دينامو حرب عدن وداعم قوات الجيش والمقاومة بالسلاح ورمز توافق قادة الجبهات والعقل الداهية الذي أذهل قوات التحالف ونال ثقتها

في ذكرى اغتياله الأولى.. هل أتاكم نبأ رواية "الراوي"؟!

2017-01-31 06:06:45 ملف أعده/ زكي العاقل

عند اقتحام مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح لمحافظة عدن، جنوبي اليمن، في شهر مارس 2015م وسيطرتها على بعض مديريات المدينة، بدا أبناء المحافظة- التي لطالما اتسمت بالمدنية والسلام- عند محك اختبار صعب في مواجهة هذه القوات غير المرغوب بها عندهم.
وعلى خلفية ذلك هب أبناء عدن للدفاع والذود عن مدينته، مشكلين نواة مقاومة شعبية استبسل أفرادها في سبيل الخلاص من جحيم المليشيا. وضمن تلك التشكيلات برزت العديد من الشخصيات القيادية التي قادت معركة الانتصار. وكان أحد أبرز هؤلاء ممن تصدروا المشهد لحماية عدن وأهلها هو الشهيد الشيخ سمحان عبد العزيز الشهير بـ"الشيخ الراوي".
من جنوب غرب مديرية البريقة قاد الشيخ سمحان عبد العزيز، كأحد أبرز القيادات السلفية، المعركة حينها بجانب بعض القيادات الذين كان لهم دورا بارزا في دفع وتحفيز الناس على القتال ضد قوات الانقلابيين، فألتفت الناس حولهم وكانت جبهات البريقة بمختلف مواقعها نارا ومقابرا لتلك المليشيات المحاولة اقتحامها..
ومن حيث المكان الذي لمع فيه نجم القائد المحنك والعقل الداهية الذي أذهل الجميع بدهائه، وصار مصدر ثقة قوات التحالف ورمز التوافق الذي تجمع على آرائه جميع قيادات الجبهات من منتسبي الجيش الوطني والمقاومة والشعبية، خفت نجم "راوي" جسدياً، بجريمة اغتيال غادرة وجبانة في الواحد والثلاثين من يناير 2016م، ظلت تفاصيلها مبهمة، ودون أن تروى الرواية.

في ذكرى اغتيال الشيخ سمحان عبد العزيز "الراوي" الأولى، الذي تم اغتياله قبل منتصف ليل الأحد 31/1/2016م، خصصت صحيفة "أخبار اليوم" ملف يتناول عن كثب تاريخ الشيخ الراوي منذ صباه وحتى استشهاده، ويستعرض الأسباب التي أدت إلى اغتياله حسب متحدثين بارزين، وكذا دور راوي في حرب 2015م إبان اجتياح مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح لمحافظة عدن، إلى جانب مداخلات لقيادات عسكرية بارزة وقادات مقاومة وشيوخ علم ومقربين من الشيخ المجاهد الراوي كما سينشر بشكل موجز معلومات حول نشأة راوي وأخلاقه وتفاصيل أخرى لم تنشر بعد.

سطوع نجم الراوي
تعرضت محافظة عدن، المدينة الحضارية المدنية المسالمة التي تعايش فيها الجميع والتي جعلها سكانها ولكل من زارها منبرا للحب ووجهة للسلام على مدى عصور الزمن، تعرضت لاجتياح مسلح في شهر مارس عام 2015م من قبل مليشيا الانقلابين، فوضعت محافظة عدن وأهلها في محك صعب لما تمثله من المدنية المسالمة البحتة التي تنبذ الصراعات بجميع أنواعها، وفي تلك اللحظات الصعبة هب كل أبناء عدن للذود عن مدينتهم، وبرز الكثير من الأبطال الذين تصدوا لهذه الغزو دفاعا عن هذه المدينة المسالمة وعن أهلها تخوفا من تمكن تلك المليشيات في هذه الأرض التي يسعى أهلها إحقاق الحق والعدل بين الجميع وحفاضا عن الدين الذي دنسته تلك المليشيات في تجارب سابقة مع كل من يعارضها، وكما أشرنا أن الكثير من أبنائها برزوا دفاعا عنها، وكان أحد أبرز هؤلاء ممن تصدروا المشهد لحماية عدن وأهلها هو الشهيد الشيخ سمحان عبد العزيز الشهير بـ"الشيخ الراوي".
حين اجتاحت المليشيات محافظة عدن تشكلت مقاومة شعبية في جميع مديريات المحافظة الثمان، ونظرا لعدم تكافؤ القوى بين الطرفين استطاعت تلك المليشيات من السيطرة على 4 مديريات وهي التواهي والمعلا وكريتر وخور مكسر، فيما استعصت باقي المديريات كالبريقة ودار سعد والمنصورة والشيخ عثمان واستماتت دون السماح لتلك المليشيات من السيطرة عليها، وعلى رأس تلك المديريات التي تمتاز بموقع استراتيجي هام وكذا بما فيها من شركات كشركة المصفاة والغاز ومنفذ بحري هام كان منطلقا لدعم ورفد الجبهات من قوات التحالف وإنزال المعدات الثقيلة عبر مرسى ميناء أنشئ في حينها في بحر الغدير الذي كان يحميها جبال ساحل الغدير من ضربات المليشيات الصاروخية المتمركزة في مديرية التواهي بقيادة المنطقة الرابعة والاتصالات وباتجاه منزل محمد سالم باسندوة- رئيس الوزراء الأسبق وكذا منطقة رامبو.
وفي ظل وجود المنفذ الوحيد البحري في جنوب غرب مديرية البريقة لابد أن يكون هناك قيادات منها تكون بالنسبة لقوات التحالف المرشد والموجه والمحمي. وهنا برز الشيخ سمحان عبدالعزيز الشهير بالراوي كأحد أبرز القيادات السلفية حينها بجانب كلا من بشير المضربي وأحمد عثمان وجمال البكري وهاني اليزيدي وغيرهم من القيادات البارزة، وكان لهم دور بارزا في دفع وتحفيز الناس على القتال ضد عدو مغتصب مناطقي مذهبي ظالم، وألتفت الناس حولهم وكانت جبهات البريقة بمختلف مواقعها نارا ومقابر لتلك المليشيات المحاولة اقتحامها والذي ساعد في ذلك الطبيعة الجغرافية لهذه المديرية.

مسيرة زاهد من المهد إلى اللحد
يتحدث عارف حمود، وهو أحد جيران الشيخ الشهيد، عن نشأة حياة راوي الذي يسكن في شارع أسامة بمديرية البريقة أنه تربى تربية صالحة من قبل والده عبد العزيز رحمه الله تعالى ومن قبل والدته الله يحفظها ويشفيها ويطول الله في عمرها، فقد رباه والداه على احترام الجيران ومساعدة الجيران وأيضا السعي لحل هموم الجيران أن وجدت. يقول:" إن حياة الشيخ راوي مند صباه عرفناه مند أن كان أبن 7 سنوات أو أقل أيام مسجد جمال ذلك المسجد الصغير الذي نشأ وترعرع فيه، فقد كان صاحب أدب جم وأخلاق رائعة جدا، وأذكر أنه كان كثير الاحترام للكبار، ولم يكن يرفض طلب أحدهم أذا وصاه أو أرسله لطلب حاجة، لقد كان راوي كثير الابتسام كثير الأدب والتوقير للكبار مند صباه وحتى يوم أن كبر في المرحلة الابتدائية ووصل إلي مرحلة الإعدادية ثم إلى دراسته في المعهد". ويضيف:" أذكر خلال الثلاث المراحل هذه وراوي لا يفارقنا في المسجد ولم تفارق أيضا ابتسامته ولا أدبه ولا أخلاقه وحب الناس لهذا الطفل يوم أن كان طفلا وكيف كسب قلوب الكبار وكسب أبناء المسجد قبل حتى أن يعرف كداعي أو شيخ، فبأخلاق راوي مند الصغر وبأدبه وبذكائه أيضا سبحان الله وابتسامته الرائعة أستطاع أن يكسب أبناء مجتمعه".
ويشير نبيل العديني، وهو الآخر أحد جيران الشيخ راوي ورفيقه في مسجد ابن القيم، إلى أن الشيخ راوي كانت دعوته دعوة وسطية. وأنه حينما مسك زمام الخطابة بعد حرب 94 أو في 95 بعد أن كلف ليكون خطيبا لمسجد ابن القيم كان يدعو دائما إلى وحدة الصف وجمع شمل الأمة، ولم يكن ييأس وكان يتحمل الإهانات والأذى لأنه كان يقدم مصلحة الإسلام ومصلحة جمع الصف على مصلحته هو، وأنه كان يقال عنه أشياء كثيرة، لكنه لم يقنط أبدا وكان يحذر من الفرقة في كل خطاباته، ويقول أنه أخشى أن يداهمهم عدو وفي أكثر من خطبه كان ينظر لهذا الأمر الخطير.
يضيف العديني:" كان يقول: يا أخوه أتحدو يا أخوه لموا شملكم، نحن أهل سنه وجماعة ونحن صفنا واحد ومهما اختلفنا في بعض الأشياء الجزئية الخفيفة تحل، لكن أذا ضعفت الأمة وضعف صفها قد يباغتنا عدو يوما ما، وحصل ما كان يتوقعه هذا الشيخ الجليل في عام 2015م عندما حصل الغزو الحوثي لعدن". ويتابع:" لقد تذكر جميع الأخوه وبينهم أهل السنة والجماعة ما كان يدعوا إليه الشيخ راوي، وفعلا لجأوا إلى توحيد الصف والتقوا مع الشيخ راوي وكانت النتيجة النصر العظيم الذي حققه الله عز وجل لأبناء هذه المنطقة الطاهرة منطقة عدن وما يليها أيضا من المحافظات الأخرى بفضل الله عز وجل ومن ثم بفضل جهود الدعاة المخلصين ومن ضمنهم كان الشيخ راوي الذي أهتم بوحدة الصف وبوحدة الأمة".

رمز التوافق بين القيادات ومضمد أوجاع أسر الشهداء والجرحى 
يقول ياسر أحمد حمود، وهو أحد المرافقين الرئيسين للشيخ راوي وابن أخته، أن منزل راوي كان يعقد فيه أبرز الاجتماعات لقيادات الجبهات ويتم النقاش فيه لكل ما يدور على الساحة، وأنه كان رمز التوافق بين قادة الجبهات بمختلف توجهاتهم. ويشير إلى أن الشيخ الراوي كان الفيصل في رأيه إذا ما نشأ نوع من الاعتراضات أو نوع من النقاشات أدت إلى عقم الحل ولم يفضي للقرار الأخير، حيث كان الشيخ راوي يدلي بدلوه فيتم الاستقرار على ما يقوله والرضى به من جميع قيادات الجبهات فكان يرحمه الله مأوى ومقصد لكثير من قادة الجبهات واستقرار اللحمة والوحدة بين جميع قادة الجبهات دون استثناء إلى أن انتهت. ويضيف:" كان منزل الشيخ راوي مقرا لجميع قيادات الجبهات أو ممكن نقول أغلبهم وكان هو يمثل حلقة الوصل لجميع قادات الجبهات وكان حديثة الحل الأمثل لأي إشكالية تحدث بين قيادات الجبهات من الناحية القتالية الهجومية أو الدفاعية".
ويذكر ياسر أن عمل ودور الشيخ راوي أثناء الحرب تعدى ذلك ولم يقتصر على الأعمال الحربية العسكرية فقط، بل كان المشرف الاجتماعي أثناء الحرب في حال سقط شهيد يذهب بذاته إلى أهله ويقدم لهم المعونة اللازمة سواء المادية أو المعونة أو الغذائية ومن ثم يضعه في كشوفات والرفع بهم إلى الجهات المعنية حتى يتم معالجة أمورهم مستقبلا. ويتابع:" كذلك الجرحى كان للشيخ مواقف جميلة جدا في هذا المجال ومن أكثرها وضوحا ذهابه إلى الرياض برفقة العديد من قادة الجبهات لمقابلة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي وطرح ملف الجرحى عليه أثناء وجوده هناك لمعالجته، والحمد لله عادوا بأمور طيبة وبشر الجرحى وتم تسفير كثير منهم ممن كانوا بالمستشفيات المحلية ونقلهم إلى المستشفيات الخارجية في دول التحالف".

في استقبال قوات التحالف ودهاء نقل الأسلحة
يوضح ابن أخت الشيخ أن الشهيد كان أحد الأعمدة الرئيسية في استقبال قوات التحالف التي تمت على ثلاث دفعات بأوقات متفرقة لدواعي أمنية، إذ أستقبلهم في شاطئ الغدير- أحد شواطئ مدينة البريقة- وهنا قام الشيخ بإعداد العدة لاستئجار القوارب وكذلك السيارات التي تقوم بنقل المعدات الحربية ذات النوعية العالية جدا بطرق سرية عسكرية.
تعليقاً على ذلك يقول ياسر:" ما أن تراه حتى تتفاجأ بأن هذا الشيخ ليس برجل عادي، فالله وهبه الذكاء وقياس الأمور ودراستها وتحليلها بشكل صائب، ومن تلك المواقف التي أذهلتنا كمرافقين هو موقف للشيخ راوي عندما نزل من على القارب ليبحر سباحة الى الساحل لأنه رأى مجموعة من المشاغبين حضروا حين رأوا شيء غريب فأخبرهم الشيخ بأن هؤلاء جرحى جيء بهم من مناطق شبوه وحضرموت وكذلك من التواهي عبر البحر وأقنعهم بل أقنعنا نحن، فكان يقول بأن هؤلاء جرحى وأن الأمر في غاية السرية لأن هؤلاء جرحى عشان ما أحد يعرف بأماكنهم حتى لا يصابوا بأذى". ويضيف:" طبعا مرت علينا حيلة الشيخ مع أقرب المقربين له وهو أنا، وما عرفنا أن أؤلئك قوات التحالف ومن النخبة الذين أتوا إلى اليمن إلا بعد مغادرتهم اليمن، إذ قال لنا بعدها الشيخ راوي أنهم كانوا قوات التحالف وقدموا الدعم وخدمات كبيرة وعظيمة جدا يشكروا عليها بقيادة المملكة العربية السعودية، لقد كان حريصا جدا على أرواح قوات التحالف ولم يهدأ حتى يتم تأمينهم بشكل كامل".

اغتيال عقل الأمة ودينامو قوات الجيش الوطني والمقاومة
تتباين الروايات حول أسباب مقتل الشيخ راوي العريقي وتتحد بعضها في الكيفية، لكن كثير من المقربين له يجمعون بإشارتهم إلى أسباب جوهرية كانت وراء القتل. ومن بين تلك الشهادات رواية العميد العميد/ عبد الله الصبيحي- قائد اللواء 39 مدرع وقائد معسكر بدر الذي يصف راوي بالأخ الحبيب والصديق، ويترحم عليه ورفاقه من الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءا لهذه التربة الطاهرة.
يقول العميد الصبيحي بأنهم كانوا خلال الحرب يعتبروه الرجل الأول في جمع الإمدادات اللوجستية للمقاومة وقوات الجيش الوطني. مشيراً إلى أن الشيخ راوي استطاع داخل محافظة عدن أن يجمع المعدات والذخائر وكذلك المدفعية والكواتيش في منطقة البريقة. ويضيف:" كان الشيخ راوي المرجع لهذه القوات في حال طلب أي ذخائر أو أي معدات، والدينمو المحرك داخل محافظة عدن من ناحية الدعم اللوجستي للقوات التي تقاتل المليشيات الانقلابية". ويؤكد قائد اللواء 39 مدرع أن الشيخ الراوي لم يقتصر دعمه لجبهات المنطقة الرابعة فحسب بل وصل بأن قدم تعزيزات إلى شبوة والبيضاء وأبين ولحج، فكان له بصمة حقيقية بكل جبهة إما من خلال سلاح يتوفر له خاصة الذخائر المتبقية معه بعد انتهاء الحرب أو من خلال تعزيزهم بعدد من المقاومين. 
ويصف العميد الصبيحي العملية الغادرة الجبانة من قبل المندسين الخونة المرتزقة العملية التي أدت إلى مقتل الشيخ راوي هي في الحقيقة بأنها" استهدفت عقلية الشيخ راوي ولم تستهدف جسده لان تفكيره واسع النطاق للدفاع عن الأمة والوطن والمسلمين ولكونه كان له الأثر المؤلم على مليشيات". ويتابع:" إضافة إلى أنه رجل غير مناطقي ويحمل الحب للجميع وليقينهم ما لذي تمثله عقلية كعقلية الشيخ راوي كما تم استهداف جعفر سعد، وبهذه الأسباب التي ذكرتها لك تم استهدافه والتخلص منه".
من جانبه قائد كتائب حسم بتعز/ عدنان رزيق يتحدث حول أسباب مقتل راوي بقوله:" كما تقول العرب أن الكريم إذا دعي إلى طعنة لأجاب، وهو الخلق الذي كان سببا من أسباب مقتله يرحمه الله هو استشعار مسؤوليته تجاه المسلمين وخدمتهم، فكان هذا الثغر الذي استطاعت تلك الأيادي الآثمة أن تصل إلى عملها الخبيث وهو قتل هذا الرجل العملاق بحجة تعال أصلح بيننا وأن بينهم وبين ناس آخرين مشاكل ليخرج هذا الرجل بغير مرافق ولا يبالي وهو يعلم أن الأخطار تحدق به من كل جانب". ويضيف رزيق:" مع ذلك الكريم أذا دعي إلى طعنة لأجاب فهو مستشعر الصلح بين الناس، وهذا من الأخلاق العظيمة التي كانت تقض مضجعه وتسهر عينه وتتعب جسده وتجيع بطنه وهو يسعى للصلح بين الناس، وهذا الخلق لا ينكره عاقل عاش في تلك البريقة".
فيما يشير الشيخ/ عمار العريقي- رئيس رابطة علماء رابطة عدن إلى أنه لما دهم العدو الحوثعفاشي المنطقة كان الشهيد بشهادة الجميع من أول من حشد الناس لرد العدوان وكان قائدا لسلاح الكاتيوشا ومسؤول التموين والوقود في منطقة البريقة. ويضيف العريقي:" وبعد الحرب أثارت عليه (المطابخ اﻹعلامية) إشاعات مغرضة حاقدة بانتمائه زورا وبهتانا إلى القاعدة وداعش، مع علمهم بأنه أول من استقبل جنود التحالف وبتعاونه مع الجهات المسؤولة في كشف تفجيرات البريقة وتسليمه معسكر التدريب في (رأس عباس) للدولة طواعية، ثم انصرف إلى العمل الذي كان عليه". ويتابع:" ومع ذلك أبى الحاقدون أن يتركوا أي شبهة أو تهمة إلا ورموه بها، ثم كانت قتلته الشنيعة معبرة عن شدة الحقد الدفين في صدور أعدائه بأسلوب جديد ﻹرهاب أهل الدين والتأثير، حيث تم استدراجه للخروج من مديريته لغرض الصلح ثم اختطافه وتعذيبه بكل قسوة كرسالة لمن وراءه وعلى شاكلته ورميت جثته الطاهرة كأن لارقيب ولا حسيب في منتصف الليل".

الاستعداد للشهادة
يقول عارف حمود، وهو أحد جيران الشيخ راوي: لقد روى لي أخ عزيز وثقة مع الأخ راوي عبد العزيز كذلك قال لي:( والله يا عارف لقد شاهدت راوي عبد العزيز قبل مقتله بيومين يحاسب الدكان ويصفي أخر ديونه مثله مثل أي مواطن. يأخد "الراشن"- المواد الغذائية- سبحان الله ومن ثم يسدد الدين في أخر الشهر. وبحسب رواية عارف حمود فقد قال ذلك الشاهد: والله العظيم رايته في الدكان وسألته سؤال يا شيخ راوي وأنا أمزح معه، سألته هذا السؤال قلت له: يا شيخ راوي لماذا تستعجل عن تصفية الدين.. قال له: يا أخي والله أنني أشعر أنني سوف أقتل، قتل عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله تعالى عنه وأرضاه من الخلف.. نسأل الله العظيم أن يصبر الأمة وأهله جميعا وأن يكشف قتلته وأن يهلكهم إلى يوم الدين، وأن يغمضه في واسع الرحمة وأن يسكنه مع الأنبياء والشهداء والصالحين.

يوم الوداع المشهود 
في يوم وفاته حضرت الجموع الغفيرة لتشييع جنازة راوي، وامتلأت الساحات خلف المسجد بالمصلين والمشيعين وصولاً حتى ملعب الجبل المجاور والى مصفاة عدن المساحة الخلفية وداخل المقبرة. ليس رفاقه والمؤيدين له والواقفين في صفه من المتفقين معه هم من حضروا ذلك اليوم المشهود في وداع الرواي، حتى أولئك ممن كانوا يختلفون معه حضروا، لأنهم يعرفون حقيقة دعوة هذا الشيخ بأنها كانت دعوة وسطيه، وما كان يدعوا لنفسه ولا لذاته ولا لمسجده، ولكنها والله شهادة نلقى بها الله عز وجل كان يدعوا إلى وحدة الصف والأمة والى جمعها وكتاب الله والسنة وعلى نبد وترك كل الفوارغ والخلافات البسيطة. والحمد لله رب العالمين مات الموتة التي كان يتمناها.

شهادات في سفر الذكرى
من كل أعماق قلبي وباسم المقاومة الشعبية الجنوبية والجيش الوطني أترحم على الشهيد المجاهد البطل المناضل سمحان عبد العزيز الراوي الذي عرفناه من أول يوم في الحرب، كان طيبا صادقا مجاهدا في الصفوف الأولى يقاتل الحوثيين والعفاشيين، وهو واحد من قلائل لايتعدون عدد الأصابع ممن وجدناهم مقاتلين صادقين معنا بالجبهات. وأطالب من الدولة رعاية أسرته وأولاده لما قدمه لمحافظة عدن من تضحيات جسمية، فقد كان رجل مميز من العيار الثقيل.
اللواء الركن/ فضل حسن
قائد المنطقة العسكرية الرابعة

تدمع العين ويحزن القلب وإنا على فراقك أخانا أبا الحسن راوي لمحزونون وعلى دربك ماضون. لقد رزئت محافظة عدن خاصة والمنطقة عامة بخبر اغتيال الشيخ الشهيد راوي بن عبد العزيز رحمه الله. مثل موته لدى أهل المنطقة فاجعة وخسارة كبيرة نظرا لما كان يتحلى به الشيخ الشهيد من مزايا كريمة قل أن تجتمع في مثله رحمه الله تعالى. كان الشيخ راوي سلفي المعتقد معتدل المنهج حسن اﻷخلاق عالما بالشرع شجاعا في الحق مهاب الجانب على تواضعه الجم غيورا على الدين والوطن محتسبا باﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر عفيف اللسان متورعا عن الشبهة والحرام لاتفارق الابتسامة الصادقة والحياء محياه الجميل خاشعا أسيفا بكاء في صلاته وخطبته وموعظته.
لا أعرف رجلا أعظم برا بوالديه المسنين منه؛ يغسل عنهما اﻷذى بيديه وتغلب عليه شدة العاطفة والرحمة كلما سمع هيعة أو فزعة أسرع إليها ﻹغاثة ملهوف أو نصرة مظلوم أو نجدة مكروب، كان حريصا على العلم تعلما وتعليما وعملا، محبا للعلماء غيورا على حرماتهم وعلى حقوق الناس متعاونا مع الجميع في المصلحة العامة. عاش الشيخ بطلا ومات بطلا بل والله مامات من ترك وراءه إرثا كبيرا كريما من علم نافع ودعوة ملأت صدور وعقول الناس ومنهجا وفكرا معتدلا وقيما راسخة ورجالا صنعهم على عينه وعلى شاكلته، نم قرير العين ياحبيبنا فلا نامت أعين الجبناء المجرمين وعظم الله أجرنا وأحسن عزاءنا فيك أيها الشيخ الفذ المجاهد البطل، فلله ما أخذ وله ما أعطى.
الشيخ/ عمار العريقي
رئيس رابطة علماء رابطة عدن

ماذا عساي أن أقول عن الشيخ الداعية المجاهد سمحان ابن عبد العزيز، اسأل الله أن يتقبله ويلحقه بركب الشهداء والنبيين والصالحين.. أقول واحسبه والله حسيبه انه شهيد لقي ربه أنه ذلك الشهيد الذي قد فني حياته في الدعوة إلى الله عز وجل والعلم والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قل أن تجتمع خصال العلم والجهاد والتربية والتعليم في رجل واحد. عرفته قبل حوالي عشرين سنة وكان على خير ودعوة ونفس طويل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تعين عندنا مدرسا في معهد عدن للعلوم الشرعية وذلك في نهاية التسعينات من العام الميلادي وكان مدرسا متميزا، كان في نهاية الأدب والحرص على التعليم والالتزام بالوقت، كان محبوبا في الإدارة قريبا من الطلاب بشوشا معهم، وقل أن تجد من يجمع بين الأدب والعلم والتربية وبين أن يكون محبوبا مع طلابه متواضعا معهم لين الجانب، نم عليه بالتحريض للقتل وعليه بالتشجيع للسبب، ولكن أثره لم ترحل، رحل سمحان ولكن علمه لم يرحل وسمته وخلقه بقيت ومازلت مرسومة على وجوه كثير من طلبته.
الدكتور/ عارف أنور
أستاذ الفقه بجامعة عدن

عام مضى على اغتيال الشهيد سمحان عبد العزيز (الروي ) رحمه الله ولا أثر للجناة ولا بوادر في الأفق تشير لكشفهم، وعيب علينا أن ننعم بحياة سعى لتأمينها لنا، ولا نرد جميله بكشف قاتليه. وسنظل نطالب السلطة بضرورة البحث عن الجناة وتقديمهم للمحكمة، وهو أقل مايمكن بذله وفاء له ولمثله ممن اغتيلوا رحمهم الله. مر عام بتمامه وكماله على اغتياله رحمه الله تعالى ومازال طيفه يلوح في الأفق لمحبيه، ومازالت الرواية تروي عنه وعن خصاله وأفعاله وبطولاته. لقد ظن أعداؤه وحساده ومن ألبوا عليه وتآ مروا على قتله بأنهم نجحوا في إسكاته وأنهم أطفأوا نور كلماته، ولم يدروا أنهم ما أوقدوا ناراً ستحرقهم في الدنيا والآخرة، وأضاءوا نوراً يستنير به محبوه وتسترشد به طلابه، ما مات من أحسننا بصدقه في نصحه ولمسنا واقعية قوله في فعله، ومازال شعره في ذلك يشنف السمع ويأخذ الألباب قائلاً: ضع المداد واكتب بالدم القاني وأسكت الفم وانطق بالفم الثاني. لكن هناك وهنا فقط خالف فعله قوله وجمع بين الأمرين، فلم يضع قلمه ولم يسكت فمه، ونطق بالفمين وكتب بالمدادين، لا أجد في ذكراه ما يسليني إلا أنه وافد على رب غفور كريم رحيم، وما يواسيني إلا ما أرى من نشاط مسجده كما يحب وثناء الناس عليه وحبهم له.
جمال أبو بكر السقاف
عضو رابطة علماء عدن

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد