انعدام المشتقات النفطية وتأثيرها السلبي على الانتاج

2013-12-01 16:10:57 الاقتصادي/ طاهر الهبوب


مؤشرات سلبية تجعل الاقتصاد اليمني معرضا لتقلبات، أبرزها عدم توفر المشتقات النفطية، والتقطع المتكرر للكهرباء، مما يدفع بالمواطنين بالمئات للتدافع على المحطات للحصول على بعض اللترات خاصة المزارعين الذين يعانون أكثر من غيرهم حتى وإن كان قطاع النقل هو المتضرر لكن المستهلك هو الذي يدفع في الآخر، واستقراءً لبيانات وزارة النفط والمعادن، يلاحظ أن أزمات الوقود المتكررة في اليمن، تتعلق بجانب الإنتاج، والذي تأثير على مؤشرات اقتصادية أخرى مثل الميزان التجاري ومقدار الدعم في الموازنة العامة، وتوزيع المنتجات البترولية والرقابة عليها.
التوزيع والانتاج

وتعاني اليمن من فجوة بين إنتاج واستهلاك المشتقات النفطية بشكل عام، والفجوة في مجال الإنتاج تكلف الموازنة العامة للدولة مبالغ كبيرة لاستيراد المشتقات البترولية بالسعر العالمي لتأمين الحصول عليها والذي ينعكس بدروه على ارتفاع دعم الدولة للمواد البترولية بقيمة تجاوزت 500 مليار ريال، وفي مجال التوزيع تشهد السوق المحلية عمليات تهريب كبيرة للديزل والبنزين وبيعه في السوق السوداء.

وشهدت السوق اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية أزمات متكررة ارتبطت بمادتي البنزين والديزل الذي لايزال حتى اللحظة مختفيا من محطات بيع الوقود، وما تزال مشكلة نقص توفر المشتقات النفطية خاصة مادة الديزل لدى محطات الوقود تتصدر لائحة هموم المواطنين وخاصة المزارعين وسائقي الشاحنات في ظل عجز الحكومة حتى الآن عن إيجاد حلول ناجعة لها، ويذكر الخبير الاقتصادي ومدير عام التخطيط والإحصاء بشركة النفط سابقا علي العزي أنه إذا كان هناك تأمين كافٍ للسوق المحلية بالمشتقات النفطية فلن توجد أزمات لكن الحاصل أن مصافي هي المنتجة والبائعة في نفس الوقت وهذا غير صحيح ويفترض أن يناط بعملية التسويق والبيع لشرك النفط اليمنية.
حساب التسهيل

وما يجري تداوله الآن هو أن وزارة المالية فتحت حسابا لوزارة النفط سمي بحساب التسهيل ومن خلاله يتم التسديد لمصافي عدن وهذا يعني أن مصافي عدن تبيع لشركة النفط بالسعر العالمي وشركة النفط تبيع للسوق المحلية بالسعر الرسمي وفارق السعر بين الرسمي والعالمي تتحمله وزارة المالية وبذلك يكون حساب التسهيل غير كافٍ لتسديد قيمة الصفقات القادمة وهذا ينتج عنه عجز وأزمات في المشتقات، وتؤكد شركة النفط اليمنية أن هناك مشاكل تتسبب في اضطراب السوق التموينية للمشتقات النفطية نتيجة لجملة من الأسباب التي تؤدي إلى خلق مظاهر أزمة مشتقات في السوق الاستهلاكية خصوصاً في العاصمة صنعاء.

وفي مقدمة المشاكل، التقطعات على ناقلات النفط واحتجازها الأمر الذي يتسبب في تأخر وصول هذه المواد إلى أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وكذلك التقطع لقاطرات الغاز حيث إن هناك أكثر من خمسين ألف ناقلة تعمل بالغاز وفي حال انقطع وقودها من الغاز جراء التقطعات فإنها تتحول إلى العمل بالوقود الآخر وهذا يضاعف الاستهلاك فجأة كونها تستهلك من المخصص اليومي من مادة البنزين.
الاعتداءات

والسبب الآخر يتمثل في الاعتداءات المتكررة على أبراج الكهرباء يدفع بالكثير من المواطنين إلى استخدام (المواطير) لتوليد الكهرباء والتي تستهلك قرابة 30% من حاجة المستهلك الاعتيادية من الوقود بحسب التقديرات، وطالبت الجميع أن يضعوا في الحسبان عدد الاعتداءات المتكررة على أبراج الكهرباء لمعرفة حجم الاستهلاك غير المتوقع من الوقود سواء بنزين أو ديزل وهذا لا يدخل في تصورات الناس عن حجم هذا الاستهلاك الإضافي كما أن تموين المحطات الخاصة بالطاقة المشتراة التي تكلف الدولة قرابة 50% في قطاع الكهرباء، وتعرض أنبوب النفط الخام للتفجير وهو أهم مورد لتعزيز الموازنة وانقطاعه يؤثر بطريقة غير مباشرة على دعم المشتقات النفطية.

وكل ذلك يعمل على خلق اضطراب في السوق التموينية للمشتقات النفطية بالإضافة إلى أن المخصصات المقرة للسوق الاستهلاكية مبنية على احتياجات البلد للعام 2009 ولم يدخل في حساب الموازنة العامة زيادة الاستهلاك للأعوام من 2010 إلى 2013م وبالتالي لم يدخل في الحساب زيادة عدد المركبات التي دخلت البلد خلال تلك الأعوام خصوصاً مع فتح الجمارك واستيراد السيارات المستعملة التي أغرقت السوق بالإضافة إلى اتساع العمل والتشييد العمراني خلال الأربعة أعوام الماضية.
انعدام الديزل يهدد القطاعات الانتاجية بالتوقف

يمثل الديزل أحد أهم الأساسيات التي تقف عليها قوائم القطاعات الإنتاجية اليمنية سواء منها الصناعية أو الزراعية أو الخدمية إذ إن انعدامها ولو بصورة مؤقتة يقود لشلل في الإنتاج ولا يتصور أن مزارعا في سهل تهامة أو صياداً في البحر العربي يمكنه المضي قدما في الإنتاج ومحرك الآلات الزراعية والسمكية الخاصة بنشاطه بدون ديزل ،كما أن مصنعا ما من المصانع لديه محرك بقوة 30 ميجا فولت يمكن أن يعمل بدون ديزل

ويؤكد رجال الأعمال المصنعين عن تأثير انعدام وقلة المشتقات النفطية على القطاع الصناعي كانت أنها تؤثر سلبا على مستوى الإنتاج اليومي والكمية الواصلة للسوق، فأي مصنع يحتاج شهريا على الأقل لـ100 ألف برميل لكي تستمر المولدات في توليد الكهرباء الخاصة بها وهذا ما يجعل مسألة الحصول على تموينات من الجهات الحكومية أمراً في غاية التعاسة.
عنصر الطاقة
ورجال الأعمال اليمنيين لديهم حدس وفهم ومعرفة وخبرة كيف ينتجون وكيف يقومون بإنشاء المصانع والمعامل وكيف يسوقون منتجاتهم وغيرها لكن المشكلة تكمن في توافر عنصر الطاقة، وهو أحد أبرز المشكلات التي تواجه القطاع الصناعي فهذا القطاع مشكلته الأساسية هو الطاقة وهي مصدر القوة وإذا توفرت له فإن أبسط رجل أعمال يمكنه فتح مصانع صغيرة تغرق البلد بالإنتاج، لكن العقبة الكبرى الطاقة، ولهذا رجال الأعمال يتجهون لاستيراد المنتجات من الخارج بآلاف الأطنان وهم يعرفون أن بإمكانهم صناعتها في بلادهم لكن توفر الطاقة هو المشكلة، فالدولة ليست قادرة على توفير طاقة كهربائية للمصانع ولا للمنازل لا بصفة مؤقتة ولا دائمة وهكذا يتوقف المصنع بالساعات والأيام أحيانا وهذا يؤدي لتوقف الإنتاج وتكبد خسائر إنتاجية يومية.

وفي اليمن وعلى خلاف كل دول العالم يقف المنتجون صناعيين وخدميين وتجاراً في طوابير طويلة يستجدون محطات النفط والجهات المسئولة ويقفون بالأيام والساعات يطلبون توفير مشتقات تلزمهم لتشغيل محركاتهم لكي تعمل المصانع أو المضخات الزراعية أو محركات القوارب للصيد وهي سمة تجعل من فرص الاستثمار في اليمن حلما بعيد المنال لا يمكن لأي مستثمر المجيء والمخاطرة للاستثمار في هذه البيئة.

ابتزاز
وفي المقابل هناك استغلال منظم يديره ضعاف نفوس وفاسدون ضد القطاع الصناعي ويقومون بابتزازهم ومساومتهم على مادة الديزل وهؤلاء يمنعون تزويد المصانع بالكميات المطلوبة لتسيير مصانعهم وبالتالي عند نقص الديزل يضطر أصحاب المصانع للبحث عنه في السوق السوداء وبثمن مرتفع، وهو ما يؤكد وجود عصابات تستغل هذه الحاجة وتؤثر سلبا على مستوى الإنتاج الصناعي في اليمن وقدرة المنتج اليمني على المنافسة أمام المنتج الأجنبي، وخلال العام 2011م كان المصنعون قد أثاروا قضية انعدام المشتقات النفطية وتأثيرها على المصانع والإنتاج الصناعي والقوى العاملة التي يستوعبها وحينها تشكلت لجان من الحكومة والقطاع الخاص بدعم من غرفة أمانة العاصمة لبحث الموضوع وكانت مطالبة القطاع الخاص للحكومة أن يتم السماح لها بالقيام باستيراد المشتقات النفطية وتوفيرها للسوق بأسعار حرة.
حاجة كبيرة
وفقا لسجلات وبيانات من المصنعين للأدوية والأعلاف والمواد الغذائية ومنتجي البيض المياه والصناعات البلاستيكية ومزارع الدواجن ووكالات الاستيراد والتصدير وبعدد يفوق 4000 منتج صناعي وزراعي في أمانة العاصمة والمحافظات فإن حاجتهم للديزل للمحركات كبير ويقدر شهريا بنحو 120 مليون لتر ويقولون أن تلك الحصص تعرضت للخفض عام 2012م وعام 2013م إلى مستوى 70% ولم تعد تصل إلا فيما ندر، ويصف الاتحاد التعاوني الزراعي نقص وانعدام الديزل عن المزارعين بأنه جريمة منظمة لإنهاء الإنتاج الزراعي في اليمن وجعل البلد يعيش حالة من انعدام الأمن الغذائي، وتسبب نقص الديزل خلال عام 2011 ،و2012 في فقد الإنتاج الزراعي اليمني نحو 30-50% ويتوقع أن يكون انخفاض الإنتاج هذا العام بأكثر من 40% نتيجة لعدم تمكن المزارعين من الحصول على الكميات المطلوبة وفي الوقت المناسب من الديزل اللازم لمحركات الري وسقي المزروعات.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد