صالح: ضعف هادي وراء سيطرة الحوثيين والعقوبات عبارة عن مناورة سياسية فقط

2015-02-12 15:43:13 أخبار اليوم/ ترجمة خاصة

كان علي عبدالله صالح لأكثر من ثلاثة عقود محكماً قبضته على السلطة في هذا البلد العربي المُعدم، منتصرا في حرب أهلية وهيمن على القبائل المضطربة وتفوق بالذكاء على المعارضين السياسيين، ثم أجبرته انتفاضة على التنحي عن الرئاسة في عام 2012.

في مقابلة أجريت معه يوم الثلاثاء في باحة مسكنه مترامي الأطراف، قال صالح: "كنت مُحقاً جدا في تسليم السلطة". وقال صالح: إنه يقضي وقته هذه الأيام في القراءة وتلقي العلاج الطبيعي للتعافي من جروح أصيب بها خلال الانتفاضة.

لكن الكثير من اليمنيين يعتقدون أن صالح لم يتخل حقا عن السلطة.. وهو مُتهم على نطاق واسع باستخدام ثروته وأقاربه ونفوذه على القادة العسكريين ومشايخ القبائل من أجل مساعدة التمرد الذي أطاح الشهر الماضي بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة من الولايات المتحدة.

وفقا لنقاد ومحللين ودبلوماسيين أجانب، ففي حين أن اليمن تواجه الآن مستقبلاً غامضاً يمكن أن يشمل إندلاع حربا أهلية وتقسيم البلاد، فإن الرئيس السابق- البالغ من العمر 72 عاما- يُعتبر لاعباً كبيراً في هذا الوضع.

أصداء الأزمة تذهب إلى ما وراء اليمن: فالحكومة الأميركية تخشى من أن الاضطرابات قد تعزز المتمردين المرتبطين بتنظيم القاعدة وتضر ببرنامج الطائرات بدون طيار الأميركي.

وفي مؤشر متزايد على المسار المثير للقلق في البلاد، قالت بريطانيا وفرنسا الاربعاء إنها ستغلق سفاراتها في اليمن. وجاءت هذه القرارات بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة عن خطوة مماثلة.

يقول المحلل اليمني والباحث الزائر في مركز كرنيغي للشرق الأوسط في بيتروت، فارع المسلمي: "صالح سلّم الرئاسة، لكنه لم يسلم السلطة".

لم يمسس نفوذ صالح أي شيء إلى حد كبير لأن عملية الانتقال السياسي المدعومة دوليا منحته حصانة من الملاحقة القضائية وسمحت له بالبقاء في البلاد بعد تنحيه.. كما أنه يواصل قيادة رئاسة الحزب القوي الذي أسسه بنفسه، وهو المؤتمر الشعبي العام.

متحدثا بشرط عدم الكشف عن هويته، قال دبلوماسي غربي مقيم في المنطقة: "من الواضح للجميع أن صالح له دور في هذه الفوضى.. وليس هناك شك في أن هذا كان مشروعا مشتركا مع الحوثيين".

الحوثيون الشيعة استولوا- في سبتمبر الماضي- على عاصمة البلد ذات الأغلبية السنية وشددوا قبضتهم على سياسات البلد بشكل مطرد.. وفي يوم الجمعة، أعلنوا عن حل مجلس النواب وأعلنوا عن تشكيل حكومة انتقالية. وفي يوم الثلاثاء أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستغلق سفارتها في صنعاء بسبب الوضع الأمني.

وقد نفى صالح- الذي ارتدى بدلة مخططة وأصر على تقديم الفواكة للضيوف- نفى اتهامات بأنه ساعد على استيلاء الحوثيين على السلطة أو أن له ضلع في الاضطرابات الجارية في اليمن. ووصف هذه الاتهامات بـ"الدعاية" التي تصدرها الأحزاب السياسية المنافسة.

ومع ذلك، اعترف صالح بأنه لا يزال نشطا في ممارسة السياسة ويعقد مناقشات يومية مع مسؤولين وشخصيات قبلية في منزله، وهو مجمع محاط بسور به العشرات من حراس الأمن.

وقال صالح إنه لم يتحدث أبدا إلى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، لكن حزب الرئيس السابق يشارك في حوار تدعمه الأمم المتحدة مع الحوثيين وأحزاب أخرى، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

وقال صالح إنه يأمل في إقناع الجماعة المتمردة بالعدول عن قرار حل مجلس النواب، وقال صالح إنه إذا كان هناك أي شخص ينبغي إلقاء اللوم عليه لهذه الأزمة، فهو هادي.

وقال صالح: "من الطبيعي أن الحوثيين يسيطرون بسبب عدم وجود دولة قوية"، معتبرا أن "ضعف" هادي كان السبب في سيطرة الحوثيين.

يتفق المحللون على أن الاستياء العام من هادي كان في الواقع أحد الأسباب التي مكنت مقاتلي الحوثيين من دخول العاصمة صنعاء من دون مقاومة.. الفساد متفشي في البلاد ولم تحقق حكومته تقدما يُذكر في انعاش الاقتصاد المشلول.

ويقول المحللون إن هادي نفر أيضا العديد من ضباط الجيش عبر محاولة إعادة هيكلة القوات المسلحة.. لكن منذ تولي هادي السلطة كانت هناك علامات تشير إلى أن صالح كان يشجع الاضطرابات.

في نوفمبر الماضي، فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على صالح واثنين من قادة المتمردين الحوثيين، بعد اتهامهم بعرقلة العملية السياسية وتهديد الاستقرار في اليمن. في مقابلة الثلاثاء، وصف صالح عقوبات الأمم المتحدة على أنها مناورة سياسية مدعومة من قبل الحكومة الأميركية واعتبرها مجاملة للأشقاء.

يقول المحلل اليمني عبدالغني الارياني إن الموالين لصالح، بما في ذلك ضباط الجيش السابقين، بدأوا في تدريب مقاتلي الحوثي في معقل المتمردين في شمال البلاد بعدما أصبح هادي رئيسا للبلاد في أوائل عام 2012.

وقال الارياني: "أرسل صالح الضباط السابقين للعمل مع الحوثيين، وبعد ذلك انضم الضباط في العام الماضي إلى الحوثيين للاستيلاء على االعاصمة".

وقال الارياني: إن صالح أقنع أيضا مجموعة من القبائل الزيدية في الشمال بدعم الحوثيين. وغالبا ما تتنافس هذه القبائل مع بعضها البعض من أجل النفوذ.. وأضاف الارياني إن صالح، الذي هو زيدي أيضا، استغل قلق القبائل إزاء فقدان النفوذ في حكومة هادي.

لم يكن هناك حب مفقود بين صالح وخلفه في الرئاسة. فقد قام هادي بحل قوات الحرس الجمهوري القوية التي كان يقودها نجل صالح، أحمد الذي كان يتم إعداده لتولي رئاسة الجمهورية قبل انتفاضة عام 2011.

هل هناك منافع متبادلة؟

قبل بضع سنوات فقط، كان هناك احتمال بعيد جدا بوجود تحالف بين الحوثيين وصالح. فعندما كان صالح رئيسا للبلاد، شن ستة حروب وحشية لوقف التمرد الحوثي الذي كان يغذيه الغضب بسبب إهمال الحكومة لمنطقتهم.

لكن مسؤولين في حركة التمرد يقولون إنهم مستعدون لتجاوز تلك الصراعات.. وقال ضيف الله الشامي- وهو قيادي سياسي في حركة الحوثيين- "ليس لدينا مشاكل شخصية مع أي شخص".

العديد من المحللين يرون مؤشرات على وجود منافع متبادلة بين صالح والحوثيين. على سبيل المثال خلال هجومهم في سبتمبر على العاصمة صنعاء، تغلب الحوثيون على قوات اللواء علي محسن الأحمر، الذي انقلب على صالح خلال انتفاضة الربيع العربي عام 2011 ووقف إلى جانب المعارضة.

يقول سعيد العيري- عضو حزب الإصلاح- "علي عبدالله صالح يريد قمع خصومه حتى يعود كزعيم وطني، وتم التعاقد مع الحوثيين من الباطن باعتبارهم الوسيلة للقيام بذلك".

لكن صالح رفض تلك الاتهامات، قائلاً إنه ليس لديه طموح للعودة إلى رئاسة الجمهورية، أو إيصال ابنه إلى المنصب. لكنه ألمح أين تكمن مصالحه الحقيقية.

في هذه الأيام، يمارس صالح السباحة يوميا, سأله أحد زواره عما إذا كان يتمتع بالسباحة، فهز صالح رأسه وقال بابتسامة متكلفة: "أنا أحد الذين يسبحون في السياسة".

هيو نايلور- واشنطن بوست الأميركية        

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد