النخبة الفاسدة وسياسة القمع وراء إسقاط النظام وعلى القادم أن يستوعب الدرس

2011-06-19 15:51:59 تقرير/ عبد الوارث النجري


(ارحل) كلمة دوت في أكثر من (17) محافظة يمنية ولا زالت ترددها الملايين المعتصمة في ساحات الحرية والتغيير، صباحاً ومساء، في المسيرات والمظاهرات بأصوات الفنانين وعلى إيقاع الملحنين وبريشة التشكيليين ووسط أبيات الشعراء ونظم المثقفين.
 وعلى مدى أربعة أشهر ودون كلل أو تراجع اسمع الثوار في بلادنا العالم بمطالبهم وأذهلوهم بصبرهم وسلمية ثورتهم فنالوا تعاطف واهتمام الجميع، ومنذ الوهلة الأولى تجاهل النظام وأزلامه تلك الأصوات وتناسوا أن الشعب مصدر الثورات، واستخدموا كافة وسائل التضليل والمغالطة لإقناع الخارج بمبرراتهم الواهية وأنواع القمع والتنكيل ضد إخوانهم المعتصمين في المحافظات وأمانة العاصمة
جمعة الكرامة والشهداء
في خطين متوازيين واصل الطرفان السير، فنخبة فاسدة تواصل سياسة الهبر والمخالفات والتجاوزات لنهب اكبر قدر من المال في الوزارات والمرافق الحكومية قبل السقوط المروع وسحب أرصدتها من البنوك وبالعملة الصعبة، لتستمر في التضليل للنظام والتقليل مما يجري في الشارع وساحات التغيير والمطالب المشروعة للشباب وأثناء ذلك حاول رأس النظام استخدام الحقن والمهدئات بغرض سحب البساط على الثوار من خلال مغازلة المشترك المعارض في العديد من المبادرات التي وصفها الطرف الآخر بأنها جاءت متأخرة خاصة وان المعارضة كانت قد دعت أنصارها بالنزول إلى ساحات الاعتصامات والانضمام إلى ثورة الشباب، وبعد فشل كل تلك المبادرات بدأ الإعلام الرسمي بالتحريض على المعتصمين في الشارع تحت مبرر مضايقة سكان المنازل المجاورة لساحات الاعتصام والبداية كانت في محافظة إب، حيث خالف المئات من بلاطجة الحزب الحاكم خط سير المسيرة التي نظمها المؤتمر واتجهوا نحو ساحة خليج الحرية للاعتداء على المعتصمين هناك بالضرب والحجارة والرصاص الحي وإصابة أكثر من خمسين معتصماً معظمهم من الشباب.
 والخطة الثانية كانت في أمانة العاصمة صنعاء، حيث قام أنصار النظام ومن معهم من الأمن والحرس بإحراق الإطارات جوار ساحة التغيير ومن ثم اعتلاء أسطح المنازل والقيام بقنص المعتصمين العزل في الساحة عقب أداء صلاة الجمعة، ارتكبت حينها جريمة إنسانية بشعة، وبصورة وحشية خالية من كافة المشاعر وراح ضحيتها أكثر من خمسين شهيداً ومئات الجرحى في يوم دامي لم تشهده العاصمة منذ بداية الثورة، ليظهر الرئيس عصر نفس اليوم ومعه وزير الداخلية وهم عاجزين عن الرد على أسئلة الصحفيين ودموع الأطفال والنساء من أقارب الشهداء وانين الجرحى الذين تم توزيعهم على المستشفى الميداني ومختلف المستشفيات الأخرى.
النظام الهش يتهاوى أن قبل تجف دماء الشهداء، بعد مجزرة جمعة الكرامة أعلنت حالة الطوارئ وأقيلت الحكومة، لكن الشعب الثائر كان قد مل مختلف تلك المهدئات والمسكنات التي تجرعها خلال العقود الماضية بعد أن رسم أهداف ثورته وقرر عدم مغادرة الساحات إلا بعد تحقيقها، الشباب صاروا لا يخافون الموت بقدر ما يخافون من سرقة ثورتهم أو إخمادها وإجهاض ذلك الجنين قبل موعد ولادته، فبعد جمعة الكرامة اكتظت الساحات بالثوار المطالبين بإسقاط النظام ونظمت المسيرات المليونية وبدأ النظام الهش يتهاوى باستقالة وزراء ونواب وأعضاء مجلس شورى وقيادات عليا في الجيش ومشائخ وصحفيين وفنانيين ومقفيين وغيرهم الجميع نزلوا إلى ساحات التغيير والحرية وأعلنوا انضمامهم إلى ثورة الشباب السلمية ومع ذلك لم يستوعب النظام ومن تبقى من رموزه الدرس ليستمروا في المكابرة وحشد أنصارهم من مختلف محافظات الجمهورية إلى ميدان السبعين في محاولة يائسة لتضليل العالم بأن ما يحدث في اليمن ليست ثورة بل أزمة سياسية بين الحاكم والمعارضة ليبدأ المحللون وأصحاب القياسات في طرح المقارنة بين جموع المصلين في ساحة شارع الستين بصنعاء ومن ثم حشدهم في مختلف قرى وعزل المحافظات اليمنية عن طريق خروج المؤتمر الشعبي العام وهم يؤدون الصلاة في ميدان السبعين وتناسى أصحاب الهندسة والقياسات الملايين الأخرى في ساحات الحرية والتغيير بمختلف محافظات الجمهورية وهكذا ظلينا من جمعة إلى أخرى ونحن في اختلاف مع أصاحب الهندسة والقياسات والتعداد الدقيق للمصلين في الستين والسبعين طبعا مع استمرار مسلسل القمع والقتل للمعتصمين والمتظاهرين السلميين في صنعاء وعدن وتعز والحديدة وإب والمكلاء وحجة وغيرها، دون ان يخرج النظام ويلبي مطالب شعبه ويكتفي بما مضى حقنا للدماء وحفاظا على امن واستقرار واقتصاد الوطن.
 وواصل الخائفون على مناصب الهبر والمخالفات والفساد في كافة مفاصل الدولة وكذا سياسة التضليل والتخوين والاتهامات المفبركة والتهديد بمستقبل البلاد في حال رحل النظام تارة بالقاعدة وأخرى بالحوثية وثالثة بالحرب الأهلية والانفصال وغيرها من المسميات التي اعتدنا على سماعها منذ عدة سنوات ولم تعد جديدة علينا، وفوق هذا وذاك يطلقون دعواتهم لكافة أبناء الوطن لمواجهة إخوانهم المعتصمين والمتظاهرين سلميا في القرى والعزل والمدن، بالمواجهة والتحدي بالتحدي مع توزيع الأسلحة لأنصارهم لهذا الغرض وتحت مسمى لجان شعبية
المبادرة الخليجية .. حالة إغماء أم موت سريري:
الأشقاء في دول مجلس التعاون لم يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه ما يشهده اليمن وما يعانيه إخوانهم في جنوب الجزيرة ولذلك فقد جاءت المبادرة الخليجية بصيغتها الأولى بمثابة حل وسط ومرضي لكافة الأطراف من خلال العديد من النقاط التي تعمل على نقل سلمي للسلطة ومنها خروج مشرف للنظام بعد حكم أكثر من (33) عاماً وكذا تحقيق كافة أهداف الثورة التي خرج من اجلها المعتصمون، لكن تلك المبادرة التي رحب بها الجميع عدا شباب الثورة هي الأخرى واجهت الكثير من المراوغة والتسويف والوعود والمماطلة لتتعرض لأكثر من تعديل في الصيغة وأسماء الموقعين وغير ذلك وفي الأخير يتم مواجهتها بالرفض رغم التوقيع عليها من قبل أحزاب المعارضة، ليحدث بعد ذلك ما حدث سواء في الحصبة أو بجامع النهدين، واليوم وبعد تولي الفريق عبد ربه منصور هادي مهام رئيس الجمهورية لا تزال الكثير من القوى تطالب بإعادة الروح إلى تلك المبادرة التي جمدت من قبل الأشقاء بعد رفضها.
 وهنا يتساءل الشارع هل هنالك نوايا صادقة سواء من قبل أصحاب المبادرة أو الأطراف اليمنية بالتعامل مع المبادرة وإعادة الروح اليها ؟ وهل سيوقعها الرئيس بعد أن رفض سابقا .؟ وماذا عن تكتل أحزاب اللقاء المشترك بعد أحداث النهدين والحصبة، هل هم مع إعادة الروح لتلك المبادرة كمخرج لما تمر به البلاد ونقل سلمي للسلطة، وماذا عن شباب الثورة الذين يطالبون اليوم بتشكيل مجلس انتقالي ويقولون أن الهدف الأول من أهداف الثورة قد تحقق، خاصة وان موقفهم حول المبادرة معروف وهو الرفض؟، هل المبادرة لا تزال بحالة إغماء ولم تدخل مرحلة الموت السريري وهي بحاجة فقط إلى عملية جراحية صغيرة لإخراجها بما يتوافق مع مطالب شباب الثورة ؟.
 هذه الأسئلة وغيرها قد تجيب عنها الأيام القادمة فقط في حال صدق النوايا من قبل مختلف الأطراف وعلى جميع تلك الأطراف أن تدرك جيدا أن الوطن أصبح أمانة في أعناقهم، والقادم لا يبشر بخير إذا لم يتم تدارك ما وصل إليه اليوم،وغافل من يظن انه لن يسقط في مستنقع الوحل أو تجرفه العاصفة في حال واصل كل طرف تعنته وغيه مقدما مصلحته الشخصية على المصلحة العامة
تحية حب لتعز الثورة والصمود:
هي كذلك بالفعل وتستحق منا كل حب وتقدير لأنها الحالمة بيمن يسوده الأمن والاستقرار ويحكمه النظام والقانون، يمن الدولة المدنية الحديثة، المساواة والعدل، ولأنها كذلك فالرسالة الأولى لتعز الثورة والصمود وهي المباركة بالعودة إلى ساحة الحرية والمستقبل المنشود، عودة حميدة إلى ساحة النضال السلمي والثورة المباركة والرحمة لكافة الشهداء الذين بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الحرية وانتصار الثورة، من أحرقتهم نيران الغدر والخيانة وهم في خيامهم امنين، أما الرسالة الثانية فهي رجاء إلى كل تلك العقول النيرة في تعز الحالمة إلى ثوار تعز وثائراتها الشرفاء، إلى أولئك الشيوخ الذين يتابعون الأحداث في قراءة الصحف واحتساء الشاي بباب موسى والجحملية وشارع 26 سبتمبر وهم مفعمون بالوطنية وقلوبهم على الوطن ومستقبله, إلى تلك النخبة المثقفة في تعز الثورة والثوار أنا على يقين انه مثلما انتصرت تعز للثورة الشبابية السلمية ستنتصر في إخراج رؤية وطنية ثاقبة تسهم في تحقيق أهداف الثورة وحقن الدماء وقطع الطريق أمام من يسعى اليوم لإدخال البلاد في دائرة الفوضى وإجهاض الثورة عبر تأزييم الأزمات اليومية وانتشار الحروب في المحافظات وغير ذلك، فالحسم قد تأخر والمواطن لم يعد قادرا على التحمل أكثر، فهل ننتظر من تعز الحل، أنا على ثقة أن تلك العقول النيرة قادرة على صناعة اكبر من ذلك.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد