التطلعات الأمنية الجديدة وتطبيق القانون

2007-10-24 11:10:25

يعد قانون منع السلاح في العاصمة اليمنية وعواصم المحافظات الأخرى من أبرز القضايا على الصعيد السياسي، والإعلامي ومن مؤشرات التحول الحقيقي في تطبيق القانون اليمني، وفي استطلاع عالمي لرصد انتشار الأسلحة في العالم، أتت اليمن البلد الثاني بعد الولايات المتحدة في انتشار السلاح على أرضها، وقد أتى هذا التقييم محطة لإعادة قراءة المستقبل الأمني، في بلد الإيمان والحكمة.

إذ أن ظاهرة حمل السلاح ظاهرة سلبية وعقيمة لا تخدم المجتمع اليمني ولا تدعم البقاء، في ظل دولة النظام والقانون وقد نقلت هذه الظاهرة صورة مشوهة عن اليمن، كذلك شوهت الإرث الحضاري اليمني، والإنسان، وما حدثت من أعمال تخريبية إرهابية قامت بها جماعات ضد أفراد اوروبيين نتجت عن سياسة حمل السلاح، وآثارها.

وقد عملت الحكومة اليمنية على تأطير هذه الظاهرة من خلال ممارسة العديد من الحلول المقدمة من شراء السلاح من المواطنين ومن منع حمله في المدن الرئىسية، ووضع اللوائح لحمله لدى كبار رجال الدولة والمسؤولين، ويأتي تقرير نائب رئىس الوزراء، وزير الداخلية في مجلس النواب بشأن منع حمل السلاح معطفاً جديداً في سياسة الحكومة اليمنية واستقرار الأمن على الأراضي اليمنية، دون أحداث الأزمات السياسية والاجتماعية الناتجة عن هذه الظاهرة، لأن الحكومة اليمنية عازمة بتصميم وصلابة في مكافحة الإرهاب، وصناعة المجتمعات المدنية الحضارية القادرة على خلق الواقع المعيشي الحر، والآمن للشعب.

ولأن الإرهاب آفة عالمية، تعيق التنمية الحقيقية فقد أبرزت وزارة الداخلية القدرات الجبارة في تجنب المشاكل والصدامات مع أفراد من الشعب اليمني الذين يعتبرون حمل السلاح من أهم الثوابت الشخصية ومن مقومات الرجولة والفحولة اللتين لا يمكن أن تسلبا منه.وفي ظل تطبيق القانون برزت بعض القضايا في بعض المحافظات اليمنية لكنها تؤكد أن السلاح شيء منبوذ داخل المحافظات وأن سلطة القانون من أهم دعائم الأمن والاستقرار في اليمن، ومجاوزة ذلك إنما إعادة صناعة الجريمة بأساليب شتى، وقد أثارت قضية تطبيق قانون منع حمل السلاح شخصيات، وتوجهات سياسية داخلية، حيث عارض القانون الأشخاص الذين يكرسون حمل السلاح، ويزرعون القضايا الاجتماعية السلبية كالثأر وغيرها.

ومن حصافة القول أن المجتمع يؤسس لحياة المجتمع المدني والمؤسسات الخالية من العناصر الإرهابية والتطرف مهما كان نوعه، بعيداً عن أزمات السلاح واقتنائه وشرائه.

ومن الأهمية بمكان أن تكرس الحضور الأمني الداخلي الذي يحمي البلد سياسياً، ويقوي مكانة النفوذ الحكومي على مناطق التمردات والتسلح القبلي لأن هذا القانون يضمن حياة الفرد اليمني، وسلامته من أي اقتتال أو احتراب أو قتل غير عمد.

ومناقشة القضية في البرلمان تعطي الصلاحية المطلقة لأجهزة الأمن من ممارسة عملهم في تتبع دخول السلاح إلى المحافظات وتعطى الضوء الأخضر لبناء البلد أمنياً وقانونياً واستكمال تطبيق النظام على كل مواطن يمني، مهما كان مستواه المعيشي، لأن أمن اليمن يخص الكبير والصغير، الموظف العادي والمسؤول.

وهذا السعي يؤكد مساعي الحكومة اليمنية في مكافحة الأخطار والسلبيات التي ظهرت أثناء حمل السلاح ولعل هذه الأخطار من وقفت في وجه التقدم المستقبلي في اليمن منها:

1- ازهاق الأرواح دون أسباب معروفة: إن استخدام السلاح أدى إلى العديد من الجرائم، خاصة جرائم القتل، وفي إحصائية أن خلال 3 سنوات كانت عدد الحوادث 77 ألف حادثة وجريمة، ناتجة عن استخدام السلاح وأن عدد الأفراد الذين راحوا ضحية استخدام السلاح «23500» فرد كل هذا العدد الهائل من ازهاق الأرواح وإسالة الدماء فيه عبث بالإنسان، وآماله وطموحه ونجاحه لأن الإنسان هو أساس الوجود فلابد من العمل على إيجاد الاستقرار له والأمن ليعيش حياته كما هي.

وإن الحكومة اليمنية عملت على حماية حقوق الإنسان اليمني ودعمتها من خلال تطبيق الممارسات الإيجابية التي تحقق المواطنة الحقيقية والإنسانية الكاملة، ففي استخدام السلاح توجد الوحشية الحيوانية والغضب والانفعال الخارج عن سماحة الدين الإسلامي الذي كفل الحقوق وحرم قتل المسلم فلابد أن يعي المواطن هذه التطلعات الأمنية الجديدة التي تحقق له الاستقرار والبقاء في ظروف الرخاء والأمان.

2- تعثر عملية التنمية:

إن رفاهية الشعب اليمني وتقدمه سياسياً معتمدة على التنمية الاقتصادية وتشجيع السياحة والاستثمار وإن بقاء حمل السلاح يقف حجر عثرة أمام التقدم والتطور ولا يمكن أن يكون التعاون بين البلدان مثمراً اذا كان انتشار السلاح يقلق الأيدي العاملة الأجنبية والمستثمرة في اليمن.

ومنع حمل السلاح يدعم مشاريع الحكومة في تطوير البلد، واستقطاب الخبرات والكفاءات من الخارج ولذا عملت الحكومة على مناقشة ذلك مع الولايات المتحدة من أجل التخلص الكلي من هذه الظاهرة.

3- زيادة الظواهر الاجتماعية السلبية

أدى اقتناء السلاح إلى بروز ظواهر اجتماعية تسعى إلى تدمير المجتمع اليمني، وهذه الظواهر «الثأر والمغالاة بحمل السلاح وإطلاق النار في المناسبات والتقطع وأسالة الدماء أورثت الأحقاد والكراهية عبر الزمن، وكذلك إطلاق النار في المناسبات راح ضحيتها العديد من الأبرياء، وقد تحولت الأفراح إلى أحزان، كما حدث للكثير من العرسان الذين تحولوا إلى جثث هامدة والتقطع الذي أعاد الحروب القبلية والشخصية بين العشائر وضع قلقاً غير آمن في الطرقات.

ومن البديهي أن تؤثر هذه الظواهر على صناعة القرار السياسي لأن المنظومات متصلة مع بعضها، فالأمن الاجتماعي يحقق الأمن سياسياً ويضع القوة والتلاحم والتعاضد وينمي الرغبة في صناعة التحولات الحقيقية، من وضع إلى وضع أكثر تقدماً، وهذا مطلب شعبي ورسمي يعمل الكل على بذل الجهود من أجله، ويحتاج المزيد من الوقت والطاقة والخطط المستقبلية من أجل امتصاص هذه الظواهر وتطوير الخدمات الاجتماعية المدنية التي تحقق البقاء والتلاحم وليس بوسع أحد في المعارضة أن ينكر ذلك.

وأن انتقاد المعارضة لهذا القانون يأتي من عدم إدراك المسؤولية تجاه المواطن اليمني، وانتصاراً لشخصيات تكرس الخوف وإقلاق السكينة والأمن العام ولو نظرنا إلى تطبيق هذا القانون في ظل التطلعات الأمنية الجديدة التي تبثها وزارة الداخلية وعمل على تنفيذها رجال الأمن البواسل، فإن من هذه التطلعات الأمنية تنجز الكثير من المكاسب والأهداف والآمال وفي حقيقتها اللبنة الأولى لبناء مجتمع الديمقراطية والتنمية، وصناعة عالم الحرية السياسية المنشودة من هذه المكاسب.

تحقيق الاستقرار الأمني لأن الأمن هو الركيزة الأساسية لتوفير مناخ الحرية والديمقراطية والعيش بسلام وأن التوترات الأمنية تعمل على إثارة النعرات والفتن والمشاكل التي تنهي نفوذ الدولة.

وتحقيق الاستقرار من أولوية المكاسب مستقبلاً لأن الاستراتيجية هذه تضع حياة المستقبل حياة العلم والمعرفة لا حياة القتل والتشريد ومن الواجب أن يحمي المواطن هذه الأهداف والتوجهات ويقف صفاً واحداً بجانب تطبيق القانون وهو ما لبّاه كل الناس في كل محافظات اليمن.

تطوير المجتمع اليمني ثقافياً:

إن الالتزام بهذا القانون يعكس الصورة الثقافية الحقيقية للمجتمع اليمني، وصناعة المجتمعات تكون دائماً باحترام القانون وحمايته من أيدي العابثين الذين يحولون دون تقدم المجتمع ولو لاحظت مجتمعنا دون سلاح بالتأكيد ستزعم أن الحياة الحضارية مكتملة، إن حياة المواطنة هي الخيار الوحيد، الذي كرسه هذا المجتمع ولابد أن يحتذى به من أجل الاعتزاز بمجتمع دون سلاح.

إيجاد الفرصة للاستثمارات الخارجية:

إن أعمال القتل والاحتراب في بعض المحافظات تعيق التقدم الاقتصادي وتغلق الفرصة أمام المستثمرين الأجانب الذين ينوون الاستثمار على الأرض اليمنية لأن المستثمر بحاجة إلى أمن داخلي كامل يضمن له العمل دون توقف أو إقلاق كذلك لن تأتي هذه الاستثمارات إلا من السياحة والزيارات وحماية السياحة هو مطلب مهم أمام كل الجهات الرسمية، وإن القتل والإرهاب يقتل الترويج السياحي وينقل صورة بشعة عن الدولة التي توجد فيها أعمال القتل للسياح، ومعالجة هذا الشأن مطروح أمام الحكومة اليمنية التي عملت عليه وما زالت من أجل تحسين سمعة البلد واستقطاب رؤوس الأموال لصناعة اليمن الجديد يمن الحرية والديمقراطية والنظام والقانون.

إن الخطة الأمنية في منع حمل السلاح توطد العلاقات اليمنية الخارجية خاصة أميركا والاتحاد الأوروبي وتوفر المناخ الحيوي لتعزيز الاستثمارات في كل الجوانب، وتقلل من الأعمال الإرهابية وانتشار الجريمة.

موت الطبقية وتصغير الولاءات المناطقية:

ويعد هذا المكسب من أخطر المكاسب لأن البيئة اليمنية متعددة ومتنوعة واقتناء الشخصيات للسلاح له فلسفة متعددة فكل منطقة لها معناها الخاص في حمل السلاح، كذلك تختلف نوع الاسلحة المقتناه، ويعمل البعض على ابراز التسلح كنوع من تقوية حضوره القبلي وإبراز مكانته الاجتماعية، بذلك تتعزز الطبقية وقد تظهر المناطقية من خلال الانتصار لآراء شخص ما يحمل المكانة.

ومنع حمل السلاح طبق على كل من يدخل المحافظات ويخرجها لا فرق بين المواطن والشيخ ولا القبيلي ولا الجبلي والرعوي ولا التاجر كل الناس سواسية وكل المواطنين أبناء البلد، والقانون لابد أن يمشي على رقاب الصغار والكبار، وأن المشاكل الناتجة عن هذا القانون سوف تزول وتنتهي مع الأيام إذا التزم الشعب كله بهذا المبدأ، وهو المبدأ الوطني الصواب الذي يعزز احترام الوحدة اليمنية، وقوانين دولتها وأن الطبقية في ميزان الحكومة اليمنية ليست سوى شخصيات لاهم لها ولا احساس وطني يخدم البلد وسوف تنتهي عما قريب.

التخفيف من الجريمة في اليمن:

وهي الهدف والمرتكز والمكسب من تطبيق الخطة الأمنية لأن الجريمة هي التي تعيق تقدم البلد وتخلق المزيد من الاختناقات والاحتقانات السياسية الداخلية وتمزق المجتمع شر ممزق، ومكافحة الجريمة لابد أن تكون في تتبع الوسائل والآلات التي تصتنعها، وقد يكون السلاح هو العمود الفقري للجريمة ومنع حمله المنطلق الفكري الصحيح، في إخراج اليمن من الأزمات على الإطلاق.

لذا فإن تضييق حجم انتشار الجريمة عائد على منع انتشار السلاح ومحاربة وجوده في المدن الرئيسية، وتطبيق قانون منع حمل السلاح يصنع مستقبل الأجيال ويحمي طموحات الأبناء في بناء يمن الحضارة يمن الشموخ يمن 22 مايو 1990م، وأن هذا المستقبل مرهون بتوفير المناخ الآمن للبناء والتفكير والانتاج وأن لا بناء دون قانون ولا مستقبل دون نظام.

هذا الجهد مطروح للمتابعة والمثابرة والممارسة من قبل الحكومة اليمنية حتى تضع المستقبل المنشود الذي يعكس الحضارة والتقدم والرقي لدولة اليمن والديمقراطية بلا سلاح.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد