حيث عزرائيل يترصد أرواح العائدين إلى ديارهم من تحت الأقدام..

تعز.. وجه آخر للحرب الحوثية

2017-02-01 06:59:37 تقرير خاص

حين سمع عن تحرير منطقة الحصب والمناطق المجاورة في مدينة تعز- التي كان يقطنها قبل أن تشتد رحى الحرب- رأى "شوقي المقطري" أن الوقت قد حان للخلاص من وجع النزوح والعودة إلى المنزل الواقع خلف شارع الحصب، ليبدأ رحلة أرق أكثر من سابقتها..
عاد "المقطري" إلى منزله- حيث ودع ذكريات جميلة له هناك، هارباً من قذائف مليشيا الحوثي وقوات صالح المتساقطة بجنون على رؤوس المواطنين-، لكنه وجد المنطقة مزروعة بالألغام..
"إنها زرعت بشكل عشوائي": قال "شوقي"، وأوضح أن الألغام أصبحت هاجسا يؤرقه ويخيف جيرانه من العودة إلى منازلهم.

لم تكتفِ ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بحصارها الخانق الذي ظلت تفرضه على منافذ المدينة الرئيسية، أو باستخدام أسلحتها الثقيلة من قذائف وصواريخ في حربها ضد أبناء تعز، ولا برصاصات قناصتها التي تحصد باستمرار أرواح الأبرياء المدنيين..
بل صارت تتفنن بزراعة الموت من تحت الأقدام، وتفخيخ الحياة بلا هوادة.. ومن لم يمت هنا بقذيفة أو برصاصة قناصة، سيغتاله لغم حوثي..
تفخيخ الحياة
وتعمد الميليشيات إلى تفخيخ الحياة في المحافظة عبر زراعة آلاف الألغام- المحظورة استخدامها دولياـ بشكل عشوائي وبأعداد مهولة على مداخل ومخارج المدينة وفي الأحياء السكنية والطرقات.
وكذا تلغيم المناطق التي تنسحب منها عقب كل هزيمة تتلقاها على أيدي رجال المقاومة والجيش الوطني..
في إستراتيجية تنتهجها الميليشيات لأجل إعاقة تقدم المقاومة ودخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة، إضافة إلى حصد أرواح مزيد من الضحايا وإحداث الأضرار الجسيمة في ممتلكات المواطنين.
ويصف ناشطون إتباع قوات الحوثي وصالح تلك السياسة بحرب من نوع آخر تبقى تداعياتها وآثارها على المدى القريب والبعيد حتى بعد انتهاء الحرب في سياسة انتقامية يصفها الكثيرون بالقذرة واللا أخلاقية.
مسلسل الموت
ويتواصل مسلسل الموت بعبوات الألغام التي تزرعها الميليشيات في شوارع المدينة الرئيسية والفرعية شرقا وغربا شمالا وجنوبا بشكل كثيف وغير مسبوق ليصل ضحاياها إلى العشرات، بحسب ما أوردته تقارير حقوقية.
وإلى جانب ترويعها للمدنيين، باتت الألغام تشكل هاجسا لدى الأهالي ومانعا لعودة كثير من النازحين إلى المناطق المحررة في الدينة وحجر عثرة أمام المساعدات الإنسانية.
ويعد ناشطون الألغام التي يزرعها الحوثيون وقوات المخلوع صالح بتعز بأنها نوع من سياسة ممنهجة تتبعها المليشيا، هدفها ترويع المدنيين وعرقلة المساعدات.
ويؤكد مراقبون أن تلك الألغام تعيق توزيع المساعدات وإيصالها إلى المناطق المنكوبة في المحافظة، فضلا عن حالة الرعب التي باتت تسيطر على المدنيين خشية التنقل بين جنبات المدن وفي أنحاء المحافظة.
حقول عزرائلية
وفي الوقت الذي تتكاتف الجهود الرسمية والمجتمعية في نزع ومكافحة الألغام، فإن مساحات واسعة من محافظة تعز لا تزال حقول ألغام في انتظار جهود كبيرة لنزعها والتخلص منها، وإنقاذ الحياة في المناطق التي شهدتها الحرب.
وتنشط الكثير من المبادرات والمنظمات داخل المدينة في جانب التوعية بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب والتي تستهدف مختلف شرائح وفئات المجتمع خصوصا طلاب المدارس.
وتكشف عمليات نزع الألغام عن مدى تفنن الميليشيات الانقلابية بزراعة الموت لأبناء تعز، إذ تقوم عقب انسحابها من المناطق على وضع الألغام ذات الأحجام المختلفة بطريقة مموهة، من خلال وضعها داخل أشكال غريبة يصعب التعرف عليها..
كما تعمد إلى إلصاق الألغام على الجدران وفي الأزقة، وهو ما يظهر مدى الحقد الذي تحمله الميليشيات لتعز أرضا وإنسانا ولليمن عموما، وفقاً لناشطين في المدينة.
منظمات طبية وأهلية يمنية حذرت المدنيين من الاقتراب من الأجسام المشبوهة في المناطق التي كان الحوثيون يسيطرون عليها.
مصادر طبية أوضحت أن ألغاما مضادة للأفراد زرعتها قوات ومليشيات الحوثيين والمخلوع صالح، تسببت في العديد من الخسائر في صفوف المدنيين.
عبء إضافي
حالات الإصابة بالألغام أصبحت تصل إلى مستشفيات تعز بشكل لافت وشبه يومي، وهو ما يشكل عبئا إضافيا عليها، وفقاً لأطباء هناك.
خصوصاً أن مستشفيات المدينة تعاني أصلا من عجز في إمكاناتها الطبية وعدم قدرتها على تقديم العلاج والمساعدة لأولئك المصابين الذين تكتظ بهم باحات وغرف المستشفيات في انتظار شي يمكن أن يقدم لهم.
فيما تتهم مصادر عسكرية في الجيش الوطني الحوثيين باستخدام ألغام محظورة في تعز، جنوبي اليمن. ويوضح مهندسون فنيون وخبراء تفكيك ونزع الألغام في القوات المسلحة اليمنية أن الأنواع التي أقدمت قوات الحوثيين والمخلوع صالح على استخدامها، تعد من الألغام المحظورة، والتي صادقت اليمن بموجب معاهدة حظر الألغام على عدم استخدامها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد