استهداف دماغ مدينة الثقافة

2017-02-12 05:57:54 تقرير خاص

أخذت مدينة تعز نصيب الأسد من تركة الاستهداف والتدمير التي طالت المدارس والمرافق التعليمية بسبب الحرب، فكان لها نصيب يفوق الـ 50 مدرسة من بين 134 في الجمهورية والتي تحولت إلى ثكنات عسكرية ومراكز تدريبية للأطراف المتصارعة، وفقاً لآخر إحصائية أصدرها مركز الدراسات والإعلام التربوي بالمحافظة.

لم تنحصر أدوات الصّراع والعنف والانتهاكات الّتي زادت نسبتها خلال السّنوات الأخيرة في عموم اليمن، و”تعزّ” بوجه خاص على جانب معيّن، أو مشهد أحادي، ذات الأساسيات الرّئيسيّة لاندلاع الحرب سواء سياسيًّا أو عسكريًّا أو اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا أو عقائديًّا.
خروقات
التّقارير الحقوقيّة الصّادرة من مراكز الدّراسات والمنظّمات المدنيّة والتّربويّة أشارت إلى توسّع دائرة الانتهاك الّتي دفعت بها الحرب الواقعة بالبلاد إلى رقم قياسيّ أعلى في غضون أشهر معدودة، بالنّسبة لمختلف الجوانب الحياتيّة والمعيشيّة وأدواته المحدودة لمقوّمات الحياة.
وكان للصّرح التّعليميّ نصيب الأسد من تلك الخروقات المتراكمة من حيث النّظر إلى أهميّة الجانب التّعليميّ والتّربويّ والأكاديميّ والحرمان التّعليميّ الّذي طال المدينة، وعمق المعاناة الّتي تعرّض لها الطّلّاب والآثار السّلبيّة الّتي تلقّوها وستواكب مسيرتهم العلميّة حاضرًا ومستقبلًا.
يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي/ أحمد البحيري أن مدينة تعز تأتي في المرتبة الأولى من حيث الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها البيئة التعليمية في المحافظة. من حيث تدمير وتفجير المئات من المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والعبث بها. وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية.
انتهاكات
الانتهاكات بحق العملية التعليمية وصلت حدّ الابتزاز بشتّى الأساليب المادّيّة والأخلاقيّة لاحتكار المعلّمين والتّربويين والأكاديميّين، من خلال إغلاق مكاتب البريد ووقف المرتّبات وحصرها ضمن نطاق سيطرة الحوثي وصالح.
وهو ما أدّى إلى تعرّض موظّفي التّعليم للاعتقال والاختطاف أو الانتهاك المتعدّد من حيث الابتزاز، ومصادرة رواتبهم أو تقليصها، وفرض إملاءات خارج سياق التّعليم وإرغامهم على العمل بأساليب وطرق غير قانونيّة وخارج مسار الصّرح التّعليميّ المعتاد.
وبجانب ذلك فقد رفعت الجماعة سقف انتهاكاتها بنسف وهدم التّعليم، ومبادئه وذلك من خلال إبعاد عدد من المدرّسين والمدراء المعارضين لتوجّههم، وتعيين موالين لهم دون معايير أو كفاءة أو نزاهة أو تأهيل علميّ.
جرائم
انتهاكات جسيمة طالت الطّلبة وخصوصًا الأطفال، إلى أنّ وصل الأمر لارتكاب جرائم قتل بحقّ طلبة المدينة، حيث كان لقصف قوات الحوثي وصالح المتواصل على الأحياء السّكنيّة أن تخطف أرواح عدد من الأطفال والطّلبة، أو تعيقهم، وتحرمهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعيّ والنّظر إلى مستقبلهم الغامض، فضلًا عن كبح النّهضة والتّنمية بالنّسبة للتّعليم في المحافظة.
فهناك قرابة 500 طفل قتلوا الغالبيّة العظمى منهم في سنّ المدرسةـ من 6 سنوات إلى 14 سنةـ فضلًا عن إصابة وجرح ما يزيد عن 1000 طفل بعضهم أطفال في سنّ المدرسة، تنوّعت إصاباتهم بين البسيطة والمتوسّطة، أو المخاطرة الكبيرة من حيث الإعاقة وفقدان الحركة بشكل جزئيّ أو كلّيّ، علاوة عن تعرض عشرات الحالات للاحتجاز لدى جماعة الحوثي وصالح.
ولا يقتصر الأمر عند تلك النّقطة، بيد أنّ هناك أكثر من 2400 حالة فقدوا آباءهم وأقاربهم. وذلك بطبيعة الحال من وجهة نظر مدرّسين ومتخصّصين وتربويّين أنّه سيؤثّر بشكل سلبيّ على مستقبل الطّلبة والّتعليم في المحافظة وسيوسّع من نطاق جراحهم ومعاناتهم.
إغلاق
ويشر تقرير صّادر عن مركز الإعلام التّربويّ في المحافظة إلى ما يقارب 400 مدرسة مغلقة في تعز، المحافظة الّتي تعدّ الأكثر حرمانًا من التّعليم مقارنة بباقي المحافظات، وهو الأمر الّذي دفع بالمدارس الخاصّة إلى تسريح الآلاف من معلّميها .
وما يعادل 90% من الجامعات الخاصّة ما تزال مغلقة رغم كثافة العمل الّذي تقوم به سلطة الأمر، الواقعة في “تعز” ممثّلة بالمقاومة الشّعبيّة، والتّمكن من عودة واستئناف التّعليم في المحافظة ولو بشكل تدريجيّ وفي إطار محدّد.
إضافة إلى ذلك فقد تحولت كبرى الجامعات في المحافظة وهي جامعة تعز الحكومية إلى ثكنة عسكرية بكل ما تتمحور فيه من أقسام وكليات، استخدمها طرف المليشيات الحوثية.. وقد عرّضها ذلك للاستهداف العسكري، والقصف المباشر من قبل الطيران أو من قبل القوات الأخرى على الأرض.
كما أنها لا تعد الجامعة الوحيدة التي تعرضت إلى ذلك. إذ صاحبتها جامعات ومراكز ومعاهد تعليمية أخرى إلى جوارها، فكان لها نصيب من الاستهداف والقصف.. وذلك يعود إلى طرف الحوثي وصالح الذي استخدم التعليم والبيئة التعليمية موضع استهداف وحولها إلى ثكنات عسكرية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد