عاقبهم الانقلابيون بإيقاف مستحقاتهم وتنكرت لهم الشرعية بقطع المخصصات المالية

عدن.. مساجد أوقدت جذوة المقاومة وأئمتها يقاسون ظروف الحياة

2017-02-16 06:18:50 تقرير خاص

يظل أئمة وخطباء مساجد عدن هم الفئة الوحيدة التي تعاني بصمت، رغم دورها البارز في القتال والدفع بالناس للقتال ضد المليشيات الإنقلابية واسترجاع الكرامة في الحرب الأخيرة التي شهدتها المدينة على خلفية اجتياح مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح العام 2015م.
هناك الكثير ممن يتساءلون عن ذلك الدور الذي لعبه أئمة وخطباء المساجد في عدن خلال حرب الحوثي صالح على المدينة، وهو السؤال الذي يطرحه البعض إما بغرض البحث عن حقيقة هذا الدور، أو من باب الاستهانة بذلك الدور.. التقرير التالي يجيب على السؤال.

في الخامس عشر مارس اجتاحت المليشيات الانقلابية وقوات المخلوع صالح المحافظات الجنوبية ابتداء من لحج وأبين وصولا لعدن.
وفي هذا الاجتياح سجل التاريخ اختفاء القوات المسلحة والأمن عن الأنظار، خصوصا من أبناء المحافظات الجنوبية إلا أسماء معدودة منها أبت إلا أن تدافع عن عدن وأهلها.
في البدء
خلال ذلك الاجتياح من قوات المخلوع صالح وألويته العسكرية المدربة وكتائب مليشيات الحوثي التي عرفت بكتائب الحسين وغيرها التي عرفت ببأسها الشديد على القتال واجهت شباب متواضعون في عددهم وعتادهم وخذلهم الهروب الكبير للمسؤولين الحكوميين وكذا سائر ألوية وكتائب القوات المسلحة والأمن.
وانكشفت عورة النظام القائم في ذلك الحين بمختلف مؤسساته تاركين عدن وأهلها المدنيين في مواجهة قوات مدربة لسنوات على يد خبراء وخصص لها إمكانيات ودعم لا محدود..
وخصوصا قوات الحرس الجمهوري الذي كان يقود هرم رأسها نجل علي عبد الله صالح وكذا المليشيات الحوثية التي تدربت حسب تقارير صحفية بشكل مكثف وعلى استخدام جميع أنواع الأسلحة منها التقليدية والمتطورة والتي فعلا حسب شهادات قيادات بجبهات عدن الذين شهدوا لهم ببأسها الشديد بالقتال إضافة إلى امتلاكهم العديد من الأسلحة المتطورة.
أحداث ووقائع
خلال الأيام الأولى لاجتياح عدن من ثلاثة محاور رئيسية وهي خط العلم خور مكسر وخط اللحوم دار سعد وطريق عمران البريقة، نشأت مقاومة من مختلف توجهات شباب عدن دون ترتيب أو تنظيم أو استعدادات أو حتى تدريبات للتصدي لتلك القوات المدججة بالعدد والعتاد.
فتصدت لها المقاومة بما تملك من عتاد شبه متواضع وخبرة قتالية معدومة ما يميزها فقط هو إيمانها الحقيقي والصادق بقضية دفاعهم عن الدين والأرض من عدو مغتصب جائر يكشر أنيابه في أي بقعة يسيطر عليها فيما بعد وإن أظهر للناس حينها حسن نواياه الجميلة بتسلسل زمني تتحول إلى خبث يستبيح وينتهك كل شيء دون حدود.
في الثلاثين من مارس العام 2015 م انكسرت المقاومة في بعض مديريات محافظة عدن واستطاعت تلك القوات المليشاوية من السيطرة عليها، إلا أن المقاومة ظلت مستمرة في ما تبقى من المديريات بل واشتدت وتيرتها وألتف الجميع حول بعض، وشكلوا سلسلة دفاعية متينة، رغم ضعف إمكانياتها لم تنكسر ولم تتهاوى ومضى الشهرين دون أن تحرز تلك المليشيات أي تقدم والسيطرة على أي مديرية من المديريات الست المتبقية.
وفي منتصف ليل السادس والعشرون من مارس/ آذار، اليوم أعلنت السعودية بدأ عملية عاصفة الحزم، والتي تمثلت بقصف جوي على مواقع عسكرية تابعة للمليشيات الانقلابية.
وبعد قرابة الشهر والنصف من بدأ عاصفة الحزم بدأ بما يعرف بالإنزال العسكري البحري في المنفذ الوحيد لعدن وهو منفذ ساحل الغدير بمديرية البريقة. وبعد الإنزال العسكري للمدرعات تتكافئ القوة وغلب الإيمان بالقضية لتنتصر عدن والمحافظات المجاورة في 21 يوم.
دور ريادي
السؤال الأهم: ما الذي لعبه أئمة وخطباء مساجد عدن في هذه الحرب؟.. منذ أن كانت القوات المليشاوية الانقلابية على أطراف عدن لعب أئمة وخطباء محافظة عدن بجميع توجهاتهم دورا بل ذروته بالأهمية.
فكان أبرز دور لهم هو تحريض الناس على القتال وقذف في داخلهم الإيمان بقضيتهم وحثهم على الدفاع عن الدين والأرض والعرض وتعريفهم للعامة وللشباب بخطر تلك المليشيات إذا ماتمكنت من السيطرة على الأرض.
وذلك من خلال الآيات القرآنية والأحاديث والخطابة التي يستسيغها السمع وتؤثر بالقلب وترجمتها الأفعال في واجهة الجبهات، سيما وأن الناس تعرف سلفا صدق اغلب هؤلاء الأئمة والخطباء، وانطوت تحت قيادتهم أعداد كبيرة من المقاتلين شباب المقاومة الذين لا ينتمون لأي فصيل سياسي وحتى بعض المنتمين للفصائل السياسية.
إضافة لما لعبه أئمة وخطباء عدن من أدوار أخرى، فحينما غابت المحاكم كانوا الحكام العادلين، وحينما غاب النظام كانوا المنظمين لحياة الناس والناصحين، وحينما بدأت البغضاء وظهر ظلم القوي على الضعيف كانوا اليد الحديدية التي ضربت وكسرت كل متجبر ومتكبر وطاغي وكانت الألسن التي تدعو للتراحم والتآخي وتحققت الصفات الطيبة وطبق الكثير من الناس من تلك النصائح سواء على الحياة المعيشية.
وحتى على مستوى الجبهات اتبع أئمة المساجد الكثير من الشباب لثقتهم فيهم بقيادتهم وحضي الأئمة والخطباء في الجبهات باحترام كبير من قبل شباب المقاومة الذين انطووا تحت قيادتهم.
معاناة صامتة
وبرغم ما لعبه الأئمة والخطباء من دور في غاية الأهمية بالحرب الأخيرة على عدن أسفر دورهم بعد توفيق الله بالنصر ومفتاح النصر للمحافظات المجاورة وأسفر دورهم في عودة الحكومة وأركانها كاملا إلى عدن وإعلانها العاصمة المؤقتة للبلاد، إضافة إلى أنها مركز إدارة العمليات العسكرية للمحافظات الجنوبية والشمالية.
إلا أن أئمة وخطباء مساجد عدن يعانون بصمت ولم يجدوا من ينتصر لهم في ظلموا فيه وسلب منهم انتقاما وإجحافا على كل ما بذلوه فانتقمت منهم المليشيات ولم تنصرهم الشرعية، فهم عندما تقترب منهم أكثر تجدهم من أشد الفئات التي عانت أثناء الحرب وبعده وحتى اليوم دون أن يتم إنصافهم واسترداد حقوقهم.
يقول جلال أبو عبد الرحمن- إمام وخطيب مسجد التوبة بمديرية الشيخ عثمان بمحافظة عدن جنوبي اليمن أن خطباء مساجد عدن كان موقفهم مشرف في الحرب الأخيرة على عدن والدائرة حاليا ضد الرافضة الحوثة الانقلابيين.
مشيراً إلى أنهم كانوا أول من حرض الناس للجهاد في سبيل الله حماية للدين والعرض والنفس والمال، وكانوا في مقدمة الصفوف دفاعا عن مدينة عدن، فضحوا بالغالي والنفيس ومنهم من قضى نحبه فمات في هذه الحرب نسأل الله أن يتقبله شهيدا، ومنهم من لا يزال مجاهدا حتى هذه اللحظات يقاتل المليشيات الانقلابية أعداء الدين.
وأوضح جلال أن " الناس بنت جدار ثقة فيهم بشكل كبير فخرجوا معهم في جبهات القتال والشرف ومنهم من قام بواجب الإغاثة لأبناء عدن ومن نزح إليها من المدن الأخرى فساعدوا الفقراء وكانوا خيرا لكل محتاج".
وأكد جلال أن " الحقيقة فعلا كان لهم الفضل بعد الله في تحقيق النصر الذي قامت به المقاومة جزاهم الله خيرا ولا ننسى الدور الكبير لدول التحالف جزاهم الله خيرا وكذلك الجيش الوطني الشرعي".
وقال: " أكثر هؤلاء الخطباء عادوا إلى مساجدهم بعد تحرير المحافظات الجنوبية لأنهم خرجوا لله تعالي لم يخرجوا من أجل دنيا ولا من أجل مناصب لا يريدون من الخلق جزاءا ولا شكورا إنما يريدون الجزاء من الله وحده".
ونوه جلال أن الإنقلابيين الحوثة قاموا بمعاقبة هؤلاء الخطباء بأن أوقفوا رواتبهم من أول يوم للحرب، وهي عبارة عن رواتب ترسل كل ثلاثة أشهر حوالة عبر كاك بنك، ولكن لم ترسل هذه الحوالة لأكثر من سنتين وإلى الآن.
مؤكدا أن هذه المشكلة لم تحل حتى الآن ولم تستطع الدولة حتى اللحظات من توفير المخصصات المالية لهم. مبينا أن الأئمة والخطباء بعدن صابرون محتسبون والبعض منهم يمرون بضائقة مالية وظروفهم صعبة فعلى.
وطالب جلال في أقل التقدير الحكومة والجهات المختصة فتح رواتبهم فالكثير من الأئمة والخطباء يعيلون أسر ولديهم متطلبات واحتياجات للحياة المعيشية.
 وناشد الإمام والخطيب جلال المسؤولين أن يقوموا بواجبهم تجاه هؤلاء الخطباء تقديرا لمواقفهم البطولية ودورهم في تربية المجتمع وتوجههم والمحافظة على المجتمع من الأفكار المنحرفة، فدور الخطباء بالغ الأهمية في نهضة الأمة الإسلامية والأمن والأمان.
وتوجه جلال بالشكر لكل من حمل هذه القضية ولكل من سعى في حلها مثمنا الدور الذي يقوم به مكتب الأوقاف بعدن وعلى رأسهم الدكتور محمد حسين الوالي حفظه الله ومساعيه في حل هذه القضية وتخفيف المعاناة على الخطباء.
إعانات ضئيلة
يقول أحمد إبراهيم- أمام وخطيب مسجد السلف بالشيخ عثمان أن الكثير من الأئمة والخطباء يعتمدون بشكل أساسي على مخصصات وزارة الأوقاف التي تصرف لهم كل ثلاثة أشهر. مؤكدا أن المبالغ رغم ضآلتها إلا أنها باب ترقع احتياج لصاحبه، غير أن الأئمة والخطباء اغلب حياتهم هي دعوة في المساجد وأكبر أوقاتهم فيها فلا يستطيع الأغلب منهم أن يمتهن مهنة أخرى تساعده في توفير احتياجاته سواء كانت الشهرية أو على مستوى العام في أمور شخصية أخرى تتعلق بعائلته ومستقبلهم.
وأضاف أن الحكومة ووزارة الأوقاف أو مكتب الأوقاف الممثل بعدن يجب أن يرفعون المخصصات المالية للأئمة والخطباء والمنظفين. مشيراً إلى أن ما يستلمه إمام المسجد 5 ألف بينما الخطيب 7 ألف والمؤذن 5 ألف و4 ألف ريال يستلمها المنظف، وهي مبالغ زهيدة في ظل ارتفاع الأسعار ولا تقدم أو تؤخر شيء.
وأوضح أن الدولة أقرت بأن رواتب الموظف لا يقل عن 60 ألف ريال بينما القطاع الأهم وهو القطاع الديني الذي يبنى التراحم والإخاء والتعايش لا يتم صرف تلك المبالغ لهم. 
وتساءل أحمد إبراهيم: لماذا لا يتم اعتماد رواتب للقائمين على المسجد بدل ما تكون إعانات، منوها أن القائمين على المساجد لا يطلبون الكثير. مفترضا حصولهم على نصف المبلغ ال60 ألف الذي حددته الحكومة كأقل مبلغ للموظف وسيراه وسيضاعف العاملون عملهم بكل إخلاص. 
مطالبات ولاتجاوب
من جانبه قال حسين محمد الوالي- مدير مكتب الأوقاف بمحافظة عدن تعليقا على ما سبق حول عدم استلام خطباء وأئمة مساجد عدن لمخصصاتهم " نحن قدمنا الكشوفات لوزير الأوقاف ومحافظ عدن بأسماء أئمة وخطباء المساجد الذين لم يستلموا مخصصاتهم المالية والتي لم تصرف مند عام 2015 حينما صادرتها مليشيات الحوثي خلال الحرب الأخيرة على عدن على أمل الاستجابة وصرف المتأخرات لهم، ولكننا لم نلقى أي تجاوب حقيقي حتى اللحظة".
وأضاف أنهم في مكتب أوقاف عدن تم الاعتماد لكشوفات أئمة وخطباء عدن ضمن ميزانية مكتب الأوقاف محافظة عدن منذ شهر يناير هذا العام 2017 ليتم الصرف لهم من الآن وصاعدا عبر مكتب أوقاف عدن نتيجة للتعنت الذي مارسته المليشيات الانقلابية وصادرت أموال الدولة وليس فقط مخصصات وزارة الأوقاف. 
 ونوه أن ميزانية مكتب الأوقاف ضئيلة نظرا للأوضاع الحالية للبلد، إلا أنهم يسعون إلى توفير المخصصات المالية للأئمة والخطباء الذين كانوا يستلمون مخصصاتهم من صنعاء. مبينا أن المتأخرات لابد أن تتكفل بها الدولة لأنها مبالغ مالية كبيرة لا يستطيع مكتب أوقاف عدن توفيرها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد