في الواجهة

الأنجال في دار الرئاسة

2013-05-21 17:52:31 أخبار اليوم/ خاص


تطفو على السطح منذ تولي هادي لمنصبه كرئيس للجمهورية، تدخلات نجله جلال وهو الأمر الذي أعاد إلى أذهان الشارع حقبة أحمد علي بقوة وأن هادي يكرر نفسى السيناريو القديم لصالح، ولكن الأمر يبدو أكثر عبثية، خصوصاً كون هادي الرئيس الذي جاءت به ثورة فبراير 2011 التي أحد أسبابها هي عملية التحضير لنجل صالح بولاية العهد، وتدخلاته السافرة في شؤون الدولة والتعيينات والتوظيف.
وأبدى سياسيون انزعاجهم من السياسة الجديدة التي ينتهجها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في تعيين القادة العسكريين في قوات الجيش والأمن، والتي حصرها في منطقته القبلية بمحافظة أبين منذ توليه السلطة مطلع العام الماضي، وهي ذات الأسباب الذي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي ثار اليمنيون ضده بتهمة توريث السلطة وتحويل السلطة إلى ملكية عائلية.
مشيرين إلى أن السياسة المتبعة من قبل هادي في تعيين القادة العسكريين، وتدخلات نجله السافرة في شؤون الدولة والتعيينات تعطي انطباعاً قوياً بعودة (حكم العائلة) لليمن، والتي كانت السبب الرئيس وراء اندلاع ثورة اليمنيين مطلع العام 2011 ضد حكم عائلة صالح، حيث يخشى اليمنيون أن يكونوا استبدلوا حكم عائلة بعائلة أخرى، وانتقلوا من حكم ديكتاتوري إلى ديكتاتوري آخر.
وكان وزير الأوقاف السابق القاضي حمود الهتار حذر من ثورة يمنية جديدة لرفض "التدخلات العائلية" لهادي ونجله الأكبر على وجه الخصوص في شئون الدولة، وكتب الهتار في صفحته على الفيس بوك: "هل يدرك جلال أن تدخله في شئون الدولة يثير الاستياء ضد والده، وأن ولاية العهد كانت سبباً لقيام ثلاث ثورات في اليمن: 48 و62 و 2011 وانها ربما تكون سبباً لثورة رابعة".
وكان هادي -بحسب المعلومات- عيّن من أقاربه ومن منطقته القبلية خلال 10 أشهر فقط نحو 182 قائداً عسكرياً في مختلف المستويات القيادية، بينهم أكثر من 25 قائداً عسكرياً من المستويات القيادية العليا في الجيش، بشكل تجاوز فيه سياسة صالح في ذلك، حيث كان صالح عيّن خلال فترة حكمه الذي يمتد لثلاثة وثلاثين عاماً نحو 250 قائداً عسكرياً فقط من أقاربه ومن منطقته القبلية.
وأفادت المعلومات أن أبناء الرئيس هادي يمارسون سلطات سيادية، بدون أي سلطة قانونية سوى أنهم أبناء الرئيس هادي، حيث أن منصور هادي وهو أحد أبناء الرئيس هادي يعتبر المسئول الأول عن قوات الحماية الرئاسية، رغم وجود قائد صوري لها، ويعتبر المسئول الأول عن جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية في البلاد، عبر العديد من الدوائر الخاصة التي يشرف عليها في جهاز الأمن القومي (الاستخبارات).
وجلال هادي، وهو النجل الأكبر للرئيس هادي، تجاوز كافة الأعراف السياسية، لدرجة أنه أصبح يمارس صلاحيات والده الرئاسية في إطار الجهاز الحكومي، حيث يستدعي الوزراء ويلتقيهم في منزله باسم والده ويوجّه لهم الأوامر والتوجيهات من قبله، وكأنه الرئيس التنفيذي للبلاد، دون أي مصوّغ قانوني، وأنه نتيجة لذلك قدم 11 وزيراً في حكومة الوفاق الوطني شكاوٍ لوالده وبعضهم وصل به الأمر إلى تقديم استقالته بسبب تدخلات جلال هادي في صلاحياته الحكومية.
وترددت في الآونة الأخيرة أن رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة غادر البلاد بسبب تدخلات جلال هادي المستمرة في شؤون الحكومة، خصوصاً وأنه كان قد رفض خمسة تعيينات اقترحها جلال لبعض مقربيه في الوزارات إلا أن باسندوة رفض ذلك، إلا أ، معلومات مؤكدة تقول إن تلك التعيينات تم العمل بها في الوزارات بدون أن يوقع عليها باسندوة وانه فقط مرت لأن جلال هادي يريد ذلك.
وأصبح نفوذ أبناء هادي السياسي والعسكري يوازي النفوذ الذي كان يتمتع به أبناء صالح خلال فترة حكمه، والذي يدفع بشكل مستمر نحو تصعيد المخاوف السياسية من احتمالية إعادة البلاد إلى حكم عائلي جديد، عبر ترشيح هادي نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها بعد 13 شهرا، بحجة أن البلاد بحاجة إلى استمراره في السلطة لدورة رئاسية جديدة، رغم أنه حاليا رئيس انتقالي لمدة سنتين فقط، غير قابلة للتجديد، وفقاً للمبادرة الخليجية بشأن نقل السلطة في اليمن.
ويخشى البعض من اتباع هادي لسياسة سلفه، بتخويفه للشارع بأنه إذا لم يستمر في السلطة، فإن البديل سيكون صالح أو نجله أحمد، وهي ذات السياسة التي اتبعها صالح في نهاية حكمه، عندما قال بأنه إذا سقط حكمه، فإن البديل سيكون تنظيم القاعدة.
و يبدو أن الطريق تمهّدت بشكل سلس أمام رئاسة هادي، الذي جاء من الظل إلى الرئاسة بدعم محلي وإقليمي ودولي بشكل غير مسبوق، وهو ما استفاد منها في الإطاحة بالرؤوس الكبيرة من أفراد عائلة صالح، واحداً بعد الآخر، رغم المقاومة الشديدة من قبل صالح وأفراد عائلته والمقربين منه.

جدل تدخلات "جلال"
وأثارت تدخلات جلال هادي جدل شريحة واسعة من الشخصيات السياسية وقيادات في الثورة الشبابية من المنتقدين بسبب تزايد نفوذه منذ تسلم والده مقاليد الأمور فور توقيع صالح على اتفاق نقل السلطة في نوفمبر 2011.
وتفيد المعلومات أيضاً أن تدخلات جلال هادي أعاقت أكثر من 20 قراراً في ثمان وزارات ووصل الأمر لدرجة إرسال قرارات إلى منزل رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة كان أخرها قرارات في النفط والاتصالات للتوقيع عليها وهو ما رفضه باسندوة، إلا أن المعلومات تفيد بأن تلك القرارات تم تمريرها رغم رفض باسندوة لأن جلال هادي أراد ذلك.
وكان رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة في آخر اجتماع للهيئة التنفيذية للمجلس الوطني للثورة الشبابية التي يرأسها، قال إنه أبلغ الرئيس عبد ربه منصور هادي من وقت مبكر أن يمنع أولاده من ممارسة أي نشاط له صلة بعمل الحكومة، لأن ذلك سيتسبب في إيجاد حالة من الاحتقان وغضب الشارع والشباب في الساحات.
إلا أن الرئيس لم يعمل بنصيحة باسندوة بحسب المصادر، التي أكدت أن باسندوة أبلغ الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني في ذلك الاجتماع أنه قد يلجأ إلى التصدي والدخول في مصادمات مع الرئيس بعد أن شعر بأن الرئيس يسعى لتهميشه وتهميش الحكومة ككل، إلا أن الهيئة التنفيذية دعت باسندوة لعدم التصادم مع الرئيس والصبر.
ويرى محللون سياسيون أن هذا الجدل الدائر هو تجسيد للحساسية الشديدة لدى الطبقة السياسية والمجتمع اليمني من أي دور قد يلعبه ابن الرئيس في الدولة، على غرار الدور الذي كان يلعبه أحمد نجل صالح خلال فترة حكم والده.
غير أن مراقبين يرون أن نظام الرئيس هادي يفتقر إلى وجود فريق عمل محترف، ولا يملك فريق عمل من خارج الدائرة من المقربين له"، كما أن قيام علي صالح "بمصادرة حزب المؤتمر الشعبي من هادي أفقده أي سند سياسي يمكنه اللجوء إليه بدلاً من الاستعانة بالأقارب.
خارج القانون
و قال رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام ـ عادل الأحمدي ـ إن هذا الجدل كان قد بدأ منذ تولى الرئيس هادي مقاليد الحكم في البلاد، لكنه "اتسع مؤخراً وظهر على السطح بهذا الزخم"، بعد أن كان كثير من السياسيين في بادئ الأمر لا يصدقون فكرة أن نجل الرئيس هادي له "دور متعاظم خارج الأطر الشرعية".
وأشار -في حديث لموقع «الجزيرة نت» إلى أن كثيراً من السياسيين كانوا يعتقدون أن الرئيس هادي يدرك أنه صعد إلى الرئاسة على أكتاف ثورة انتقدت سلفه بسبب ما أعطاه لأنجاله من دور خارج إطار القانون، وكذا سعيه لتوريث نجله، وأنه "سيأتي لإثبات العكس ولن يقع في نفس الخطأ".
وأضاف الأحمدي أن على الرئيس هادي أن يضع "خطوطاً فاصلة بين العمل الأسري وإدارة الدولة في هذه المرحلة الحساسة بالذات، وأعتقد أن تعيين نجله سفيرا أو قنصلا أو ملحقا ثقافيا من شأنه أن يخرس كل هذا الجدل، ويرمم الثغرات الواسعة التي أحدثها هذا الموضوع في شعبيته".
وهاجم الصحفي علي الجرادي ـ رئيس تحرير صحيفة أسبوعية الأهالي المقربة من حزب الإصلاح الإسلامي باليمن ـ نجل هادي واتهمه بالتأثير في إدارة الدولة وتخبط إصدار القرارات وإعادة إنتاج الماضي وشراء الولاءات.
ويشغل جلال هادي منصب وكيل وزارة شئون المغتربين منذ سنوات، إلا أن نفوذه تزايد بشكل كبير منذ انتخاب والده

كاد يسقط حكومة باسندوة
جلال هادي هو الشخص الوحيد الذي كاد أن يسقط حكومة محمد سالم باسندوة وهو الأمر الذي لم يستطع الرئيس السابق بسلطاته أن يعمله عندما هدد (11) وزيراً بتقديم استقالتهم بسبب تدخلاته.
حيث كانت صحيفة الشرق الأوسط في وقت سابق كشفت عن تقديم 11 وزيراً في حكومة الوفاق الوطني شكاوٍ لوالده، وبعضهم وصل به الأمر إلى تقديم استقالته بسبب تدخلات جلال هادي في صلاحياته الحكومية
 وكان وزير الثروة السمكية المهندس عوض السقطري قدم استقالته للرئيس هادي في الفترة الماضية احتجاجاً على اتصالات هاتفية من نجل الرئيس عبدربه منصور هادي يملي عليه تعيين أحد الشخصيات المقربة منه وكيلاً في وزارة الثروة السمكية.
ونقلت صحيفة إيلاف عن مصادر مقربة أن الوزير السقطري رفض ذلك، ورفع الأمر إلى الرئيس عبر أحد الوزراء، إلا أن الرئيس هادي رفض الاستقالة، لكنه أكد على وجوب معالجة موضوع الشخصية القيادية المراد تعيينها.
متابعون أبدوا استيائهم الشديد من الممارسات التي يقوم بها نجل الرئيس، مؤكدين أن ثورة الشباب السلمية قامت لرفض التوريث بالدرجة الأولى، ونصحوا الرئيس هادي بأن يوقف أبناءه والمقربين منه من بعض الممارسات التي يمكن أن تعود عليه سلباً من حيث المكانة المحلية والإقليمية والدولية، لا سيما وهناك بعض السفراء تحدثوا معه حول تلك الممارسات، منهم السفير الألماني والبريطاني وغيرهم..
وقال محمد الخامري إن نجل الرئيس عبد ربه منصور هادي استدعى وزراء حكومة الوفاق الوطني بإسم (الوالد الرئيس) وطلب من الوزير إصدار بعض القرارات في بعض المرافق الحكومية وتعيين أشخاص مقربين من نجل هادي في تلك المناصب.
وذكر الخامري أن أحد الوزراء “الذي يثق بكلامه جدا” قال له إن جلال عبدربه منصور هادي اتصل به وطلب منه الحضور لمقابلة والده وأضاف: “وعند حضور الوزير فوجئ بأنه مطلوب لمقابلة (نجل الرئيس) وليس (الرئيس).
مضيفاً في مشاركة نشرها في صفحته على الفيس بوك إن جلال هادي “حاول إملاء بعض القرارات على الوزير، طالباً منه إحداث تغييرات في بعض المرافق الحكومية التابعة له وتعيين أشخاص ذكرهم بالإسم كرؤساء مجالس ومدراء عموم لتلك المؤسسات”. مضيفاً: “إلا أن الوزير اعتذر ورفع خطاباً رسمياً لرئيس الجمهورية بهذا الخصوص”
واعتبر الخامري أن تصرف جلال هادي “تضر بسمعة والده الذي حاز على رضا اليمنيين قاطبة لزهده في الحكم والسيطرة ورفضه بعض ممارسات النظام السابق في التفريخ والتوريث و"البعللة"، وإنه بممارساته تلك سيقلب الطاولة وسيعيدنا إلى مربع الصفر”.
ولم يقف الأمر عند تدخلات جلال في عمل الحكومة بل وصل الأمر الى حد التجسس على المكالمات الهاتفية للشخصيات البارزة والمؤثرة في البلاد، حيث وجه الصحفي اليمني محمود ياسين اتهامات لجلال نجل الرئيس عبدربه منصور هادي بقيامه بالتنصت على المكالمات
وقال ياسين في منشور على حائطه بالفيس بوك: "يا الله خلصنا من أحمد علي إلا وطلع لنا جلال عبد ربه"
وأضاف: "جلال عاده مشحف ودشن تسلطه بالتنصت على المكالمات وبنفسية قليل ولف متهافت.. المهم إنني أدركت الأمر من أكثر من جهة أخرها قيادي في المشترك حذرني من أن جلال يسمع كل كلمه"
وواصل ياسين: "أنا كنت قد استغربت أثناء مكالمة تلفونية مع سياسي شاب وطموح ونحن نتحدث عن مباراة فريقنا مع السعودية في دورة الخليج ولا دريت إلا والرجال يعدد مناقب جلال وكيف أنه ذكي وسينفع البلاد، فقلت يمكن أن جلال كابتن الفريق اليمني. وكلما تشعب الحديث هنا وهناك وصولا إلى الحديث عن الإهرامات وسور الصين العظيم إلا والرجال يقول، لكن ما جلال أحسن واحد"..

تهيئة "النمر"
سعى علي عبد الله صالح خلال السنوات الأخيرة من حكمه بشكل حثيث لتمهيد الطريق لنجله أحمد للوصول إلى دار الرئاسة خلفاً له، وهو ما أثار الكثير من اللغط وأشعل ثورة الشباب اليمنية المناوئة للنظام في عموم الأراضي اليمنية مطلع عام 2011 م.
وبدأت تظهر بالسنوات الأخيرة دعوات ومبادرات تطالب بترشيحه للحكم خليفةً لوالده، ومنها مبادرة «أحمد من أجل اليمن» التي أطلقها أحد رجالات السلطة، ويعتقد أن هدف هذه المبادرات هو جس نبض اليمنيين ومعرفة مدى تقبلهم للفكرة، وذلك رغم نفي الوالد أكثر من مرة سعيه لتوريث السلطة لنجله الأكبر.
وكان تنحي علي صالح الأحمر ـ الأخ غير الشقيق للرئيس السابق صالح ـ من قيادة الحرس الجمهوري، وإسناد المهمة إلى أحمد "نجل صالح" ضمن التحضيرات الحثيثة التي كان يقوم بها صالح لتذليل الصعاب أمام نجله، وإفساح المجال أمام توليه السلطة بكل سهولة.
في وثيقة ويكيليكس (07SANAA1954) ذكر أن معظم المراقبين بما في ذلك المركز الاستخباراتي الخاص التابع للسفارة، يشعرون أن أحمد علي يجرى تهيئته ليكون الرئيس القادم خلفاً لوالده علي عبد الله صالح، ونقلت الوثيقة أيضاً في محادثة بين فارس السنباني، سكرتير الرئيس الخاص، مع حاكم ولاية كارولينا الجنوبية السابق ديفيد بيسلي، قائلاً له إن شخصاً يدعى «النمر» يتم تدارس احتمالية أن يكون هو الخليفة. فأحمد علي شخصية ضعيفة وغير جاهز بعد لتسلم السلطة، ناهيك عن تذمر قيادات في الجيش من طرح اسمه كوريث- بحسب ما جاء في الوثيقة.
وعرف عن أحمد علي أنه كان يتمتع خلال فترة حكم والد بنفوذ رئيس ويتمتع بصلاحيات رئيس أيضاً وله حصص في الوزارات هو وأبناء عمومته "طارق، عمار ويحيى" وأنه كان مخصص لهم حتى في التعيينات حصص في الحقائب الوزارية والدبلوماسية وسرى خلال الفترة الماضية العديد من الأخبار " هذا الوزير حصة أحمد وهذا المدير حصة يحيى وذاك حصة طارق وهذا حصة عمار" في أكثر من مكان وأكثر من حصة، كذلك السفارات والقنصليات داخل وخارج البلد.

الصلاحي
يقول الدكتور فؤاد الصلاحي ـ خبير علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء ـ إن اليمن له خصوصية بين الثقافة التقليدية من جهة والسياسة من جهة أخرى، وقال إن الثقافة السياسية هنا مبنية على الثقافة التقليدية التي هي بالأصل ذكورية وقبلية في آن واحد وهي ثقافة امتلاك وإقصاء من ناحية أخرى أيضاً، ومن يملك سلطة الدولة والحكومة والوزارة أو القبيلة أو حتى داخل الأسرة نجده يميل إلى تمليكها لأقرب المقربين من الأبناء تراتبيا من الأكبر إلى الأدنى ومن ثم فالسلطة السياسية والمركزية أصبحت تنساق بهذه الثقافة، فرئيس الجمهورية يأتي بأقاربه انطلاقاً من أنه يفضل ذو الثقة على ذوي الخبرة وهذه الفكرة تبعث بكل النخب إلى تقريب الأصدقاء والإخوة والأقارب في مكاتب الرئاسة والسلطات وعلى نفس المنوال ذهبت الأحزاب برؤساء أقرابهم وأصدقاءهم وأبناءهم.. ونفس المسألة عند الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني نجد رئيس الجمعية الأب والبن المدير المالي وأمين الصندوق وهكذا حتى النساء اللاتي يرأسن جمعيات أو منظمات، الأمر أصبح ثقافة تقليدية تكشف عن مستويات عدة: مستوى قيادي خلال الدولة والأحزاب ومستوى داخل المجتمع المدني وحتى في الوظيفة العامة، وتعمد هذا الأمر بمنطق السلطة بما فيها من القيمة والمحاصصة، لأن هذا هو الدافع الرئيسي.
وأوضح الصلاحي: في عهد الإمامة كان يبرر هذا الأمر أن نظام الحكم ملكي وراثي، لكن السؤال المهم هو لماذا أنسحب هذا المسار في الدولة الجمهورية والنظام الجمهوري، والمفروض أنها ثقافة نظام جديد يقوم على تكافؤ الفرص وعلى تقديم الكفاءات، ويقوم على المواطنة المتساوية، ولكن معنى هذا الأمر أننا في مرحلة التشطير والوحدة واليوم هناك من يقول إن الأمر لم يتغير، فهناك من يقرب أصدقاءه وهناك وأفراد أسرته وأقاربه لأن الثقافة التقليدية تسحب نفسها في وعي الرجل والحاكم والحزب والدولة.
وأضاف: زد على ذلك أن الجهاز السياسي الرسمي ليس فيه آلية للمراقبة وكشف مثل هذه الأمور أولاً بأول.. لماذا؟؟.. لان الدولة نفسها والحكومة قائمة على المحاصصة بين مراكز القوى الذين يتغاضون عن كل واحد له أقربائه وأصدقائه، كما أن المشاريع التجارية الاستثمارية الاقتصادية يتم توزيعها على الناس والمجموعات القريبة.
وتابع المحلل السياسي: حتى في الحوار الوطني هناك قدر كبير من العائلات والأسر، أما إقرار أو بتعيين في قرار رئيس الجمهورية، فهناك أشخاص: رجل وزوجته وابنته في مؤتمر الحوار، وهذا يعني أن التغيير لم يصل بعد إلى اليمن ويجب أن يستهدف التغيير مؤسسة الدولة وأن يعيد الاعتبار لها لتكون قوية من خلال قوة القانون وتعزيز تكافؤ الفرص.
وقال أستاذ علم الاجتماع الياسي بجامعة صنعاء إن الثقافة السياسية في رؤى الحكومة وقادة الأحزاب هي ثقافة تقليدية تشرعن المحاصصة وللقيمة وليس لمنطق المساواة والعمل الوطني، مشددا بانه لا نأمل بمستقبل كبير فيه قدر كبير من التطور والتغيير إلا إذا تغيرت الثقافة والعقلية.
وأضاف: ونحن الآن هذه الأيام نجد مؤتمر الحوار مجرد إعادة لإنتاج ثقافة تقليدية ونظام سابق، ومن داخل الأحزاب نفسها أيضاً، فالأحزاب الذي كنا نسميها معارضة " المشترك" كان عندنا توهم بأن لدينا بديلاً ثقافياً وسياسياً، ولكن أتضح أن هذه الأحزاب تمتلك نفس ثقافة النظام السابق، الذي ثرنا ضده، فهي تحمل نفس عقلية الغنيمة والمحاصصة والآن هي قبلت بالحكومة ضمن المحاصصة وحكومة الوفاق، فهي الآن ضد تحقيق مطالب الشباب في التغيير والحرية مثلاً وقفت ضد تحقيق علاج الجرحى وهم جرحى الثورة.
وأكد: هذه الأحزاب أتضح أنها قيادات كبيرة سناً وتشكل حرساً قديماً يسيطر على رأس الحزب منذ 20 عاماً ومازالت تحمل الثقافة التقليدية إلى الآن، والنظام في حاله القديم مهزوم والمعارضة بعد الثورة مأزومة وتحمل ثقافة تقليدية والمجتمع المدني يعاني من نفس الفساد ونفس الثقافة.. فنحن الآن أمام أزمة شاملة في اليمن تشمل الدولة والمجتمع في آن واحد.

الحراك والأنجال
مشكلة الأنجال لم تعد مشكلة سلطة فقط ومراكز نفوذ ولكنها طالت أيضاً الحركات والتظاهرات في الشارع، فالحراك الجنوبي تسوده الانشقاقات بسبب تدخل الأنجال، وهو ما يعزوه مراقبون سبباً في تشتت القيادات الجنوبية.
وانتشرت خلال الفترة الأخيرة معلومات تفيد بتدخلات عمر البيض وزوجة البيض" ملكي" في شؤون التنسيق بين فصائل الحراك والقرارات، وأن ما يتم الاتفاق به مع علي سالم البيض من قبل أحد القيادات أو في الاجتماعات التي تعقد لتوحيد فصائل الحراك، تعمل على نقضه زوجته ملكي ونجلهما "عمر"
تفيد معلومات أنه أثناء التنسيق للقاء القاهرة خلال أبريل الماضي وأثناء تواجد باعوم في القاهرة أرسل باعوم وفداً برئاسة ابنه فادي ومجموعة نشطاء بينهم علي هيثم الغريب إلى المكتب السياسي لمجلس الحراك لوضع مبادئ وأسس يتم على ضوئها عقد لقاء بين القيادي حسن باعوم وعلي سالم البيض لإصدار بيان مشترك في إطار توحيد صف القيادات الحيوية ورؤيتها لحل القضية الجنوبية.
 وأثناء خروج الوفد وموافقة علي سالم البيض على اللقاء التقوا بـ "مُلكي" زوجة البيض ونجله عمر وأخبروا الوفد الذي يرأسه فادي باعوم بأن الرئيس تراجع عن موافقته وقالوا لهم:" انسوا ما اتفقتم به مع الرئيس "..
وكان البيض واقفاً وأكد ما قالته زوجته وابنه.. " انسوا الأمر" قال البيض.
وفي حدث آخر ذهب وفد شبابي إلى القاهرة التقوا بالرئيس الأسبق علي ناصر ة العطاس والعميد صالح عبيد احمد في إطار التنسيق لعقد لقاء القاهرة الذي سعى من خلاله جمال بن عمر لتوحيد صف القيادة الجنوبية، إذا يؤكد العطاس في تصريحات سابقة أن بقاء القيادة الجنوبية مشتتة لا يخدمها..

بسبب تدخلات نجله عمر وزوجته ملكي
البيض.. وضعه صعب
تتزايد انشقاقات كثيرة داخل الصف الجنوبي بسبب الصراعات بين القيادات، ناهيك عن تدخل الأنجال الذي سبب الكثير من الانقسامات، فيبرز فادي باعوم وعمر البيض وأمه "ملكي"، إلا أن عمر البيض وأمه ملكي يثيران انقساماً كبيراً على مستوى القيادات في الخارج والداخل، ففي اجتماع قيادات العطاس وعلي ناصر وآخرين في ألمانيا جاءت زوجة البيض وتلفظت على العطاس بألفاظ نابية أثارت استياء الكثيرين دون أن يضع البيض حداً لتلك التدخلات، ناهيك عن انه يوافق على كل شيء تتخذه زوجته ويتحدث به ابنه عمر رامياً باتفاقاته عرض الحائط أياً كانت تلك القرارات، إلا أن أمين عام الحراك الجنوبي عبد الله الناخبي قلل من تأثيرات تلك التدخلات لنجل البيض وأمه على الحراك الجنوبي وقال إنها تؤثر على فصيل البيض نفسه.
وأكد أن الحراك حركة شعبية في المحافظات الجنوبية وليس فيه أي انشقاقات بقدر ما يوجد هناك تباين في الآراء حول كيفية يمكن أن تحل القضية الجنوبية.
وعن تأثير تدخل الأنجال على القضية سواء من أولاد باعوم أو البيض، قال الناخبي:" أعتقد أننا قد تجاوزنا ذلك من خلال المناضلين الشرفاء الذين أدركوا أن حل القضية الجنوبية لن يكون إلا عن طريق الحوار مع إخواننا في الشمال وأن هذا هو الطريق وسنظل ندعو المتأخرين أن يلتحقوا بالحوار، ولا توجد هناك تأثيرات على الحراك طالما والشعب خرج بشكل عام من أجل حل القضايا عبر الحوار وليس عن طريق الإقصاء".
وأشار الناخبي إلى أن تدخلات عمر البيض وأمه "ملكي " تؤثر على تيار البيض فقط ولا تؤثر في الحراك لا من قريب ولا من بعيد، البيض فقط هو من يؤثر لأنه لا يتعاطى ولا يتفاهم ولا يأخذ برأي عناصر الحراك وكل القوى المتواجدة في الميدان ويصر على آرائه، وهذه هي النقطة التي نناقش البيض فيها بأنه لابد أن يسمع وأن يعرف أن هؤلاء في الميدان ويجب أن يكون هو منهم ولا يفرض عليهم أراءه من الخارج.
وتابع: إن البيض يتدخل بنفسه في الحراك الجنوبي ويريد السيطرة عليه، وتيار البيض يؤثر على الحراك الجنوبي سلباً، خصوصاً عندما ارتبط بإيران وينفذ مخططات لم تكن لصالح الشعب الجنوبي ولا للقضية، وأضاف: "نحن مازلنا نوجه الدعوة له إلى أن يسمع إلى رأي الحراك وأن يبعد التدخلات وإصدار الأوامر".
وقال الناخبي إن البيض لا يوجد لديه فصيل داخل الجنوب ولكن لديه عدة أشخاص يعتمد عليهم وهذه هي نقطة ضعفه، ولكننا نقول له إنه من الأفضل له أن يكون علي سالم الذي عرفناه واقفاً مع اليمن كلها ليس مع مجموعة أشخاص أو مع مجموعة في الشطر الجنوبي.
وأردف أمين عام الحراك وعضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل: لذلك أقول للبيض أن يسمع لكل القيادات الجنوبية وأن يسعى من أجل أن يوحد القيادات الجنوبية لا أن يفرق بينهم، فالموجود الآن هو تفريق، خصوصاً بأنه ـ البيض ـ لا يلتزم لأحد لا لعلي ناصر ولا للعطاس ولا للجنوبيين الذين ذهبوا إلى عنده في بيروت من قيادات وناشطين.
وعن اشتراط "ملكي" أن يتم الاعتراف بشرعية البيض كرئيس.. قال الناخبي لم يتم انتخابه كرئيس للجنوب من قبل الشعب أو الحراك وأن البيض فهم خطأ ما دار في منزل الفضلي في 2009 بزنجبار، حيث تم الاتفاق على أن يكون البيض رئيساً للجنوب ولكن الشعب لم ينتخبه ولا الحراك أيضاً وعليه أن يفهم أن المستقبل بحاجة إلى إجماع من الحراك أو من الشعب وهذا لم يحصل.
وقال الناخبي: ننصح البيض أن ينخرط وفصيله في الحراك وأن يسموا أنفسهم بأي تيار حتى يعترف الناس به ويعرفونه كفصيل ميداني "هذا هو فصيل البيض"، لكن البيض يصر على الطريقة القديمة بالاعتماد على الأشخاص وهذا الأمر لا يؤثر سواء في تحقيق الحلم الذي يريده الشعب أو الحراك، فوضع البيض صعب في الجنوب ونحن الآن في الذكرى الـ23 للوحدة ندعوه إلى أن الفرصة ماتزال صالحة وان المجال الآن مفتوح للذين يريدون أن يجدوا حلاً للجنوب في المكان الأنسب هو أن يأتوا إلى الحوار وأن يضعوا ما عندهم.
أما حديث آخر غير مؤتمر الحوار، فهذا هو الفشل بذاته ولن يستطع هو وفصيله أن يقدموا أي شيء لليمن ولا حتى لأنفسهم.
بسبب تدخلا عمر و"ملكي"..
بن فريد يقدم استقالته من مكتب البيض
قدم أحمد عمر بن فريد- السكرتير الصحفي لعلي سالم البيض- استقالته من مكتبه بسبب تدخلات نجل البيض عمر وأمه ملكي المستمرة في شؤون المكتب والبيانات الصادرة عنه والمواقف.
وكانت "الصحيفة "عملت على الاتصال بـ" بن فريد" إلا أنه عندما وجه له السؤال حول تقديم استقالته بسبب تدخلات ملكي وابنها في شؤون مكتب البيض أغلق سماعة الهاتف.

باعوم ونجله فادي
هناك شبه إجماع داخل مكونات الحراك وقياداته حول حسن باعوم وانها تكن له كل الاحترام والتقدير، إلا أنها تدرك أن حسن باعوم بات اليوم كقيادي مسير لا مخير من قبل أنجاله وعدد من القيادات الصغيرة في الحراك، وانه هم من يدفعونه بتبني مواقف ويتولون التوقيع على بيانات معينة دون علمه بما يدور فيها.
وتشير قيادات حراكية إلى أن باعوم نظراً لسنه الكبير وحالته الصحية بات يعاني من مرض النسيان "الزهايمر", إلا أن قيادات حراكية أخرى تؤكد أنه يحسب لـ"باعوم" وقيادات أخرى أنها قيادات نزيهة ولم تمد يدها إلى دعم خارجي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد