الفتاة الضالعية.. نظرة قاصرة وحرمان من التعليم

2017-02-19 06:35:19 تقرير خاص

مستقبل المرأة ليس بتعليمها ولكن المستقبل الحقيقي لأي فتاة هو زواجها وإنجابها الأطفال واعتناءها بأسرتها.
بهذه العبارة استهل البعض حديثه عن المرأة، ليس هذا فحسب بل تجاوز الأمر إلى أن صرخ أحدهم في وجوهنا قائلا:" مادام الرجل يعمل ليلا ونهاراً فإن مهمة المرأة هو الطبخ والعناية بالمنزل والأولاد".

هكذا هي نظرة الكثير من الناس عن المرأة محافظة الضالع، بحسب ما نقله تقرير فريق المرأة بالمركز اليمني لقياس الرأي العام.
ما تزال العادات والتقاليد القديمة طاغية على عقولهم وتفكيرهم، فالمرأة وخصوصا الريفية قلما تلتحق بالتعليم وإن حدث ذلك فإنها لا تكمل تعليمها تاركة المدرسة أما بتزويجها أو بقائها في المنزل تنتظر زوجا تقضي معه بقية حياتها.
تكتفي الفتاة الريفية بالمرحلة الثانوية من الدراسة لقناعتها بأنها لن تواصل الدراسة في الجامعة، وتقل نسبة الفتيات الملتحقات بالتعليم الجامعي في الريف مقارنة بالمدينة.
إذ لا تتجاوز نسبة الفتيات الجامعيات 1% من نسبة الطالبات المتخرجات الثانوية كل عام لأسباب كثيرة أهمها عدم توفر الجامعات أو المعاهد التي تتيح للفتاه فرصة إكمال دراستها، فيما عدا الجامعة الوحيدة في المدينة التي تبعد كثيرا عن الريف وهو ما يشكل عائقا أمام الفتاة ويحول دون مواصلة التعليم الجامعي.
العادات والتقاليد
يقول الناشط الشبابي محمد مثنى:" كلنا يدرك إن المرأة نصف المجتمع بما تلعبه من دوراً محورياً في الأسرة والمجتمع المحيط بها، مع ذلك تعاني المرأة في مجتمعنا اليمني لاسيما محافظة الضالع عدم اهتمام كامل بجوانب عدة كالتعليم، بدرجة أساسية، والحرمان من المشاركة في القرار السياسي والمجتمعي".
ويعزو مثنى أسباب حرمان الفتاة من حقها في التعليم إلى "العادات والتقاليد العتيقة التي ماتزال حتى اليوم تخيم على كثير من عقول أولياء أمور الفتيات، إذ أن ذهاب الفتاة إلى دور العلم وعلى وجه الخصوص مرحلتي الثانوية والجامعة يعد عيبا ويجلب الخزي والعار لأسرتها ومجتمعها".
يضيف مثنى:" مثل هكذا عادات وتقاليد تخالف ما أتى به الله ورسوله بحيث أن الإسلام ومبادئه السمحاء كفلت الحق في حصول الفتاة على التعليم الكامل بما لا يخالف الشريعة والسنة النبوية، وان ممارسة سياسة التجهيل بحق الفتاة بحجج وخزعبلات غالباً ماتكون ضرب من الأوهام تعد جريمة كبرى يحاسب عليها القانون، فالتعليم حق للأنثى كما هو حق للذكر".
ما تعانيه الفتاة في الضالع لا يختلف كثيرا عن معانات فتيات اليمن محافظات الجمهورية من الزواج المبكر والذي يرغم الفتاة على القبول بالزوج مهما كان سنه وموقعه الاجتماعي.
فاغلب أولياء أمور الفتيات نلاحظ أن همهم الأوحد بهذا الخصوص هو المال، وكأن الفتاة أضحت سلعة رخيصة تباع بالمزاد العلني ناهيك عن المعتقدات الموروثة والتي تعتبر أن بقاء الفتاة دون زواج فوق سن العشرين تجلب الحرج لأهلها، لذلك يجب لزاماً تكبيدها الخوض في معترك الحياة الزوجية في وقت مبكر.
ليس لأنها نصف المجتمع
النضج والوعي الثقافي ومواكبة العصر والقيام بدور فرد فاعل في المجتمع مرهون بالتعليم، لذا كان الاهتمام بتعليم المرأة ليس من منطلق أنها تشكل نصف المجتمع فقط، بل لأن تعليمها سيكون له قيمة مضافة تظهر نتائجه على توفير الأسس السليمة للتنشئة الاجتماعية للأسرة والأبناء ومن ثم المجتمع بأسره، وعلى المشاركة في قوة العمل من خلال خريجات التعليم التي تساهم في بناء المجتمعات، كما يرى عميد كلية التربية الضالع الدكتور محسن علي ناصر.
يقول ناصر إن :"العوائق التي تقف أمام تعليم المرأة كثيرة منها العادات والتقاليد التي تكون ضحيتها المرأة ونتحدث هنا خاصة على الأرياف حيث نجد رفض لتعليم المرأة وحصر دورها في الزواج والإنجاب فقط، وكذلك الخوف على الفتاة من الاختلاط بالشباب".
ويضيف:" كما يعتبر غياب بعض المعاهد والجامعات في بعض المناطق سببا في انحصار دراسة المرأة للمراحل الأولى من التعليم الأساسي فقط. وتفضيل الأسرة للذكر على الأنثى، وأهمية تعليم الأولاد على البنات، فضلا عن الزواج المبكر للمرأة الذي يحرمها من الدراسة أو من مواصلتها، إلى جانب الفقر والعوز المادي".
ويدعو ناصر "رغم كل هذه العوائق لا بد من تجاوزها لأن التعليم يلعب دورا كبيرا في حياة المرأة على جميع الأصعدة".
أما رئيس قسم التربية وعلم النفس- الدكتور/ صالح محمد صوحل فقد أبدى أسفه لتدني نسبة التحاق الفتاة في التعليم وخاصة في المديريات الريفية التي تبعد عن مركز المحافظة.
ويشير أستاذ علم النفس التربوي والباحث في الصحة النفسية- الأستاذ عادل الحاج إلى أن "الأبناء يتعلمون فقط ما تعرفه الأم وان كانت جاهلة ستقصر في الكثير من السلوكيات والمبادئ التربوية، فالمرأة هي أول ملقن للطفل دروس الحياة، وهي المعلم الأول، فيجب أن يُعني بتعليمها وتمرينها على حب الأمة والاعتقاد الحسن في الدين".
كما يعتقد أن التعليم يخلص المرأة من تبعية الرجل والقدرة على تحقيق ذاتها، ويرفع مستوى وعيها ومكانتها الاجتماعية، ويعزز دورها في دفع عجلة التنمية ورقي المجتمعات. يساعدها في حماية ذاتها والقيام بأعمال كانت حكرا على الرجال.
الفقر أبرز الأسباب
الفقر يحد من تعليم الفتاة، كما يقول الأستاذ/ غصان مثنى- مدير ثانوية الفقيد علي اسعد. ويعتبر الفقر من أهم المشاكل التي برزت ضمن جملة من المشاكل التي أعاقت الفتاه الضالعية عن التعليم وخاصة في الكثير من المديريات الواقعة خارج إطار الإستراتيجية الحكومية والتي ظلت عقدا ترزح تحت طائلة الفقر والتهميش.
فقد حصلت الأزارق المرتبة الأولى في تهميش حق الفتاه في التعليم الجامعي نتيجة الفقر، ووعورة الطريق وقلة المواصلات، وشحة الإمكانيات لدى الأهالي.
مما أدى إلى حرمان الكثير من الفتيات أن تواصل تعليمها الجامعي، وقد بدا مؤخرا تسرب الكثير من الفتيات من المدارس الثانوية والأساسية، مما جعل منظمة "اليونيسف" تتدخل بعمل الكثير من الحملات لتشجيع الفتاه كي تتعلم من خلال برنامج الغذاء مقابل التعليم.
وتأتي مديريات جحاف والشعيب في المرتبة الثانية نتيجة بعد المسافة والذي انعكس سلبا على تعليم الفتاة. 
أما مديريات الضالع، قعطبة، والحشاء فإنها تشكل نسبة لابأس بها، حيث تلتحق الكثير من الفتيات في هذه المديريات بالتعليم الجامعي مع فارق النسب بين القرى في هذه المديريات، حيث أن نسبة التعليم متفاوتة بين القرى في نفس المديريات.
كما أن النسبة المئوية التي وجدت على طاولة عميد كلية التربية الضالع عن التحاق الفتاة الضالعية في أقسام كلية التربية الضالع لبعض المديريات كانت مخيفة.
حيث لاتتعدى 1% من نسبة الفتيات المتخرجات من الثانوية العامة في مديرية الأزارق، و3% في جحاف، والشعيب، والحصين، لترتفع النسبة الى30%في مديرية الضالع والتي حصلت المدينة على 70% منها و30% في بقية القرى في نفس المديرية، وحلت بعدها بـ20% مديريات قعطبه والحشاء ولكنها انحصرت في مراكز المديريات المذكورة.
تشجيع الذكور وإهمال الفتاة
يكفي أن نهتم بأخيك ونجعله يواصل دراسته، تقول (ع.م.ص): "هذا هو منطق والدي دائما، فمستوانا المعيشي سيئ للغاية، أنا وأخي أكملنا الثانوية، ولكن حالتنا المادية حالت دون استمرارنا الاثنين في الدراسة، فكان قرار والدي هو أن يكمل أخي دراسته الجامعية، وأبقى أنا في البيت رغم أن مستوى دراستي متفوق أفضل من أخي، بسبب سوء حالة والدي المادية التي بالكاد تغطي مصاريف أخي بالجامعة".
وتقول ذكرى :"تمنيت أن أكون ولدا حتى يسمح لي والدي بإكمال دراستي الجامعية، ولكن لا فائدة نحن في زمن ليس للفتاة أن تكمل تعليمها".
مسؤولية الجميع
يقول مراد مثنى إن:" حرمان الفتاة من مواصلة تعليمها نحن جميعنا نتحمل مسؤوليته ينبغي على الجهات المعنية في الدولة أن تصب كامل اهتماماتها من اجل توفير كل المتطلبات اللازمة التي تحقق للفتيات آمالهن وتطلعاتهن، فجميع مناطق الضالع تعاني من التهميش والإهمال في توفير احتياجات الفتيات في بناء المدارس والجامعات والمعاهد التي تتيح لفتياتنا خلق جيل متعلم يحمل في طياته آفاق مستقبليه لجميع فتياتنا".
أما عميد كلية التربية بالضالع فيقول:" قد تكون الدولة سببا، ولكن الجزء الأكبر من المسئولية تقف على عاتق ولاة الأمور الذين يجب أن يعطوا لكل فتاة مكانتها وحريتها في رسم مستقبلها وتحقيق آمالها، يجب أن يكون ولي الأمر بمثابة الدرع الذي يحمي الفتاه ويساعدها في إكمال تعليمها".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد