فاقم نسب الفقر المدقع بين السكان وافتعل الأزمات لزيادة المجهود الحربي..

حجة.. التمرد يقوض اقتصاد الفرد والمجتمع بالنهب وسياسة "الفيد"

2017-01-28 06:02:41 أخبار اليوم/ عبدالواسع راجح

منذ الوهلة الأولى للانقلاب اعتمدت الميليشيات على سياسة النهب و"الفيد" في تمويل حروبها العبثية ودعم عناصرها، خاصة ما يسمونهم المشرفين، طالت جريمة النهب المؤسسات العامة والخاصة وحتى الأفراد والأسر الأشد فقراً لم يسلموا من أياديهم الخبيثة..
(محافظة حجة) واحدة من المحافظات التي مورس بحق أبنائها عمليات نهب واسعة، زادت من معاناتهم الاقتصادية بشكل غير متوقع أوصل سكانها إلى ما دون خط الفقر، فمن نهب الخزينة العامة للدولة إلى مصادرة العديد من المنظمات المدنية وممتلكات الشخصيات الاعتبارية، وصولاً إلى فرض إتاوات على التجتر بالقوة، ونهب ومصادرة مرتبات موظفي الدولة، وحتى المساعدات الإنسانية ومستحقي الضمان الاجتماعي حرموا منها... كل تلك الجرائم أغرفت المحافظة في وحل الفقر الذي جلب معه الجوع والأمراض الفتاكة وانعدام فرص العمل..
(أخبار اليوم) طافت بين أرجاء المحافظة لتنقل جانباً من الكوارث التي حلت بسكانها البالغ عددهم ما يزيد عن مليوني نسمة، وكيف أوصلتها سياسات المتمردين الهمجية إلى براثن المآسي بكل أشكالها... إلى التفاصيل :
فقر مدقع.... وأزمات مفتعلة
تعد محافظة حجة من المحافظات الفقيرة جداً، فقد صنفت المحافظة الرقم 14 على مقياس نسبة الفقر الحاد، ورقم 20 على مقياس فجوة الفقر الحاد ودرجة حدته، وبسبب سياسات التمرد فقد تجاوزت نسبة الفقر فيها الـ 80 %، الأمر الذي يشكل خطورة على وضع السكان المعيشي والإنساني.
هذا الوضع السيئ لأبناء المحافظة لم تتعامل معه الميليشيات ولا بذرة إنسانية، بل عمدت إلى افتعال الأزمات المختلفة لجني أكبر قدر ممكن من الأموال غير مبالين بمعاناة المواطنين وأوضاعفهم الفقيرة جداً.
نهب الخزينة العامة
ومنذ بداية الانقلاب المشؤوم عمدت الميليشيات إلى الاستحواذ على الخزينة العامة للدولة، فقطعت النفقات التشغيلية للمكاتب التنفيذية والهيئات والمؤسسات لتصبح مؤسسات الدولة مشلولة، كما توقفت المشاريع الحيوية، لتستنفذ تلك الموازنات في حروبها العبثية ومصادرة جزء كبير منها لصالح مشرفيهم.
انعكست هذه الإجراءات سلباً على أداء مؤسسات الدولة ودورها في إدارة شؤون المواطنين، لتفسح المجال أمام لجانهم المسلحة لتعيث الفساد بين الأهالي..
استحواذ على المشتقات
وفي إطار سياسات المتمردين لمضاعفة معاناة المواطنين أغرقت السوق المحلية، بما يسمى بالسوق السوداء لبيع المشتقات النفطية والغاز، بأسعار مضاعفة، والتي بدورها انعكست على أسعار المواد الغذائية، في الوقت الذي انعدمت مصادر الدخل لمعظم المواطنين..
وبحسب مواطنين من مختلف المديريات فإن الميليشيات تتحكم في محطات النفط أيضاً وتفرض عليهم رفع أسعارها وتوريد الزيادة المفروضة إليهم باسم المجهود الحربي، وبصورة علنية تكشف سياسات هذه العصابات في مضاعفة معاناة الأهالي بلا ضمير أو إنسانية.
اقتحام ونهب المنظمات المدنية
تؤكد تقارير لائتلاف المنظمات الحقوقية بالمحافظة تعرض العشرات من الجمعيات والمقرات الحزبية والنقابات المهنية للاقتحام والنهب لممتلكاتها بصورة كاملة تقدر قيمتها بعشرات الملايين.
وتذكر مصادر مطلعة بأن ممتلكات المنظمات المجتمعية صودرت لصالح الميليشيات التي توزعتها فيما بينها، الى جانب ما ترتب على هذه الأعمال من توقف لأعمال تلك المنظمات سواء الإنسانية أو الفكرية الديمقراطية والتي انعكست سلباً على أوضاع المحافظة..
خصميات ومصادرة مرتبات
لم تكتف الميليشيات بإيقاف النفقات التشغيلية ونهب خزينة الدولة العامة بل عمدت إلى فرض خصميات متفاوتة وبصورة شهرية من مرتبات كافة موظفي القطاع العام الذين يزيد عددهم عن عشرين ألف موظف (المدني فقط) تصل مبالغها عشرات إن لم يكن مئات الملايين شهرياً.
علاوة على مصادرة مرتبات مئات الموظفين باسم أن أصحابها من مناصري العدوان، مع العلم أن معظم من صودرت مرتباتهم لا يوجد أي مصدر دخل لأسرهم، ليعيشوا وضعاً أكثر مأساوية، حتى وصلت سلطات التمرد غير قادرة على صرف مرتبات الموظفين لأكثر من أربعة أشهر، لتقضي بذلك على الطبقة الوسطى في المجتمع، وتضيف ذوي الدخل المحدود إلى قائمة الأشد فقراً..
إتاوات على التجار بالقوة
التجار لم يسلموا أيضا من همجية المتمردين، وتؤكد مصادر محلية بمختلف المديريات فرض مبالغ مالية باهظة على التجار كل بحسب حجم تجارته، تم جلب مئات الملايين من الريالات باسم المجهود الحربي ودعم البنك المركزي وغيرها من المسميات غير المشروعة.
وتذكر المصادر بأن العديد من التجار تعرضوا للخطف والمضايقات المختلفة نتيجة رفضهم دفع المبالغ المفروضة عليهم، لتكون النتيجة رضوخهم لضغوطات الميليشيات تحت قوة السلاح..
تزايد البطالة وانعدام فرص العمل 
بعد تحويل المديريات الحدودية التي تضم أبرز المدن الحيوية اقتصاديا (حرض وعبس وميدي) لساحة حرب مفتوحة، قضت الميليشيات على الحركة الاقتصادية فيها ليتحول الآلاف من الشباب إلى عاطلين، يتسولون الناس قوت يومهم.
كما أن الأزمات المتعددة التي خلقتها سياسات التمرد انعكست سلباً على القطاع الخاص بشكل كبير الذي تم تسريح المئات من العاملين فيه نتيجة قلة الانتاجية وضعف السوق المحلية..
الكل يدفع مجهودا حربيا
وحتى تضمن الميليشيات دفع كافة المواطنين للمجهود الحربي لتموين جبهاتهم القتالية وعناصرهم، اعتمدت سياسة رفع الأسعار على المشتقات النفطية بأضعاف مضاعفة التي بدورها انعكست على أسعار السلع التجارية بشكل عام والتي يضطر المواطنون لدفعها مقابل شراء احتياجاتهم المختلفة.
وبهذه الطريقة ضمنت الميليشيات أخذ هذه الإتاوات من خلال التجار بشكل مضمون ودون أي متاعب، علاوة على تسويقهم بين معظم سكان المحافظة لعمليات دعم المجهود الحربي طواعية استطاعوا جمع مبالغ طائلة عبر تضليل المواطنين بأوهام مواجهة إسرائيل وأمريكا وعملائهما كمل يدعون..
سطو على المساعدات الدولية
بعد أن استنزفت الميليشيات خزينة الدولة العامة وعجزت عن صرف مرتبات الموظفين، لم يتبق أمامهم سوى المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية، والتي قامت بمصادرة معظمها، لصالح عناصرها.
ويؤكد شهود عيان في أكثر من مديرية بأنهم وجدوا كميات كبيرة من المعونات الغذائية تباع في الأسواق لصالح المتمردين.
وكشف رئيس منسقية النازحين بالمحافظة عادل عوضة- مطلع يناير الجاري- عن مصادرة المتمردين لأكثر من مئة مليون ريال قدمتها مفوضية اللاجئين كبدل إيجارات للنازحين بالمحافظة.
ودعا عوضة- في تصريح لـ"أخبار اليوم"- المفوضية لمحاسبة الجهات المسؤولة عن توزيع هذه المساعدات، المقررة لثلاثة آلاف أسرة تم استبدال نصفهم بأسماء وهمية وعدد من قتلاهم وأخرى لمشرفيهم، محملاً المتمردين مسؤولية ما يترتب على مثل هذه الإجراءات المجحفة يحق النازحين..
نهب ممتلكات شخصية
سجلت تقارير حقوقية تعرض عدد من منازل الشخصيات الاعتبارية سياسية واجتماعية للنهب واحتلال بعضها وتحويلها لسجون وثكنات مسلحة، مشيرة إلى أن معظم المنازل التي تعرضت للنهب والمصادر للمتلكات تتركز بمدينتي حجة وعبس..
 141 ألف أسرة بلا ضمان اجتماعي/
يستفيد من حالات الضمان الاجتماعي بالمحافظة 141 ألفا و185 حالة (أسرة) بحسب إحصائيات 2013م الرسمية، ونتيجة لسياسات الإفقار التي مضت في تنفيذها الميليشيات فقد توقفت عملية صرف مبالغها منذ انقلابهم على السلطة، لتغرق هذه الأسر في وحل الفقر المدقع، بعد أن كانت تلك المبالغ الزهيدة تساعدهم في مواجهة احتياجاتها الضرورية..
طفرة مالية لمشرفي التمرد
ونتيجة لأعمال النهب الواسعة للقطاع العام والخاص والمواطنين عامة، فقد ظهرت بشكل مفاجئ طفرة مالية غير طبيعية على مشرفي المتمردين سواء بمركز المحافظة أو المديريات، حيث تشير المعلومات إلى أن معظم هذه المبالغ التي يتم نهبها تذهب لصالح المشرفين الذين يمارسون ألوان الفساد والعبث دون رقيب أو حسيب، ما أدى إلى وجود هذه الطفرة المالية لهم في وقت وجيز.
وبحسب مقربين من المتمردين فإن معظم المشرفين ليسوا موظفين مع الدولة ولا يوجد معهم مصدر دخل كبير يدر عليهم هذه الأموال الطائلة، لافتين إلى أنهم يستفيدون من دعم المجهود الحربي وإيرادات الدولة العامة وتتوزع بين قياداتهم بشكل متفاوت وبمبالغ طائلة.
وتشير المعلومات إلى أن بعض مشرفيهم الذين كانوا- إلى وقت قريب- لا يكادون يجدون مصروفهم اليومي، قد اشتروا أراضي بعشرات الملايين ويمتلكون أرصدة لدى البنوك بملايين الريالات، المنهوبة من قوت الشعب.
حجة تستغيث 
وصلت الأوضاع الاقتصادية بالمحافظة حد انتشار المجاعة بين السكان خاصة النازحين البلغ عددهم نصف مليون مواطن، والذين يعانون الجوع والمرض، بسبب سياسات التمرد الهمجية.
وإزاء هذه الأوضاع واستشعاراَ لمسؤوليتها الوطنية والإنسانية أطلقت قيادة المحافظة الشرعية- ممثلة بالمحافظ اللواء الركن/ عبدالكريم السنيني، نهاية ديسمبر الماضي حملة تحت شعار (حجة تستغيث) دعت خلالها المنظمات الإنسانية الدولية لسرعة التدخل وإنقاذ سكان المحافظة من الكوارث التي سببها الانقلابيون.
وقد لاقت الحملة تفاعلاً كبيراً من المنظمات وفي مقدمتها مركز الملك سلمان للإغاثة الذي أعلن استعداده للتدخل في توفير احتياجات أبناء حجة الضرورية بشكل عاجل، غير أن سيطرة المتمردين على المحافظة وعمليات النهب لأي مساعدات تدخلها من قبل الميليشيات لا تزال عقبة أمام وصول هذه المساعدات الإنسانية..
ثورة الجياع.... قادمة
بعد أن زاد الظلم واتسعت دائرة الفقر والجوع بدأت بوادر ثورة الجياع تهتز في جوانب المحافظة، والتي بدأها نازحو المحافظة بتظاهرة أمام المجمع الحكومي منتصف يناير احتجاجا على مصادرة حقوقهم المقدمة من منظمات دولية، والتي قوبلت بالقمع من قيل الميليشيات عبر إطلاق النار على المتظاهرين وضرب بعضهم.
كما تشير المعلومات إلى أن بوادر غضب بدأت تسري بين موظفي الدولة الذين انقطعت مرتپاتهم منذ أربعة أشهر، ويهددون بالإضراب وحملات الاحتجاجات إذا ما استمر الحال دون أي حلول لوضعهم المالي الصعب.
إلى جانب أن شعبية المتمردين بدأت في التماهي جراء سياساتهم الهمجية في إدارة شؤونهم العامة خاصة الاقتصادية التي تتضاعف يوماً بعد آخر.. والتي تنذر بقرب نهايتهم لا محالة..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد