مرحلة الفريق.. أول خطوات الانتقال السلمي للسلطة أم بداية الفوضى؟

2011-06-13 16:05:13 تقرير/ عبد الوارث النجري



غادر الرئيس البلاد إلى المملكة العربية السعودية للعلاج بعد حادثة الاغتيال التي شهدها جامع النهدين وقبل مغادرته وجه صالح من تبقى من رموز نظامه أن يتولى الفريق/ عبد ربه منصور هادي ـ نائب الرئيس ـ مهام رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة , ولحساسية الموقف بدأ الفريق بالمهام الموكلة إليه رغم رفضه السابق إبان طرح المبادرة الخليجية والتي كان أول بنودها تسليم صالح السلطة لنائبه وكان أول قرار اتخذه القائم بأعمال رئيس الجمهورية إزالة المظاهر السلمية التي أسفرت عنها مواجهات قوات الحرس والأمن وأنصار النظام مع أنصار الشيخ/ صادق الأحمر، وفق آلية باشرت لجنة الوساطة السابقة بقيادة اللواء/ غالب القمش ـ رئيس جهاز الأمن السياسي ـ تنفيذ أول بنودها من خلال تسليم المرافق التي سيطر عليها أنصار الشيخ الأحمر لقيادة الكلية الحربية.. هذا القرار خطير بترحيب كبير من قبل مختلف القوى السياسية وفي مقدمتها أحزاب المعارضة والشيخ صادق الأحمر وحتى شباب الثورة المعتصمون في ساحات الحرية والتغيير.
 
مهمات معقدة وصعبة خلفها النظام
هذا أول قرار يتخذه الفريق ويتعلق بمنطقة الحصبة وما جاورها وسط العاصمة صنعاء, أما بقية المحافظات فلا تزال الحالمة تعز تحت قصف قوات الحرس والحديدة يواصل فيها بلاطجة النظام قمع وقتل شباب الثورة , ومع ذلك لا يختلف اثنان بأن الفريق/ عبده ربه منصور هادي في موقف لا يحسد عليه وأمام مهمات معقدة وصعبة للغاية خلفها النظام لمن سيأتي من بعده واليمنيون بانتظار نوايا صادقة لإصلاح الوضع:
أما القرار الثاني الذي اتخذه القائم بأعمال الرئيس فهو توجيه كافة الجهات المعنية بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل المواد الغذائية والكهرباء والمشتقات النفطية من ديزل وينزين وغاز وغيرها , والتي يراها الكثير من المحللين أنها أزمات مفتعلة من صنع النظام وإحدى وسائل الضغط والتخويف التي مورست تجاه عامة المواطنين منذ بداية الثورة، خاصة وأنها تظهر فجأة وتختفي فجأة, وهي أزمات يتجرعها المواطن اليمني بصورة مستمرة مثل انقطاع التيار الكهربائي وموسمية مثل انعدام مادتي الغاز والديزل.
وبالنسبة لهذا القرار فلا تزال هناك قوى تسعى لعرقلة تنفيذه بهدف خلق المزيد من الفوضى التي تشهدها البلاد, وإدخالها في الاضطرابات بعد فشلها في إذكاء الحروب الأهلية وهذا يعد أكبر تحدٍ قد يواجهه القائم بأعمال الرئيس , لتنفيذ هذا القرار والقرار السابق والقرارات اللاحقة التي قد يتخذها الفريق عبده ربه منصور هادي خلال هذه الفترة ومعيار ذلك التنفيذ في ظل هذه الأوضاع التي تشهدها البلاد يجب تناول المرحلة الحالية من كافة الجوانب والبداية من دور حكومة تصريف الأعمال وقيادات الحزب الحاكم.

تحقيق مصالح شخصية لا إصلاح وتنمية البلد
ولأن نظام صالح كان خلال السنوات الثلاث والثلاثين الماضية مرتبطاً بشخص واحد ـ فإن معظم أعضاء حكوماته كانوا يعتبرون تلك المناصب بمثابة فرصة ذهبية لتحقيق مصالح شخصية وليس لإصلاح وتنمية البلد، يجمعهم شعار (اهبر قدر ما تستطيع فإنك راحل ) طبعاً الرحيل يكون إما إلى مجلس الشورى أو السفارات أو إلى الحياة الأخرى, وهنا نجد من الصعب أن تتعاون هذه الحكومة مع أي جهود إصلاحية قد يبذلها القائم بأعمال الرئيس، رغم انه كان يحظى باحترام وتقدير كافة أعضائها أثناء عمله كنائب للرئيس , مع أنها أصبحت حكومة تسيير أعمال وبانتظار التغيير, وبسبب تغييب المصلحة الوطنية من قاموس نظام 17 يوليو لا تزال القيادات في الحكومة والوزارات تتجاهل الثورة الشبابية والأوضاع التي أوصل النظام وتعنته البلاد إليها، لتواصل هي الأخرى السير في نفق الأزمات المفتعلة والممارسات الخاطئة، متجاهلة أن مثل ذلك السلوك هو من يولد الاحتجاجات والثورات في أي بلد.
 هذا بالنسبة للحكومة أما ما يخص قيادات الحزب الحاكم وبقايا رموز النظام فإنهم يرون في نظام صالح المصدر الرئيسي للثراء والوجاهات والسطو على العامة من المواطنين , وقد اعتادت تلك القيادات على أن لا تمارس أي مهام أو واجبات سواء كانت في مصلحة الحزب أو مصلحة النظام إلا بعد صرف المخصصات المالية لذلك من الأمانة العامة سواءً في الانتخابات أو غيرها ,حتى ما يخص حشود السبعين التي شهدتها العاصمة خلال الأشهر الماضية , لذا نجدها اليوم تغرد خارج السرب بعيداً عن توجيهات القائم بأعمال الرئيس الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام , وخير شاهد على ذلك ما تقوم به قيادات وقواعد المؤتمر وبقايا أنصار النظام من استهداف المعتصمين وقمعهم واستمرار إطلاق النار في المدن الرئيسية والتجوال بالأسلحة في شوارع وأسواق المدن بهدف بث الرعب في قلوب المواطنين الآمنين في منازلهم وترويع النساء والأطفال وإشاعة الفوضى وإقلاق السكينة العامة كرسالة مبطنة للأشقاء والأصدقاء في الخارج قبل شباب الثورة المعتصمين في ساحات الحرية والتغيير , وكمحاولة يائسة لجأت إليها تلك القيادات بهدف جر البلاد إلى مربع العنف والفوضى وإراقة الدماء وهو ما كان يحذر منه رأس النظام نفسه في حال مغادرته السلطة، مع احترامنا وتقديرنا لتلك القيادات الوطنية الشريفة التي لا تزال في الحزب الحاكم ولم تلطخ أيديها بدماء الشهداء الأبرياء من أبناء الوطن , لكنها للأسف دورها مهمش في المرحلة الراهنة ونحن على يقين أنه سيكون لها دور وطني في مساعدة الفريق/ عبده ربه منصور هادي للعمل على نقل السلطة بالصورة السلمية التي تحفظ للحزب الحاكم وكافة الشرفاء فيه الدور الوطني في المستقبل, أما تلك القيادات التي ترى موقعها القيادي في المؤتمر مغنماً فإنها ستظل في غيها حد الانتحار دفاعاً عن مصالحها الشخصية على حساب المصلحة العامة للوطن والمواطنين.
موقف الجيش ورجال الأمن

إنهم بالفعل من يستحق الشرف والتحية من كافة أبناء الوطن، سواءً أولئك الذين أعلنوا انضمامهم وتأييدهم للثورة الشبابية الشعبية أو الذين لا زالوا تحت قيادات بقايا النظام , ولا نزال على ثقة بأن الغالبية العظمى من أولئك تتحاشي قمع المتظاهرين والدخول في مواجهات مع المنضمين رغم تحريضهم على ذلك ونحن على يقين بأن كافة منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية كانوا خلال السنوات الماضية أكثر تضرراً من غيرهم فيما يخص الدخل وعدم العدالة في الترقيات والتأهيل وغيرها , لهذا لا يزال كافة أبناء الوطن بانتظار قراراتهم الشجاعة في مساندة الثورة والدفاع عنها والحفاظ على أمن الوطن واستقراره وصون الدماء اليمنية الغالية علينا جميعاً والوقوف في وجه كافة المؤامرات التي تحاك لليمن سواءً من الداخل أو الخارج.
موقف شباب الثورة
على شباب الثورة مواصلة الاحتجاجات السلمية والحفاظ على سلمية ثورتهم وعدم الاندفاع وراء داعة الفتن
لأبطال الثورة الشبابية السلمية وصناع الدول اليمنية الحديثة نقول لهم "لا تتفاءلوا كثيراً وعليكم مواصلة اعتصاماتكم ومسيراتكم السلمية وحافظوا على استمرار سلمية الثورة , ولا تندفعوا خلف دعاة الفتن والحروب من بلاطجة الحزب الحاكم , فجميعنا ندرك أن أول أهداف ثورتكم لم يتحقق , ويجب أن نتعامل معها كحقيقة لا خلاف حولها، فالرحيل إلى المملكة العربية السعودية كان لأجل العلاج وليس مغادرة السلطة والكل لا يزال يتعامل معه الرئيس اليمني وليس المخلوع ولا بأس أن نتعاون مع القائم بأعمال الرئيس لما يسهم في نقل سلمي وسلس للسلطة وليس من العيب علينا التجاوب مع إعادة الروح إلى المبادرة الخليجية، مع إضافة بعض التعديلات, ويجب أن نفوت الفرصة على تلك العناصر من بقايا النظام التي تسعى اليوم لجعل مرحلة الفريق بداية للفوضى والحروب والاقتتال، لنسهم مع كافة القوى الوطنية الشريفة، بأن نجعلها مرحلة نقل السلطة وتحقيق كافة أهداف ثورتكم النبيلة".
 





الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد