بين خيار المجلس الانتقالي وخيار نقل السلطة إلى هادي..

فرحة انتصار الثورة تلفها حالة من الغموض حول مصير صالح

2011-06-09 15:28:46 عارف العمري


اليمنيون هذه الأيام بين مبتهج برحيل صالح الذي قيل أنه لن يعود, وبين مترقب لعودته وسط حالة من الإرباك نظراً لحالة الغموض التي تحيط بصحة " صالح " وهناك فئة ثالثة تعمل باستمرار دون كلل أو ملل لترتيب نقل السلطة بشكل فوري, قبل عودته, أو قبل حتى الإعلان عن وفاته التي باتت الكثير من الأطراف اليمنية تتحدث عنها.

المعلومات بشأن صالح لازالت متضاربة ,ففي حين كشفت مصادر أميركية مسئولة أمس الأول الثلاثاء ، أن %40 من جسم الرئيس/ اليمني علي عبدالله صالح تعرّض لحروقٍ، فضلاً عن انهيار إحدى رئتيه جرّاء إصابات لحقت به إثرَ هجومٍ استهدف المسجد الرئاسي الجمعة الماضية- تقول بعض القيادات العليا في المؤتمر الشعبي العام أن صحة الرئيس مستقرة وانه سيعود إلى اليمن قريباً, وان القائم بأعمال الرئيس عبد ربه منصور هادي، ليس لاعباً على المدى الأبعد... بل يسيّر أعمال النظام رغم أنه قد يكون مرشحاً في أي انتخابات مستقبلية في فترة ما بعد صالح.

 السؤال الأكثر بروزاً هذه الأيام هل سيتم التوافق على أن يكون عبدربه منصور هادي رئيساً بالإنابة أم انه سيتم تشكيل مجلس عسكري انتقالي وكلا الأمرين لازال يلفهما الكثير من الغموض؟؟.

اللقاء المشترك والجنرال الأحمر والاتحاد الأوروبي وأميركا يعملون في اتجاه نقل السلطة بشكل سلمي عبر القائم بأعمال رئيس الجمهورية الفريق/ عبدربه منصور هادي, وهو ما يفسره لقاء السفير الأمريكي والبريطاني بهادي وهي المباحثات التي نقلها هادي لقيادات المؤتمر الشعبي العام أثناء اجتماع موسع ضم أعضاء اللجنة العامة والوزراء والقيادات السياسية وضم نجل صالح العميد احمد علي عبدالله , والتي كان فحوى تلك المباحثات مناقشة مرحلة ما بعد صالح وإجراءات نقل السلطة.
كما أن اللواء/ علي محسن الأحمر -قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع- التقى خلال اليومين الماضيين سفراء واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي في صنعاء لبحث عملية انتقال السلطة.
وأضافت المصادر التي انفردت بها "أخبار اليوم" أن اللواء محسن بحث معهما أيضاً مسألة إعادة إحياء المبادرة الخليجية، كما تم مناقشة الدور الذي يمكن للدول الشقيقة والصديقة أن تلعبه في إحداث نقل سريع وسلمي للسلطة في اليمن بما يلبي طموحات الشعب اليمني وتحقيق أهداف الثورة الشبابية كاملة وإنجاح المبادرة الخليجية.
وكان سفراء أمريكا والاتحاد الأوروبي طالبوا قادة المشترك لدى لقائهم بهم في منزل الدكتور/ ياسين سعيد نعمان بضرورة بدء حوار فوري مع الحزب الحاكم، من أجل نقل السلطة طبقاً للمبادرة الخليجية التي وقع عليها المؤتمر والمشترك.
وأشارت بعض المصادر إلى أن السفراء أكدوا أنه " لم يعد ضرورياً توقيع الرئيس صالح على المبادرة,لأنه قد غادر البلاد".. في حين قال قادة المشترك " أنه لبدء الحوار لا بد من العمل على تهيئة الصراع على جبهتي الأمن والإعلام، عبر تشكيل لجنتين مشتركتين من الطرفين لتهدئة الأوضاع الأمنية والإعلامية".
يؤكد التوجه هذا لدى أمريكا ما ذهب إليه المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني من أن "انتقالاً فورياً للسلطة في اليمن سيكون في مصلحة اليمنيين"، وذلك بعدما غادر الرئيس علي عبدالله صالح إلى السعودية لتلقي العلاج، مكرراً خلال مؤتمر صحافي أن الولايات المتحدة تدعم "اتفاق انتقال السلطة الذي لم يوقعه الرئيس صالح".. في إشارة إلى الخطة التي اقترحها مجلس التعاون الخليجي والتي تتضمن استقالة الرئيس اليمني مقابل حصوله على حصانة.
كما اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أن الدستور اليمني جامد وأن كل تقدم في المستقبل نحو عملية انتقالية يجب أن يحترم الدستور"، مشيراً إلى أنه "لم يتحدد بعد ما إذا كان الرئيس صالح ينوي العودة (إلى بلاده)، ولا يمكننا أن نطلق تكهنات حول نواياه".

البرلمان الأوروبي أكد أنه حان الوقت الآن للتغيير والحوار، محملاً الحكومة مسئولية جر البلاد إلى الحرب الأهلية.

وقال في بيان صادر عنه الاثنين الماضي إن "اليمن عانى كثيراً وإن اليمنيين يتوقون للحرية والوحدة والسلام"، مؤكدا أن تطلعات اليمنيين هي ديمقراطية حقيقية.

وأضاف: "لا بد من أن تؤتي شجاعتهم وإرادتهم ثمارها لكل اليمن ,كما يجب أن يبقى الشعب مركز التحول، مؤكداً استعداد الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني في طريقه الطويل نحو الديمقراطية والحرية والرخاء.

وقال رئيس البرلمان جرزي بوزيك "إن من يقودون البلاد وقوات الأمن يجب أن يدركوا أن أي تردد أو أعمال عنف أخرى قد تؤدي إلى حرب أهلية وتدمير للفرصة الهشة الموجودة الآن لبناء مستقبل أفضل .. فقد حان الآن وقت التغيير والحوار".

من جانبها أعربت المعارضة الاثنين الماضي عن تأييدها لفكرة نقل سلطات رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح - الذي يخضع للعلاج في المملكة العربية السعودية - إلى نائبه.. ونقلت وكالة رويترز عن سلطان العتواني، القيادي في اللقاء المشترك المعارض، قوله: "تدعم المعارضة النقل الكامل للسلطات إلى نائب الرئيس، ولكن إذا لم يتحقق هذا الأمر، فلدى المعارضة وشباب الثورة خيارات بديلة منها تشكيل مجلس انتقالي.
من ناحية أخري، أكد الناطق باسم اللقاء المشترك محمد قحطان في تصريح خاص لبي بي سي أن المعارضة تعتبر نقل السلطة لنائب الرئيس "عبد ربه منصور هادي" بصورة فورية وعاجلة خطوة مهمة لإرساء الأمن والاستقرار في اليمن وإزالة مسببات العنف.
وأضاف قحطان: إن استلام هادي للسلطة يمكن أن يمهد لتطبيق بقية بنود المبادرة الخليجية حتي وإن لم يتم التوقيع عليها، وإن المعارضة لمست اتجاهاً جدياً لدي نائب الرئيس لوقف إطلاق النار وأعمال العنف وأنها تؤيد ذلك الاتجاه وستقف معه.

وكالة رويترز قالت بالأمس إن مغادرة الرئيس اليمني /علي عبد الله صالح للسعودية للعلاج تمنح فرصة ثمينة لليمن لوقف انزلاقه نحو حرب أهلية وبدء انتقال سلمي للسلطة, ولكن قد يواجه الكثير من المشاكل.

وقال خالد فتاح -خبير الشؤون اليمنية -"سينتهز السعوديون الفرصة ليتحول التعافي الطبي إلى استراحة سياسية" مضيفا إن خطر انزلاق اليمن لحالة من الفوضي على غرار الصومال كان "كابوساً للأمن القومي السعودي", فيما وصف مسؤول سعودي نقل صالح لتلقي علاج عاجل في مستشفى بالسعودية بأنه تحرك إنساني وقال المسئول إن السعودية لن تتدخل في قرار صالح بالبقاء في السعودية أو العودة لليمن.

وربما يكون هذا موقف الرياض العلني ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يضغطون سراً على السعودية لضمان أن يصبح غياب صالح عن اليمن دائماً.

لكن الحكومة السعودية قالت يوم الاثنين الماضي إن دول الخليج ستواصل مسعاها للتوصل لاتفاق لنقل السلطة.

 مدير قناة العربية عبدالرحمن الراشد كتب أن نقل صالح خارج البلد يعتبر فرصة تاريخية لنقل السلطة التي عض عليها خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، قائلاً انه ليس لصالح من دور يلعبه إلا أن يسلم الحكم بطريقة تحفظ له كرامته وتحفظ للنظام اليمني أيضاً كرامته وتؤمن للنظام الجديد قيماً دستورية يحتكم إليها في المستقبل، فاحترام الدستور والمؤسسات ركيزة في بناء دولة القانون، ويمكن أن يكتب التاريخ مستقبلاً أن صالح أخرجه الدستور في ثورة سلمية وليست الحرب مع بيت الأحمر.

ويرى الراشد انه في ظل التطور الجديد يبقى الخيار الأمثل الحفاظ على إطار الوساطة الخليجية ؛ لأنها تعمل في إطار القانون اليمني، وكذلك لأنها حظيت بموافقة الأطراف كلها من قبل، ورعاها مجلس التعاون الخليجي المعني أكثر بالشأن اليمني إقليمياً، والأقدر على مساعدة اليمن لاحقاً سياسياً واقتصادياً ، إضافة إلى تأييد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للصياغة الخليجية .

الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد أكد في حوار له مع وكالة فرانس برس انترناشيونال أن خروج الرئيس علي عبد الله صالح من البلاد حالياً، يعتبر مخرجاً آمناً للأزمة اليمنية، وحذر من عودته في ظل الظروف الراهنة، وقال إن أي محاولة لعودته ستواجه بمقاومة من قبل شباب الثورة المطالبين برحيله.

ودعا ناصر الرئيس صالح إلى المبادرة بتقديم استقالته، والقبول بالمبادرة الخليجية، مقترحاً أن يتسلم عبد ربه منصور هادي مهام رئاسة الجمهورية، كي يضع حداً لازدواجية السلطة، من قبل أبناء الرئيس صالح.

ونصح ناصرهادي، بإجراء حوار مع الشباب ومع أحزاب اللقاء المشترك ومع الحوثيين ومع الحراك الجنوبي ومع كافة الشخصيات والقوى السياسية والبرلمانية لإخراج البلد من هذه الأزمة، مؤكداً أن المخرج من الأزمة اليمنية يكمن في تشكيل مجلس انتقالي ومجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية.

شعار " الشعب يريد مجلساً انتقاليً "

كانت شعارات الساحات والشباب في كل المسيرات على امتداد الساحة اليمنية طيلة الأربعة الأشهر الماضية " الشعب يريد إسقاط النظام ", أما اليوم فبعد رحيل صالح إلى السعودية للعلاج يبدو أن الأمر تغير كثيراً ,فقد أصبح شعار " الشعب يريد مجلس انتقالي " هو شعار المسيرات التي خرجت خلال اليومين الماضيين .

وهو ما دعت إليه اللجنة التنظيمية لثورة الشباب كافة القوى الوطنية والأطياف السياسية للبدء بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت يمثل كافة القوى الوطنية, يتولى تكليف حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية",كما دعت إلى "تشكيل مجلس وطني انتقالي يمثل الشباب وكافة القوى الوطنية والعمل على صياغة دستور جديد يلبي تطلعات الشعب اليمني للحرية والكرامة والعيش الكريم". 

وبين خيار المجلس الانتقالي وخيار نقل السلطة للفريق عبدربه منصور هادي يبقى الأمر متعلقاً بصحة الرئيس التي قد يترتب عليها الكثير, كما أن البعض يرى في استمرار وجود أبناء صالح وأبناء أخيه تحدٍ
 حقيقياً أمام اليمنيين في إكمال ثورتهم التي شارفت على النجاح.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد