أخبار اليوم" تروي قصصاً مأساوية على لسان المهجرين قسرياً..

قرية "تبيشعة" قصة الرحيل إلى المجهول

2017-02-21 04:01:50 أخبار اليوم/ مجيد الضبابي

قرية "تبيشعة" إحدى مناطق الخط الأمامي لجبهة الضباب- غربي تعز- تعرضت لاقتحام من مسلحي مليشيات الحوثي قبل يومين، حيث كانت عملية الاقتحام في منتصف الليل، بدأت العملية بإحراق بعض المنازل ومداهمة البيوت وترويع النساء والأطفال في طريقة مستفزة ومهينة.
 صباح أمس الأول أمرت مليشيات الحوثي سكان القرية بالرحيل فوراً ومغادرتها تحت تهديد السلاح، وطلبت منهم إخلاء المنازل في غضون ساعات وإلا سيكون الرد قاسياً بقصف البيوت فوق رؤوسهم، مشرف المليشيا لم يستجب لتوسلات العجائز بإعفائهن من مغادرة القرية وكذا النساء الحوامل والمرضى، لم يقبلوا أي تبرير سواء بالمواشي أو بالذين يعتمدون في حياتهم على الزراعة في محيط القرية، وكان الأمر صريحاً الكل يرحل دون استثناء 
كل سكان القرية في حالة هلع وصدمة كبيرة مما يجري ولسان حالهم إلى أين الرحيل؟؟ وكيف سيتم نقل الأغراض المنزلية في ظل عدم توفر المواصلات والمليشيا تفرض حصار على القرية وتستهدف أي سيارة تحاول الاقتراب. 
بدأت بعض الأسر مغادرة القرية سيراً على الأقدام، بينما كان أغلب السكان لا يزالون يحزمون أمتعتهم، وأخذ الأشياء الأكثر أهمية.. ما الذي يمكن أن يفعله الأهالي سيما أن اعتمادهم في المعيشة على الزراعة وتربية المواشي ..؟
أحد الشباب كان واقفاً شاردا أمام منزلهم علهّ كان يفكر أين الوجه والى أين الرحيل؟؟ 
فأستهدفه قناص برصاصه قاتلة، وكأن القناص يقول لا مجال للتأخير، ظل الشاب مرميًا على الأرض وسط عويل النساء وصراخ الأطفال التي لم يكترث لها صانعو الموت، فقد كانت رسالة شديدة اللهجة لعدم التأخر وسرعة إخلاء المنازل، هنا أقدم مشرف المليشيا وقال لهم " اتركوا القتيل أو خذوه ودفنوه معاكم هاناك هيااا وإلا نبطحكم هانا بعده". 
هكذا كان مصير الرحيل القسري لسكان قرية "تبيشعة" ترك المنازل أو الموت، فخرج الأهالي في مشهد تدمي له القلوب، أسرة الشهيد لم يسمح لها بدفنه، حتى يخفف عليهم عبئ الطريق، والانشغال في البحث عن مأوى لبقية أفراد الأسرة، فاضطروا إلى أخذ جثته وخرجوا من القرية ..
الحاج محمد التقيناه في قارعة الطريق المؤدي إلى منقطة "ميلات" وهو يقود خلفه بقرة.. سألته إلى أين قال: والله يابني شروح أبيع هذه البقرة وأدور سكن لجهالي خلاص مافيش حل قتلونا وبهذلوا بنا أين نروح أين نولي؟ ..
وأضاف الحاج محمد: بناتي والجهال بعدي في الطريق وأنا ضروري أقدم من أجل أدور حل وهم شنتظروا في الخط لما أرجع.. 
نفس القصة الطفل أمجد كان أمامه قطيع من الأغنام يبدو عليه حزن شديد وإرهاق وجوع سألته أين تروح هل أنت من النازحين ممكن أصورك؟ قال لي بحرقة: " ايوه احنا نازحين أخي أخذ خواتي وأمي في سيارة ومشى من طريق الوازعية يوصلهن إلى بيت أهلنا، ثم قال: وأنا خلونا أخرج بالغنم لما أصل خط الضباب وأنتظر لما يجي أخي، وين الخط؟ قلت له لا عليك الخط قريب هم بالبكاء وقال الله ينتقم من الحوثي الله أكبر عليه أيش عملنا؟ .. 
إحدى العجائز لديها مجموعة أغنام تمشي في الطريق ثم تجلس قالت: يا ولدي والله ما ني داري أين أروح بهذل بنا الحوثي الله يبذله الله وأكبر عليهم أشهد يا الله، أني وحدي عيالي كل واحد بمكان شمشي قدامي لما يشفق الله ..
أحد النازحين التقيت به بالقرب من "ميلات" يمشي سيراً على الأقدام إلى جانب بناته وزوجته وأطفال قال: الله يحفظك أخي لا تصور يكفينا بهذلة، قلت له ما راح أصور دون رضاك، لكن قلي كيف كان الخروج ايش القصة؟، قال : " الحوثيين لا يريدون أحد في القرية هذا قالوا اخرجوا أو ما في معانا إلا الموت الرجال قتلوه وما خلالهم يدفنوه حتى ايش عاد نجلس نعمل بينهم هؤلاء أنا شاروح أدور لأهلي سكن بأي مكان وعلى الله، لكن المقاومة لازم يشدوا بعدهم ويخرجوهم من القرية، الجماعة كلاب ما يرحموا أحد . 
صور مؤلمة وأنت تشاهد أسراً بأكملها نساء وأطفال شيوخ ومرضى كلهم سيراً على الأقدام تحت حرارة الشمس وكل يحمل ما يستطيع حملة من المتاع والملابس، الأكثر إيلاماً نظرة رب الأسرة والبؤس الذي تلمحه فيه لقلة حيلته في تدبير مأوى لأسرته وإحساس وتألم النساء من زوجة وبنات فيما يعاني لكن هو المصير والكل يركض خلفه إلى المجهول .

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد