الصحافة اليمنية تحت النار

2017-02-15 05:36:17 تقرير خاص

لم تعد حادثة تعرض موزعي صحيفة "أخبار اليوم" يوم الأحد بمحافظة عدن، جنوبي البلاد، لاعتداء سافر من قبل عناصر أمنية تابعة لقوات الحزام الأمني، ومن ثمة نهب باص توزيع الصحيفة بما داخله، هي آخر حوادث الانتهاكات والجرائم في حق الصحافة وصحفيي اليمن، في ظل وضع أمني خطير على الحريات الصحفية.
يقول مراسل موقع الموقع بوست بعدن/ أدهم فهد: الحوثيون نهبوا مقر صحيفة أخبار اليوم في صنعاء وما به من معدات وأجهزة قلنا انقلابيين ومتوقعة منهم. لكن أن يتم سرقة أحد باصات توزيع صحيفة أخبار اليوم في العاصمة المؤقتة عدن ومن قبل عناصر تابعة للحزام الأمني فهذا يعني أن الوضع مخضرية"..

تؤكد المنظمة البلجيكية الدولية لحقوق الإنسان والتنمية، في تقرير حديث لها عن الحريات الصحفية في اليمن- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه-، أنه بعد استيلاء مسلحي جماعه الحوثي على السلطة باليمن، في سبتمبر 2014م شهدت الساحة اليمنية العديد من الانتهاكات على الإعلام والإعلاميين والصحفيين، جعلت العمل الصحفي في اليمن مغامرة خطرة، قد تنتهي بصاحبها في السجن، وسط حالة من انعدام الشفافية، وإصرار مستمر من أجهزة مسلحي الحوثي الأمنية، على استنساخ أساليب القمع، وعودة ممارسات تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين، وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية المعارضة لجماعة الحوثي، وأنه لا مكان للصحفيين والإعلاميين إلا لمن يعمل مع مسلحي الحوثي ووفق أجندتهم.
وتقول جومان علي، العاملة في مجال الإعلام الحقوقي، إن مستقبل الصحافة في الصراع الدائر في اليمن ومنذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 بدأت هذه المليشيات بمصادرة حقوق التعبير وحرية الإعلام من خلال اقتحام مكاتب القنوات الإعلامية المخالفة لها وإغلاق جميع الصحف وإنهاء هامش الحريات الموجودة.
وتعتبر العمل الصحفي ظل الانتهاكات وسياسة القمع المتنوعة بين القتل والاعتقال والاختطاف والتهديد التي تواجه الصحفيين العاملين في الداخل بأنه أصبح مغامرة كبرى، إذ انه لا مكان إلا لمن يعمل مع هذه المليشيات ووفق أجندتهم.
وتقول:" ولعل هذا يتضح أكثر من خلال إغلاق كل القنوات الخاصة وكذا المواقع الإليكترونية والصحف الحزبية والأهلية إضافة إلى التحكم بأجهزة الإعلام الرسمي المختلفة".
وتضيف جومان:"الوضع الجديد في اليمن سيء بكل المقاييس لحرية الصحافة وحرية التعبير وقد سبب لجميع الصحفيين والنشطاء الحقوقيين والسياسيين الخوف وهم أمام هجمة غير مسبوقة وصلت حد القتل والتعذيب واستخدامهم كدروع بشرية أمام غارات التحالف بقيادة السعودية بحجة تأييد هؤلاء الصحفيين للغارات الجوية على اليمن".
شهادة شقيق معتقل
وقالت المنظمة أنها تلقت بلاغ من عبد الكريم أحمد عبده عمران، يفيد أن شقيقه الصحفي المعتقل عبد الخالق عمران تعرض للإخفاء القسري لمدة أربعة أشهر ثم تم العثور عليه في سجن الاحتياطي التابع لقسم شرطه الثورة في حي نقم بالعاصمة صنعاء ثم أن تنقل بين سجون قسم شرطه الأحمر وسجن البحث الجنائي وسجن احتياطي شرطه قسم هبره أيضا بالعاصمة صنعاء.
 كما كشف عمران عن تعرض شقيقه للضرب بأعقاب البنادق وسلب ما كان بحوزته والإخفاء القسري، والمنع من الزيارة، والتعذيب، والعزل في سجن انفرادي، التهديد بالتصفية، واستخدامه كدرع بشري ونقله إلى مدينه صعده، والصعق الكهربائي، والشتم والتجويع، والمنع من تلقي العلاج والزيارة ومقابلة أي جهة قانونية أو حقوقيه أو صحفيه أو إنسانية.
وأفاد عبد الكريم عمران أن شقيقه المعتقل يعاني في وقتنا الراهن من الآم في الظهر والعمود الفقري جراء التعذيب الذي تلقاه في سجون المليشيات الحوثية كما أن الأطباء قرروا تحويله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم لكن المليشيات لم تقوم بنقله. وقال أنه يمر في السجن بظروف بالغة السوء سواء من حيث الازدحام أو من حيث البرودة وعدم وجود وسائل للتدفئة لا يرون الشمس ولا يستنشقون هواء نظيفا يمنعون من دخول الحمام إلا مرة واحده أو مرتين في اليوم ويعانون من سؤ التغذية.
في حين لا يسمح بزيارته إلا يوم واحد في الأسبوع ولبعض الدقائق وكثيرا ما تم المنع حتى في الأيام المخصصة للزيارة. كما أضاف أيضا مقدم البلاغ عبد الكريم عمران أن هناك مجموعه من الصحفيين محتجزين مع أخيه في سجن الأمن السياسي بصنعاء وحالتهم النفسية والصحية نفس حاله أخيه.
حصار وخنق الحريات
ويدلي الصحفي موسى النمراني، يعمل محرر في قناة بلقيس، بشهادته بالقول:" كنت أسكن في صنعاء، حيث أغلق الحوثيون كل وسائل الإعلام المعارضة للانقلاب الذي نفذوه في سبتمبر 2014، وأغلب مكاتب الخدمات الإعلامية باستثناء واحد أو اثنين، منظمة هود التي كنت أعمل فيها هي أيضا أغلقت مقرها بسبب وضع حراسة في المبنى الذي يضم عدة مكاتب تجارية وإعلامية منها مكتب قناة الجزيرة، وفي الوقت ذاته سيطرت على وسائل الإعلام الرسمية ووجهت خطابها بنفس طائفي باتجاه التعبئة الحربية".
 ويضيف للمنظمة:" بقي في صنعاء قليل من الصحفيين المناهضين للانقلاب ونشطاء حقوق الإنسان، اختطفت مليشيا الحوثيين أكثر من خمسة عشر صحفيا منهم وأخفتهم قسريا لفترات وتغير أماكن احتجازهم باستمرار وتضع القيود على أقدام بعضهم، كما يتعرض بعضهم للتعذيب المستمر ويمنعون من تلقي العلاج، ومن بينهم زميلي عبد الخالق عمران".
ويتابع: يعاني عمران حاليا من آلام في العمود الفقري أعجزته عن الحركة، وتمنع المليشيا عرضه على طبيب ولو على حساب أسرته.
ويشير إلى أن المليشيا وضعت المعتقلين في أماكن خطرة معرضة للقصف فقتل منهم اثنان في ذمار منعت المليشيا أسرهم من انتشالهم قبل وفاتهم ولم تسمح ببدء عملية انتشال الجثث إلا حين توقف سماع أصوات أنين الجرحى تحت الأنقاض بعد يومين من تعرضهم للقصف.
ويفيد النمراني أنه في هذه الأثناء شعر الجميع بضيق الخناق، تمكن البعض من الهروب إلى مناطق خارج سيطرة الحوثيين في تعز أو حضرموت أو مأرب، وتوجه آخرون إلى دول أخرى كالسعودية وماليزيا والأردن وتركيا والسودان وسويسرا وغيرها من الدول.
ويقول: بقي قليل من الزملاء الذين توقفوا عن العمل بسبب توقف المؤسسات الإعلامية التي يعملون فيها وتغيرت أنشطتهم ومجالات أعمالهم، لكن اقتراب أي منهم إلى أحد مجالات العمل العام يعرضه للخطر، فقد اختطف محمود يس وآخرون بسبب محاولتهم إيصال مياه الشرب للمدنيين الذين كانت المليشيا تحاصرهم في تعز".
ويوضح أنه خلال هذه الفترة توفي في صنعاء أربعة صحفيين في ظروف غامضة أعمارهم لم تتجاوز العقد الرابع بينهم مذيعة توفيت بعد يومين من وصولها إلى صنعاء، وصحفيين اثنين كانا يعملان في وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح إضافة إلى صحفي متخصص بالتحقيقات الاستقصائية كان يعكف على تحقيق متعلق بفساد عمليات تهريب المشتقات النفطية وبيعها في السوق السوداء بصنعاء.
يقول الصحفي المحرر في قناة بلقيس:" تضررت كل فئات المجتمع بسبب الانقلاب الذي أدخل البلاد في حرب لا مصلحة له في توقفها ولا انحسارها". موضحاً، في إفادته، أن أسماء الصحفيين والإعلاميين الذين ماتوا بطريقه غامضة هم فوزي الكاهلي، محمد العلواني، جميلة جميل، ومحمد عبده العبسي.
"كما أن هناك صحفيين قتلوا في مدينه ذمار وهم مختطفون عبد الله قابل ويوسف العيزري. هذا ما يمكنني قوله، كل الكتاب حاليا الذين يكتبون عن الشأن اليمني المعارضين للحوثيين هم في الخارج باستثناء خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق، ومحمود يس، الذي سبق أن اختطف من قبل الحوثيين وتعرض للتعذيب ثم أفرج عنه": يختتم النمراني شهادته للمنظمة البلجيكية.
مطاردة وهروب اضطراري
في شهادته للمنظمة البلجيكية الدولية لحقوق الإنسان والتنمية، يقول الصحفي أحمد الصباحي- الذي يعمل مراسل ‏ صحيفة الوطن القطرية ومجلة البيان السعودية باليمن-: كنت أقيم في العاصمة صنعاء منذ قرابة 7 سنوات، وفي ليلة 21 سبتمبر إلى صنعاء بأسلحتهم الثقيلة وسيطروا على مقاليد الدولة وحاصروا الحكومة والرئيس، وبدأوا يمارسون عمليات الخطف والاعتقال للناشطين والصحفيين وإغلاق وسائل الإعلام".
ويضيف:" أغلقوا صحيفة الناس والأهالي التي كنت أعمل معهما بشكل حر بالإضافة إلى وسائل إعلامية خارجية، وأغلقوا قناة سهيل ويمن شباب وعدد كبير من الصحف والمواقع والقنوات الفضائية التي تعارض فكرهم، ولم يعد هناك أي وسيلة إعلامية مستقلة أو معارضة للحوثي تمارس عملها من الأراضي التي تقع تحت سلطتهم، وفوق هذا كله تم حجب كل المواقع الإخبارية المستقلة والمعارضة للحوثيين"..
ويتابع الضحياني:" وصلتني الكثير من التحذيرات من شخصيات اجتماعية وسياسية وإعلامية بضرورة الابتعاد عن أماكن سيطرة الحوثيين لأني مهدد للاعتقال في أي وقت، أخبرني ضابط في الأمن السياسي أن ضباطاً آخرين طلبوا معلومات عني، بل إن التهديد وصلني من شخص قريب من أسرتي بأنه سوف يبلغ عني إلى اللجان الحوثية".
حينها قرر الضحياني السفر إلى مدينة إب وسط اليمن كونها أكثر آمانا لكن المد الحوثي استمر حتى وصل إلى محافظة إب وواصلت المليشيات حركة الاختطافات والاعتقالات لفئة الصحفيين والناشطين والعسكريين.. "كان من الصعب علي كصفحي أراسل وسائل إعلام خارجية أن أبقى في وسط هذا الجو الملغوم، عندها قررت المغادرة وخاطرت بنفسي وغادرت إلى دولة قطر تحت ذريعة حضور دورة تدريبية": يقول الضحياني.
ويختتم شهادته:" وبعد سفري بثلاثة أيام بدأت عاصفة الحزم وزادت حجم التهديدات لي عبر صفحات التواصل الاجتماعي لكني أصبحت في مأمن، وبعدها بأشهر تم اعتقال قرابة 20 صحفياً من أماكن عملهم وتم زجهم في السجون إلى الوقت الحالي، وتم ملاحقة الكثير من الناشطين والإعلاميين وزادت حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان وحرية الصحافة".
عسكرة الحياة المدنية
يفيد محمد الأحمدي، وهو صحافي وناشط حقوقي، أنه منذ سيطرة الحوثيين وحلفائهم على مقدرات الدولة في اليمن عملوا على عسكرة كل مظاهر الحياة المدنية والسياسية ومصادرة الحقوق والحريات، وكان للصحافيين حظ وافر من القمع باعتبارهم شهود على الحقيقة، تعرضوا للاختطافات والتعذيب والفصل وفقد المئات منهم وظائفهم بعدنا أغلقت ونهبت أو صادرت مليشيات الحوثيين مختلف وسائل الإعلام الحكومية والأهلية، ولم يبق في الواقع سوى الإعلام الحربي التابع للمليشيات.
يقول الأحمدي، في شهادته للمنظمة،:" تحظرني ثلاث حالات انتهاك بحق الصحافيين، الأولى: اختطاف الصحافيين قابيل والعيزري في ذمار واقتيادهما مع ناشطين سياسيين إلى مركز اعتقال غير قانوني في قمة حبل هران واتخاذهما دروعا بشرية في مواجهة غارات التحالف العربي".
أما الثانية، بحسب الأحمدي، فهي اختطاف حوالي 15 صحافيا في العاصمة صنعاء واقتيادهم إلى السجون الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية مضى على اعتقالهم أكثر من عام ونصف تعرضوا للتعذيب الوحشي وسوء المعاملة ولا زالوا خلف القضبان، تعرضت عائلاتهم للضرب والإيذاء الجسدي واللفظي أثناء قيامهم باعتصامات سلمية للمطالبة بإطلاق سراحهم.
ويشير إلى أن الحادثة الثالثة اختطاف أكثر من 30 شابا من ناشطي مسيرة الماء في إب بينما كانوا يحضرون لإغاثة سكان تعز المحاصرين بمياه الشرب حيث تعرضوا للتعذيب في سجن الأمن السياسي وأفرج عنهم بالتقسيط بينما لا يزال الناشط الإعلامي أمين الشفق رهن الاختطاف حتى اللحظة".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد