بعد فضيحة صرف العلاوات للمعلمين..

إصلاحات النظام المتخبطة هل تساهم في إسقاطه أم قنبلة تنفجر بمن سيخلفه ؟؟

2011-05-08 20:12:11 تقرير / عبد الوارث النجري


تشهد هذه الأيام مكاتب التربية والتعليم والخدمة المدنية في مختلف محافظات الجمهورية توافد غير عادي لطالبي التوظيف من الخريجين المسجلين بمكاتب الخدمة المدنية منذ سنوات وذلك بعد إعلان حكومة تصريف الأعمال ممثلة بوزارة الخدمة، اعتماد عدد ستين ألف درجة وظيفية، تشمل ما نسبته "20%" من إجمالي الخريجين المسجلين في مكاتب الخدمة المدنية بمختلف المحافظات .
 هذه الإجراءات إلى جانب بعض القرارات التي اتخذتها حكومة مجور مثل اعتماد عدد ( 20 ) ألف من حالات الضمان الاجتماعي ـ جاءت في إطار محاولة النظام إفراغ ساحات الحرية والتغيير من المعتصمين وإسكات تلك الأصوات المطالبة بإسقاطه , وبالرغم من مرور أكثر من شهر على إعلان الحكومة لتلك القرارات التي اتخذها النظام وسميت بحزمة الإصلاحات , يلاحظ استمرار الاعتصامات المفتوحة والمطالبة برحيل النظام ومحاكمة رموزه , الأمر الذي دفع الحكومة ممثلة بوزارة الخدمة المدنية لإعداد كشوفات ما أسمتهم بالحائزين على تلك الستين ألف درجة وظيفية، وطبعاً بعد هذا الإجراء وبعد نشر الأسماء في الصحف الرسمية لم يتبق سوى دعوة من تم نشر أسمائهم بمراجعة مكاتب الخدمة لاستكمال إجراءات التوظيف وتوزيعهم , وعند هذه النقطة فقط تبرز العديد من الأسئلة التي من المفترض على الحكومة والنظام الإجابة عنها حتى يزيل اللبس وتظهر للشباب الخريجين قبل غيرهم من المواطنين حقيقة ما يخطط له ومنها: هل باستطاعة النظام فعلاً توظيف من (120.60) ألف خريج ؟ وكيف سيتم مواجهة ذلك، خاصة وأننا منذ عشرين عاماً وإلى اليوم لم تقم الحكومة ونظام صالح بتوظيف هذا الكم الكبير أو ما يقاربه؟ هل حصلنا على نهر من النفط والغاز , أم أن الحكومة ستضطر للتقشف قدر الاستطاعة لمواجهة ذلك ؟ وإذا كانوا بالفعل قادرين على مواجهة هذه الإجراءات فلماذا لا يتم تنفيذه ولو بالتقسيط خلال الأعوام السابقة على عكس ما كان يتم توظيف عدد (400) خريج من إجمالي (21) ألف مسجل في مكتب الخدمة المدنية بمحافظة من المحافظات؟.
 ولأننا شعب يمني طيب يلاحظ أن آلاف الخريجين الذين يتابعون معاملاتهم اليوم في مكاتب الخدمة المدنية لم يتجرأ أي منهم على طرح مثل هذه الأسئلة على مسئولي الخدمة في الفروع أو المحافظين، أو حتى المشاركة في برامج الفضائية اليمنية وإحراج الأخ/ الردمي وضيوفه بهكذا سؤال.. ربما أنهم لم يفكروا على الإطلاق ويتركز همهم في استكمال معاملة التوظيف وبعدها لكل حادثة حديث، خاصة وأن لدينا نظاماً يحكمنا عشرات السنين وفق خطط وبرنامج [ما بدا بدينا عليه] وكون وزارة الخدمة لم تعلن تلك الأسماء والبدء بإجراءات التوظيف إلا بعد مرور ثلاثة أشهر من الاعتصامات وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى , واستمرار المظاهرات والمسيرات اليومية في مختلف المحافظات للمطالبة بإسقاط النظام ـ يلوح سؤال هام جداً، يتعلق بثلاثة أطراف وعلى كل طرف الإجابة عليه بكل صراحة ووضوح , وهو في حال نجحت الثورة وتم إسقاط النظام وتنحى الرئيس أو رحل , هل النظام القادم أو الحكومة القادمة قادرة على مواجهة قرار توظيف من أعلنت أسمائهم في الصحف الرسمية واستكملت إجراءات توظيفهم ؟ وهل هي ملزمة بتنفيذ ذلك القرار أم لا؟! وفي حال أعلنت بكل صراحة لأولئك الشباب اعتذارها عن تنفيذ القرار وصرف مرتباتهم بحجة أن قرار التوظيف باطل لعدم توافقه مع إمكانيات البلاد المحدودة وكذا صدوره من نظام كان يمر في حالة تخبط بعد أن ثار عليه الشعب وقرر إسقاطه ـ كيف سيكون رد الشباب على هذا الاعتذار ؟ هل القرار بتوظيف "60" ألف خريج في عام واحد والشروع بعملية التوظيف فعلاً يصب في تنفيذ إصلاحات نوعية أقدم عليها نظام صالح ويتوافق مع الموازنة وموارد البلاد ويمكن مواجهته وتنفيذه ؟ أم أنه يعد بمثابة مطب وطُعم قدمه النظام لمن سيأتي بعده ليدخل بسببه في مشاكل وأزمات أكثر خطورة مما يواجهه نظام صالح اليوم ؟ .
هذه الأسئلة بقدر ما يسعى الكثير لتجاهلها تستوجب الأمانة علينا طرحها على كافة الأطراف للإجابة عنها وتحديد موقفها من قرار توظيف ما قبل الرحيل , وخاصة شباب الثورة الذي يجب عليهم من اليوم تحديد موقفهم من ذلك المطب الذي قد يزعجهم ويهدد تورثهم في المستقبل القريب , كما يجب على الاقتصاديين والخبراء والماليين الإدلاء برأيهم حول هذه القضية التي أعتبرها شائكة وربما الجميع يوافقني هذا الرأي .

أما الجانب الثاني من الإصلاحات والقرارات التي تم اتخاذها هو ما صرح به وزير التربية والتعليم مؤخراً حول البدء بصرف مستحقات المعلمين كعلاوات وغيرها مع مرتبات شهر أبريل ورغم تأكيده على ذلك أكثر من مرة، إلا أن هناك مصادر خاصة وموثوقة قد كشفت لنا عن فضيحة أخرى سعى من خلالها الوزير للحفاظ على ماء الوجه وتنفيذ ما أعلن عنه حتى ولو كانت الإجراءات مخالفة وتسبب بخلق مشكلة مع نهاية العام الحالي .
المصادر ذاتها أكدت أن الوزير الجوفي وجه فروع الوزارة بالمحافظات بصرف العلاوات للمعلمين مع رواتب شهر أبريل , وعندما تم المطالبة بالتعزيز عاد مرة أخرى ووجه بمواجهة ذلك من اعتماد مرتبات شهر مايو وهكذا حتى يأتي شهر ديسمبر وتظهر المفاجـأة ويظل المعلمون بدون مرتبات حتى اعتماد موازنة جديدة مع مرور شهرين أو ثلاثة من العام الجديد , الأخطر من هذا كله أنه عندما طلب المعنيون من الوزير توجيهاً خطياً بذلك رفض، مما اضطرهم إلى إعداد كشوفات مرتبات المعلمين لشهر ابريل كالعادة بدون العلاوات ومن وعدهم من خلال القناة الفضائية في الصرف يتحمل كافة المسئولية , ومن هنا نعود ونذكر ما سبق آنفاً وهو إذا كانت حكومة مجور عاجزة عن صرف علاوات المعلمين فكيف سيتم مواجهة اعتماد ستين ألف وظيفة جديدة؟.
الكثير من المراقبين يؤكدون أن مثل هذه الإجراءات المتخبطة للنظام وغيرها قد ساهمت بشكل كبير في هذه الثورة وإسقاط النظام والبعض الآخر يقول إن من اتخذ مثل هذه القرارات يدرك تماماً أن موعد رحيله أصبح قريباً، فأتخذها انتقاماً ممن سيخلفه ليتجرع مشاكل مواجهتها وتنفيذها.
المضحك في الأمر أنه عندما سمعت حكومة مجور عن اعتصامات الشباب وثورتهم ـ باشرت في إجراءات توظيف عشرات الآلاف منهم و"طز" في الموازنة والاعتماد وغيرهم، فالمهم امتصاص غضب الشباب كي ينشغلوا بإجراءات التوظيف واستكمال المعاملات بعيداً عن الاعتصامات والثورة , وتناست الحكومة في نفس الوقت المعنيين في البند الثاني من مزعوم الإصلاحات والخاص باعتماد (20)ألف حالة ضمان اجتماعي وهذه شريحة الفقراء والمساكين والعجزة وغيرها وربما تنتظر الحكومة إعلان ثورة وإقامة اعتصامات خاصة بهم حتى تبدأ باستكمال ما كانت قد وعدتهم به !.


 



الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد