترافق المعروض النقدي الجديد مع تنشيط البنك المركزي لأدوات السياسة النقدية من اجل سحب فائض السيولة، أو إذا لم تستطع الدولة إعادة قطاع النفط إلى جاهزيته- إنتاج وتصدير النفط - والذي يمثل المصدر الأساسي لموارد الموازنة العامة ودعم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي". 
وفي تقدير الأكاديمي والخبير الاقتصادي يوسف سعيد فإنه على المدى المتوسط"2-3 " أعوام من مواجهة أزمة السيولة في اليمن لا يمكن حلها من خلال طباعة النقود، لأن هذا الإجراء كان استثنائيا ويجب أن يظل كذلك.
ويضيف:" لكن تحتاج أن تتبع الدولة برنامج إصلاح اقتصادي قصير الأجل يستهدف تنفيذ سياسة التثبيت والاستقرار حيث يوجه هذا البرنامج لوقف تدهور سعر الصرف وتوقيف الزحف المتواصل للمستوى العام للأسعار وإعادة توازن ميزان المدفوعات. 
مؤكدا على أن هذا الإجراء يتطلب دوراً فاعل تتولاه المؤسسات المانحة الدولية" البنك والصندوق الدوليين" والدول التقليدية المانحة لليمن وبالذات الدول الخليجية. 
وعن تفاصيل هذا الدور يرى الخبير الاقتصادي بأن يتم أولاً من خلال تدعيم احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي بوديعة تؤمن الحد الأدنى من توفير الأمان وضمان إعادة تدفق الموارد المغذية للموازنة العامة للدولة بما في ذلك إطلاق إعادة القروض والالتزامات الدولية السابقة التي توقفت. 
وهذا، بحسب الدكتور سعيد، يجب أن يتوافق مع عقد مؤتمر دولي للمانحين يركز على توفير الأموال اللازمة لإعادة الأعمار وبناء البنية التحتية وتعويض المتضررين ممثلا بأطراف النشاط الاقتصادي بما في ذلك المواطنين الذين تضروا.
مساهمة في الحل
يؤكد الصحافي الاقتصادي/ محمد الجماعي بأن وصول الأموال المطبوعة سيساهم في رفد خزينة الدولة لكي تتمكن من مواجهة النفقات الداخلية كالرواتب والموازنات التشغيلية ودعم بعض الجبهات العسكرية. 
ويقول الجماعي في حديثه لـ"أخبار اليوم" أنه ومن وجهة نظر الحكومة فإن هذه الأموال ستساهم في إنهاء أزمة السيولة لدى البنك المركزي واستبدال التالف من العملة الممزقة والمهترئة والحد من التعامل بالعملة الأجنبية وضمان عودة دوران المال ضمن إطار الجهاز المصرفي للدولة، وهو ما سوف يعيد ثقة المواطن والمال المحلي بالدولة.
أما الخبير الاقتصادي محمد حلبوب فيرى" أن صول النقود المطبوعة في روسيا يعد علاجاً مؤقتاً لازمة شحة السيولة النقدية التي نشأت بسبب انهيار ثقة الجمهور بالجهاز المصرفي كنتيجة انهيار الثقة بحكومة الانقلابيين.
ويذكر الخبير الاقتصادي حلبوب في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن لهذا العلاج بعض الأضرار الجانبية التي قد تؤدي إلى التضخم (ارتفاع الاسعار)، وكأي علاج فهو مؤقت حتى يتم العودة إلى الوضع الطبيعي وتحصيل الإيرادات من مصادرها كعوائد النفط والغاز والضرائب والجمارك والرسوم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد