معلومات سرية حول خفايا وأسرار حادثة الإنزال الجوي الأميركي بالبيضاء

"يكلا".. حيث سقط قناع تحالف الانقلاب وتمرغ وجه أميركا

2017-02-08 06:00:23 رصد خاص

كشفت العملية الأمريكية الأخيرة التي نفذتها قوات أمريكية خاصة، فجر الأحد 29 كانون ثاني يناير 2017م في منطقة يكلا بمديرية ولد ربيع بمحافظة البيضاء وسط اليمن، النقاب عن تسابق حاد بين طرفي الإنقلاب صالح والحوثي لنيل ثقة الإدارة الأمريكية الجديدة في الاعتماد علي أي منهم في التعاون عبر تقديم الخدمات الاستخباراتية.
وأثارت العملية استياء واسعا وسط اليمنيين، وهي الأولى في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ويعتقد محللون يمنيون أن الإنزال الأميركي الذي قتل فيه جندي وجرح ثلاثة آخرون وأسقطت خلاله مروحية أباتشي -كما أشارت وسائل إعلام أميركية- كان استعراضيا وفاشلا، واستهدف مدنيين في منازلهم، وهو قتل خارج القانون تمارسه الإدارة الأميركية.

بحسب مصادر مطلعة فإن صالح سعى منذ خروجه الصوري من السلطة إلى تقديم وجوه جديدة من جناحه للأمريكان قبل أن يبحثوا بطريقتهم، وعمل على اقناعهم بهم عبر عدد من الدوائر الإستخباراتية والشخصيات الدبلوماسية، وتقديم ضمانات عن طريق بعض سفارات حلفاء واشنطن بالمنطقة ومنها دولة مجاورة.
وعلى الجانب الآخر ردت مصادر مقربة من صالح باتهام الحوثيين بأنهم هم من تولى تسهيل المهمة للأمريكان عبر التنسيق الاستخباراتي لتعزيز قناعة الأمريكان بضرورة بقائهم في الساحة السياسية كشريك هام ثبت إخلاصه في محاربة القاعدة باليمن خصوصاً في المناطق الواقعة التي لا تزال تحت سيطرتهم. وأضافت المصادر المحسوبة على جناح صالح علمهم وتوثيقهم لتحركات الحوثيين في هذا الجانب وتواصلهم المباشر مع الجانب الأمريكي واسناد مهمة ذلك لحمزة الحوثي الذي تم التنسيق له وتسهيل تحركاته كذلك عبر وفد الحوثيين في جولات الحوار المختلفة منذ جنيف وحتى الكويت إضافة لزيارات ولقاءات أخرى في مسقط وعدد من العواصم والمدن الخليجية والعربية والعالمية ، والذي كان يتم استثنائه من العودة ضمن الفريق المفاوض ليواصل مهامه غير المعلنة. حيث قام الفريق بسلسلة سفريات أخرى وتنقلات بشكليها الجماعي المعلن كالزيارات التي أجراها ضمن وفد الحوثيين بعيداً عن حلفائهم المؤتمريين للعراق والصين أو ذات الطابع المنفرد السري والتي عقد خلالها العديد من اللقاءات المكثفة مع الأمريكان، حيث تم الاعتماد على تواجده في مسقط لتنسيق وترتيب لقاءات مكثفة بعدد من السفراء بينهم سفراء لبعض دول التعاون الخليجي وضباط استخبارات خليجين للتفاهم والتنسيق مع جهات خليجية بحضور وإشراف مباشر من عناصر استخبارات أمريكية لازمته خلال ذلك.
وأضاف الجانب المؤتمري مدللاً على صحة ما ذهب إليه حرص الأمريكان على بقاء الحوثيين في الساحة ورفض عروض صالح المتكررة للتخلص منهم بأسرع وقت وأقل تكلفة. وأكد أن الأمريكان وجدوا في الحوثيين حليفاً مناسباً بعد تلقيهم ضمانات كافية من حليفهم الأبرز في هذا الجانب الحكومة العراقية الشيعية - حسب وصفه - التي كان لها الفضل في اقناع الأمريكان بالحوثيين وهو سر الزيارات المتكررة التي يقوم بها الحوثيون للعراق والتقائهم بقيادات سياسية ودينية عراقية إضافة إلى وجود ممثلين دائمين لهم ومكاتب خاصة في بغداد للتواصل المستمر والمباشر مع الأمريكان.

منظمة دولية تروي تفاصيل جريمة قتل يمنيين
نشرت منظمة سام للحقوق والحريات- مقرها جنيف- رواية تفصيلية لشهود عيان للعملية التي نفذتها القوات الأمريكية على قرية يكلا في البيضاء.
وقالت المنظمة أنها رصدت تفاصيل الواقعة بحسب شهادة أحد أبناء المنطقة على النحو التالي (في الساعة الثامنة مساء سمعنا صوت طيران يحلق في الجو قليلا ثم اختفى صوته و وفي الساعة الواحدة ليلاً حدث إنزال جوي من طائرة هليكوبتر (أباتشي) لجنود أمريكيين وقد هبطت الطائرة إلى علو منخفض بجوار منزل الشيخ عبد الرؤوف الذهب واقتحم الجنود منزل الذهب، وسمعنا إطلاق نار استمر من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وحتى الفجر، وظل طيران الأباتشي محلقا بالجو، وأي شخص يحاول الهرب من المنزل أو المنازل المجاورة يتم استهدافه من الطيران، حتى النساء والأطفال الذين حاولوا الهرب قتلوا، ومجموع القتلى العملية ٣٠ شخصاً ، بينهم (٦) نساء و(٣) اطفال، هناك جثث متفحمة لم يتم التعرف عليها، كما وجدت آثار دماء لجنود أمريكيين، وعند الانتهاء من العملية هبطت الأباتشي أيضاً على بعد 15 الى 20 متر من الأرض وتم رفع الجنود والجرحى الأمريكيين.
وتابع الشاهد بالقول (لا يوجد سبب معروف لهذه العملية وقد حدثت وقائع مشابهة لها في البيضاء، والشيخ عبد الرؤوف الذهب لم يكن منتميا للقاعدة بينما إخوانه الذين كانوا ينتمون للقاعدة قد قتلوا سابقا، واليوم قُتِل الشيخ عبد الرؤوف الذهب، وأخوه سلطان الذهب وابنا أخيه عبد الاله وعبد الله أحمد الذهب أعمارهم بين 16 و 17 سنة , وتضررت ثلاث منازل بأضرار كبيرة نتيجة القصف، وأحرقت خيام للبدو أيضاً).
وأدانت المنظمة في بيان لها انتهاك الحكومة الأمريكية لحق الحياة كحق مقدس لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة إلا في الحالات المحددة في القانون المحلي والدولي وبعد محاكمة عادلة، مؤكدة أن ما أقدمت علية الحكومة الأمريكية يعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني وتعدٍ جسيم على حقوق الإنسان، فقد حكمت على مواطنين أبرياء بالموت حارمةً إياهم من حقهم في المحاكمة العادلة وحقهم في الحياة.
وعبرت منظمة سام عن قلقها من أن تفتح هذه العملية الباب لانتهاكات أكثر خطورة وأشد جسامة على حقوق الإنسان وتؤسس لمرحلة جديدة من التعامل المتوحش مع الأبرياء وأدانتهم وإعدامهم خارج القانون. داعيةً الحكومة اليمنية إلى احترام حياة مواطنيها وحماية أرواحهم والحفاظ على كرامة شعبها وسلامة أراضيه التزاما بالمبادئ الدستورية والقانونية ،وضرورة الكشف للرأي العام عن ملابسات هذه الجريمة وموقفها منه.
وتطالب المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية و القوى الحية والمنظمات والناشطين الحقوقيين بما فهيم المنظمات والناشطين داخل الولايات المتحدة الأمريكية بالمسارعة إلى إدانة هذه العمليات والضغط ضد تكرارها مستقبلا والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها وتعويض ضحاياها.

عرض الدم الرخيص
في مهمة سرية أعقبها إنزال جوي.. ليس في قندهار الأفغانية هذا المرة، بل كانت عمليةً نفذتها قوات النخبة الأمريكية لاقتحام منازل لعناصر قيل إنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة، في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء وسط اليمن، بدأت بقصف جوي من طائرات دون طيار، قبل أن تقوم مروحيات عسكرية بإنزال قوات من المارينز..
تعد هذه العملية أولى مغامرات السيد الجديد للبيت الأبيض، دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته العنصرية الراسخة المرتكزة على التمايز الديني والاثني، وقد وجهت له اتهامات تنعته ببعث الفكرة النازية في غير ثوبها. أسفرت الاشتباكات بين القوات الأمريكية ومسلحين عن مقتل نحو 45 شخصا بينهم الشيخ القبلي المصنف ضمن القيادات البارزة في جماعة أنصار الشريعة، عبد الرؤوف الذهب واثنان من أشقائه، وأكثر من 10 مسلحين من جنسيات عربية وأجنبية، إضافة الى مقتل جندي أميركي وإصابة 3 آخرين، وذكرت مصادر إعلامية أن إحدى طائرات الأباتشي المشاركة في العملية أسقطت بنيران مسلحي التنظيم.
من بين القتلى أطفال و6 نساء من عائلة الذهب، فيهن ابنة الشيخ أنور العولقي الذي قتل بغارة دون طيار نهاية العام 2011، كما قضى عدد من المسلحين خلال الغارات الجوية والعملية البرية التي استمرت نحو ساعة كاملة بمشاركة كلاب بوليسية، وفقاً لمصادر محلية، وشهود عيان، وأثارت الحادثة سخطاً عارماً في المجمتع اليمني، بمختلف مكوناته الاجتماعية والسياسية، معتبرين ذلك تعديا على الدم اليمني، وانتهاكاً للسيادة الوطنية.
مصادر أمنية قالت إن العملية السرية شهدت مشاركة العشرات من قوات الكوماندوز الأميركية، في هجوم هو الثاني من نوعه منذ الإعلان عن تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب عام 2009، بعد العملية الفاشلة لإنقاذ صحفي أميركي من قبضة التنظيم الجهادي في ديسمبر 2014.
يبدو أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب السيء السمعة، الذي ساقته رياح الديمقراطية إلى رأس هرم السلطة، خالي الكف من أي انجازات سياسية سابقة، يريد أن يكون له مكاناً بين الرؤساء الأمريكيين صانعي التحولات الكبرى في أمريكا والعالم، لذا فإن السيد الجديد يسعى جاهداً ليبدو قوياً وحازماً منذ بداية عهده الرئاسي، وترسيخ ذلك الانطباع في المخيال الأمريكي والعالمي، وكأنه اطمأن إلى الحكمة الأمريكية القائلة First impression is the last impression (الانطباع الأول هو الانطباع الأخير).
متابعون تحدثوا لـ"مُسند للأنباء" أن هذه العملية التي نفذها الأمريكيون تأتي لايصال رسالة من الرئيس الجديد للملكة العربية السعودية مفادها أن الولايات المتحدة موجودة دائماً على مسافة كافية من الأحداث، وهي قادرة على التدخل وإلحاق الأذى بالطريقة التي تراها مناسبة، وفي الوقت الذي تحدده.
ورغم وضوح المغزى المغلف بمسميات مكرورة _استُهلِكت مراراً في الخطاب السياسي الأمريكي على مدى عقدين، توارت تحت مبررات مكافحة الإرهاب والدفاع المسبق عن النفس_ لم يترك الرئيس الأمريكي متسعاً لتأويلات المحللين للخوض في دلالات العملية العسكرية التي باغتت المتشددين الجهاديين بتلك الطريقة التي لاتبررها ضرورات الموقف، حيث سارع الرئيس الامريكي ترامب إلى تأكيد رسالته لدى أمراء البلاط في الرياض، حين هاتف من مقر سلطته في البيت الأبيض الملك سلمان ابن عبد العزيز، مستهلاً حديثه بـ"صباح القهوة العربية"، وكأنه يؤكد أصداء رسالته المستفزة من باب الاستعلاء السياسي والعسكري، وهو ما يعد في العُرف الديبلوماسي، صفاقةً تجافي اللياقة السياسية.
من الواضح الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول التقليل من المصالح المشتركة التي تربطها مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن المملكة السعودية تعد لاعباً رئيساً من الوزن الثقيل على مستوى المنطقة والشرق الأوسط، ناهيك عن الزعامة الدينية للعالم الإسلامي باعتبارها مهبط الوحي، وحامية بيضة الدين، وقد حرص صانعو السياسية الأمريكية منذ تأسيس المملكة في القرن الماضي على مراعاة هذا الجانب، كونه يخدم المصالح الأمريكية بكثير شيء، خصوصاً على صعيد الاقتصاد والنفط، لكن من المحتمل أن استهتار إدارة ترامب بتلك المصالح المشتركة قد يفتح المجال واسعاً على تكهنات تجر على إدارة ترامب سوء الطالع.

البنتاغون يشرعن قتل النساء والأطفال
ذكر البنتاغون، الاثنين 30 يناير/كانون الثاني، أن القوات الخاصة الأمريكية التي شنت عملية برية ضد ما قال عنهم "مسلحي القاعدة"، الأحد، في اليمن، قتلت نساء مسلحات شاركن في القتال إلى جانب مسلحي القاعدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جيف ديفيس إن "نساء مسلحات كثيرات" شاركن في القتال، مضيفا: "في أثناء العملية رأينا مقاتلات يركضن باتجاه مواقع مجهزة مسبقا، كما لو أنهن كنّ تدربن على مهاجمتنا".
وخاضت قوات الإنزال الأمريكية، يوم الأحد، عملية واسعة النطاق ضد موقع لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء وسط اليمن، لقي فيها جندي أمريكي مصرعه أثناء تبادل لإطلاق النار، وأصيب ثلاثة آخرون بجروح جراء هبوط اضطراري لمروحية V-22 Osprey بالقرب من ساحة القتال، وفقا لجيف ديفيس.
وقتل في العملية أكثر من 20 مدنيا بينهم نساء وأطفال. هذا وتحاول الإدارة الأمريكية الجديدة تغطية فشلها في العملية وتحسين صورتها أمام وسائل الإعلام بعد أن تورطت في قتل نساء وأطفال نشرت صور بعضهم في وسائل الإعلام المحلية والدولية ، لتقول للعالم أنها قتلت نساء محاربات ومدربات . ولم يؤكد البنتاغون مقتل أطفال في العملية ولم ينفه، مكتفيا بالإشارة إلى أن نتائج العملية لا تزال قيد التقييم.
وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية، كان الهدف من العملية هو جمع معلومات استطلاعية في عملية إنزال سريعة سعت فيها القوات الخاصة إلى ضبط أكبر قدر ممكن من الوثائق وأجهزة الكمبيوتر ومعدات إلكترونية أخرى.
كما ذكر المتحدث أن من مهام الجيش الأمريكي في اليمن متابعة إعادة تموضع مسلحي "القاعدة" بعد طردهم من المناطق الساحلية الممتدة بين المكلا وعدن. وأشار جيف ديفيس إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية أيدت شن هذه الغارة، لكن التحضير لها بدأ منذ وقت طويل، ولا يجب إعطاء معنى خاصا لكونها جرت في ظل حكم إدارة الرئيس دونالد ترامب، مضيفا أن "أسبابا عملياتية" هي التي اقتضت إجراء العملية يوم الأحد وليس قبل أسبوعين، عندما كان باراك أوباما لا يزال يتولى صلاحياته الرئاسية.
قبلها بيوم كان البنتاغون أعلن الإثنين، أن جنود القوات الخاصة الأمريكية الذين نفذوا عملية إنزال نادرة في اليمن الأحد ضد تنظيم القاعدة، فوجئوا بنساء كثيرات يقاتلن في صفوف تنظيم القاعدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيف ديفيس إن "نساء مقاتلات كثيرات شاركن في القتال إلى جانب المقاتلين المتطرفين ضد القوات الأمريكية المهاجمة". وأضاف "بينما كانت العملية جارية، رأينا نساء مقاتلات يركضن باتجاه مواقع معدة مسبقاً، كما لو أنهن تدربن على القتال ضدنا".
وكانت شبكة "يمن مونيتور" قد نقلت عن مصدر خاص الأثنين إن من بين قتلى عملية الإنزال التي نفذتها وحدة خاصة من قوات النخبة الأمريكية، يوم الأحد في محافظة البيضاء، وسط البلاد، مطلوبة للسلطات السعودية. وذكرت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن "أروى بغدادي" قتلت إثر اقتحام جنود أمريكيين لأحد المنازل المستهدفة بعملية الإنزال في منطقة "يكلأ" التابعة لبلدة "رداع" في المحافظة.

دلالات الهجوم الأميركي وعلاقته بالحوثيين
عملية البيضاء اليمنية أول عملية عسكرية برية أميركية في اليمن منذ قرابة عامين، لكنها كانت دامية، فقد قتل فيها جندي أميركي وأصيب ثلاثة، وأشارت مصادر يمنية محلية إلى مقتل نحو أربعين مسلحا، من بينهم ثلاثة زعماء قبليين يتهمون بالانتماء إلى القاعدة، كما قتل عدد من المدنيين من بينهم ثماني نساء وأربعة أطفال.
وهنا يأتي سؤال محوري دائم عن دلالات توقيت وقوع هذه العملية في ظل المتغيرات الجارية على الساحتين اليمنية والدولية، وتساءلت: هل يمكن اعتبار هذه العملية مؤشرا على تغيير ما في التعامل الأميركي مع الوضع اليمني؟ فكما يبدو لن يعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترمب فقط على غارات الطائرات المسيرة لاستهداف عناصر تنظيم القاعدة في اليمن، وغيره من التنظيمات المتهمة أميركيا بالتطرف كما فعل سلفه باراك أوباما.
حول هذا العملية العسكرية، يرى الدكتور نبيل خوري المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية والرئيس السابق للبعثة السياسية الأميركية في اليمن، في حديث لتلفزيون الجزيرة الليلة الماضية (مساء الأحد) أنها غير مرتبطة بالحرب الدائرة في اليمن بشكل مباشر، ولكن علاقتها بالنمو الذي يشهده تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة منذ بداية الأحداث خاصة خلال العامين الأخيرين. وأضاف أن العمليات العسكرية السابقة في اليمن -ولا سيما تلك التي نفذت بطائرات مسيرة- لم تؤد إلى إضعاف هذه التنظيمات، ولذلك وجب تنفيذ عملية أرضية وربما ستكون هناك عمليات مشابهة لملاحقة هذه التنظيمات على الأرض خاصة في جنوب اليمن.
واعتبر خوري أن العملية الأخيرة تمثل فرصة أمام الحوثيين ليظهروا أنهم ضد القاعدة فعلا، وأنهم قادرون على مجابهتها والتعاون مع من يلاحقها على الأرض، في ظل الفشل الواضح من جميع الأطراف السياسية في مواجهتها، وفق قوله.
ولا يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية أي مضمون سياسي تعكسه العملية، لأن ترمب وإدارته مشغولون في جهات أخرى، مشيرا إلى ان القرار عسكري في المقام الأول، ويأتي امتدادا للتركيز الجديد على ملاحقة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، والتي قال إنها لا تنتهي بالعمليات الدائرة في الموصل بالعراق أو في سوريا. وتابع أن هناك اتجاها أيضا للتركيز على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، الموجود في اليمن، ولذلك سيكون هناك استهداف كبير له، والأمر لا يشكل تغييرا سياسيا، بل إعطاء أولوية أكبر للقضاء على هذين التنظيمين.
من جهته، لم يستغرب الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي هذه العملية العسكرية، وقال إن ترمب -الذي استهل عهده بمعاقبة سبع دول عربية واتهم سكانها بالإرهاب كعقاب جماعي- افترض اليوم أن كل من يهاجمهم في اليمن إرهابيون.وأضاف أن الضحايا المدنيين والعسكريين للعملية يؤكدون أنها مغامرة لها أهداف سياسية أعلى بكثير من أهدافها العسكرية، وتدخل في سياق الدعاية السياسية التي يلجأ إليها ترمب ليؤكد حضوره وعقيدته الأمنية العسكرية تجاه ما يعتبره "الإرهاب".
ويرى التميمي أن الولايات المتحدة تتعامل باستعلاء مع اليمن حكومة وشعبا، وتتجاهل أن هناك حربا في اليمن نجح فيها التحالف العربي في تحجيم دور القاعدة. وأضاف أن ترمب يريد أن يقول إنه قوي بما فيه الكفاية لحماية الشعب الأميركي، لكن عليه تحمل تبعات خسائره في هذه العملية لأنه فشل في أول عملية عسكرية في عهده في ضوء ما يتناقل عن الخسائر.

ترامب يبدأ الحكم باستعراض القوة الأمريكية المميتة في اليمن
شنت القوات الأمريكية عملية إنزال جوي، الأحد، التاسع والعشرين من يناير المنفرط في محافظة البيضاء وسط البلاد، استهدفت زعماء عشائر مدنيين وقتلت أطفال ونساء في العملية، في وقت اشتدت العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن خلال الأسبوع الأول لتنصيب دونالد ترمب. وقالت مصادر محلية لـ"يمن مونيتور" إن مسلحين قبليين أسقطوا طائرة أمريكية شاركت في الهجوم، الذي تم بطائرة هيلوكبتر وعدة طائرات درونز في منطقة "يكلا" بقيفة "رداع".
وأدت العملية إلى مقتل (41) ممن قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنهم أعضاء في القاعدة، فيما نقل تلفزيون FOX NEWS وتابعة "يمن مونيتور" أن المروحية الأمريكية استهدفت أكثر من 16 مدنيا كانوا متواجدين في مكان إطلاق النار، "خاصة وأن طائرة هليكوبتر فتحت النار على مدرسة ومسجد ومركز طبي"، فيما نقلت وكالة أنباء الأناضول أن من بين القتلى ستة نساء، وثلاثة أطفال. و نقلت وكالة رويترز أن من بين القتلى 10 نساء وثلاثة أطفال، وثلاثين قتيل آخرين.
وهذه هي العملية الأولى بإنزال جوي أمريكي في اليمن منذ بدء عمليات التحالف العربي في مارس/آذار 2015م، كما إنها العملية الأولى من نوعها خلال رئاسة دونالد ترامب، التي بدأت بشن ثلاث عمليات قصف بالدرونز على أعضاء في تنظيم منذ تنصيبه في 25 يناير/كانون الثاني الجاري.
حاولت القوات الخاصة الامريكية انقاذ أمريكي ورهائن من جنوب أفريقيا الذين احتجزوا من قبل تنظيم القاعدة في جزء آخر من البلاد في ديسمبر/ كانون الاول عام 2014. ولكن الأسرى قتلوا في تبادل لإطلاق النار. وقال بيان للبنتاغون "ان هذا هو واحد في سلسلة من التحركات العدوانية ضد مخططي الإرهاب في اليمن والعالم". زاعماً إنها ضمن عمليات "تستهدف جهود الاستخبارات والتجنيد والتمويل والأمور اللوجستية لتنظيم القاعدة".
وقال مصدر محلي لـ"يمن مونيتور" إن من بين القتلى الابنة الصغرى لـلقيادي في القاعدة "أنور العولقي" (نورا) -7 أعوام-. والذي قتل والدها بغارة أمريكية بدون طيار في سبتمبر/أيلول2011م.
وأشارت مصادر محلية إلى أن من بين القتل 3 مشايخ من قبائل اليمن الذي يوصفوا بانهم داعمين لتنظيم القاعدة، وهم الشيخ عبدالروؤف الذهب والشيخ سلطان الذهب والشيخ سيف النمس الجوفي، في حين لا يزال الشيخ عبد الإله الذهب مفقود.
وقال تلفزيون FOX NEWS إن عملية القتل للمشايخ لم يتأكد بعد إذا ما كانوا أعضاء فعلاً في تنظيم القاعدة من عدمه. وزعم بيان وزارة الدفاع الأمريكية حسب مانقله موقع (USA TODAU) وتابعه "يمن مونيتور" أن الطائرة المروحية هبطت اضطرارياً واستهدفت بقصف صاروخي حتى لا تقع وطيارها في يد أفراد التنظيم.
وقال المحلل العسكري علي الذهب إن العملية الأمريكية تندرج ضمن التخادم والتخابر والشراكة بين المسلحين الحوثيين وأمريكا داخل اليمن. وأكد الذهب أن الطرفين يتقاسمان العداء مع من استهدفوا في الغارة الأمريكية.
وقال الصحافي اليمني المتخصص في تنظيم القاعدة عبدالرزاق الجمل لـ"يمن مونيتور" إن: "عملية الإنزال في رداع أكبر من مستوى المستهدفين بها، إن كان ابناء الذهب هم المستهدفون بها، إذ كان يمكنهم القيام بالعملية عبر طائرة من دون طيار بكل هدوء". وأضاف الجمل لـ"يمن مونيتور": "إن لم يكن الأمريكيون يحاولون استعراض قوتهم في هذه العملية، مع بداية عهد ترامب، فقد تكون معلومات عن وجود قيادي كبير، من حجم إبراهيم عسيري، تسربت إليهم".
وقالت وكالة استوشيتد برس عن مشائخ قبليين قولهم إن الأمريكان كانوا يبحثون عن القيادي في التنظيم قاسم الريمي واثنين آخرين، الذين لم يكونوا متواجدين في المكان.
وشبّه الجمل العملية التي تمت في البيضاء في ضخامتها،بـ"العملية التي استهدفت أسامة بن لادن، ولا أستطيع تصديق حكاية أن عبد الرؤوف الذهب وشقيقه كانا المستهدفين بعملية من هذا النوع". ويعتقد الصحافي المتخصص في القاعدة أنه من الوارد أيضا أن تكون العملية عبارة عن تدشين لسلسلة من عمليات الإنزال يعتزم الأمريكيون القيام بها خلال الفترة المقبلة.
وهو ما يعتقده "الذهب" الذي قال إن المؤشر الخطير لهذه العملية أنها قد تتكرر بطرق مختلفة في مناطق أخرى، كالجوف، ومأرب، وتعز، وبالتخادم ذاته، معتقدا أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. لكن الجمل استدرك بالقول: "لكن ما لا أفهمه هو التناقض بين سهولة استهداف عناصر القاعدة عبر الدرونز وبين اللجوء إلى هذا النوع من العمليات التي تنطوي على قدر كبير من المغامرة".

اعتراف أمريكي: ترامب أجاز العملية
قال مسؤول أمريكي أن الرئيس دونالد ترامب أجاز الغارة الأمريكية التي شنتها قوات بلاده على مواقع يشتبه بأنها تابعة لتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء (وسط اليمن) فجر الأحد29 يناير. وقال المسؤول الامريكي – وفقا لرويترز- بأن القوات المشاركة لم تحتجز أي اوتعتقل أي شخص خلال الغارة.
على ذات السياق قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن جنديا قتل وأصيب ثلاثة آخرون في هجوم على ما أسمته مقر لتنظيم القاعدة في اليمن. وجاء في بيان للجيش الأمريكي أن 14 مقاتلا من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قتلوا في الهجوم الذي نتج عنه جمع "معلومات ستقدم على الأرجح نظرة عميقة للمخططات الإرهابية في المستقبل."
وقال الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأمريكية "نشعر بحزن بالغ لفقد واحد من أفراد قواتنا الخاصة." وأضاف "إن التضحيات كبيرة للغاية في قتالنا ضد الإرهابيين الذين يهددون الأبرياء في أرجاء العالم."

انعكاس التخادم الحوثي مع الأمريكيين
قال المحلل العسكري علي الذهب أن العملية الأمريكية التي استهدفت يمنيين في محافظة البيضاء (وسط اليمن) فجر اليوم تندرج ضمن التخادم والشراكة بين مليشيا الحوثي وامريكا داخل اليمن.
واعتبر الذهب في تصريح خاص لـ(الموقع بوست) أن الطرفين يتقاسمان العداء مع من استهدفوا في الغارة الامريكية. وأكد بأن ما عجز عنه الجيش الامريكي على الأرض داخل اليمن تولته واشنطن بقولتها القاهرة– حسب توصيفه - بناء على معلومات تم تزويدها من مليشيا الحوثي التي تقع نطاق العملية ضمن سيطرتها الميدانية.
وقال الذهب أن المؤشر الخطير لهذه العملية أنها قد تتكرر وإن بطرق أخرى، في مناطق أخرى، كالجوف، ومارب، وتعز، وبالتخادم ذاته، معتقدا أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وأشار إلى أن الشراكة بين الحوثيين وواشنطن واضحة، بعد تسليم الحوثيين العديد من الأمريكيين ممن اتهموا بالتجسس، دون إحالتهم للقضاء، يدل على هذه الشراكة التي تجسدها الصفقات المتبادلة.
ووفقاً للمحلل الذهب فإن الحوثيين ينهجون نهج سلفهم المخلوع صالح في هذا الجانب، مؤكدا بأن الفارق يأتي في زيف شعارهم الذي يدعون من خلاله العداء لأمريكا، وهم في الحقيقة أحد خدمها المدللين في المنطقة ككل. وفي بعدها الخارجي اعتبر الذهب العملية بأنها تندرج تحت مزاعم حماية الأمن القومي الأمريكي في بعده الدولي أو العالمي، والذي يعد الإرهاب أحد اولويات مهدداته العابرة للحدود القومية.

ترامب.. السير في الاتجاه المعاكس
يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب حريصا على السير في الاتجاه المعاكس لسلفه، محدثا تغييرا جذريا “سريعا” في نهج باراك أوباما، حتى فيما يتعلق باستراتيجية الوجود العسكري للجيش الأميركي خارج البلاد.
ففي اليمن، دأبت إدارة أوباما على استهداف مسلحي القاعدة عن طريق غارات تشنها طائرات دون طيار، إلا أنه بعد أيام من تولي ترامب منصبه شهدت العمليات العسكرية الأميركية بهذا البلد تحولا مفاجئا، إذ شاركت طائرات مروحية في هجمة شملت أيضا إنزالا بريا نادرا لقوات النخبة الأميركية.
وأدى الهجوم الذي شنته طائرات أميركية في محافظة البيضاء ليل السبت وفجر الأحد، إلى مقتل عشرات المسلحين، فضلا عن 8 نساء و8 أطفال بينهم أنوار (8 سنوات) ابنة أنور العولقي، رجل الدين اليمني الأميركي الذي قتل في غارة أميركية عام 2011، كما قتل أيضا خلال الهجوم المباغت جندي أميركي وأصيب 3 آخرون.
إلا أن الملفت للنظر هو ذلك التغير النوعي في طريقة الهجمات بإشراك قوات برية، بما يعكس ربما رغبة في التأكد من تحقيق العمليات العسكرية لأهدافها بتصفية المستهدفين أو تدمير أهداف بعينها، أو اعتقال مسلحين من تنظيم القاعدة بغرض انتزاع معلومات مفيدة منهم.
ويعزز تلك النظرية أن الولايات المتحدة باتت لا تمتلك شريكا حكوميا يُعتمد عليه في اليمن، الغارق في الصراع بين القوات الموالية للشرعية والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، التي تسيطر على مساحات كبيرة من البلاد بما فيها العاصمة صنعاء.
ورغم أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أوضحت أن القوات الأميركية لم تلق القبض على مسلحين خلال العملية، فإن القيادة الوسطى الأميركية قالت إنها حصلت على “معلومات مفيدة للتخطيط لتجنب المؤامرات الإرهابية مستقبلا”.
وخلال حملته الانتخابية تعهد ترامب بإرسال المشتبه بهم في قضايا الإرهاب إلى معتقل غوانتانامو، الذي وعد سلفه أوباما بإغلاقه لكنه فشل في ذلك. لكن ما يمكن تسميته “نهج أوباما” في العمليات الأميركية باليمن، اعتمادا على الهجمات بطائرات دون طيار، لا يزال مستمرا في عهد ترامب أيضا، حيث قتل مسلحان من القاعدة فجر الاثنين في ضربة جوية، بعد يوم من عملية الإنزال.
وفي حملته الانتخابية، أولى ترامب هجوما خاصا بمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط، لا سيما تنظيمي “داعش” والقاعدة. واليمن واحد من 7 دول منع مواطنوها من دخول الولايات المتحدة، بموجب قرار اتخذه الرئيس الأميركي بعد أيام من تنصيبه رسميا.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد