"الموت والضرائب شيئان لا يمكن للإنسان أن يرفضهما، فكلاهم إلزامي ويختارهما الإنسان ولا يختارها أو يحددهما خبير ضريبي عالمي".
كتب هذا الخبير مقالاً ذكر فيه أن الموت والضرائب شيئين محتماً على الإنسان وإلزاميان، وقد أصبح هذا المفهوم ثقافة وسلوكاً لدى إنسان العالم المتقدم الذي يقدر دوره في إطار المكان والدولة التي يستظل بعلمها الوطني، ولكن المؤسف لدى إنسان كثير من دول العالم الآخر- المتخلف- لا يتم احترام ذلك.
وتركيزاً على الضرائب في اليمن، لا أحد من المعنيين والخبراء والمتطفلين على البلد من الخارج، ينكر أن منظومة الضرائب كسيحة، بل هناك من يذهب إلى التأكيد أنه لا يوجد نظام ضريبي حتى الآن، كما يفيد البروفيسور والخبير الاقتصادي- وزير المالية الأسبق د/ سيف العسلي، أن ما هو متداول جباية نفس ما كان حاصلاً أيام الإمبراطوريات، مؤكداً أن الفساد في الضرائب، كبير ويمارس علنياً وبوقاحة.
ورغم اعتراف مصلحة الضرائب نفسها، إن نسبة الضرائب المحصلة لا يتجاوز 25 بالمائة، وأن الضرائب المحصلة لا تتجاوز ستمائة مليار، ولكنها تقول إن نسبة الفاقد بحدود ستمائة مليار وهو ما يبرهن على تناقض كبير في حديثها، فكيف يكون نسبة الفاقد75 بالمائة؟، والمحصل 25 بالمائة وبحوالي ستمائة مليار، وبمعنى أن الفاقد ليس كما تذكر بل سيكون أكثر من تريليون ونصف.
ويذكر خبراء اقتصاد أن هذا هو الصح، فالخبير الاقتصادي/ علي الوافي، يتوقع أن التهرب الضريبي يتراوح ما بين تريليون وتريليون ومائتي مليار ريال والخبير د/ محمد جبران يرى أنه ما يتراوح ما بين ستمائة إلى ثمانمائة مليار هذا قبل سنوات وكشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن التهرب الضريبي يتراوح ما بين خمسمائة إلى ثمانمائة مليار ريال سنوياً.
ومن مصدر القرار د/ هشام شرف الذي يشغل حالياً منصب وزير التعليم العالي قبل سنوات وهو في منصب وكيل لوزارة التخطيط والتعاون الدولي أفاد في دراسة حول التهرب الضريبي أن ما بين مليارين إلى أربعة مليارات دولار، حجم التهرب الضريبي السنوي ما يعادل 400 إلى 800 مليار ريال.
دراسات وبحوث كثيرة أوردت أرقاماً تحوم حول نفس الرقم الصادر عن د/ هشام شرف، وجميع التوجيهات ذهبت إلى ضرورة الإسراع في إصلاح النظام الضريبي، لكن الحاصل تجاهل هذه الآلية، وكأن لا نية لأي إصلاح، ومن أبرز الدلالات عدم تناول المناقشات وجلسات الوزراء الأسبوعية لهذا المحور، كما أنه خلال العام المشارف على الانتهاء، لم يجري سوى بضع ورش عمل توعوية بالإضافة إلى حملة حسب مدير إدارة مكافحة التهرب الضريبي بالأمانة بدأت قبل ثلاثة أشهر وستستمر حتى آخر ديسمبر 2013م، وهي خاصة بمتوسطي وصغار المكلفين فقط، أما كبار المكلفين فلا أحد يرغب حتى في مجرد الحديث عنهم، وكأن مسؤولي مصلحة الضرائب، يرفضون التصريحات حول كبار المكلفين، سوى ذكر نسبة للملتزمين أما العدد سواءً الملتزمين أو المتهربين فخط أحمر.
وأمام هذا الوضع وكما شرع به الملحق الاقتصادي في تناوله المكثف لفساد الضرائب، نطرح سؤالاً من المستفيد من بقاء الوضع والفساد قائماً في ظل انهيار للبلد وتعاظم الأزمات وتعقد الحلول أو بالأصح التهرب عنها؟.