ميدي.. إهمال متعمد من قبل النظام السابق والجيش والمقاومة يغلقان بوابة التهريب

2017-01-31 05:22:27 أخبار اليوم / تقرير

على مساحة تقدر بـ(60.95 كم²) تقع مديرية ميدي، إلى الشمال الغربي من الجمهورية اليمنية على الحدود مع المملكة العربية السعودية براً وبحراً، تتبع إدارياً محافظة حجة، تضم أكثر من ستين جزيرة تقع في البحر الأحمر المطلة عليه، معظمها غير آهلة بالسكان، تمتلك العديد من المقومات الاقتصادية والسياحية إلا أن إهمال النظام السابق لها أغرقها في الفقر والجهل، ليتجه أبناؤها إلى أحضان عصابات التهريب بحثاً عن لقمة العيش.
موقعها الجغرافي المهم جعل عصابات التهريب بمختلف أنواعها، والحوثيون بشكل كبير طيلة العقود الماضية قبلة لها، استفادت منها في أعمالها غير المشروعة، خاصة وأنها ظلت مهملة من المشاريع الحيوية التي بغيابها أصبحت المديرية بعيدة عن الأنظار، لتستفيد منها العصابات في تمرير بضائعهم المحرمة والمسمومة .
(الصحوة نت) سلط الضوء على هذه المديرية المهمة من اليمن لنقل صورة عن واقعها المرير، ووقوعها ضحية إهمال السلطات، وطمع العصابات، وكيف تحولت إلى منطقة مهملة بدلاً من جعلها مركزاً اقتصادياً مهماً ورافداً للدخل المحلي وقبلة للسياحة بكل أشكالها..
شباب في أحضان التهريب
ظلت مديرية ميدي طيلة العقود الماضية في خانة المهملات لدى النظام السابق خدمياً وتعليمياً واقتصادياً، رغم موقعها الجغرافي المهم بالنسبة للوطن ككل، تنفيذاً لسياسات عصابات التهريب التي جعلت منها بوابة عبور بعيداً عن الأنظار..
أكثر من 17 ألف مواطن تحملوا ألوان المتاعب جراء غياب الخدمات العامة، وليفسح المجال أمام شبابها للانخراط في عصابات التهريب الذي لم يجدوا سبيلاً غيره لسد حاجياتهم، حيث تحول نسبة كبيرة من أبنائها إلى مهربي كافة الممنوعات، بدلاً من استيعابهم في أعمال حرفية ومهنية مشروعة كرافد أساسي للتنمية المحلية، بالإضافة إلى أن هذا العامل ضاعف من نسبة الأمية بين المجتمع، فلا يكاد الطفل يكمل الصف التاسع الأساسي حتى يترك الدراسة لينخرط في عمليات التهريب المدرة للدخل بمبالغ مغرية..
تذكر آخر الإحصائيات الرسمية لمحافظة حجة الصادرة 2011م بأن مخرجات المرحلة الأساسية بالمديرية بلغت 81 طالباً وطالبة بينما بلغت مخرجات المرحلة الثانوية 35 طالباً وطالبة، في إشارة إلى تدني مستوى التعليم فيها، كما تؤكد هذه الأرقام انخراط شباب المديرية بمجرد نضوجهم في عصابات التهريب لتأمين مصدر رزقهم، تاركين التعليم الذي يمثل بوابة نهضة الأمة، وهوما يعني توسع قاعدة الفقر بين المجتمع ..
ورغم امتلاك سكانها لمساحة كبيرة من الساحل المطل على البحر الأحمر الذي يمكن الاستفادة منه في بيع الأسماك إلا أن غياب الخدمات الضرورية لهذا المجال كثلاجات حفظ الأسماك وميناء مؤهل يمكنهم من ممارسة صيد الأسماك، كل ذلك مثل عوائق كبيرة أمام المواطنين لممارسة أعمال حرة شريفة ومشروعة..
مقومات سياحية.. في خانة المهملات
تضم ميدي سواحل ساحرة و67 جزيرة خلابة فيها من عجائب الخالق سبحانه ما لا يوجد في سواحل وجزر أخرى، إلا أنها وللأسف ظلت كذلك بعيدة عن الأنظار، حيث تفتقر المديرية لأبسط مقومات العمل السياحي فلا تكاد تجد فيها فندقاً أو مطعماً أو غيرها من الخدمات الضرورية للسياح وغياب كامل للخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ومجاري لاستجلاب المستثمرين إليها وتحريك القطاع السياحي الذي بدوره سينعش المنطقة اقتصادياً..
وبحسب مراقبين محليين فإن هذا الإهمال لم يكن تلقائياً وإنما متعمداً، مستدلين على ذلك بعرقلة تنفيذ مشروع الميناء البحري الذي نفذ جزءاً منه بكلفة ستة مليارات ريال، وكذا عدم استكمال مشروع الكورنيش الذي كان يهدف إلى تحريك المجال السياحي بشكل أساسي، لتذهب تمويلات تلك المشاريع إدراج الرياح، لافتين إلى أن المستفيد الأول والأخير من توقف مشاريع المديرية وإنعاشها اقتصادياً عصابات التهريب التي تفضل جعلها بعيدة عن الأنظار، لممارسة أعمالهم بهدوء، مدعومة بشخصيات نافذة في الدولة تشير إلى وجود شبكة كبيرة تدير هذه العصابات محلياً ومركزياً، وبالمقابل فقد أثر ذلك سلباً على أوضاع المواطنين المعيشية والتعليمية والاجتماعية.
منفذ رئيسي لدعم المتمردين
ومنذ الوهلة الأولى للتمرد على الدولة من قبل الحوثيين في 2004م اتخذت مليشيات الحوثي من ميدي منفذاً رئيسياً لإدخال ألوان الدعم من أسلحة ومال ومواد مختلفة التي تتلقاها من داعمهم الرئيس (إيران)، فعمدت إلى شراء أراضي تقع بين ساحل ميدي والممتدة إلى حرض شرقاً بمساحات شاسعة، أنشأت فيها مزارع مانجو وغيرها بشكل كبير، والتي كشف عنها الجيش الوطني مؤخراً بأنها تمتلئ بمخازن السلاح، وتتخذ منها مواقع تجمعات مسلحة مليشاوية إلى جانب الاعتماد على هذا المنفذ البحري المفتوح في توريد جزء كبير من الدعم المقدم لهم إلى صعدة معقلهم الرئيس.
مصدر في الأمن السياسي بمحافظة حجة كشف سابقاً عن وجود تحركات مشبوهة للحوثيين في ميدي، مبدياً أسفه من سياسة غض البصر عنها من قبل الدولة في حينه، كما كشفت قوات الشرعية خلال الأشهر الماضية عن ضلوع المتمردين في تسهيل ودعم عمليات تهريب المخدرات عبر ميدي والتي تم ضبط كميات كبيرة منها كانت تحميها ميليشياتهم..
المصدر الأمني ذاته أكد بأن الحوثيين كانوا ينتقلون عبر ميدي إلى دولة إرتيريا المجاورة والمحاذية لها لتلقي التدريب المسلح على أيدي الحرس الثوري منذ 2004م ومن ثم تعود تلك المجاميع المسلحة إلى مران طيلة الحروب الستة مع النظام السابق، غير أن هذه الأعمال للأسف الشديد كانت تمارس بتسهيلات من قيادات عليا في الجيش وسلطات الدولة آنذاك.
الجيش الوطني يغلق باب التهريب
خنقت سيطرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على ميدي وسواحلها وجزرها المليشيات وعصابات المخدرات، والتي عانت كثيرا في إدخال أي مساعدات مسلحة أو غيرها كانت تمر من هذه المنطقة بسهولة ويسر، ولذا فقد قدمت المليشيات ثمنا باهظاً من أرواح عناصرها وأسلحتها في سبيل استعادة سيطرتها على ميدي إلا أنها لم تتمكن حتى الآن، بل تلقت مزيداً من الخسائر الكبيرة خاصة في الآونة الأخيرة بعد أن اشتد بها الخناق الاقتصادي والعسكري..
وبدخول الجيش والمقاومة للمنطقة اعتبر مراقبون ذلك بمثابة إغلاق لبوابة التهريب للمتمردين.
تشرد
وبعد أن حولت المليشيات جغرافية المديرية لساحة حرب منذ بداية الانقلاب على الشرعية نزح أكثر من 90 % من السكان الذين أصبحوا مشردين بلا مأوى، كما أن معظم أطفالهم لم يلتحقوا بفصول التعليم نتيجة انعدام مصدر دخلهم، ووضعهم المعيشي غير المستقر، لتكون النتيجة النهائية السير نحو تجهيل أهالي المديرية.
أطلقت القيادة العسكرية والسياسية مؤخراً عملية تحرير الساحل الغربي الممتد من باب المندب جنوبا إلى ميدي شمالا من أيدي المليشيات، ويأمل سكان المديريات الساحلية ومحافظات إقليم تهامة أن يتم إنهاء التمرد فيها للتخلص من معاناة النزوح والتشرد الذي سببته لهم عصابات الحوثي والمخلوع..
وينظر الأهالي في ميدي التي نزح معظم سكانها بأن هذه المعركة الفاصلة بمثابة الأمر الذي يمهد لاستقرار هذه المنطقة والبدء في عودتهم لمناطقهم، وإنقاذهم من عنجهية المتمردين وتسلطهم الذي وصل حد انتشار المجاعة في أوساطهم في ظل سياساتهم الهمجية، وبالتالي عودة الأمن والاستقرار إليهم مع دولة النظام والقانون ونظامها الاتحادي الواعد بالخير والنماء.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد