قصص وحكايات مؤلمة عاشها مراسل "أخبار اليوم" بين أنينهم ومعاناة أسرهم

أسر شهداء وجرحى الحرب بمحاريق عدن.. وجع منسي

2017-02-15 05:47:06 تقرير/ زكي العاقل

لا يزال أغلب أسر شهداء وجرحى الحرب الأخيرة من أبناء عدن في إهمال ونسيان تام لهم ولمعاناتهم ومعاناة أسرهم من قبل الجهات المختصة بالسلطة المحلية والحكومة الشرعية.
ولا يزال العديد منهم يتجرع ألم إعاقته أو فقدانه لأحد أطرافه الرئيسية أفقدته القدرة على العمل وإعالة أسرته أو حتى إعالة ذاته، سيما وأن الجريح المصاب الذي فقد أحد أطرافه أو إصابة أخرى جعلته في حال صعب جدا يحتاج إلى من يرعاه بصورة دائمة إضافة أنه كان هو المعيل الرئيس لأفراد لأسرته.

عندما بدأت مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح تسعى باجتياح محافظة عدن جنوبي اليمن واشتدت وتيرة المعارك على أطرافها فر العديد من الشخصيات الحكومية وغير الحكومية وتخلى عنها الكثير والكثير من العسكريين والشخصيات الاجتماعية ومسؤولي الحكومة وعلى رأسهم محافظ عدن حينها عبد العزيز بن حبتور، وترك الجميع عدن تواجه مصيرها لحالها ضد ألوية المخلوع صالح والمليشيات الانقلابية الطائفية.
حينها أراد الله أن يخرج من أصلابها شيوخ ورجال وشباب ونساء وحتى الأطفال للذود عن محافظتهم عدن كلا في مجال قدرته وخبرته ولم يتوارى أبنائها بمختلف توجهاتهم للدفاع عنها رغم شحة إمكانياتهم وخبرتهم العسكرية، فبرز هناك العديد من شباب عدن قدموا أرواحهم رخيصة مخافة أن تدنسها تلك المليشيات الطائفية التي إن تمكنت في أي منطقة أو محافظة أو بلد استباحت كل شيء جميل فيهم.
فهناك الكثير ممن استشهد والكثير الآخر أصبح جرحى ومنهم من أصيب بإعاقات مستديمة فتمنعهم القدرة على العمل وإما بعضهم أصبح قعيد الفراش، فهذه هي المعضلة التي تجاهلتها القيادات الحالية بمختلف توجهاتهم ولم يعد لهم قيمة حقيقية في مهام مسؤولياتهم.
معاناة
هشام صالح حسن، أحد الجرحى الذين بترت إحدى قدميه وتعرض لإهمال وتهميش من قبل قيادته في جبهة المصعبين الممثلة بالقائد وهيب الهبل. وكان هشام صالح قد تعرضت مدرعة كان على متنها إلى لغم أرضي أدى إلى بتر أحدى قدميه.
يقول والده صالح حسن أنهم خلال مدة زمنية سابقة قاموا بمتابعة مركز الأطراف الصناعية بعدن لتركيب رجل اصطناعية، إلا أن المختصين بالمركز أفادوا بأن الأطراف الموجودة ثقيلة ولا تناسب قدم هشام، حيث أنه خلال تركيبها والمشي عليها يتمزق الخياط وتسقط الرجل الاصطناعية، مما دعا مركز الأطراف الاصطناعية بتوجيه النصح لإيجاد رجل اصطناعية خارج الوطن وتكون مناسبة لجسد الجريح هشام. الأمر الذي جعل والد هشام في حيرة لعدم تمكنه من فعل شيء لأنهم أسرة فقيرة جدا. 
وأفاد والد الجريح هشام أن ولده قبل الحرب كان يعيل أسرته من خلال عمل في القطاع الخاص حتى قدمت الحرب وانطوى تحت قيادة المقاومة للدفاع عن عدن وخسر إحدى رجليه وأصبح الآن عاجزا عن العمل ولم يتم ترقيمه أو تعويضه أو حتى استكمال معالجته الذي تطلب الكثير من الإمكانيات المادية التي يجب أن تقوم بها الدولة.
حقائق مؤلمة
عبده ياسين، والد ياسين الذي أصيب في جبهة المحاريق أثناء قتاله ضد مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح، قال أن ولده أصيب بإصابة أفقدته احد حبيبتيه "عينيه" ولم يتلقى علاجا كما يجب لولده بل أنه تكفل هو بالتكلفة العلاجية لولده وثمن إحدى العمليات إضافة إلى مصاريف يومية. 
وأشار إلى أنه تم تركيب عين اصطناعية لولده، ولكنه يحتاج للعديد من الراعية الصحية وعمليات أخرى تجميلية حتى يستطيع ولده ياسين أن يغمض عينه الاصطناعية التي ركبت له حديثا حيث أن عينه لا يغطيها الرمش لعدم وجوده.
وأكد عبده ياسين أن ولده لم يتم وضعه بكشف الجرحى وصرف رقم له ورواتب بالرغم من التقارير الواضحة حول انتمائه لمقاومة المحاريق ومصعبين منذ الأيام الأولى من نشأتها. واختتم:" تابعنا عدة جهات لكن للأسف لا حياة لمن تنادي".

علي حميد سالم أحد أبناء منطقة السيلة بمديرية الشيخ عثمان أب لشهيدين وهم علي وعبد الرحمن تحدث لمراسل الصحيفة وهو يجسد من حرقة كلماته مدى الخسارة الكبيرة التي ابتلاه الله بها وهي خسارة عمودين رئيسين بالمنزل ولدين لا يمتلك غيرهم من الأولاد.
صبر واحتسب وفوض أمره لله في خسارته الكبيرة، لكن طالب الحكومة بالعدل والمساواة بصرف رواتب شهرية لولديه حتى تكون تلك الرواتب تعويضا له ولأسرته التي أتكئ مطمئنا على من خلفه بعد الله بهم أسوة بمن سقطوا شهداء لاحقا، وتم تعويضهم بمبالغ مالية وترقيمهم حتى يستفيد منه من تركهم الشهيد خلفه أو الجريح الذي لا يستطيع إعالة أسرته بسبب جرحا سبب في إعاقته تبدأ قصة استشهاد والديه.
الشهيد المديون
ليس بعيدا عن السيلة وفي جارتها شمالا شرقا منطقة المحاريق في مديرية الشيخ عثمان خسارة شهيدين من أسرة واحدة ولكنها شهيدين ووالدين لأطفال الذين ما إن وضعت الحرب أوزارها واتجهت المليشيات الانقلابية وقوات المخلوع صالح لغزو مدينتهم عدن حتى هبوا للدفاع عنها.
الشهيد حافظ البيتي، أحد رجال البحث الجنائي في شرطة الشيخ عثمان، قتل في عملية اغتيال غادرة ثمنا لما قدمه من تضحيات في جبهات الشرف مدافعا عن الدين والأرض، وأخاه الشهيد إبراهيم البيتي توفى ولديه 4 من الأبناء.
إبراهيم البيتي كانت لديه تجارته الخاصة وهي بقالة يقتات منها وأولاده، وحين اشتعلت الحرب بعدن تقدم الصفوف القتالية في جبهة المحاريق، مخلفا ورائه تجارته المتواضعة وأراد الله أن يستشهد في الجبهة أثناء ما كان مرابطا فيها متصديا للعدو الطائفي منمليشيات الحوثيين.
بعد وفاته قال أحد جيرانه أن إبراهيم كان له حسابات مالية لدى عدد من المواطنين كديون للبقالة، وأنه كان يرفض اخذ المديونية من الناس نضر للظروف الصعبة التي مر بها المواطنين خلال الحرب الأخيرة التي شهدتها محافظة عدن.
توفي إبراهيم وهو مديون للتجار وآخرين ولم يكن لديه أي دخل غير البقالة التي توقف عن العمل فيها في الأيام الأخيرة من الحرب، وبعد استشهاده لم يسجل إبراهيم ضمن رواتب الشهداء ولم يتم ترقيمه حتى هذه اللحظات.
استغلال الجهود
يشير بسام عبد الكريم، أحد قيادات سريات التعزيز القتالية في محافظة عدن أنه أتناء تواجد الحوثي في أطرافها كان هناك 11 شهيد من سريته استشهدوا في المواجهات مع المليشيات الانقلابية في جبهات عدن الشمالية الغربية.
ويعتبر أنه كقائد مباشر عليهم وجب عليه متابعة شؤون الشهداء والجرحى الذين ينتسبون تحت قيادته فاستطاع أن يستخرج 10000 ألف ريال سعودي لكل شهيد.
وأوضح أنه بعد متابعات عدة أستطاع أن يرقم الشهداء بعد استيفاء الإجراءات القانونية، ليتم اعتماد رواتب شهرية للشهداء وذلك حسب قرار رئيس الجمهورية بترقيم الشهداء وصرف الرواتب لهم.
وأشار إلى أن جميع الشهداء والجرحى ممن لم يدرجوا ضمن الترقيم والتعويضات وصرف الرواتب سببه عدم متابعة القيادة الميدانية التي تربطها صله مباشرة بالشهداء أثناء الحرب وما بعد الحرب.
فيما يؤكد إمام وخطيب مسجد التوبة بمنطقة المحاريق/ جلال ثابت أن المنتسبين إلى المقاومة الشعبية الجنوبية يجب أن يولوا أهمية عظيمة من قبل حكومة الشرعية ، موضحا أن ذلك لن يتم إلا بالقيام بما أوجب الله عليهم من الرعاية لأسر الشهداء ولهؤلاء الجرحى والمعاقين والإسراع في علاجهم في الداخل والخارج وتوفير الرعاية لأسرهم وتسوية أوضاعهم وصرف أرقام ومرتبات لهم وتكريمهم.
وقال:" الشهداء والجرحى هم أبطالنا الذين نعتز بهم وهم تاريخنا الذي نفخر به وسيدون موقفهم التاريخ على مر الزمان، فهم الذين قدموا وسطروا أعظم البطولة في جبهات القتال والتصدي وإيقاف المد الرافضي على المنطقة وفي إنقاذ الجزيرة العربية بأسرها من أطماع إيران في المنطقة وأفشلوا المؤامرة على الإسلام".
كما يؤكد أن حقهم على الجميع أن يرد لهم هذا المعروف وهذه التضحية بأن تقوم حكومة الشرعية برعاية أسر الشهداء والجرحى وان تكفل لهم العيش بكرامة فهم الذين أعادوا لنا كرامتنا بعد الله تعالى وان ما ينعم به أهل السنة في المحافظات الجنوبية من الأمن والأمان والكرامة إنما هو بفضل الله ثم بفضل تضحياتهم. 
وأوضح جلال قائلا:" نحن نعلم أن هذه القضية من أصعب الملفات ولها أولوية من قبل التحالف ورئاسة الدولة ورئاسة الوزراء، في ظل هذه الأوضاع وكثرة المتسلقين وضياع الأمانة عند بعض المسؤولين، ومن المؤسف جدا أن يكون هناك من يحاول استغلال هذا الملف إثارة المشاكل التي لا تؤدي إلى الحلول بل إلى تأزيم الوضع". مبينا أن التحالف لم ولن يقصر في هذا الملف وكذلك رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ولكن هناك من يحاول أن يعرقل هذه الجهود واختلاق الأزمات. 
واختتم جلال ثابت حديثه بأن أمام الحكومة والتحالف قضايا كبيرة، أهمها بناء الجيش الجديد واأمن برعاية التحالف وإشراف رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، واضاف:" نحن نقدر تلك الجهود ولكن نتمنى لفتة كريمة إلى هؤلاء الشهداء والجرحى".
الخوف من المتربحين 
أبدى العديد من المواطنين تخوفهم من المتربحين من معانة الأسر التي فقدت أبناء شهداء لها وكذا الجرحى وأسرهم بأحداث حرب عدن الأخيرة.
وطالب عدد من المواطنين الجهات المختصة بالمحافظة الممثلة بوكيلها علوي النوبة بتشكيل لجنة حصر للشهداء والجرحى تنزل للمنازل، منوهين أن هناك اسر لا تعرف كيف تتصرف أو تتعامل ويستغلها تجار السوق السوداء الذي يتاجرون بآلام الجرحى وأشر الشهداء.
ولازالت أسر الشهداء تتجرع مرارة فراق أبنائهم ليس سبب سوى أن بعض الشهداء كان المعين الرئيس لتلك الأسر بعد الله عز وجل.
ولا يزال الجرحى يئنون دون أن يلتفت إليهم أحد ولا تربطهم علاقات أو وساطات بسين أو ص سوى دعاء رب العباد في دجى الليل وهم من وجب على الجميع تكريمهم وإخفاض جناح الذل لهم ويكون تاجا على رؤوس الجميع بما قدموه من تضحيات.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد