عاصمة اليمن السياحية في قبضة الخوف

2017-02-16 06:13:08 أخبار اليوم/ تقرير

تشهد محافظة إب الواقعة إلى جنوب العاصمة صنعاء بحدود (193 كم)، وبالأخص مركز المحافظة انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ اجتياحها من قبل جماعة الحوثيين في منتصف أكتوبر 2014م، وما أعقب ذلك من تداعيات تطورات متسارعة على المشهد العام في إب واليمن عموما.

وبعد دخول جماعة الحوثي مدينة إب ومن ثم بقية مديريات المحافظة تخلت أجهزة الأمن والشرطة بصورة أو بأخرى عن صلاحياتها ومسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار في أنحاء المحافظة لصالح المليشيا، ما سبب حالة من الترهل الأمني في مختلف المديريات البالغ عددها 20 مديرية مع وجود تباين في مستوى الاختلالات الأمنية من مديرية لأخرى تبعاً لتواجد الجماعات المسلحة وغياب الأجهزة الأمنية.
وفي ظل استفحال الفراغ الأمني في محافظة إب برزت أشكال متعددة للاختلالات الأمنية وبمعدلات ونسب متفاوتة من منطقة لأخرى، حيث شهد مركز المحافظة سلسلة من الاغتيالات طالت قادة أمنيين وعسكريين وشخصيات اجتماعية، آخرها اغتيال العقيد عبد الله السريحي الذي يعمل ضابطا في إدارة أمن المحافظة الشهر الماضي على يد مسلح مجهول. فضلا عن ذلك انتشرت ظاهرة السطو المسلح على المنازل والمحلات التجارية بصورة لافتة.
غياب الدولة
ازدادت عمليات القتل الخطأ نتيجة النزاعات وإطلاق الأعيرة النارية في الأسواق والطرق الرئيسية وغيرها من الأماكن المزدحمة بالسكان. ووسط هذا الوضع الصعب والمعقد الذي بات يشكل هاجسا يؤرق حياة السكان ويهدد السلم والأمن الاجتماعي في عموم المحافظة لم يعد أبناء إب قادرين على تدارك الخطر الذي يتهدد حياتهم وممتلكاتهم بين الحين والآخر سوى أن الرعب والخوف هو الشعور الأبرز الذي يتشاركه الجميع بدون استثناء، بحسب تقرير صادر عن المركز اليمني لقياس الرأي العام.
يقول التقرير أنه على الرغم من غياب الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة وفي مقدمتها الجهاز الأمني عن القيام بالدور المنوط بها، عملت مليشيا جماعة الحوثي على تشغيل بعض إدارات وأقسام الأمن والشرطة في مدينة إب وبقية المديريات بطريقتها الخاصة، من خلال عزل ضباط وقيادات أمنية وتعيين آخرين ممن يدينون بالولاء لهم، في محاولة منها لاستعادة ولو جزء يسير من الأمن المفقود. غير أن هذه المحاولات كانت ولا زالت تصطدم بواقع أصبح الانفلات الأمني هو سيد الموقف والجريمة هي الشيء الوحيد الذي يشهد تناميا متسارعا لتصل إلى مراحل متقدمة تنذر بانهيار وشيك نحو العنف والاقتتال الأهلي الدائم.
المدنيون أهداف
ويؤكد المركز اليمني لقياس الرأي العام، في تقريره، أن محاولة المقاومة منع التعزيزات العسكرية التابعة للحوثيين القادمة من محافظة ذمار لتمر أب إب قاصدة مدينة تعز، وتمكن الحوثيين بعد معارك عنيفة من تمرير تلك التعزيزات المكونة من معدات عسكرية متنوعة عبر مركز المدينة ووسطها السكني حيث تشكل أعلى كثافة سكانية ناهيك عن تواجد أكثر من 350الف نازح في أحيائها، آثار حالة من الرعب في أوساط المدنيين خصوصا وأن هذه التعزيز تعد هدفا لنيران المقاومة والغارات الجوية التي يشنها طيران التحالف. ما أسفر عن تضرر عدد من المنازل المجاورة لها وسقط على إثر ذلك عشرات القتلى من بينهم أسر بأكملها وجدت نفسها في غمضة عين تحت الأنقاض، كما أدى ذلك إلى نزوح مئات الأسر إلى المناطق التي يعتقد أنها أكثر أمانا من غيرها.
خروقات أمنية
وفي أغسطس الماضي أعلنت المقاومة الشعبية في مديرية العدين الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة إب، وتحديداً في المثلث الذي يربط إب- تعز- الحديدة البدء بعملياتها العسكرية ضد الحوثيين الذي يسيطرون على المديرية فعزز الطرف الآخر بمقاتلين من كل حدب وصوب إلى مركز المدينة ليحكم قبضته عليها مجددا بعد أن كان قد فقد جزءا منها.
كما شهدت مديرية الرضمة الواقعة على الحدود مع محافظة الضالع معارك شرسة بين المقاومة واللجان الشعبية التابعة للحوثي انتهت باستعادة الحوثيين سيطرتهم على المديرية.
وقبل ذلك وصلت المقاومة إلى ضواحي مدينة إب واشتدت المواجهات واستخدمت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وظهرت جبهة جبل بعدان المطلة على المدينة من الناحيتين الشرقية والغربية. وأثناء ذلك انضمت جبهة الربادي في مديرية جبلة إلى المعركة، وسقط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين نتيجة القصف العشوائي والأعيرة النارية الراجعة من الجو. واستمرت المعارك ما يقارب أسبوعاً كاملاً وانتهت بتراجع المقاومة وعادت مليشيا الحوثي لتسيطر على الوضع مرة أخرى، غير أنها لم تستطع إحكام قبضتها على الناحية الأمنية.
فظلت الخروقات الأمنية هي الحاضر الأول في نواحي المدينة والمديريات في ظل استمرار غياب الجهاز الأمني الحكومي وتفرد المليشيا والمشايخ والشخصيات الاجتماعية الموالية للحوثيين بالمشهد العام في محافظة إب.
استياء شعبي
وسادت حالة من الاستياء الشعبي الرافض للممارسات الخارجة عن القانون التي تمارسها المليشيا في حق كثير من أبناء المحافظة المناوئين كالاعتقالات واستهداف منازل الخصوم وتقييد حرية الرأي والتعبير.
ويبدي الكثير من سكان المحافظة قلقهم البالغ من استمرار تلك الممارسات التي تقوض ركائز الدولة ودعائم الأمن والاستقرار وتؤسس للفوضى والجريمة الممنهجة وتصادر حقوق المواطنين وحرياتهم.
وبحسب التقرير، تبقى الاحتمالات مفتوحة أمام انزلاق المحافظة نحو مزيد من العنف والاقتتال والانفلات الأمني، فيما إذا قرر طرفا الصراع خوض جولة جديدة من المواجهات المسلحة والدخول في غمار حرب لن تنتهي قبل أن تأتي على مقومات الحياة في المدينة والريف على حد سواء، وهو ما يخشاه السكان المحليون ويبدون مخاوفهم من حدوثه في قادم الأيام.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد