عبد الله قاسم عبده قاسم (55) سنة من مواطني محافظة تعز حين زرناه في بيته التي إن جاز تسميتها بيتا رأينا كيف يكون الفقر حاضراً والعجز متاسداً والحسرة ضيفة ثقيلة الظل ما رأيناه لا نستطيع أن نخطه عبر هذه النافذة رأينا أباً عاجزاً عن الحركة بسبب مرض في ظهره أقعده عن العمل ورأينا بنين وبنات محتلقين حوله لا حول لهم ولا قوة بل تلمح من نظراتهم مدى ضيق العيش الذي يقاسونه وتكاد تنطق عيونهم وتقول (إلى متى سنبقى في هذا الحال؟) .
حاولنا أن نتعرف على حالة هذه الأسرة أكثر فما كان من الأب سوى أن قال (الحال غني عن الجواب وما ترونه أبلغ مما سأقوله) .. حقيقة وجدنا أنفسنا أمام حالة إنسانية رهيبة اهتزت لها جوانبنا وذرفت لها دموعنا، حين رأينا غرفة من زنك متهالك هي عبارة عن مسكن هذه الأسرة الوحيدة وأثاث لا يتعدى قطعاً مهترأة من بقايا بطانيات و..... وليعذرني ذلك الوالد العزيز إن بحنا بأسراره هذه، حين أردنا أن نتعرف أين مطبخ الأسرة وأين دورة المياه؟ كان الصمت هو الجواب الكافي وسألنا الأب عن أمور حياته كيف تسير؟ - فأجاب بصراحة الحالة متعبة جداً ليس لي مصدر دخل أبداً حتى الضمان الاجتماعي ليس لي فيه نصيب) وهنا ذرفت عيناه بالدموع قائلاً (تصدق بالله أنه في بعض الليالي ينام أولادي جوعا فمن أين أجيب لهم وأصحاب القرية كل واحد متحمل هم أسرته ويساعدونني بعض الشيء، لكن كم سيكون جهدهم)... وأضاف (الله يجزيهم خير قام بعضهم وساعدوني بعمل تأسيس لغرفة فعملت أربعة أعمدة بعد جهد جهيد والآن ما اقدر أعمل لها شيء)...
حقيقة الأمر الذي توصلنا له هو أن الرجل يمتلك نفساً عزيزة ويداً عفيفة لا تمتد لأحد، مستحيل أن يكون قد طلب من احد شيئاً أو أظهر له عجزه وفاقته.. نادر أن يجتمع الفقر وعزة النفس وتعفف الروح في بيت فقر وما رأيناه في رب هذه الأسرة ربما من الحالات النادرة .
ما ضاعف حزننا هو أن هذه الغرفة المتهالكة تضم في رحابها أسرة مكونة من أحد عشر فرداً تضم أبوين وتسعة من الأبناء والبنات.
حين قررنا نشر هذه الحالة المأساوية كنا نمتلك إيماناً راسخاً بأن هناك أنفساً عظيمة لن تترك هذه الأسرة تعاني ويلات عجز ومرض والدهم وصعوبات السكن ومآسي العيش المر وكلنا أمل بأن تلك الأرواح الممتلئة الجود والعطاء ستسعى إلى بذل ما تستطيعه طلباً لجزاء عظيم من رب كريم في شهر الخير والفضائل والمكرمات.