خبير الاقتصاد البروفيسور سيف العسلي

سنكون أمام سنة إلى سنتين عجاف، إذا قامت الحكومة بزيادة الموازنة وسيتضاعف العجز

2013-12-29 20:55:58 حاوره/نبيل الشرعبي


قبل يوم واحد من إعلان الموازنة وكتوقع لكيفية بناء الموازنة العامة للدولة لعام2014م الذي يطل علينا بعد يومين من الآن، وبناءً على مغيرات ومؤشرات اقتصادية صُبغ بها العام2013م والذي لم يتبقَ منه سوى يومين.. الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق البروفيسور سيف العسلي، ومن خلال قراءة المؤشرات التالية: تراجع حصة الحكومة من الصادرات النفطية وكذلك ارتفاع مستوى التضخم والعجز في الموازنة العامة للدولة وتراجع مؤشر مكافحة الفساد وغيرها من المؤشرات السلبية.

البروفيسور سيف العسلي، وضمن هذا الحوار الصحفي أجراه معه الملحق الاقتصادي، قال: رغم أني لم أطلع على الموازنة ولم تُعلن بعد، لكني أقول إنها لن تخلو من إحدى ثلاث موازنات؛ الأولى إما أن ترفع الحكومة موازنة2014م وهذا هو الأصح، لأن الحكومة لن تضع نفس موازنة2013م، أو أن تعيد نفس موازنة2013م وهذا عجز وغلط فاضح وعلى هذه الحكومة أن ترحل لأنها عاجزة عن عمل موازنة حقيقية، والموازنة الثالثة هي أن تضع موازنة كما كانت في السابق، أي تقلصها بكثير عما هي عليه في 2013م، وبالتالي هذا لن يكون مقبولاً.
الموازنة الثانية

ولكن الموازنة المرجحة وفق افتراض العسلي، هي الموازنة الثانية مع وزيادة بسيطة لن تتجاوز في الزيادة عن 5%، وبالتالي ستكون هي نفس الموازنات لثلاثة أعوام مع فارق بسيط، وهذا سيظهر عجز هذه الحكومة عن إحداث أي تحسن، وستبرهن للمانحين أنها لم تقم بأي إصلاحات، من الإصلاحات التي تعهدت بها مقابل الحصول على منح ودعم وقروض.

والأخطر في هذا أننا سنكون أمام سنة إلى سنتين عجاف، وبالتالي إذا تم زيادتها، فهذا سيضاعف عجزها، لأنه على هذه الحكومة التزامات منها لمقاولين ولم يبقى من السنة إلا عدة أيام وعليها أن تسدد المستحقات هذه قبل دخول العام2014م، وهذا سيجعل مؤسسات الدولة تنهار، بل وسيعجل بانهيارها وبالتالي نحن أمام انهيار اقتصادي واضح وتوثقه وتؤكده الموازنة القادمة.

توقيف شراء الولاءات

ويضيف العسلي: هذا يعني أن الأولى لليمن من الناحية الاقتصادية إلا بإحدى ثلاثة أشياء الأولى أن يتوقف الرئيس/عبد ربه منصور هادي عن ممارسات النظام السابق من حيث شراء الولاءات والعبث بالمال العام، وتمويل إنشاء مشاريع لا مجال لتمويلها، إيقاف وتكليف أشخاص غير قادرين على البحث عن مصادر لتمويلها، وإيقاف التعيينات الجديدة في المناصب العليا للدولة وعلى رأس مؤسسات وهيئات حكومية، التي تزيد من أعباء الحكومة وعرقلتها عن تنفيذ الخطط والمشاريع التي يوجد لها موازنات ومنع المتنفذين من تولي مسؤولية إدارتها أو تنفيذ أو الإشراف عليها، وإذا أقول لا بد من منع حدوث هذا أو استمراره الآن.

وكذلك التفويض لمعالجة الأحداث التي قد جرت، لكن هل الرئيس هادي هل هو قادر على إعطاء الحكومة هذه التفويضات، هادي بالطبع قادر، لكن هذا يتطلب منه شجاعة كبيرة وانتصار على الذات، والمتنفذين والقوى السياسية والمتصارعين والمعيقين لتنمية البلد.

برنامج للعمل

والشيء الثاني: على الأحزاب السياسية أن تتفق على برنامج محدد لهذه الحكومة أو الحكومات التي ستأتي سواءً كانت حكمة ائتلاف وطنية أو انتقالية أو تكون قراط أو أياً كانت، وحال الاتفاق على البرنامج هذا، تلزم كافة الأحزاب والقوى السياسية على إعطاء الحكومة فترة محددة (سنة ـ سنتين) ـ حسب ما ستتوصل إليه من أتفاق حول الفترة، وتلزم بحزمة برامج الإصلاحات، والتغيير المتفق عليها، وهذه الحكومة إذا رأت أو كشفت فاسد واتخذت ضده الإجراءات اللازمة وقدمته إلى القضاء وجرى محاكمته وتوقيفه ومحاسبته، فلا تعمل القوى والأحزاب السياسية على تصحيح الرأي العام، مادامت نفذت إجراءات محاربة الفساد وإن كانت قاسية فهي في مصلحة القوى السياسية وقوى المعارضة وفق العسلي.

وأضاف: كما يجب أن تهيئ القوى السياسية للحكومة الأرض والبيئة المناسبة لأن تعمل وبكل حرية أو استثناءات، فهناك إجراءات وإصلاحات قوية وصارمة قد تطال مصالح هذه القوى والأحزاب السياسية وبعض قياداتها وكوادرها، ولا يوجد رئيس حكومة قادر على تنفيذ هذه المطالب وهو لا يعمله إرضاء ومراضاة هذه القوى السياسية، وهل يركز جهوده على حشد الدعم الداخلي والخارجي أم ينشغل بإرضاء غيات الأحزاب والقوى السياسية والمتنفذة والخوض في حروب سياسية.

فرصة للمعالجة

ويذكر العسلي أن الشيء الثالث: ضرورة أن يلتزم الجميع بمنح هذه الحكومة على الأقل ثلاثة مليارات دولار، لمعالجة فقط الاختلالات القائمة الآن ودفع مستحقات المقاولين والمستلزمات المطلوبة لهم وجانب من الديون الداخلية على الحكومة وتنشيط أجهزتها وإعطاءها النفقات التشغيلية الضرورية حتى تعود إلى نشاطها ويحصل الاستقرار وبعد ذلك الاتجاه نحو الدخل وإقرار ضرائب الدخل فلا يمكن لأي رئيس حكومة يأتي والخزينة فارغة ويذهب لجمع ضرائب مباشرة لأن الناس في حالة ركد كما لا يمكن له أن يعفي الناس من الضرائب ويستعصيه عن الضرائب بطبع نقود، لأن طبع النقود في مثل هذه الحالة سيؤدي إلى انهيار الريال وارتفاع مستويات التضخم والزج في البلد في كارثة لا يمكن التعافي بعدها إلا بإجراءات وبرامج قاسية للغاية.

الاقتصاد في العناية المركزة

وهذه الإصلاحات وفق العسلي تحتاج فترة من الوقت، فالبلد والاقتصاد مثل المريض الذي يكون في العناية المركزة، حيث لابد قبل إجراء أية عملية جراحية لهذا المريض، من عمل اللازم للوصول به إلى مرحلة الاستقرار الصحي الأمن، ثم يكون إجراء العملية ليس له مخاطر.

وبدن هذه الثلاث الأشياء ستفشل أي حكومة كائنة من تكون ولن تنجح وستعود إلى مهاتراتنا السابقة، ولكن بالتوافق يكون بالإمكان حل المشاكل القائمة، والوصول بالاقتصاد اليمني إلى مرحلة الاستقرار ومن ثم الخروج به الغيبوبة والعناية المركزة ما لم فإن البديل الانهيار والذي قد قبل زمن وليس أنه مازال سيأتي.

وفي رد على سؤال ومن واقع تجربته في المالية: هل للأحزاب السياسية وأطراف أخرى، لها يد في بناء الموازنة العامة للدولة، قال البروفيسور العسلي: بكل تأكيد هذا حاصل، وأنا حينما كنت وزيراً للمالية كنت أتلقى ضغوط من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان ومجلس الشورى، وكذلك قادة الأحزاب السياسية يأتون وكل واحد منهم يدافع عن مصالحه وأنصاره، لكني لم أكن أذعن ولا أقبل بأية إملاءات فأنت لست موظف عند أحد منهم.

وأضاف ودخلت في صراع مع مجلس النواب، وكان كل طرف ممن أشرت إليهم سلفاً يحرص على بقاء مصلحته الشخصية، وبالتأكيد مادام كل حزب من الأحزاب السياسية يحوي تحت مظلته مجاميع من الموظفين الحكوميين، وهنا لا يدمن وجود صراع حفاظاً على مصالح أنصاره سواءً كانوا يستحقون أو لا يستحقون، ولذلك لابد من إيجاد استراتيجية الخدمة المدنية التي كان يجب أن تُطبق وتم انتهاكها ولم تُطبق من العام2007م وحتى الآن، ومازالت تُنتهك حتى الآن، بحيث يتم خلق مناصب حكومية مفصلية لشراء الولاءات.

الأطراف السياسية تستنزف الموازنة

وأكد العسلي أنه لا يوجد طرف سياسي أو غيره إلا ويحرص كل الحرص على التغلغل في المناصب القيادية الحساسة، وأشار إلى أنه يجب الملاحظة أن هناك في بعض الوزارات يصل عدد الوكلاء إلى أكثر من ثلاثين وكيلاً ولا يقومون بوظيفة، فقط يستنزفون الموازنة للدولة ويجري استخدامهم لخدمة وتمرير مصالح أضرابهم أو مصالح شخصيات سياسية ونافذة وغير ذلك، وهؤلاء يجري تعينهم بقرارات من رئاسة الوزراء أو رئيس الجمهورية، وهذا قمة مصدر الفساد والانتهاك للوظيفة العامة، كما أن الخدمة المدنية في ظل استمرار هذا الوضع تفقد حقها في تحقيق العدالة في الحصول إلى الوظيفة وتحولت إلى مصدر لشراء الولاءات ومنبع للفساد، وهذا يؤدي إلى التناحر فيما بينهم، وإذا لم يتم تطبيق استراتيجية الخدمة المدنية بوضوح من حيث التوصيف والترقية والتعليم والكفاءة، والخبرة، والمواءمة بين الخدمة التي تقدمها أي جهة من الجهات والوظائف التي تقوم بها، فهناك عدد كبير من أبناءنا الذين تعلموا ودربوا وأنفق عليهم كثير من المال لتأهيلهم لشغل وظائف تلاءم ما يحملون، وهم الآن في البيوت ولم يحصلوا على وظائف، فيما هؤلاء الذين يجري تعينهم بقرارات في الغالب غير مؤهلين لشغل الوظائف التي وصولا إليها عبر التعيينات القائمة على الوساطة والمحاصصة وكثير منهم وصل إلى سن التقاعد القانوني ولم يتم تقاعدهم وآخرين متقاعدين ولكن مازالوا يعملون وهناك من يأتون إلى وظائف جديدة وأبناء الفقراء في البيوت وهذا ظلم يقتضي سرعة معالجته، فهو مكسب شعبي وليس ملك لحزب أو جراء على أساس مناطقي أو تم للجنوب على حساب الشمال، بل هو ملك لليمن أجمع، وإذا بدون هذه العملية فإن أي موارد جديدة سيتم التهامها.

وبناءً على ما سبق فلا بد من رفع وإنهاء هذا العبث وأن تعطى الحكومة فرصة للقيام بإجراءات إصلاحات اقتصادية جديدة واسعة وبموجب صلاحيات ممنوحة من قبل رئيس الجمهورية أو أن الأحزاب السياسية، لا تتدخل فيها وهذا ثانياً وثالثاً على المانحين ضخ مبالغ لهذه الحكومة وهي تتعهد بإخراج الاقتصاد اليمني وإقامة مجموعة كبيرة من السياسات الاقتصادية، لأن اليوم لا أحد يستطيع استخدام سياسة اقتصادية.

المانحون لن يقدموا دعم

وأكد العسلي أنه في ظل بقاء الأشخاص أنفسهم في تصدر شغل المناصب القيادية العليا والهامة في الدولة، وكذلك الوضع فإنه لن يجري البتة إصلاح اقتصادي أو معالجات، كما أن المانحين لا يمكن أن يقدموا أي مبلغ سواءً في شكل منح أو قروض، لأنه يترتب على ذلك قيام هذه السياسة بالتهام الدعم كما التهمته سابقاً.

ولذلك فإن رفع الدعم عن المشتقات النفطية سيكون شرط ضروري وأساسي لأي إصلاح وأن يتوقف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عن كافة المجاملات لأياً كان وكذلك يفعل كبار مسؤولي الدولة والوزراء وغيرهم، وأن نعتبر كل ما في السلك الحكومي حالياً يمنيين ولا يتم إقصاء إلا من ثبت أنه فاسد وإعادة تأهيل وتدريب من ثبت صلاحه، وعلى الجانب الآخر إعادة المقصين من وظائفهم من قبل النظام السابق لحسابات سياسية، أو غيرها فكلهم من أبناء اليمن، ومع أنه من الصعب استيعابهم كافة في الوقت الراهن، تقوم الحكومة بإيجاد بدائل لهم إلى أن يتم ترتيب الوضع ويكون بالإمكان استيعابهم بدون تشكيل أو خلق نتائج سلبية على الوضع العام.

تدمير البلد

وحول إذعان كثير من المسؤولين لضغوط وممارسات أخرى وتنفيذ التوجيهات وما إلى ذلك، وإلى أين سيفضي بالبلد استمرار ذلك، قال العسلي: إن هذا سيفضي إلى تدمير البلد والاقتصاد كلياً وانهيار الدولة حتى أنه ستغدو الحكومة غير قادرة على دفع مرتبات الموظفين وسينهار البلد بكل مقوماته ومؤسساته، وهذا سيقود إلى نشوء العصابات وبروز السرقات وعمليات النهب والسطو على البنوك، والشركات ومؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص وما أوصل الجنوب أفريقياً إلى الوضع الذي أصبحت عليه بدأ كذلك، وهنا سيتدخل المجتمع الدولي لإيقاف هذا الجنون وستكون الفاتورة كبيرة للغاية، ولن تصبح حينها الفيدرالية أو غيرها المشكلة بل انهيار الدولة وسيجد كل مواطن نفسه مجبراً للحرص على سلامته وحياته، أن يغلق على نفسه داخل منزله، بل وسيتطور الأمر إلى أن نقوم بطلب اللجوء ليس إلى دولة في العالم، لأنه لن يقبل العالم بذلك، وإنما سيكون لجؤنا إلى صحراء الربع الخالي، ولن يلتفت إلينا أحد وبالتالي هناك وفي ظل غياب أي مقوم للحياة، فإننا سنواجه النهاية الحتمية، وسننقرض كما أنقرض أجدادنا السابقين عندما تفرقت أيدي سبأ ويتساءل العسلي هل نحن مستعدين أو نرضى بذلك، وبهذه النهاية المؤلمة، ونحن حالياً بإمكاننا أن نتجنب هذه المأساة عبر الثلاثة الأشياء التي طُرحت سلفاً.

مطلوب معالجات وليس إصلاحات

واستهجن العسلي ضغط المانحين باتجاه رفع الدعم عن المشتقات النفطية، موضحاً أن الاقتصاد اليمني في الوقت الراهن، لا يتحمل إجراء أي إصلاح فهو وكما شبه سلفاً مثل المريض الذي وصلت حالته الصحية إلى مرحلة الانهيار الكلي ودخل العناية المركزية.

وأضاف: وضع الاقتصاد اليمني لا يتحمل أية إصلاحات مهما كانت فهو يعيش حالة انهيار كلي، ولهذا نحن نمر بحالة استثنائية، وما نحتاجه عملية إنعاش وما عداها فهو يعمق الانهيار وكل ما يتحدثون عنه لا يصلح ولا يلاءم اليمن أبداً حالياً وعلى مختلف الأصعدة.

وأكد أن إغفال الحكومة لكثير من جوانب الإصلاحات ضمن المنظومة الاقتصادية الشاملة وفي المقابل تعظيم الحديث عن المشتقات النفطية وحصص الدعم، يعود إلى الحكومة مستفيدة من بقاء دعم المشتقات النفطية وهي مبالغ ليست هينة يمكن غض الطرف عنها، ومن يأتي بأي برنامج اقتصادي الآن فهو غني لأنه لا مجال لأي إصلاحات غير وكما أسلفنا استعادة توازن الاقتصاد من خلال الثلاثة الأشياء أيضاً المذكورة سلفاً.

وأضاف: نحن نحتاج إلى جانب تلك الأشياء، معالجات ليست ذات صلة بالاقتصاد ويمكن أن نسمي هذه المعالجات إدارية وفنية، والتوقف عن نهب المال العام وإهدار الثروات وتحويل الوظيفة العامة إلى ما يشبه حالات الضمان الاجتماعي التي يجري توزيعها للكسب التأييد والرضا وشراء الولاءات، وفي المقابل التركيز على المعالجات التي تقود إلى استعادة التوازن والعافية إلى أن يقف الاقتصاد على قدميه وبعده يجري العمل بالإصلاحات.

الحكومة ميتة

وبخصوص ازدياد كثير من المؤشرات التي يُقاس بها مستوى أداء الحكومة والموازنة وغيرها كالفساد خلال العام الذي لم يتبقى منه سوى يومين، قال العسلي: لا فرق بين الموت السريري والحقيقي وهذه المؤشرات هي فقط تأكيد على الانتقال من الموت السريري إلى الحقيقي وانتهاء الحياة والانتقال بالجثة من الغرفة المزودة بالأجهزة إلى القبر.

وبالتالي هذا تأكيد على أن هذه الدولة والحكومة والنظام فشلوا جميعاً، وكيف لنظام فشل بهذه الطريقة أن يقود أدنى عملية إصلاحات وهنا يجب أن نعترف أن هذه الحكومة حققت رقماً قياسياً عالمياً في الفشل وقد يكون من أعلى أرقام الفشل، كما أن نكف عن الرمي بالحمل سواءً على إرث نظام سابق أو لاحق، والأولى التوقف عن هذه التبريرات ولوم الآخرين، وأن نستدرك إنقاذ أنفسنا فنحن أمام موقف خطير وخطير وخطير جداً، وإذا لم نتدارك الوضع سنذهب إلى الربع الخالي، وعلى القراء أن يقرأوا عن هذه الصحراء وهذا هو وضع اليمن إذا استمر كما هو عليه.

وحول مطالبة رئيس الوزراء باسندوة كل من يقول إن هناك فساداً في حكومة الوفاق أو أنها فشلت؛ عليه أن يثبت بالوثائق، وإلا هذا كذب ومحض افتراء، قال الدكتور العسلي: المريض في غيبوبة هل يحتاج إلى إثبات أنه مريض وكذلك الميت هل يحتاج إلى إثبات أنه ميت وهذا أمر مضحك.

أنا لا ألوم باسندوة بل ألوم من يصدقه ويدافع عنه ويدعمه، وهنا أعني ما أعني.

وهاجم العسلي من يذهب للحديث أو المطالبة بإصلاحات اقتصادية كما هو حاصل من قبل المانحين وإعلانات حكومة الوفاق، حيث أن المطلوب في الوقت الراهن ليس إصلاحات، بل معالجات وكما أشار سلفاً.

وفي استفساره عن مدى أهمية توجه الحكومة إلى إصلاح اتفاقية بيع سعر الغاز للشركة الكورية وكذلك عدم صدق الحكومة فيما تعلن عنه، قال العسلي: أنا كدارس وعارف ومتابع لهذه الاتفاقية وذهاب وزير النفط للإعلان عن التوصل إلى حل مع الشركة الكورية بهذا الخصوص ثم الإتضاح بعد أيام أن ما صرح به مجرد فقاعة إعلامية؛ فإننا نقول ما قد ذهب لا يمكن استرجاعه، ونصوص الاتفاقية تقول إنه يمكن فقط تغيير الأساس السعر، لكن المعاملات التي تُحسب عليها فهذه لمدة عشرين سنة، أما الأساس فمعناه إذا كان سعر البرميل 25دولاراً فإنه لا ينخفض وإذا كان 40دولاراً، لا يزيد وهذه محددات أساسية.

وأضاف: وبالتالي كم معدل الزيادة طوال الفترة وهنا يمكن التفاوض على الأساس السعري، وأكرر أن المشكلة في هذه الصفقة ليس السعر, فالفارق بسيط لكن هذا المشروع أُعطي للشركة الفرنسية مجاناً وكذلك الشركات الأجنبية الأخرى مجاناً، وأكد أن الجانب السياسي لعب الدور الأكبر في هذه الصفقة التي لو حدثت في دولة أخرى من دول العالم لأحدثت ضجة وأسقطت الحكومة وقدمت المسؤولين إلى المحاكمة العاجلة، فهي أبشع صفقة فساد في العالم أجمع وعليه أنصح وزير النفط أن يكف عن مثل هذه الترهات، وإلا ما معنى أن يقول إنهم توصلوا إلى حل في هذا الخصوص، هذا معناه أنه غبي أو لا يفهم إطلاقاً.

احتكار العشر شركات لنفط اليمن

واعتبر الدكتور العسلي الإعلان عن قبول عطاءات 16شركة نفطية للاستثمار في حقول نفطية جديدة بأنه مظلة فقط، حيث أن نفط وغاز اليمن تحتكره فقط عشر شركات وتمنع الشركات الأخرى من الدخول إلى اليمن للاستثمار في المجال النفطي والغاز، وتقوم العشر الشركات بنشر معلومات ودعاية مظللة وكاذبة ويوجد فيما بينها والحكومة اتفاق سري، لأن لا يتم قبول أي شركة أخرى.

ودعا العسلي إلى ضرورة إعادة النظر في الاستثمارات النفطية من خلال إجراء معالجات والحد من احتكار هذه العشر شركات لنفط اليمن، وسيكون زيادة عائدات النفط بأكثر من 30% مما هو حاصل من خلال إعادة احتساب كلفة الاستخراج فقط في الاتفاقيات الظالمة، لكن من القادر والذي يمتلك الإرادة السياسية الشجاعة لتطبيق اتفاقيات الاستثمار العالمي النفطي في اليمن.

وجراء ارتفاع تكليف استخراج النفط في اليمن مقارنة بتكاليف الاستخراج العالمي، وما الجدوى من استخراج نفط يذهب معظم أو غالبية عائداته لصالح الشركات المستخرجة.. يوضح العسلي أن الذي أنتج هذا الوضع؛ غياب الرقابة على قطاع النفط وثم ترك نفط الكلفة عائماً وسرياً يُحدد بين الشركات المستخرجة وشركة النفط.

وإصلاح نفط الكلفة أهم من رفع الدعم عن المشتقات النفطية وكثير من الإصلاحات العقيمة، وإصلاح القطاع النفطي وفق العسلي يحتاج إلى جهاز فني متخصص يقوم عليه شرفاء وكفاءات وخبرات لا تنظر إلى مصالحها أبداً وعدم التوقيع على أي اتفاقية تمس مصلحة اليمن وألا تمت بدون رقيب ولا عتيد، أما إصلاح الاتفاقيات النفطية السارية فأمر مستحيل لأنها غير سارية ويتم نهب نفط وثروات اليمن من خلال عشر شركات هكذا لله وفي الله وهذه الشركات تستفيد عائدات مهولة وكونت ثروات لا يمكن لك أن تتخيلها وعليه أطالب بتقديم هذه الشركات إلى المحاكمة لأنها تنهب الوطن.

وذكر العسلي أن إدارة توفير المشتقات النفطية تعاني خلالاً كبيراً، حيث أوكل مهمة الاستيراد إلى أطراف وجهات منها مصافي عدن والتي لم نعد نعرف هل تقوم بالتكرار أو بالاستيراد وهنا يبدأ التلاعب وحدوث العجز، والمشكلة الأهم هو الاستيراد بزيادة عن السعر العالي بعشرين دولاراً، وهذا بدوره يحول مصافي عدن إلى شركة مستوردة ويجعلها تتوقف عن عملية التكرير والتي كانت تتم عبر آلات ومكائن قديمة وعفى عليها الزمن ولم تعد صالحة للعمل وهو ما نجم عنه عدم قدرتها على مواجهة وتغطية النفقات وتسديد رواتب حوالي 1500موظف لديها، وأمام هذا الوضع ارتأت مصافي عدن أنه بدلاً من هذا العمل والعجز أن تقوم بهذا العبث أقصد تولي استيراد المشتقات وبزيادة عشرين دولاراً في كل برميل عن السعر العالمي، وثانياً تقوم شركة النفط بأخذ النفط الذي تستورده مصافي عدن وتوزعه ولا تقوم بوظيفة أخرى ويحصل على موازنة كبيرة من الموازنة العامة للدولة، كما تأخذ عمولة على الصفقات، وتتعامل مع شركات أخرى من الباطن فلنغلق هذه الشركة أو نفتح المجال لشركات من القطاع التجاري بالتعاقد مع الجهة المستوردة والقيام بالتوزيع وتغطية احتياطات السوق تحت رقابة رسمية، ومن خلال هذا

تقنين عملية التلاعب

سيكون بالإمكان إصلاح هذا القطاع ونفتح الباب أمام الشركات التجارية النفطية للتنافس كما هو حاصل في كثير من بلدان العالم وحققت هذه التجربة نجاحاً كبيراً، وبالتالي سنستطيع التقليل من تكاليف إدارة هذه العملية، وسيمهد هذا الإصلاح للاختلالات والتلاعب الذي يجري في مصافي عدن وشركة النفط والشركات من الباطن وغيرها، حيث يتم عبث كبير ويستهلك نسبة كبيرة من مخصصات الدعم للمشتقات النفطية، دون نقوم بانتزاعها من المواطنين، وهناك مجال لإصلاح هذه العملية شبه المعطلة وتقنين عملية التلاعب، لأن الإصلاحات كثيرة مما تتم عن الطريق المحاسبي لا أقل ولا أكثر.

وأرجع العسلي اضطراب سوق المشتقات النفطية في اليمن إلى عملية الاختلالات الكبيرة في ممارسات القائمين بعملية التغطية، حتى غدا الحال ولم نعد نعرف من يتبع من ومن يسير ويسيطر على من وهذا يستهلك جزءاً كبيراً من مخصصات الدعم.

وحذر العسلي من استراد تنامي عجز الموازنات العامة للدولة في العام2014م وبلوغه مستويات الخطر، حيث لن تضطر الدولة فقط إلى طبع عشرة أو عشرين مليار لمواجهة العجز، بل ستضطر إلى طبع مئات المليارات وهذا سيسبب انهيار الريال تماماً، وخاطب العسلي البنك المركزي موجهاً إياه إلى عدم طبع أي عملة جديدة للاستمرار في الحفاظ على استقرار الانهيار الاقتصادي الحاصل، إذا أدخلت اليمن مرحلة التضخم الجامح سيزداد الانهيار وستكون كلفة التعافي مكلفة للغاية وإمكانات وقدرات هائلة ليس بالإمكان إيجادها.

وكرر العسلي التحذير من اختلال السياسة النقدية, مشيراً إلى أن هذا الاختلال سيكون قريباً، وهو ما سيؤدي بدوره إلى انهيار خطير، في ظل استمرار زيادة نفقات الباب الأول وهذا يمثل رقماً كبيراً جداً وتراجع الإيرادات الضريبية وحصص النفط وإنتاجه في ظل تعاظم نفقات الباب الأول التي لا يمكن جدولتها وهي حتمية وتصرف للموظفين وغيرهم حقيقية وغير حقيقية، وأنت بالإمكان تأجيل تنفيذ طريق أو مدرسة لكن لا يمكن تأجيل راتب موظف، وإذا توقفت المرتبات سيحدث انفجار اجتماعي كبير.

وحسب العسلي أصبح من الصعب تغطية الدين الداخلي في ظل عجز البنك المركزي عن التغطية، من دون أذون خزانة جديدة، وتسديد ديون الآخرين من دون ذلك سيؤدي إلى الانهيار النقدي، وهنا يمكن معالجة ذلك من خلال رفع أسعار الفائدة وهذا سيشكل عبئاً كبيراً على الموازنة أو عدم رفعها ومعنى هذا أن الدولة لن تسدد لأنها غير قادرة أن تزيد من عجز الموازنة.

وفيما يخص دعوة رئيس الجمهورية المستثمرين الأجانب أثناء زيارته للصين إلى الاستثمار في اليمن.. قال العسلي سأضرب مثلاً؛ هذا الحال يشبه كثيراً حال المرأة التي يكون زوجها في العناية المركزة، وتأتي إلى الطبيب وتطلب منه أن يعطي زوجها جرعة (فياجرا) "ويبتسم العسلي والبقية مفهومة"، ثم يتساءل ألا تكون النتيجة موتاً؟.

 الاستثمارات في اليمن حلم بعيد المنال

والحديث عن الاستثمارات في اليمن حلم بعيد المنال، فنحن الآن في حالة خطرة ونقترب من الموت وأليس من الصائب منع هذا الموت وإيجاد استقرار للحالة.

 وحذر ختام حديثه من تواصل السياسة الحكومية على السير في نفس النهج وأنه لا يوجد أمام اليمن سوى شبه فرصة لتفادي الكارثة وعلى الحكومة والأطراف السياسية الاستفادة منها لإنقاذ البلد؛ ما لم فعليه السلام.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد